الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التراتبات الاجتماعية و التراتبات الثقافية

عبد العزيز احربيل

2015 / 2 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عموما, سابدا بمسلمة أساسية وهي ان الثقافة في حدها السوسيولوجي لا يمكن ان تكون ابدا مفردة ومن الصعب الحديث عن ثقافة واحدة في السوسيولوجيا, أيضا يجب أن ناكد على أطروحة أساسية مفادها أن الثقافة ليست معطى موروث كما تذهب اليها الانثربولوجيا .
إذن الثقافة في حدها السوسيولوجي هي امر مكتسب كما اعتبرها السوسيولوجي الفرنسي بيير بورديو,وهي كذلك (الثقافة) إنتاج تاريخي بمعنى بناء ينخرط في التاريخ.وبالتالي يصعب ان تكون الثقافات خارج العلاقات الاجتماعية التي تكون دائما علاقات طبقية وغير متساوية, اذن وحتى في الثقافات هناك تراتبات ااي ثقافة عليا وثقافة سفلى.
الثقافة المهيمنة والمهيمن عليها :
داخل اي نظام اجتماعي يوجد دوما تراتب ثقافي كما دهب إليه كل من كارل ماركس و ماكس فيبر بتأكيدهما بان ثقافة الطبقة المهيمنة هي دوما الثقافة المهيمنة.
هذا يؤدي بنا لكي نقول أن ثقافة الطبقة المهيمنة حسب كل من ماركس و فيبر لها نوع من التفوق الذاتي التي تستمدها من جوهرها الخاص وتجعل منها قوة مهيمنة على الثقافات الأخرى.
أما بالنسبة للثقافة المهيمن عليها لا يمكن أن تكون بالضرورة ثقافة مستلبة وان تكون خاضعة للثقافة المهيمنة كليا.
- فكثيرا ما نلاحظ تفاوتا بين اثار الهيمنة الثقاافية (او اثارها المضادة) واثار الهيمنة الاجتماعية.لا يمكن لثقافة مهيمنة ان تفرض نفسها ابدا على ثقافة مهيمن عليها كما تفعل مجموعة ازاء مجموعة اضعف منها كما لا تستقر الهيمنة الثقافية تماما ولا بصفة نهائية ابدا.ولذلك عليها ان تكون مصحوبة دائما دائما بعمل تلقيني لا تكون اثاره احادية الاتجاه ابدا,وهي احيانا اثار ناشزة, متعارضة مع انتضارات المهيمنين اذن ان الوقوع تحت طائلة الهيمنة لا يعني الاذعان لها بالضرورة (1).
الثقافات الشعبية :
ان الحديث عن الثقافات المهيمن عليها يذهب بنا لا محالة الى الحديث عن مفهوم (الثقافة الشعبية ) او ( الفلكلور) .
عموما في فرنسا في بداية القرن التاسع عشر بدا القاش حول ( الثقافة الشعبية ) رغم التاخر خصوصا في تلك الفترة هناك اهتمام بالصنف الادبي اي فحص واعادة النظر في ذلك الادب الذي يعتبر ادبا (شعبيا ).
مما لا شك فيه ان مفهوم (الثقافة الشعبية ) يشكوا من غموض دلالي , من ناحيتين اثنتين كلهما تخصان المفهوم ذاته, اي ان الكتاب الذين حاولوا ان يبحثوا في هذه الاطروحة صادفوا مشكل المفاهيم اي لم يعتبروا بعد مفهوم (الشعبية), ثانيا وهذا ما جعل الجدال في هذا المستوى اصبح عسيرا.
على العموم, وفي الوجهة السوسيولوجية الخاصة وقبل الخوض في زمام الموضوع تفادت العلوم الاجتماعية فرضتين اساسيتين:
الاولى : يمكن تلخيصها و القول بانها تلك الفرضية التي تقول وتده بالى الانتقاص في الثقافات الشعبية وهذه الاخيرة في نظر السوسيولوجيا لسي الا مشتقات من الثقافات المهيمنة او الثقافة المركزية.
ثانيا : ان الثقافة الشعبية ليست الا ثقافة هامشية, فلا تكون بذلك الا نسخا رديئة من الثقافة الشرعية.وهي ليست الا تعبيرا عن الاستلاب الاجتماعي الذي يمس الطبقات الشعبية الفاقدة لاية استقلالية.
وبالتالي فالثقافة (الحقيقية) الوحيدة هي ثقافة النخب الاجتماعية, اذ ليست الثقافة الشعبية الا سقط نتاج غير مكتمل (2) ويعرف (ميشيل دو سيغتو ) الثقافة الشعبية بكونها ثقافة اعتيادية للناس الاعتياديين اي ثقافة يقوم الناس بصنعها يوم تلو الاخر عن طريق الانشطة العادية و المتجددة بشكل يومي وهي ابداع الناس كذلك في شتى المجالات ولاجل فهم (الثقافات الشعبية ) يجب اولا فهم ذكاء الناس العاديين وبالتالي حسب (سيرتو) بعد اعادته النظر في الثقافة الشعبية يذهب الى القول بان هذه الاخيرة هي (ثقافة استهلاك) بمعنى ذلك الاستهلاك الذي يوازي الانتاج الثقافي طبعا.

(1) : مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية –ترجمة.ذ منير السعيداني ص 121
(2) : نفس المرجع .ص 123
المراجع المعتمدة :
مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية –دنيس كوش – ترجمة ذ.منير السعيداني –مراجعة ذ.الطاهر لبيب –الطبعة الاولى بيروت 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال رائع
احمد المنصور ( 2015 / 2 / 21 - 00:37 )
مقال رائع
تحياتي


2 - مقال رائع
احمد المنصور ( 2015 / 2 / 21 - 00:37 )
مقال رائع
تحياتي

اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|