الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة داعش بالخلافة الأمريكية

أحمد التاوتي

2015 / 2 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بدأت الحكاية مع انشقاق السقيفة و الفتنة الكبرى بعدها، و قلنا وقتها بأن صناعة كل ذلك كان من كيد عبد الله بن سبأ اليهودي المنافق.

و تقاتل الخلفاء و أبناءهم و أبناء عمومتهم فيما بينهم على شرف خلافة الله في الأرض كما يقولون، و ذلك طوال فترة تاريخ الخلافة، و أوعزنا كل المظالم والثورات الشعبية المريرة و تاريخ القصور الدموي إلى فبركة و صناعة من طرف الشعوب التي دخلت الإسلام و هي تضمر الشر و الحسد للمسلمين الغازين المنتصرين.

و ساد الجهل و التخلف و الشعوذة في عصور الانحسار العسكري للمسلمين، و كالعادة نسبنا ذلك إلى الاستعمار الصليبي الغربي.

ثم بعد الصدمة فالنهضة العربية جاء ما يسمى بالصحوة الإسلامية، ونسبنا كل ما لا يتوافق مع العصر في الإسلام إلى اختلاق و خبث المستشرقين.

ثم بدأنا نرى بوضوح أصالة الانحطاط بنصوصنا و تعاليمنا نفسها، فبدأنا نشكك في الرواة و على رأسهم شيخهم و مرجعهم جميعا محمد بن إسحاق تمهيدا للتضحية به في حالة انفضاح الأمر على مجال واسع. و هذا ما حدث و يحدث إلى اليوم مع القرآنيين كفئة دارسة للتراث، و لكن أيضا في أوساط و قطاعات واسعة من المسلمين العاديين، بما يطول تفصيله.

بهذه الوتيرة، سوف يجيء علينا يوم نجمع فيه على أن القرآن صناعة أموية طموحة، أو مكيدة سبئية خبيثة أو إصلاح نسطوري مشفق..، و أن الإسلام بريء منه.

و ليس بعيدا بعد ذلك، و بعد كوارث أخرى تحرجنا، إجماعنا على أن الإله الإبراهيمي هذا صناعة ماسونية و أن الإسلام الذي أتى به محمد بريء من هذه البدعة الماسونية ...

و هكذا نذر الرماد في العيون أبدا، صيانة و ترميما لمنظومة تخريبية ارتضيناها لأنفسنا و نريد فرضها عنوة على العالم.

المرح الناشط هذه الأيام ، داعش و نسبتها إلى أمريكا..
و لست أدري ماذا يقصدون...

إذا كان القصد هو تعاليم العنصرية الدينية (عقائد البراء ) و نهب المواطنين ( غنائم الجهاد) و اغتصاب المواطنات ( نكاح ملك اليمين) و إرهاب المدنيين في مدنهم ( تطبيق حدود الله)..، فإنني منذ اليوم أصدح معهم بأن خالد بن الوليد و عمرو بن العاص و عقبة بن نافع... الخ، صناعة أمريكية.

أما إذا كان القصد هو مساعدة هذا الكيان الناشئ و رعايته و إمداده بالخبرة و الإمكانيات، ففضلا عن احتياج هذا التقرير إلى تحري، فانه يمكن مقارنته مع كون العالم الإسلامي المعاصر كله شعوبا و أنظمة صناعة غربية بهذا المنطق.

لا يمكن أن ننفي شيئا من العلاقة العاطفية و العصبية، و الإستراتيجية أيضا، بين كيان إبراهيمي عائد من التاريخ، مهووس برومانسية متوحشة، و بين كيان إبراهيمي آخر متحكم بسادية رهيبة في الحاضر من خلال تغلغله في دواليب أقوى دولة في العالم. و لكن منطق التقدم يقتضي منا التنظيف أمام بيوتنا أولا، حتى نعرف كيف نستوي على رؤية واضحة و مواجهة الكل.. فيروس الداخل كما الخارج.

فيروس الداخل هو نحن بكل بساطة.. كل ما فينا و بنا و منا..

فيروس الخارج لو لم يقرأ في واقعنا أصالته، و لو لم ير صورته الحقيقة في تعاليمنا و عقائدنا لما غامر منذ البداية بفوضاه الخلاقة. الأمر يصعب عليه في الصين مثلا.

كان في تمام الارتياح إلى كونه ابن البيت و واحد من أفراد العائلة.. أكثر من ذلك، مسئول العائلة و المخول بحكم كونه أكثر أفرادها مالا و عدة و خبرة بترتيب و إصلاح شؤون بيته.

تؤكد لنا الأحداث في كل مرة بأن الخلافة الإسلامية لم تسقط يوما، بل انتقلت في طبعتها البروتستانتية بعد بريطانيا إلى كيان الظل الحاكم بأمريكا ليس إلا...










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نحن الفايروسات
صلاح البغدادي ( 2015 / 2 / 23 - 08:13 )
(فيروس الداخل هو نحن بكل بساطة.. كل ما فينا و بنا و منا)...لقد وضعت يدك على الجرح..سلمت يداك


2 - أحسد صراحتكم
HAMID KIRKUKI/ SAYADI ( 2015 / 2 / 23 - 10:16 )
الماء تحت الحب نتاج بما في الحب نفسها! أحسنتم العرب لا يطيق النقد و ليس لديهم النقد الذاتي... كلها مؤمرات تحاك تجاه تراثهم المقدّس.


3 - الكريمين صلاح و حميد
أحمد التاوتي ( 2015 / 2 / 23 - 15:32 )
أشكركما على المرور.. أوافقكما على النقد الذاتي أولا.. الخطوة الأولى الحاسمة في انفراج ممكن.. و ليس النقد الذاتي الذي لا يتعدى المؤسسات و دوار السياسات العربية .، و لكن النقد الذي يطال الأساس الثقافي المقدس للأوضاعنا.. تحياتي


4 - ليس هناك أعمق و أشمل من هكذا تحليل
Averroès ( 2015 / 2 / 23 - 20:17 )
الأخ الرفيق أحمد تحية ...لقد بينت بكل وضوح و عمق الإرتباط الوثيق بين ما يسمى بدولة الخلافة و شرطي العالم ...إنها علاقة بنيوية قديمة ...لازلنا لحد الان نؤمن بنظرية المؤامرة التي اصبحت تثير الإشمئزاز والضحك معا لقد صورت بإمتياز ما يدور في خاطر الأغلبية الساحقة من مجتماعاتنا المسكينة مما يجري الان -نظرية المؤامرة وكاني اجلس معك في احدى مقاهينا العربية البائسة..تحياتي.. ......


5 - الصديق ابن رشد
أحمد التاوتي ( 2015 / 2 / 24 - 00:52 )
نعم يا رفيقي.. توجد علاقة عضوية قديمة.. الشر أرمادة أفكار و مؤسسة بلاوى مزاجية تشكلت عبر العصور و اكتملت على ما نرى اليوم .. و هو غير مقترن بجنس أو جغرافيا.. شكرا على التفضل

اخر الافلام

.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها