الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النجاح وهم يراود الأغبياء

أحمد أمرير

2015 / 2 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مخطئ من يزعم أن للحياة قاعدة وأن لها أسرارا ومسالك معبدة .. النفس تتلاطم وترتطم بجلاميد الأقدار وهي لا تعلم ماذا تكسب غدا … ليست النجاحات ما ينبغي أن نتوقعه إنما الأخطاء والإخفاقات والعلل هي ما علينا أن نفرش لها غرف الاستقبال وتهيئ أنفسنا لتقبلها والتآلف معها … أن نتعهد إخفاقاتنا بالعناية التي نوليها للضيف القادم من تخوم البادية دون أن نعلم بوفادته إلى أن يطرق باب المنزل بمعية زوجته الحامل وابنه المصاب بالجرب .. يدخل عليك الضيف القريب دون أن يستشيرك بمدى رغبتك وتهيئك لاحتضانه ومؤازرته وإيواء زوجته وابنه إلى أن يزداد المولود ويبرأ المجروب .. ينتظر منك أن تقوم بذلك دون توسل والتماس …
تكاد تنفجر غيظا وحنقا على الوضع الذي ورطك فيه قريبك وهو يسترسل في أحاديث البادية وخلافات أبناء العمومة على غلة الموسم من شجر الأركان والزيتون والتين .. وخصوماتهم حول الأراضي التي لم تتبين حدود ملكية كل واحد منهم بعد أن أخفق آباؤهم في توزيع التركة بالتراضي فيما بينهم … تختلط حكايات الأرض والخلافات بحكايات الأعراس والطرائف ودراسة الأبناء خارج البلدة ومعلمة البادية التي لا تمكث في عملها سوى ثلاثة أيام في الأسبوع …
وفي غمرة الحديث تحاول إيهامه بالاستماع والتفاعل مع ما تضيفه زوجته من وقائع لم تخطر على بال زوجها وعقلك شارد في البحث عن مخارج تحفظ بها ماء وجهك من سلاطة لسان هذا القريب ومحيطه إذا لم تتأهب لمساعدته ورعاية زوجته وابنه إلى أن يتماثلا للشفاء .. تستغرق بتفكيرك عمن يقرضك مالا توفر به حاجياتك بعدما أنفقت أجرتك قبل انصرام الشهر … تطلق عنان تفكيرك بعيدا وعيناك تتابعان حديث ضيفك مومئا له بحركة رأسك وابتسامتك أنك منصت له ولسان حالك يقول : كم كربة أقسمت ألاّ تنقضي … زالت وفرَّجها الجليلُ الواحدُ ..
إنك لاتملك أمام نوائب الدهر وشدائده إلا أن تستقبلها .. تتقبلها على مضض كي تواجهها بلطف وسلاسة .. تستغرق بالتفكير وسط أمواجها المتلاطمة … تسقط بين صخور شواطئها وتتابع المسير رغم الجروح والرضوض الممزقة … عليك أن تواصل الخطى قبل أن يحل عليك الظلام … قدرنا أن نعيش آلامنا ومصاعبنا وتعبنا وهمومنا وحتميات عجزنا وضعفنا … إذ لم نولد كي نعيش نجاحاتنا بقدر ما علينا أن نتحمل ضربات أقدارنا ونتجرع أوجاعها … فوسط كل نجاح دوائر تتجه لها سهام الرماة والمصطادين .. وعلى جنباته جدرانٌ يتخذها المتسكعون والمارة والمتشردون فضاء لقضاء حاجاتهم ورمي زجاجات سكراتهم ورمي أكياس نفاياتهم …
ليس هناك نجاح مخملي حريري سوى في عقول الأغبياء … فحتى الأغنياء تنتابهم تعاسات لا تقل عما يعيشه الأشقياء …








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام