الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنها يد الله أيضاً

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2015 / 2 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تخيلني أشهر يدي في وجهك سائلاً: لمن هذه اليد؟ ستجيبني: إنها يدك، يدك أنت؛ أرد عليك: هل أنا من صنعها؟ ستجيب: بالطبع لا، الله خلقها لك، مثلما خلقك كلك نفسك والكون كله من حولك. إذن هذه اليد يد الله، الله خالقها، وأنا مجرد أمين- محاسب- عليها؟! قد تجيب: أظن هذا الاستنتاج هو الأقرب للتصديق، لأن أي منا ببساطة لم يخلق يده ولا يقدر على ذلك حتى لو أراد؛ نحن وجدنا أنفسنا وأيدينا هكذا، ونعتقد أن لابد لها من خالق، وأنه لابد أن يكون هو الله.

سأدفعك خطوة للأمام. إذا كان يقيناً أنني لم أصنع هذه اليد- التي هي يدي- وأنني مجرد أمين، محاسب، عليها من خالقها الأصلي الذي هو الله، الغائب مادياً عنا وعن عالمنا، فما قولك لو أنني هويت بيدي هذه فوق رأسك الآن وأرديتك قتيلاً في الحال؟! حينها من سيكون القاتل؟ الله، أم أنا؟! فكر قليلاً.

لا يمكن أن تحاسبني على ما لم أفعله. فإما أن تكون هذه اليد القاتلة يدي أنا وحدي بالكامل حتى توقع علي القصاص بالكامل، أو أن تكون يد الله بالكامل فلا أستحق أي عقاب، أو أن تكون مجرد وسيلة لغاية إلهية علياً غائبة عني ومن ثم تقتضي العدالة أن يصبح الله ذاته شريكاً لي في الجريمة والعقاب! فإذا كنت في النهاية لن تلتفت لحجتي وستقتص مني في جميع الأحوال، فهذا اعتراف صريح منك بكوني في هذه الأثناء (الحياة) المالك الأصيل ليدي والحر التصرف فيها بالكامل كيفما أشاء، حتى لو لم أكن أنا خالقها الفعلي.

سأدفعك خطوة أوسع للأمام. بما أن الله هو خالق كل شيء، فهو بالتأكيد خالق الكلام مثلما خلق الأيدي. فما قولك لو قال لك الله: أقتل فلاناً؟! عندما تنفذ هذا الأمر الإلهي المباشر والصريح، هل أنت وحدك الذي يقتل أم الله وحده الذي يقتل أم كلاكما معاً؟! في الواقع، سوف تجيب بأنك حينئذ مجرد وسيلة طاعة للأمر الإلهي الصريح، وعدا ذلك فليس لك أي ضغينة أو مصلحة في القتل. وقد تقول مخلصاً: صحيح أنا الذي قتلت هذا الكافر، الملحد، الزنديق...الخ بيدي هاتين، لكن ليس لمصلحة أو غاية شخصية؛ في الحقيقة، أنا بذلك أتعبد لله وأتقرب إليه بطاعة أوامره دون مطمع أو مكسب شخصي، بل متكبداً مشقة ومخاطر جمة إلى حد التضحية بالمال والنفس- هو جهاد في سبيل الله. جميل.

لكن كيف يستقيم منطقياً أن تكون النتيجة ضدية هكذا في الحالتين لنفس المقدمة الواحدة. إذا كانت في النهاية اليد يد الله والكلمة كلمة الله، فكيف تجازيني بقصاص القتل في الأولى، ثم تخص نفسك بنعيم جنة الخلد في الثانية؟! اصبر.

لا تتسرع بالإجابة بأن الله لم يأمرني بقتلك في الأولى، لكنه أمرك بقتلي في الثانية. الإجابة خاطئة، وستعيدنا إلى نقطة الصفر مجدداً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - منطق فاسد
عبد الله اغونان ( 2015 / 2 / 27 - 01:22 )

الأداة أي أداة لاارادة لها الا بأمر من مستعملها فلا ننسب الذبح للسكين بل لمن استعملها قصد الدبح, كذلك اليد فهي ترتبط في العمل بارادة صاحبها, كنا صغارا نلعب فنقبض على يد شخصونضرب بها وجهه ونقول أنت ضربت نفسك ههههه
الله منحك اليد والارادة والعقل أن تتصدق أو تقتل أنت المسؤول


2 - الله يأمر بديانتي السابقة
مسيحي سابقاً ( 2015 / 2 / 27 - 02:16 )
هذا النص جعلني اترك المسيحية
(أما أعدائي، أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم، فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي) [لوقا 19: 27]


3 - أغونان يحدثنا عن المنطق
مجدي سعد ( 2015 / 2 / 27 - 11:04 )
اولا منطق الكاتب سليم رغم انف السيد اوغنان .. الذي كالعادة ضاعت منه الفكرة وتاه عنه المضمون فاتحفنا بدرة من فكره الطفولي .. ضاعت منه فكرة ان للمقال شقان لا يصح الاخذ بشق واحد دون الاخر والا طمس المعني وتاه عنه المغزي.. كما حدث بالفعل .. ومع هذا يحدثنا عن المنطق !! عجبي


4 - منطق الايمان ومنطق الكفر
عبد الله اغونان ( 2015 / 3 / 2 - 00:37 )

المنطق أصلا من النطق والتلفظ الذ خص به الانسان العاقل

ثم هو قواعد يونانية عفا عليها الزمن

لكل منطقه والقلب وما يريد

أنا بحمد الله مطمئن الى منطقي بالحجة التي اعتقدها واذكرها

منطقي أقنع 15 قارئا صوتوا بالاعجاب ولافخر

لم أفهم تعليقك يا اخ مجدي سعد حدد اعتراضك وكيف ضاعت مني الفكرة

ان كان المنطق هو الانتصار لانكار الخالق فهو ليس منطقي نصا وعقلا

وقديما ضبط المتكلمون المنهج بقولهم

من تمنطق تزندق

ان اعتقد المنطق اليوناني سقط في الزندقة

اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة