الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتجاجات لا تنتهي في قطاع التربية بالجزائر

بوشن فريد

2015 / 2 / 27
التربية والتعليم والبحث العلمي


الاحتجاجات لا تنتهي في قطاع التربية بالجزائر
بن غبريت تدفع فاتورة بن بوزيد
تتعرض المدرسة الجزائرية يومياً إلى حالة الاختناق و الضغوطات المستمرة, و إلى نوع من المقايضة العلنية البعيدة كل البعد عن الثقافة الأخلاقية و المهنية التي لابد أن يتحلى بها الأساتذة, و ذلك باستعمالهم التلاميذ كورقة ضغط و استعراض لقوتهم الميدانية في وجه القائمين على شؤون التربية في الجزائر, إيمانا منهم و طمعا بكسب بعض المطالب, بعدما فهموا جيدا أن الاتكال فقط على المسيرات الميدانية التي ينظمونها, لا توفي بالغرض المنشود, و لم تحقق لهم غير التعرض للضرب المبرح و القمع الوحشي من طرف السلطات الأمنية.
في عهد الوزير السابق بن بوزيد, لا يمر شهر واحد دون إضراب أو احتجاج من طرف الأساتذة, يطالبون في كل مرة المصالح المعنية بالإصلاح الفوري لقاعدة الأجور و السكنات, و استمرت وضعية المدرسة الجزائرية على هذه الحالة, إلى غاية وصول الوزيرة بن غبريت, و للأسف المبكي, ما تزال الإضرابات تنخر الهيكل التربوي الجزائري, الأساتذة رفعوا من وتيرة الهيجان, نظرا لعدم احترام الوزارة المعنية لوعودها المقدمة وكذلك عدم التكفل بمطالبهم المشروعة التي يرفعونها منذ عقد من زمن دون تحقيقها, و يخيل للمتتبع لأحوال المدرسة الجزائرية, أنه لا توجد فوضى في العالم, أكبر من تلك الفوضى المنظمة داخل مدرستنا, و التي للأسف بسبب تلك الميزة السلبية, تحتل المراتب المنحطة و المحتشمة و الكارثية, و تصنف من بين أضعف المدارس في العالم, ناهيك عن المنتوج السنوي الذي تصدره للشارع, من طلاب بشهادات غير معترف بها في المعاهد الأوربية و الغربية, و بطالة قاتلة.
أنا أتقاسم نفس المنهج التربوي الذي تريد الوزيرة بن غبيرت تطبيقه في نظامنا التربوي الجزائري, و أنا هنا لا أدافع عنها من باب التعاطف أو ما شابه ذلك, و لكن من باب البحث عن الأفكار الجديدة و المنقذة, و إخراج جامعتنا من عنق التخلف و الغباء السنوي, فلا يعقل المواصلة على هذا الدرب بتاتا, فالوزيرة بن غبريت على حق و دراية تفكيرية عميقة, لما صرحت أن مشكلة نظامنا التربوي يكمن في معاشرته لمختلف أنواع المعطيات التعليمية الغير المنتجة و المفيدة للمتعلم و للمجتمع ككل, لذا يتوجب علينا العمل في إعادة النظر لطريقة بناء نظامنا التعليمي, و يجب إعادة تأسيس مقومات جديدة و ذكية للنهوض بهذا القطاع الحساس و الحي, فمن هذا الطرح يمكن أن نستنج فكرة عن ما ورثته الوزيرة من حصيلة كارثية و جد سلبية من جميع النواحي, عندما كان الوزير السابق بن بوزيد على رأس القطاع,إذن, مشكلة التربية في الجزائر يختصر في نوعية الدروس المقدمة و في كيفية و طريقة الإلقاء, و مدى استجابة و تجاوب الطلاب لما يقرؤون و يسمعون.
و لكن التساؤل الذي أود الوصول إليه: ماذا لو تحققت إرادة بن غبريت في إعادة التأسيس لمنظومة التربية لدينا, و لم يتمكن الأساتذة من تجاوز عقدهم المالية و الأجورية ؟
ماذا لو أصر من كنا نعتقد بالأمس القريب, أنهم رسلا و أنبياء, على حد تعبير الشاعر الكبير أحمد شوقي في رفض أية تنازلات و لو مرحلية و رمزية, و مساهمتهم المباشرة في تلقيح الضمير التربوي الوطني الجزائري, و من ثمة الدفع بهم لتصدير كفاءات ذكية, لا تُهمش و لا تهان من طرف السلطات الحاكمة؟
إن دوام الحال من المحال, و أكيد سيأتي يوم نفتقد إلى تأنيب ضمائرنا التي لا تشبع في ظل وفرة البحبوحة المالية و انتشار ثقافة اللاعقاب في الجزائر, وربما سيأتي يوم نبحث عن طلب الغفران من الكم الهائل من العقول الجزائرية التي أهملها النظام بتعنته و الأساتذة بجشعهم المستمر, تلك العقول التي جعلناها بسبب نقص المسؤولية الأخلاقية و المهنية لدينا, و نكراننا المطلق لرسالة التعليم و جهلنا الكلي لفهم ماهية التعليم و التربية, مجرد كتل بشرية لا فائدة منها, مادامت الجزائر حية و تستمر في معانقة الحياة بفضل ما لديها من الطاقات المفرنسة الآتية من الغرب و المعربة المصنوعة من بقايا الدين و الشعودة الفكرية و العقلية.
لماذا لم يتجرأ المعلم الجزائري في التظاهر من أجل مصلحة تلميذه البريء؟
لماذا لا يحاول إحراج السلطات المعنية, و يصورها للمجتمع المدني على أنها فاشلة و غير مبالية بمصير أبنائهم و مستقبلهم, كأن يرفع من مستوى طلباته, كما رفع من سعر منصبه, يطالبها بضرورة النظر في المواد التي يتم تدريسها و التي لا تأتي بثمارها, و إصلاح المدارس الجزائرية التي تفتقر إلى التدفئة و الكتب و الإمكانيات المادية و المعنوية, التي قد تساهم مباشرة في النهوض بقطاع التعليم بشكل حضاري و عصري و جدي؟
لماذا خرجات المعلم الجزائري تنحصر فقط في مطالبة الوزارة المعنية, بزيادة في الأجور و تحسين مستواه المعيشي الاجتماعي؟
أين مهمة الرسالة التربوية, و أين ضمير الأستاذ الجزائري؟
في الواقع, من خلال نوعية النظام التعليمي لأمة ما, يمكن التنبؤ بنوعية ثقافتها السياسية, فلا ريب أن نرى اليوم الفوضى بعينها تغتال مدرستنا و نلتزم الصمت... فمحكوم على الجاهلين بماهية العلم, العيش في قفص الاتهام إلى الأبد, و ليس جديدا علينا, أن نتأمل في تدني مستوانا التعليمي و الفكري و النقابي, و نخلد إلى زاوية اللاحدث و اللا مسؤولية....
إن الاحتجاجات النقابية المتواصلة في قطاع التربية بالجزائر, لهي الصورة الفعلية لمستوى الفكر السياسي لدى المنظومة الحاكمة في البلاد, فلو كان هناك أدنى رغبة في تداوي جراح القطاع بنوع من الجدية و الصرامة في تطبيق القوانين, و من ثم التكفل الفوري لمختلف أشكال المطالب المرفوعة من طرف النقابات, و إجبار هذه الأخيرة في احترام مكانة التعليم و المتعلم, لما وصلنا إلى مرحلة من الخطورة التي تغتصب مرارا و تكرارا قطاع التربية.
و لكن إلى متى تتهرب السلطة الجزائرية عن طريق ممثلتها الوزيرة بن غبريت في الدهس على قداسة طلب العلم و تقزيم لمطالب المدرسين المشروعة؟
بقلم: بوشن فريد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة