الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش والفقه والآثار

رياض عبد

2015 / 2 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد نشر الأفلام المؤلمة التي تظهر برابرة داعش وهم يحطمون الآثار الآشورية في الموصل قرأت الكثير من المداخلات على الفيسبوك و مواقع أخرى على الإنترنت عن كون هذه الأعمال الإجرامية هي جزء من المؤامرة الإسرائيلية أو الغربية لطمس حضارتنا..
وأنا لست هنا بمعرض الدفاع عن إسرائيل أو أي دولة غربية لكنني أطالب فقط بإعمال العقل والنظر الى الأدلة التي أمامنا..
برابرة داعش في بداية الفيلم الذي شاهدناه قدموا الدليل الإسلامي الشرعي لتحطيم ما يعتبرونه أوثاناً كانت تعبد من قبل الأقدمين على حد تعبيرهم وأن التبرير الذي قدموه هو أن الرسول قد أمر بتدمير الأوثان. وأن هذا ما فعله الرسول نفسه بتدميره الأوثان في الكعبة وهذا كذلك ما فعله النبي إبراهيم الخ..... فهل هنالك فقيه مسلم من أي من المذاهب يختلف معهم بصحة هذه النصوص؟
وإما ما يسميه البعض ب"تاريخنا" فعلينا أن نتذكر أن المسلمين حين إستعمروا بلدان الشرق الأوسط وغيرها لم يعيروا أي إهتمام لمعالم الحضارات القديمة التي وجدوها وعاشوا الى جوارها لمئات السنين. بل الأدهى من ذلك أن بعض الرويات تقول بإن عمرو بن العاص عند إحتلاله للإسكندرية لم يستطع أن يقرر ماذا يفعل بمكتبتها الهائلة فأرسل الى الخليفة عمر فأمره الخليفة بحرقها قئلاَ (إن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله باهدى منه وإن يكن ضلالا فقد كفانا الله") فحرقها عن بكرة أبيها.
و الواضح من كتب التأريخ الإسلامي التي تدعي سرد التاريخ البشري منذ زمن آدم أن كاتبيها لم يكونوا على علم بتاريخ الدول التي حكمت الشرق الأوسط لعدة الاف من السنين قبل ظهور الإسلام. وذلك لكون جل التاريخ الموثق للمسلمين هو التاريخ الإسلامي أما البقية فهي عبارة عن خزعبلات نقلت عن التوراة وعن أساطير الأقدمين. أي كان هناك إهمال تام لحضارات الرافدين ومصر وغيرها والتي لم يولي المسلمين لها أي إهتمام على الإطلاق. وبقي الحال هكذا الى القرن التاسع عشر حين إبتكر الغربيون علم الآثار والذي هو علم غربي بإمتياز حيث لم تعرف أي حضارة في تأريخ البشرية علم كهذا وكان رواده من الإنكليز والفرنسيين والألمان تحديداَ. وأقترن علم الآثار الوليد مع علوم دراسة الكتاب المقدس (الأنجيل والتوراة بالعرف الإسلامي) . وقد أدت الدراسة العلمية والتحليلية الدقيقة للتوراة والإنجيل كنصوص تأريخية قابلة للنقد الى الحاجة لإكتشاف الأدلة التي تؤيد أو تنفي ما ورد في هذه الكتب المقدسة. ولذلك صب الغربيون جل إهتمامهم على الشرق الأوسط حيث كانت هذه هي الساحة التي نشأت فيها المسيحية واليهودية.
وهكذا فإن كافة الإكتشافات الآثارية لبلاد الرافدين ومصر وبضمنها فك الكتابة الهيروغليفية المصرية والكتابة المسمارية هي إنجازات غربية صرفة لم يلعب المسلمون فيها أي دور يذكر عدا سرقة المجوهرات الذهبية من المواقع الأثرية عندما سنحت لهم الفرصة لذلك. لذا فما نسميه حضارتنا هي في الحقيقة حضارة العالم الغربي كذلك (فحضارة وادي الرافدين ومصر إنتقلتا الى اليونان ومن ثم الى باقي الغرب وأصبحت الأساس الذي بنيت عليه حضارتهم) ولهم الفضل في أكتشافها ودراستها وتعليمنا إياها..
وللعلم أن السعودية تحرم التنقيبات في أراضيها وقد قامت السلطات هناك بتخريب الكثير من الآثار الإسلامية وغير الإسلامية بدعوى منع الشرك بما فيه تخريب مناطق واسعة من مكة والمدينة كان آخرها بناء مركز تجاري وفنادق بالقرب من الكعبة وتخريب مناطق شاسعة يعتقد بإنها تحتوي على آثار إسلامية غاية في الأهمية أدت الى ضياع معالمها الى الأبد. .
أما إسرائيل فلم نسمع يوما إنها دمرت آثاراً اسلامية أو غير أسلامية. فإذا كان هناك دليل على العكس فاليقدموه..
وبإختصار علينا مواجهة جانب سلبي آخر من الفقه الإسلامي الذي يجب رميه في مزبلة التأريخ وشكراً مرة أخرى لداعش لكشف المستور.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 111- Al-Baqarah


.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال




.. لايوجد دين بلا أساطير


.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف




.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس