الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الآلهة التي تكره الرسم والنحت والموسيقي والغناء .. إلهنا ليس كذلك!!

محمود الزهيري

2015 / 3 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


علي حسب بعض التقديرات , يري بعض الباحثين أن عدد الديانات السماوية والديانات الأرضية الوثنية , يقترب من 6003 دين , وكل هذه الأديان لها آله أو أرباب يؤمن بها المؤمنون , وبذلك يكون هناك دين واحد هو الذي يحوز علي المعتقد الإيماني المطلق , وباقي الأديان والآلهة والأرباب بمثابة الكفر المطلق والضلال المبين , والغريب في الأمر أن كل الأديان تري هذه الرؤية , إلا أنها ليست متشابهة في التكفير والتلعين , وكذا ليست متشابهة في تفعيل القتل والدم والحرق , بجانب أنها ليست متشابهة في كراهية الإنسان المخالف ووجوب إذدرائه بداءة , وقتله واستباحة ماله وعرضه ودمائه .. هذه الأديان السماوية والأرضية الــ 6003 , ليست متساوية في نظرتها للحياة والطبيعة والكون والإنسان , وإن كانت هناك فروق جوهرية لدي الأديان السماوية الإبراهيمية الثلاث ساكنة في عقل وقلب وكيان المعتقد الإيماني الذي يذهب بهذه الأديان الثلاث إلي مذهب الرفض والتكفير فيما بينهم , وإن كان إطلاق التكفير متفاوت بدرجات كبيرة في الترويج والإعلان عنه وله بين المؤمنين بهذه الأديان السماوية الإبراهيمية الثلاث .. إلا أن إسلام السلطة الرأسية ذا الطبيعة الإستبدادية المطلقة كان للمروجين له طرائق وأساليب تتغيا سيطرة مفاهيم سلطوية بزعم الحفاظ علي العقيدة وحراسة الإيمان المطلق الذي لاتشوبه شائبة شرك أو كفر حسب الزعم السلطوي الديني الرأسي , فكان ان صار النعيم ملاذ للملوك والأمراء والسلاطين والنبلاء , وكانت الرفاهة حصرياً مقصورة عليهم , وباقي الشعوب تهيم في الفقر والجهل والمرض , فكان أن سادت مرويات تحرض علي تحريم وكراهة النحت والرسم والتصوير والموسيقي والغناء والفنون بصفة عامة , وهذه المفاهيم سادت في شبه الجزيرة العربية مهبط الوحي الإسلامي , والتي كانت بلا نهر : ﴿-;---;--رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾-;---;-- (إبراهيم:37) وفقدان النهر مؤداه فقدان الحضارة بمعناها الواسع الشامل لكافة مناحي الحياة , ولذلك كانت الحياة السائدة هي حياة التنقل والترحال , حيث الماء والعشب والكلأ ! , فإذا نفذت المياه والأعشاب تم ترك المكان بحثاً عن مكان آخر .. وحسب تصوير هذه البيئة التي تعيش علي الترحال , لم يكن لها أن تهتم بالنحت والرسم والتصوير والموسيقي والغناء والفنون , بجانب أن عباة الاصنام والأوثان كانت هي السائدة بشبه الجزيرة العربية , وكانت المعركة الفصلة ضد هذه الأصنام ومعتنقيها , ومخافة النكوص عن الإيمان الغيبي إلي الإيمان المشهود عبر الأصنام والأوثان بزغت العديد من المرويات التي تناهض الأوثان والأصنام , بالرغم من أن المؤمنين بالسماء كانوا يتعبدوا بها كواسطة بينهم وبين السماء , إيماناً منهم بأن أجسادهم ليست مقدسة , ولايجوز للأرضي اللامقدس أن يتماس مع السماوي المقدس , إلا عبر هذه الأوثان والأصنام .. : * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ * الزمر 3 تم نقل كافة المفاهيم الدينية بما تحمله من عادات وأعراف وتقاليد وموروثات دينية واجتماعية إلي أوطان أخري غير شبه الجزيرة العربية , ومثالها مصر والعراق وسوريا , وهذه الأوطان الثلاث بها أنهار وحضارات وثقافات متنوعة حيث الإستقرار والزراعة والحياة الرغيدة , فكان أن اهتم أهل هذه الأوطان بالنحت والرسم والتصوير والموسيقي والغناء والفنون , وكافة دعائم التحضر والتمدن الأخري , وكانت هذه الفنون لاتمثل غضاضة لدي أهل هذه الأوطان , لدرجة أن المصريون الذين يمتلكون العديد من المعابد والمتاحف والرسوم والنقوش علي جدران تلك المعابد والتي كانت تظهر النساء بملازمة الرجال , وكانت أجزاء من أجساد النساء تبدو ظاهرة , لاتمثل غضاضة أو رفض للمصريين أو المترددين علي متاحفهم ومعابدهم للتعرف عليها ودراستها والتعرف علي تاريخهم العريق .. إلا أنه مع بزوغ نجم الجماعات الدينية , بزغ معهم العديد من الأفكار والمفاهيم الضالة التي تعمل علي تكفير المجتمع والدولة , ووصفهما بالجاهلية لأنهما لايحكموا بالشريعة الإسلامية , ولا يعملوا علي إعادة إحياء الخلافة الإسلامية , وكانت بداياتهم لتحقيق ذلك , الإنشغال بالتماثيل والقبور , والرسم والموسيقي والغناء والمعازف , وعملوا جاهدين علي تصنيف المؤلفات وكتابة الأبحاث والدراسات حول تحريم هذه الفنون , ولا غرابة أن وجدوا لهم متسع في المجتمع البائس المحروم من أدني معدلات الرفاهية , وفي ذات الوقت وجدوا التعليم الأزهري من الكتاتيب وصولاً للمدارس والمعاهد والجامعة تؤيد أفكار ومفاهيم هذه الجماعات الدينية , حال كون مؤسسة الأزهر تدرس هذه المفاهيم في مناهجها الدراسية , ويتحصل طلابها علي مؤهلات دراسية تدرس وتنشر تلك الأفكار والمفاهيم المتخاصمة من الكون والطبيعة والإنسان , ولذلك ليست هناك غرابة حينما تدمر جماعة طالبان تمثالي بوذا الأثريين , في الماضي القريب , وتأتي عصابات داعش لتدمر التاريخ العراقي في متحف الموصل , وليس هناك غرابة أن يتم تدمير تمثال طه حسين في مصر , وتغطية تمثال أم كلثوم بالشمع , ومحاولات هدم تمثال سعد زغلول , وغير ذلك من التماثيل التي تحمل معاني فنية وثقافية لأناس حاولوا النهوض بمجتمعاتهم والرقي بعقولهم وأخلاقهم . هذه الجماعات الدينية الإرهابية بمثابة خطر إرهابي دموي متعطش للدماء وحياة الصحراء والبداوة , ولاغرابة أنهم قد صنعوا لأنفسهم آلهة كارهة للرسم والنحت والموسيقي والغناء , وهم بصنائعهم المجرمة ينتصروا لآلهتهم حسب زعمهم , لأن آلهتهم تنزعج من الموسيقي , وتكره الغناء , ويصيبها الضجر والذعر من رؤية التماثيل .. الجماعات الدينية الإسلامية وعلي رأسها في الإجرام داعش صناعة مجتمعات عربية إسلامية بجدارة الخصومة الفاجرة مع الكون والطبيعة والحياة والإنسان !! فهل حقاً الآلهة تكره وتبغض الموسيقي والغناء , وتصاب بالضجر والذعر من رؤية الصور والتماثيل !؟ معذرة : إلهنا ليس كذلك !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن في مواجهة الخطر الإيراني الذي يهدد سيادته عبر-الإخوان


.. مخططات إيرانية لتهريب السلاح إلى تنظيم الإخوان في الأردن| #ا




.. 138-Al-Baqarah


.. المقاومة الإسلامية في العراق تدخل مسيرات جديدة تمتاز بالتقني




.. صباح العربية | في مصر.. وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنائز