الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو وصلنا لحافة الأرض ؟!

صلاح يوسف

2015 / 3 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ليست وظيفة الفكر أن يلعن الشر الكامن في الموجودات، بل أن يستشعر الخطر الكامن في كل ما هو مألوف، وأن يجعل من كل ما هو راسخ موضع إشكال !
ميشيل فوكو
-----------------------------------------------------

يبدأ المسلم نهاره عند الفجر بالصلاة ومن ثم الدعاء، ولا يخرج من بيته قبل أن يتم منظومة التسبيح والإذكار التي يمجد فيها الإله ويستجديه الحماية والرزق وصلاح الحال. بالطبع هنا يجب التوضيح بأن الدولة المسلمة تغيب كمؤسسات عن قيامها بواجب خدمتها للناس، فلا مشافي متقدمة ولا مدارس ولا تعليم جامعي صالح لمواكبة سوق العمل، ولا ضمان اجتماعي للمرضى والعاطلين عن العمل، وبالتالي يصبح من مصلحة الدولة تضليل الناس وتوجيههم نحو الوهم المتمثل بخدعة وجود إله قادر على الإرزاق دون عمل، وقادر على الشفاء دون طبابة، وقادر على حفظ الإنسان من الشرور دون منظومة أمنية وشرطية، على أن الأخيرة هي الوحيدة المتوفرة بكثرة في دولة الإيمان، ولكنها لتوفير الحماية للنظام الحاكم الإسلامي وليس للأفراد والمواطنين، بل إن مفهوم المواطنة نفسه مدمر ولا يوجد مواطنين، بل رعية ( قطيع ) يفعلون ما يؤمرون. ولنتأمل هذا الدعاء الذي أخرجه غالبية أئمة السنن:

دعاء المتزوج وشراء الدابة

إذا تزوج أحدكم امرأة، أو إذا اشترى خادماً، فليقل ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وإذا اشترى بعيراً فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك ).
أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي، وانظر صحيح الترمذي 1 / 316

لاحظوا أعزائي أن الزواج من امرأة يقابله شراء العبد أو الخادم، وأن كل هذا يقابله مساواة مع شراء البعير، ثم يأتينا أبو بدر الراوي للرد على هذه الشبهة، فما هذا الدين القائم برمته على الشبهات ؟ ضعوا كلمة " شبهة " في محرك غوغل، لتشاهدوا بأنفسكم كم من الشبهات تحوم حول هذا الدين ؟!

لا يمكن أن نقبل بهذا الفكر في القرن الواحد والعشرين، قرن جراحة الليزر وعصر المريخ وهذا العالم الذي أصبح قرية صغيرة بفضل ثورة الاتصال والتواصل.

لماذا نصر على نقد الدين ؟؟! ولماذا قال ماركس ( إن أرقى أشكال النقد نقد الدين ) ؟! ولماذا عرّف ميشيل فوكو الفكر بأنه اكتشاف الأخطار الكامنة في المألوف ؟! إن المألوف لدى المؤمنين هو عبارات الدين التي يرددونها بأمر من رجال الدين عساهم يجدون الرزق أو الحماية أو الشفاء، بينما لو تأملنا المجتمع الألماني المتقدم لوجدنا أن أكثر من 86 % من الشعوب الألمانية مسجلة " بلا ديانة "، وأن أعلى من هذه النسبة في الدول الاسكندنافية الراقية !

متى يعمل هذا المسلم إذا كان سيردد ( سبحان الله وبحمده ) مائة مرة ؟! وأين هي إرادة الإنسان المسلم عندما يردد كالببغاء ( الحمد لك حتى ترضى والحمد لك إذا رضيت والحمد لك بعد الرضى ) ؟! ما هذا الإله الذي يجب الخضوع والذل والاستجداء ؟؟!

إن الشعوب التي تقدمت بعد الثورة الصناعية قد تمكنت من بناء جنتها على الأرض، وانتزعت السلطة من الملك والكنيسة، تلك الشعوب لا تقرأ القرآن، ولا تصلي، ولا تصوم، ولا تطوف حول الكعبة، ولا تردد أذكار الصباح والمساء، بل يفكرون ويخترعون ويبدعون ويعملون ليلاً نهاراً لكي يتمكنوا من تكوين مجتمع الرفاه والسعادة، فلا بطالة ولا مرض ولا فقر ولا جوع ولا أمية ولا همجية ولا انتهاك لحقوق الإنسان.

يجب ألا ننسى ولو للحظة هذا التاريخ المرعب المروع للأديان والمعتقدات التي طرحت تصوراتها للكون والطبيعة والنظام الفلكي بطريقة طفولية تعتمد على الرؤية المجردة للشمس وهي تدور في قبة السماء. لقد مثل اكتشاف كوبرنيكوس ومن بعده جاليليو لدوران الأرض حول نفسها ونشوء ظاهرة الليل والنهار، بثبات الشمس النسبي، ثورة تاريخية هائلة وضعت نقطة فاصلة بين المعتقدات الدينية والعقل البشري، لكن في بلاد المسلمين ما زالوا يعلمون أطفالنا بأن خيرنا من تعلم القرآن وعلمه، وأن القرآن هو كلام الرب المتعالي خالق الأكوان الذي يجب أن ندعوه ونسترضيه ونرضي غروره لكي يحقق لنا أمنياتنا.

لا توجد تهمة للردة أو للتخلي عن معتقدات، ولا يوجد تقديس مبالغ فيه للكتب المقدسة وتخيلها الساذج للأرض والكون. قديماً كان بحارة كولومبوس يخشون ويرتعبون من الوصول إلى حافة الأرض وبالتالي كانوا طوال الرحلة يناقشون كولومبوس في السؤال العقائدي ( ماذا لو وصلنا لحافة الأرض ؟ ). اعتقد كولومبوس نفسه عندما وصل إلى جزيرة كوبا بأنهم قد وصلوا لجزر الهند، ولم يكن يخطر ببال هذا العظيم المجازف بأن العالم قد ينتقل إلى تمدد ثوري غير مسبوق بأرض جديدة وكنوز وثروات جديدة.

المعتقدات المسيحية واليهودية اصطدمت مع حقائق العلم والاكتشافات الفيزيائية، فلما بقي الإسلام دون صدام حتى اللحظة، رغم أن ما جاء به القرآن لا يختلف عما أتت به كتب العالم القديم حول مركزية الأرض ودوران الشمس ؟!

في اعتقادي أن ثمة عاملين مهمين قد أديا إلى تأجيل صدام القرآن مع حقائق العلم، العامل الأول هو لغة القرآن وعمومية الخطاب مقارنة مع اللغة المتداولة حالياً، والعامل الثاني هو أموال الدول النفطية وإنفاقها بسخاء على مجموعة من الدجالين والمختلين عقلياً مثل مصطفى محمود وزغلول النجار وأباطرة الإعجاز الموهوم والكاذب. ولنلقي في عجالة نظرة على هذين العاملين.

أولا: لغة القرآن مقارنة باللغة المتداولة

يقول محمد في القرآن ( والأرض إذا دحاها )، حيث يفسر المسلمون كلمة " الدحو " بأنها البيضة وبأن هذه الآية تقر حقيقة فلكية حول الشكل البيضاوي للأرض، وفي الحقيقة يوجد كم كبير من الكذب والافتراء والتلفيق، فكلمة " دحاها " في معجم لسان العرب تعني ( مدها وسواها ) أي بسطها، أما علاقة البيضة بالموضوع، فهي أن المعجم استند على عملية الدحو التي يقوم بها النعام للأرض قبل أن يضع بيضته، فتقوم أنثى النعام بتسوية وتمهيد وبسط الأرض لكي تضع عليها البيضة بشكل آمن. تم التزوير، وتمت طباعة ملايين الكتب وملايين المقالات وتم ترديد هذه الأكذوبة ملايين المرات حتى أصبحت وكأنها حقيقة لا تقبل الجدل !!!

ثانياً: وهم الإعجاز العلمي والعددي

كما سلف في المفارقات بين لغة القرآن واللغة المتداولة، تم اللعب على وتر غباء المسلمين وقلة ثقافتهم وانعدام قدرتهم على البحث، بل وإيمانهم المطلق بأن القرآن كلام الله العجيب المعجز الذي لا يأتيه الباطل، فانطلقت في السبعينات من القرن الماضي جرثومة الإعجاز العلمي، حيث أدى ارتفاع سعر النفط في دول الخليج إلى تضخم ثروة هائلة تحت سيطرة عائلات همجية متخلفة أصرت على استغلال الثروة من أجل محاربة الفكر الناقد ومحاربة التنوير، فتم شراء مجموعة من الكذابين والدجالين والمشعودين، فامتلأ الفضاء العقلي الجمعي بمعلومات كاذبة مضللة عن أوهام الإعجاز العلمي للقرآن، منها مثالاً لا حصراً آية ( يعلم ما في الأرحام ) التي عاش عليها الإعجازيون طيلة 1400 عام إلى أن تم اختراع جهاز لكشف الجنين يعمل بالأشعة، وعندها وقع الإعجازيون في ورطة كبرى، إذ إن الإنسان نفسه أصبح يعلم ما في الأرحام، وبالتالي تضاءلت قدرة إله المسلمين، إلى أن قال الشيخ شعراوي ( وهل يعلم العلم مستقبل الإنسان ؟ غني أم فقير ؟ سعيد أم تعيس ؟ ) وكان ذلك في منتهى التعسف والابتذال !
أيضاً آية ( والعنكبوت تبني لها بيتاً ) التي فسرها مصطفى محمود على اعتبار أنها إعجاز بيولوجي متقدم، فأنثى العنكبوت هي التي تنسج البيت وليس الذكر، وبعد البحث تبين أن القرآن لم يقصد الأنثى من ناحية بيولوجية، وإنما قصد التأنيث بهدف التحقير والتصغير، فقال العرب " نملة ودودة ونحلة " !

أما الآية ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) فهي مستندة أساساً إلى حركة الشمس الظاهرة في القبة السماوية، وهي كما نعلم حركة وهمية لا تعبر عن حقيقة دوران الأرض حول نفسها. " إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب " وهو تأكيد قرآني آخر على حركة الشمس وليس دوران الأرض !!

أما الإعجاز العددي، فهو أسخف مما يستحق الرد عليه، فكلمة " يوم " لم ترد في القرآن 365 مرة !!

ويلاحظ أن أمثلة الإعجاز هي أمثلة انتقائية مكذوبة على اعتبار أنهم واثقون من غباء القطيع الذي يردد " آمين " دونما تفكير !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحمير حمير حتى لو البَسوها الحرير
الحكيم البابلي ( 2015 / 3 / 1 - 18:27 )
العزيز صلاح يوسف المحترم .. تحية
سؤالي هو : هل في كل ما ذَكَرتَ ذنبٌ للدجال أو هو ذنب من يُصدِقُهُ ويمشي بين يديه ويُثبت أقدامه ويُديم جهالاته !!؟
بمعنى آخر .. هل هو ذنبُ البائع المحتال الذكي أم ذنبُ الشاري الأبله الغبي !؟
وكما يقول المثل : ... الحِمار سيبقى حماراً حتى لو ركب عليه عنتر
تحياتي ... طلعت ميشو


2 - اللمعان قد يخدع أيضاً
صلاح يوسف ( 2015 / 3 / 1 - 18:40 )
قديما قال الحكماء ( ليس كل ما يلمع ذهباً ) وهذا يؤكد حقيقة أن اللمعان قد يخدع غالبية الناس ما عدا تجار الذهب والصاغة .. المشكلة أن حرب التضليل من خلال طاحونة الإسلام الدعائية الضخمة هي حرب عنيفة جدا مقابل الصوت الضعيف والخافت للفكر النقدي، ويكفي أن نعلم أن مفكر وباحث مبدع بحجم فرج فودة لم يخرج في جنازته أكثر من 30 شخص بعد اغتياله على يد الإسلاميين .. أنا محبط جدا


3 - ناس مرتاحة بحموريتها وناس تتعذب على الحمير !!!
يحيى طالب ( 2015 / 3 / 1 - 18:45 )
قلتها سابقا ( لاتستطيع ان تركب احد الا بعد ان تجعله حمارا والأديان أفضل وسيلة لتحويل البشر الى حمير ) صدقت انا العظيم - عزيزي يوجد ناس مرتاحة بحموريتها بعد ان باعت عقلها بالمجان لنصابي ودجالي الأديان وترفض اي محاولة لانتشالها من طويلة الحمير التي هي تنعم ببرسيمها وتحلم بجنات صلعم ام الخمر والدعارة !! والمصيبة نحن الضحايا لأننا نتالم عليهم وعلى حموريتهم - سلمت يداك صديقي في كتاباتك الرائعة لأجل تنوير عقول الأجيال القادمة اما الأجيال الحالية فاعتقد من الصعوبة جداً إرجاع الحمار الى بني آدم - تحياتي للكاتب ولموقع الحوار المتمدن


4 - الصديق العزيز يحيى طالب
صلاح يوسف ( 2015 / 3 / 1 - 18:56 )
لعل من أكثر عباراتك صدقاً وتألقاً هي قولتك الشهيرة بأنك لن تستطيع ركوب شخص أو شعب دون أن تجعلهم حمير أولا .. وجميع الأديان تفعل هذا بامتياز ولا حل إلا بفتح النوافذ لكي تدخل من الشمس والأكسجين اللازم للتنفس فما عاد الوضع يحتمل، خاصة بعد آخر صيحات داعش التي تهدد الإرث الإنساني والحضاري للشعوب.
دمت بخير


5 - ومن يختار طريق المشقة ؟
فاتن واصل ( 2015 / 3 / 1 - 21:20 )
دكتور صلاح يوسف المحترم، وهل يتكون العقل الناقد هكذا دون مشقة وتعب وقراءة ومقارنة ثم الاختيار!! هذا الطريق صعب والعقل المتدين كسول اعتاد على الوجبات سابقة التحضير، ولذا فلا تنتظر من هؤلاء أن يفكروا أو يفندوا ما يطرح أمامهم من حقائق مطلقة .
ليس خافيا عليك أيضا طرق التعليم ومحتويات المناهج التعليمية التي تكرس للتلقين والحفظ وعدم إعمال العقل، في الحقيقة حالنا متردي لدرجة مأساوية.
نشكر مجهوداتك الدؤوبة في كشف المسكوت عنه من خبايا تسببت ولزمن طويل ولازالت في إنحطاط مجتمعاتنا.


6 - بصراحة
عدلي جندي ( 2015 / 3 / 1 - 22:51 )
يا أستاذنا وجودكم بتنوريكم ودون تكرار الأسماء ما بيننا هو شمعة في وسط ظلام لا نهائي بدأ بظهور النفط وأعتقد لن ينتهي إلا عندما تنضب نهائيا آباره وتستهلك تماما ثرواته في تجحيش الشعوب
لن تجد الشعوب من يمتطيها ويدفع ثمن الركوبة وستتحول غصبا عنها إما إلي ثلة من الرعاع الأفاقين أمثال الشباب المدفوع في مظاهرات الأخوان والمنتمي إلي عصابات الدواعش أو تبحث لها عن مخرج بحكم حاجتهم إلي إستمرارية حياتهم وبالطبع الوسيلة الوحيدة هي أن يشمروا عن سواعدهم ليس للوضوء ولكن للإنتاج وتصبح لغتهم ليست لغة القرآن وتوكلنا علي الرحمن بل لغة العقل العامل الذي يبحث و يجتهد من أجل النجاح
فعلا أشاركك قول أنا مُحبط لكوني لن أشاهد نهاية النفق علي الرغم من يقيني أن الحياة كالنهر إن لم تجري مياهه تموت الكائنات الحية ويتحول إلي مستنقع
واصل الرسالة لأك جدير وقادر علي حماية وحمل مشاعلها
تحياتي


7 - الأستاذة فاتن واصل
صلاح يوسف ( 2015 / 3 / 2 - 10:53 )
الأستاذة المهندسة والأديبة المحترمة فاتن واصل .. لقد وضعت الملح على الجرح الغائر المتمثل بمحتويات المناهج الدراسية. كنت في طفولتي أقرأ يوميا حكمة اليوم على السبورة ( خيركم من تعلم القرآن وتعلمه ) وها هي أجيالنا قد تعلمت القرآن فعلا فأثمرت عصابات القتل والإجرام .. لا يمكن الحديث عن نهضة أو حتى إفاقة من الغيبوبة دون إحداث تغيير ثوري في مناهج الدراسة المدرسية والجامعية .. شكرا لمرورك الكريم وتقبلي تحياتي


8 - الأستاذ الفاضل عدلي جندي
صلاح يوسف ( 2015 / 3 / 2 - 10:56 )
تحية طيبة أيها الطيب .. في الحقيقة أن ما كنا نحذر منه من سنوات طويلة قد وقع .. لقد تعلم الناس القرآن وحفظوه وطبقوه فأثمر هذا عن داعش والإخوان المسلمين والنصرة ولوء التوحيد وجند الشام وأنصار الله وغيرهم .. لقد كلفنا القرآن مليون ونصف من الأبرياء هم ضحايا مفخخات القاعدة في العراق .. الأمل في التنوير ضئيل إلا إذا حدثت ثورة شعبية ضد الدين وهذا بدوره مستبعد ..
شكرا للمرور والتجشيع وتقبل مودتي

اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah