الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا جنة ولا نار

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2015 / 3 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا جنة ولا نار
المسيحيون فى النار . المسلمون فى النار . البوذيون فى النار . الماركسيون أراحوا أنفسهم فلا جنة عندهم ولا نار . أما و بالله التوفيق و بعد بحث حثيث اتضح أن الكفر و الإيمان مسألة نسبية ، فما يعتبره أهل حارة الغُبْش كفرا ، تجده فى حارة الوسعاية المجاورة من صحيح الدين. لذا كان لزاما علينا أن نذكر قول الإمام محي الدين بن عربي ، حينما سئل من المؤمن و من الكافر يا إمام . فقال : لا يدرك المؤمن من الكافر حتى يموت و يغيب فى قبره . فى إشارة واضحة للحديث الشريف " إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما ثم علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع برزقه وأجله وشقي أو سعيد فوالله إن أحدكم أو الرجل يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير باع أو ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعين فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها" فالجنة و النار من ممتلكات الإله حصريا ، ولا أحد يدخل أحدا أو يخرجه مما لا يملك . ففى المعتقد الإسلامي نجد المسيحيين كفارا من أهل النار ، لكنه أيضا فى المعتقد المسيحي نجد المسلمين كفارا من أهل النار و هكذا تسير حركة المعتقد فى كافة الأديان التى تؤمن بالبعث و الخلود و الجنة و النار . من ليس من ديني فهو كافر . لكن كيف يكون التعاطي مع هذه المسائل العقائدية ؟ هنا يظهر رقي المجتمعات أو عدم رقيها فى كيفية تسيير الحياة رغم وجود إختلافات جذرية فى المجتمع الواحد حيال العقيدة . فالكفر و الإيمان و الجنة و النار من المفترض أنها من القضايا التي سيحاسب الإله عليها مع نهاية الكون و المثول للحساب و الإثابة أو العذاب ، ولأننا مازلنا فى الحياة و لا يحاسبنا الإله حساب الآخرة ، فمن الضرورة أن نحترم بعضنا البعض . لا نسفه من معتقد الآخر ولا نقلل من قيمته جزاء لمعتقده ، وإلا دخلنا فى دائرة مفرغة من الصراعات الجدلية الخاوية على عروشها من الفكرة إلى المضمون. تلك الصراعات التى تدفع بالمجتمعات نحو التفكك و الإنهيار . قد يعترض البعض و يرى فى ذلك قصورا فى الدعوة لدينه . لكن الدعوة الذكية ليست فى إظهار سيئات غيرك بقدر ما هي التنوير بإيجابيات دينك . هل يفيد مثلا إذا خرجت داعيا إلى دينك فى مجتمع بلا عقيدة و راح الداعية المسلم يكيل للمسيحية أو يكيل المبشر المسيحي للإسلام ؟ هنا نكون بصدد " شرشحة " لا دعوة . أما الدعوة الحقيقية قائمة على التعريف بجماليات دينك لا بسلبيات الآخر . لن يفيدني كثيرا أن أقول للمسيحي أنت كافر . بل يجعلنى أكثر إقناعا حينما أذكر له نقاط إيجابية بمنطق عقلاني يدفعه إلى البحث فيما أطرح ، والعكس لا ننفيه عن المبشر . فربما يقول أحدهم أنه لا يجوز للمبشر أن يعمل فى بلاد المسلمين . بنفس المنطق لا يجوز للداعية أن يعمل فى بلاد المغايرين . لا أرى بمعتقدى تجاه هذه الرؤية . بل أذكر واقعا مفروضا وقناعات عقلية عند المختلفين عقائديا ، يفكرون فيها و يؤمنون بها . ببساطة شديدة سيقول لك : ما أفضليتك عنى حتى تدعو فى بلادي ولا أبشر فى بلادك ؟ فإذا ما أخذتك العنصرية تجاه دينك ، فستلجأ حتما إلى فكرة القهر لفرض رؤيتك ، و بهذه الفرضية سنكون قد بنينا جسرا للحروب لا السلام بين المجتمعات التى قال عنها الله تعالى " وجعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا " لا لتنافروا . و من المفترض أيضا أن الدين الأقوى و الأجدر بالإتباع هو الذي يفرض نفسه بما يقدمه من أفكار تقدمية . فلما يخاف المسلم من التبشير و لما يخاف المسيحي من الدعوة ؟ من يثق فى دينه لا يخشى ملايين الدعاة أو المبشرين . فقط نؤمن بأن الحياة تتسع للجميع و أن الكفر و الإيمان قناعات ذاتية عند البشر و بأن الجنة و النار من ممتلكات الإله حصريا . فلا تشاركوا الله فى ملكوته . لسنا مأمورين بإعمار الجنة ، لككنا مأمورون بإعمار الحياة ولا إعمار دون ترابط بين البشر ولا ترابط إلا باحترام المختلف معك عقائديا ، وفى النهاية كل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه . هكذا قال القرآن العظيم . فكونوا دعاة سلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل


.. 106-Al-Baqarah




.. 107-Al-Baqarah


.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان




.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_