الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعوب السكيزوفرينيا لا علاقة لها بالتسامح

محمد المشماش

2015 / 3 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


"قد أختلف معك في الرأي ولكني على استعداد لأن أموت دفاعاً عن رأيك"
عبارة فولتير الأشهر التي سبقت أوانها بكثير يمكن أن تجد هذه العبارة او تعثر على معناها في جل كتابات فولتير لنقل هي فلسفته في الحياة القابلة للتسامح و الرافضة لكل أشكال التعصب الديني و المذهبي,حينما تقرأ كتابه"رسالة في التسامح"التي نشرها سنة 1763 ينكشف لك فضاعة الوحش الضاري الذي كان ينكل بالشعوب الأوروبية خلال القرون الوسيطة التعصب باسم الدين,فهذا الكتاب الذي اعتبره البعض إلى جانب "رسالة في التسامح"التي ألفها جون لوك الإنجيل الجديد لأوروبا,أو الإنجيل الحقيقي لمبدأ تقبل الاخر كيف ما كان معتقد هذا الاخر رغم الاختلاف يبقى إنسان مثلي فكيف لي أن لا أحترمه.
عرض فولتير في كتابه مجموعة من الوقائع و الامثلة التي تبرز التعصب و الاضطهاد الذي يمارس باسم الدين و من بين هذه الوقائع حادثة وقعت قبل صدور كتابة بسنة,فضيحة اهتزت لها كل القلوب الرحيمة بل وحتى القلوب التي لا يشملها العطف الالهي,اقترفت باسم حماية الدين المسيحي الكاثوليكي في مدينة "تولوز" الفرنسية جريمة ذهب ضحيتها جون كالاس التاجر البروتستانتي الذي عذب أشد أنواع التعذيب لكي يعترف بجريمة لم يقترفها,و كيف له أن يقر بأنه قام بشنق ابنه البكر الذي لازال يتحسر و يذرف الدموع على فراقه,كان "جون كلاس" تاجرا يدين بالبروتستانتية هو و عائلته الصغيرة المكونة من زوجته و ابنين و ثلاث بنات,الابن البكر اعتنق الكاثوليكية و رغم خروجه عن ديانة الأب إلا أن هذا الأخير اقتنع بالأمر و لم يزعجه تحول ابنه البكر عن معتقد الأسرة,لكن ما سيحدث هو أن الابن "مارك أنطوان" قام بشنق نفسه نظرا لأنه لم يكن راضيا عن حياته لأنه أفلس جراء تعاطيه للقمار,بالإضافة إلى فشله في الوصول إلى ما كان يصبو إليه,و لأن الابن المنتحر "مارك أنطوان" كان يدين بدين غالبية سكان تولوز. تعالت الأصوات في المدينة تتهم الأسرة البروتستانتية بقتل ابنها لأنه ارتد عن دينهم,مما اضطر بجهاز القضاة في ذلك الوقت بالحكم على الأسرة بالإعدام أمام الملأ,رغم عدم وجود أي دليل يؤكد على أن الأسرة قتلت ابنها شنقا,بعد مداولات بين هيأة القضاة تم إعدام الأب و نفي الابن الأصغر و حرمان الأم من بناتها الاتي حجرن داخل دير من الأديرة,رغم أن الأسرة بريئة من دم ابنها التي ضمته إليها رغم ارتداده عن دينها.
في هذه الجريمة التي اقترفت باسم الدين يوضح فولتير ضرورة تجاوز الصراعات الجوفاء التي تقوم باسم المعتقد,و مجاولة تحكيم العقل لتفادي الفتن و الاقتتال و الاقصاء الذي يمارس باسم الدين,هذه المقالات و الرسائل التي أخرجت أوروبا من عصر الظلمات التي كانت ترزح تحت وطأته لعدة قرون,بهذه الصيحات استطاع الغرب التخلص من وحش الأنانية و المصالح الذاتية و النزعات الفردية التي تركت رائحة التعذيب و الدم وراءها لأسباب تافهة لا علاقة لها لا بالدين و لا بالواقع,سببها أغبياء و معتوهين استغلوا الدين لأمور شخصية.
فأين نحن من هذا يا ترى؟الفرق هو ببساطة نعيش في مجتمعات السكيزوفرينيا,مجتمعات اللاعقل,التخلف,لا مكان فيها للكلمة الحرة,نعيش التناقضات يشتي أشكالها,العربي هو الإنسان الذي يستطيع العيش بألف وجه,هو الذي يخال نفسه الكل مع أنه لاشيء,في المجتمعات العربية لازال القتل باسم الدين تقربا إلى الله حتى من داخل الدين الإسلامي(السنة و الشيعة),لا زالت المرأة الة للإنجاب,لا زال شبح التكفير يرخي علينا بظلاله الوارفة,لازال القتل و التعذيب بل و حتى الرق و استعباد النفوس التي خلقها الله حرة باسم الدين,كل من له كبث دفين نحو الإنسانية يمارسه باسم الدين,يوزع النبوءات,ويمنح الجزاء و العقاب و الجنة و النار لمن يشاء و كأنه وكيل الله في الأرض,.........خلاصة القول مجتمعات السكيزوفرينيا لا علاقة لها بالتسامح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا