الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقطوعات الرؤوس والوجوه

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2015 / 3 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أصبحت الصورة أشد بشاعة من الحقيقة فى هذا الزمن القائم على الصور، هل يمكننا التعرف على إنسان ليس له رأس أو وجه؟ لكن الحزب السلفى وأغلب الأحزاب السياسية المصرية ومنظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان، أصبحوا لا يرون إلا رءوس الرجال، مسلمين أو أقباطا، وحقوق الإنسان (فى نظرهم) لا تشمل حقوق النساء، وإن حصلوا على الدكتوراه فى تحرير المرأة، تظل صورتها راسخة فى وجدانهم منذ الطفولة، منذ رسمها مدرس الدين على السبورة، على شكل ضلع أعوج أو جسد بغير رأس، وإن ظهر للمرأة "رأس" فهو عضو شاذ، يجب قطعه أو إخفاؤه، امرأة تعجز عن الدفاع عن حق رأسها فى الوجود هل يمكنها الدفاع عن شىء آخر؟
امرأة ليس لها وجه يميزها عن ملايين البشر، كيف يمكنها أن تكون عضوة فى حزب سياسي، تواجه خصومها السياسيين، وتدافع فى البرلمان عن حق الآلاف من الرجال والنساء فى دائرتها لامتلاك رءوسهم؟
الصحف، يوم 26 فبراير 2015، نشرت صور "كارنيهات" لعضوات الحزب السلفى بغير رءوس أو وجوه، والمانشيت يقول: سمح حزب النور السلفى لأول مرة لعضواته بالحصول على كارنيهات عضوية وكانت محظورة من قبل لكن مكان رأس المرأة مساحة خالية.
إن قطع رأس المرأة المسلمة فى صور الحزب السلفي، لا يقل بشاعة عن قطع رأس الرجل القبطى فى فيديو داعش، أو تحطيم آثار العراق فى الموصل، وترتفع الأصوات منددة بما حدث للأقباط وللتماثيل الأثرية، فلماذا لا نسمع صوتا يندد بما يحدث للنساء فى الحزب السلفى؟ وهؤلاء النساء لماذا لا يدافعن عن حقوقهن وكرامتهن؟ لا شك أننا نعود الى الوراء قرونا، رغم أربع ثورات كبيرة (وليس ثورتين اثنتين): ثورة 1919، ويوليو 1952، ويناير 2011 ويونيو 2013) وفى كل ثورة طالبت الملايين بالعدالة والحرية والكرامة لجميع المواطنين نساء ورجالا مسلمين وأقباطا كيف أجهضت هذه الثورات؟ والدستور الذى يمنع تكوين أحزاب دينية هل أصبح حبرا على ورق؟ كيف تخالف الدولة الدستور وتسمح بوجود حزب النور السلفي، رغم أنه بؤرة لأكثر المفاهيم تخلفا، إذ يقوم على فكرتين متناقضتين:
1 - إن الرجل يعجز عن التحكم فى شهوته إن رأى امرأة عابرة، ولهذا يجب تغطية جميع النساء؟
كانت العدالة تقتضى تغطية عين الرجل الفاسد أخلاقيا وليس تغطية كل النساء.
2 - إن المرأة ناقصة عقل ولهذا يحق لزوجها السيطرة عليها وتأديبها بالضرب إن عصت أوامره، واجبه الإنفاق عليها، بشرط الاستمتاع بها، فإن عجزت لا ينفق، وإن مرضت يتولى أهلها علاجها، لعجزها عن إمتاعه فى أثناء مرضها، وإن ماتت لا يدفع ثمن كفنها أو تكاليف دفنها، لانعدام شرط الاستمتاع بها بعد موتها، ومن حقه أن يطلقها فى أى لحظة حسب مزاجه، وأن يتزوج أربع نساء فى وقت واحد، هذه عينة من الأفكار السلفية المتناقضة المهدرة لكرامة المرأة والرجل معا، فكيف يعجز الرجل عن التحكم فى شهوته الى حد إخفاء النساء تحت النقاب أو الحجاب؟، ثم كيف ينقلب هذا الضعيف أمام شهوته ليصبح الأقوى الذى يؤدب النساء ويضربهن؟
وكيف تنقلب هذه الضعيفة الناقصة عقلا لتكون الأقوى القادرة على التحكم فى شهوتها فلا يفرض على الرجال الاختفاء تحت حجاب؟ هذه أسئلة بديهية لأى عقل يفكر لكن الأنظمة التعليمية أصابت عقولنا بالعقم والعجز عن التفكير، ورؤية التناقضات الصارخة التى تمر أمامنا، ومنها تناقضات الدولة نفسها، وضياع هيبتها وعجزها عن تنفيذ الدستور والقانون؟
لعب الحزب السلفى دوره السلبى فى لجنة الخمسين، تخاذلت جميع القوى السياسية داخل هذه اللجنة أمام هذا الحزب، وقررت النص فى المادة الثانية من الدستور، على أن دين الدولة هو الإسلام، رغم أن الدولة ليس لها دين، والأرض والوطن لجميع المواطنات والمواطنين وليس فقط للذكور المسلمين.
هل تحتاج الحكومات المصرية دائما لغطاء دينى يحميها من الشعب؟ العريق فى حضارته النابعة من العقل والعدل للحكيمات معات وإزيس وسخمت؟ وقد نجح هذا الشعب فى التخلص من الاستبداد السياسى والدينى معا، فهل تسعى الدولة الآن لإجهاض ثورته عن طريق الحزب السلفى؟
وكيف تتراجع الدولة عن قراراتها وتسمح لهذا الحزب بالصعود الى منابرها وإطلاق أفكاره المعادية للعقل وللنساء والأقباط؟
كيف توافق الدولة وأحزابها ونخبها ومجتمعها المدني، على دخول هذا الحزب السلفى (غير الدستوري) الى البرلمان الجديد، بنسائه المبتورات الوجوه المقطوعات الرءوس؟ وما الفرق بين أفكار هذا الحزب والتنظيم الداعشي؟ تقول مانشتات الصحف، فى أول مارس 2015، إن تنظيم داعش فرض ارتداء النقاب على النساء فى المناطق الخاضعة لسيطرته داخل ليبيا، كما حرموا سير النساء دون محرم، وإلا كانت عقوبتهن الجلد؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا يستقيم الظل والعود أعوج
أنيس عموري ( 2015 / 3 / 4 - 00:48 )
ما أروع كلامك سيدتي: -إن المرأة ناقصة عقل ولهذا يحق لزوجها السيطرة عليها وتأديبها بالضرب إن عصت أوامره، واجبه الإنفاق عليها، بشرط الاستمتاع بها، فإن عجزت لا ينفق، وإن مرضت يتولى أهلها علاجها، لعجزها عن إمتاعه فى أثناء مرضها، وإن ماتت لا يدفع ثمن كفنها أو تكاليف دفنها، لانعدام شرط الاستمتاع بها بعد موتها، ومن حقه أن يطلقها فى أى لحظة حسب مزاجه، وأن يتزوج أربع نساء فى وقت واحد، هذه عينة من الأفكار السلفية المتناقضة المهدرة لكرامة المرأة والرجل معا-.
مع ذلك يجب التنويه من جهتي إلى أن -الأفكار السلفية المتناقضة المهدرة لكرامة المرأة والرجل معا- هي أفكار السلف (الصالح) ولا يستقيم الظل والعود أعوج. ورأس الأفعل أولى بالضرب (حاشا الأفعى كحيون).
أما قول: -ومنها تناقضات الدولة نفسها، وضياع هيبتها وعجزها عن تنفيذ الدستور والقانون؟-، فحبذا لو امتنعت الدولة نهائيا عن تطبيق هذا الدستور حتى لا نجد أنفسنا في محنة حقيقية مع تفعيل مادته الثانية. فحتى الغنوشي (المتفتح) قال مرة بأنهم ليسوا في حاجة إلى دستور إسلامي جديد، يكفي تفعيل هذه المادة.
تحياتي


2 - عربيات بدويات مختتنات
على سالم ( 2015 / 3 / 4 - 03:05 )
الواقع يقول ان الاسلام ماهو الا فيروس قاتل وميكروب عفن والواجب الخلاص منه


3 - المشكلة في المرأة الصامتة
Duaa ( 2015 / 3 / 4 - 08:25 )
أتمنى ان أكون مثلك قويه لا تخافي تقولي كلمة الحق ، المشكلة المرأة العربية صامته وهي ترى في نفسها عوره وبالتالي تربي مجتمع كامل على هذا المعتقد ، نحن بحاجه الى ثوره فكريه. عزيزتي دكتور نوال السعداوي كالعادة متألقة في كل شي


4 - سيمون دو بوفوار المصرية
عاد بن ثمود ( 2015 / 3 / 4 - 17:41 )
سيمون دو بوفوار المصرية

Simone de Beauvoir

و نوال السعداوي

وجهان لعملة واحدة، و لكم أعتز بتواجد
Le deuxième sexe
و دراسات عن المرأة و الرجل في مجتمعنا العربي
على رفوف مكتبتي المتواضعة.
المرأة المصرية فازت بقصب السبق في فرض حقها في أن تكون ناخبة قبل أن تفوز به المرأة الفرنسية التي تنتمي لبلاد مهد حقوق الإنسان، و هذا ما يجهله الكثيرون منا.
الشيء الذي لا تستوعبه خلايا دماغي هو كيف للمرأة المسلمة أن ترضى لنفسها إخفاء هويّتها خلف قناع؟
و ما هو مفهوم العورة ؟
هل الأنف مثلاً عورة ؟
هل الشفتان مثلاً عورة ؟
هل الخدان مثلاً عورة ؟
هل الدقن مثلاً عورة ؟
و لم لا تنطبق صفة العورة على العينين مثلاً ؟
آه نسيت... بعض البراقع التشادورية تضع شبكة على عيني المرأة.
المرأة حسب المفهوم الذكوري لا تكون عورة إلاّ ساعة ممارسة الجنس. حينها يتم إنتهاك كل العورات الأنثوية بكل شبق.


5 - محجوبات الرؤوس وكاشفات العورات
عبد الله اغونان ( 2015 / 3 / 4 - 22:02 )

نعم هناك محجبات

ومبرقعات

ومقنعات

ولكن

هناك هارضات العورات أيضا


6 - محجوبات الرؤوس وكاشفات العورات
عبد الله اغونان ( 2015 / 3 / 4 - 22:03 )

نعم هناك محجبات

ومبرقعات

ومقنعات

ولكن

هناك عارضات العورات أيضا


7 - أجب
عاد بن ثمود ( 2015 / 3 / 4 - 22:25 )
أجب عن هذا السؤال:
هل ممارسة الدعارة مقصورة على فترة نبيك؟


8 - عورة
.ماجدة منصور ( 2015 / 3 / 4 - 23:12 )

ان كم الاهانات التي وجهها القرآن و السنة النبوية للمرأة تفوق ما وجه الى اليهود و النصارى و جميع الكفرة مجتمعون0
ما أتعس هذا الشرق .بنساءه الأشباح..مقطوعات الرؤوس و مشوهات الشعور..كيف سيستقيم حالنا عندما نرى نساؤنا تختفي خلف جلباب و نقاب و هي تشعر في قرارة نفسها أنها عورة!!!!0
احترامي أستاذة


9 - جب
عاد بن ثمود ( 2015 / 3 / 5 - 05:48 )

سوف أتفرغ للإجابة عليك و على الطائفة التي تليك بعدما تجيب على سؤالي.


10 - جب
عاد بن ثمود ( 2015 / 3 / 5 - 06:22 )

سوف أتفرغ للإجابة عليك و على الطائفة التي تليك بعدما تجيب على سؤالي.

اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس