الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفقا بالشيزوفرينيا ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 3 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


رفقا بالشيزوفرينيا ..
نشر الأستاذ محمد المشماش مقالة في الحوار بعنوان : " شعوب السكيزوفرينيا لا علاقة لها بالتسامح" ، وهذا رابطها :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=457779
تحدث فيها مشكورا عن غياب ثقافة التسامح في المجتمعات العربية والمسلمة ، وذلك مُقارنة بالشعوب التي "تجلس " على عرش الحضارة ، بدءا من فولتير وجون لوك . ولم ينسَ الأستاذ ، أن يُشير إلى الفترة التي سبقت فولتير ، وهي فترة "إصطياد " الساحرات ، وإتهام كل من يُخالف الكاثوليكية بشتى انواع التهم ، بما في ذلك قتل الأب لإبنه ، لمجرد أنه يعتنق "دينا " مُخالفا ..
ليس لي من تعليق سوى الإطراء على ما أوردهُ الزميل العزيز ، لكنني توقفتُ عند إختياره لوصف الشعوب العربية والإسلامية ، وكان توقفي هذا مدفوعا بحب إستطلاع عن كيفية تحول الشعب إلى شيزوفريني ولو على سبيل المجاز .
وبما أن الزميل ، يُجري من خلال ما كتبهُ مقارنة بيننا وبينهم ، وكيف تتجلى عوارض الشيزوفرينيا من خلال الفروق بيننا ، كتب ما يلي : " الفرق هو ببساطة نعيش في مجتمعات السكيزوفرينيا,مجتمعات اللاعقل,التخلف,لا مكان فيها للكلمة الحرة,نعيش التناقضات يشتي أشكالها,العربي هو الإنسان الذي يستطيع العيش بألف وجه,هو الذي يخال نفسه الكل مع أنه لاشيء " .
وعوارض الشيزوفرينيا ، كما يتضح ، وبكلمات الزميل هي "اللاعقل ، التخلف ، قمع حرية التعبير ، تعدد الوجوه ، الحياة مع التناقضات ، وجنون العظمة " ..
ولكن الشيزوفرينيا هي مرض نفسي صعب جدا ، تنقسم عوارضه إلى قسمين رئيسيين ، الأول وهو ما يُطلق عليه العوارض الإيجابية ، والتي تتجلى بسماع أصوات أو رؤية أجسام واشخاص أو أفكار مشوشة ، ولا تربط هذه العوارض أيه صلة بالواقع ..
أما القسم الثاتي من العوارض فهي العوارض السلبية والتي تظهر على شكل إهمال للذات (من ناحية النظافة الشخصية واللباس والمظهر الخارجي ) ،الإنعزال ، عدم بناء علاقات إجتماعية وما شابه ذلك .
وبما أنه ليس من أهدافي في هذه العجالة تقديم شرح علمي مفصل عن مرض الفصام (الشيزوفرينيا ) والذي يختلط عند عامة الناس مع أحد إضطرابات الشخصية النادرة ، وهو تعدد الشخصيات ، فيخلطون هذا بذاك..
نعم أنا واثق بأن الزميل إستعمل الشيزوفرينيا في سياق مجازي ، ليُظهر لنا ربما الوضع الصعب الذي وصلت إليه شعوبنا ، وربما أراد القول بأن لا أمل في شفائها من هذا المرض ..!!
وبودي أن أطرح بعض الأفكار بخصوص الشيزوفرينيا وملابساتها المجازية في الكتابة ..
أولا : العوارض التي تحدث عنها الزميل ليست عوارض الشيزوفرينيا .
ثانيا : التسامح ، هي ثقافة مُكتسبة وليست عضوية كالشيزوفرينيا .
ثالثا : اللاعقل ، أو غياب العقل ، ليس له علاقة بالشيزوفرينيا ، وقد يكون له علاقة بالتخلف العقلي ( مع إعتراضي على عدم دقة المصطلح ) .
رابعا : قمع حرية التعبير ليست لها أية علاقة بالفصام ، فهي "بنت " لِبُنى وأنظمة سياسية ، وثقافة مجتمعية.
خامسا :كل المجتمعات البشرية والأفراد، يعيشون تناقضات معينة ، ويُحاولون إيجاد الحلول لهذه التناقضات والصراعات ، بأليات حل الصراعات ، سلمية كانت أم بالقوة العسكرية .
سادسا :تعدد الوجوه : قد يكون إضطراب تعدد الشخصيات ، لكن في الحياة الطبيعية ، فكل إنسان يُمارس حياته ، ويختلف سلوكه بناء على الوظيفة الحياتية التي يُؤديها . فمثلا سلوكي كأب ، يختلف عن سلوكي كمدير في العمل ، ويختلف عن سلوكي مع أصدقائي ومع زوجتي ومع أخواتي وإخوتي . فإختلاف السلوك من "وظيفة "حياتية إلى أُخرى ، يدلّ على مرونة في التأقلم مع الوظائف الحياتية المُتعددة التي يؤديها الإنسان ، ذكرا أو أُنثى .
سابعا : جنون العظمة ، رغم أنه وفي بعض الأحيان ، ونتيجة للهلوسات السمعية والبصرية التي يُعايُشها مريض الفصام ، يسمع أصواتا تُنبئُهُ بأنه المسيح المنتظر، فهو لا يعتبر نفسه عظيما لأنه يعتقد ذلك ، بل لأنه "تلقّى " وحيا يأمُرُه بذلك .
لكن هناك أشخاص يُصابون بجنون العظمة ، ويُشجعهم المحيط على هذا الشعور ، كالقذافي مثلا ، وبعض الزعماء العرب والدكتاتوريين في كل مجتمع وثقافة (هتلر على سبيل المثال ) ..
لكن عامة الشعب تشعر بأن لا قيمة لها ، وهذا شعور مُعاكس لشعور العظمة طبعا ..
ثامنا : لا علاقة البتة بين التخلف العلمي والحضاري بالشيزوفرينيا
هل نستطيع الإستنتاج بأن الشعوب العربية والإسلامية لا تُعاني من شيء ؟؟ بالطبع لا ، فالثقافة السائدة والمُتحكمة تفرض أنماطا سلوكية وفكرية مريضة ، لكنها ليست مريضة بالشيزوفريتيا قطعا .
لأت الممُصاب بالشيزوفرينيا "يجمح " بفكره وخياله إلى أبعد مما يستطيع الشخص العادي ذلك ، وحينما يلتقي الجموح الفكري بعبقرية الإبداع ، نحصل على "فان كوخ " مثلا . وهناك بحث شيق صدر في كتاب بالعبرية ، بعنوان "الجنون والعبقرية " ، قد أستعرض بعض العباقرة المجانين الذين تحدث عنهم الكتاب.
وأخيرا ، أدعو الجميع إلى عدم "الزّج " ، بأصحاب الإحتياجات الخاصة في الخلافات الفكرية .
فالذين يُعانون من الشيزوفرينيا ، التخلف العقلي ، الإعاقات الجسدية على أنواعها ، لهم الحق بالحصول على الإحترام ...
فالشيزوفرينيا ليست شتيمة أيها السادة . وأنصح بمشاهدة فيلم " بيوتيفول مايند " !!
وعلى عكس "ثقافة " المجتمع التي تحتاج إلى ثورة لإقتلاعها من الجذور ، فالشيزوفرينيا مرض له علاج ، ويُمكن إعادة تأهيل المصاب بالفصام على كافة الصُعد الحياتية ... وبحكي عن تجربة في العمل التأهيلي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حيا الله والناس اصلك ايها العزيز استاذ قاسم
بشارة ( 2015 / 3 / 4 - 20:08 )
فعلا لا حاجة للخلط بين العاهات الخلقية والعورات الاخلاقية
مع انني قرات ان المصاب بالشيزوفرينيا لا يستطيع تخطيط مستقبل(من الاعراض السلبية) الا انني تعرفت شخصيا على مصاب بالشيزوفرينيا استطاع اكمال دراسته في الطب وهنالك فيلم قوي جدا اسمة بيوتيفول مايند, بطولة راسل كرو (بطل فيلم تروي والجلادياتور) يحكي قصة عالم الرياضيات ومكتشف نظرية اللعب الرياضية والحائز على جائزة نوبل في الخمسينيات, جون ناش وقد اصيب بمرض الفصام ومع هذا دفع الجنس البشري باسره خطوة الى الامام بعد مرضه
اما قصتنا نحن العرب فهي قصة سوفتوير وليست قضية بنيوية - هاردوير - كما اوضحت حضرتك
اثار فضولي هذا الكتاب الذي ذكرت...فيا حبذا لو اطلعتنا عن محتواه وخلاصته لو تكرمت

يحضرني مشهد لغوار (العبقري دريد لحام) على ما عتقد في مسلسل حمام الهنا. راته فطوم ينزل من غرفته مرتين على التوالي دون الرجوع الى الغرفة وقد علل حسني بيك البورازان النادرة وسط ذهول الخانوم فطوم حيص بيص, بان غوار مصاب بانفصام الشخصية هههههه وايضا هذا المشهد الفكاهي رسخ الالتباس بين تعدد الشخصيات والفصام النفسي

تحياتي الخالصة ومودتي


2 - باح الخير بونجورنو
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 3 / 5 - 05:49 )
العزيز بشارة يصبحك بالخير
شكرا على التعليق المرح
والى لقاء


3 - الWasaa Aouamعزيز
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 3 / 5 - 18:03 )
من خانة الفيسبوك
تحياتي وشكري
ومع الاسف فأنا لا أجيد الفرنسية ؟؟!!
مع مودتي

اخر الافلام

.. طارق متري: هذه هي قصة القرار 1701 بشأن لبنان • فرانس 24


.. حزب المحافظين في المملكة المتحدة يختار زعيما جديدا: هل يكون




.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف الأسلحة نحو إسرائيل ويأسف لخيارا


.. ماكرون يؤيد وقف توريد السلاح لإسرائيل.. ونتنياهو يرد -عار عل




.. باسكال مونان : نتنياهو يستفيد من الفترة الضبابية في الولايات