الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطرف بين المقاربة الأمنية والعلمية

محمد أحموم

2015 / 3 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وراء الستار حرب ستشتعل, لكن السؤال المطروح هل حقا يمكن القضاء على داعش ؟أو بصيغة أدق هل يمكن القضاء على الفكر الجهادي في العالم بالقضاء على داعش التي تمثل نقطة من فيض؟
يستعد المجتمع الدولي لدق طبول حرب جديدة سماها الخبراء بحرب عالمية ثالثة لأن ما يجعل الحرب حربا عالمية كما هو معروف هو تكتل دول من مختلف القارات على كيان واحد أو دولة واحدة,وهذا ما ينطبق على هذه الحرب التي نتظرها في صيف هذا العام لأن جميع المؤشرات الدالة على قرب اندلاعها قد نضجت ,حرب سيكون العراق وسوريا أساسا بؤرتيها ومدينة الموصل بالتحديد التي تعتبر من أهم المدن التي سيطر عليها "داعش في العراق التي لها دلالة لدى التنظيم .
لكن السؤال المطروح هل حقا يمكن القضاء على فكر عودنا على إلقاء السلاح إن أخترق عسكريا لينهج نهجا آخر الذي هو العمليات الإنتحارية التي يعتبر الفكر الجهادي الفكر الوحيد في العالم الذي يجعل من هذا التكتيك الحربي استرتيجية لإستنزاف العدو,الفكر الذي فشلت الولايات المتحدة في دحره وهزيمته بأفغانستان والتي شاهدنا اعترفها الأخير بطالبان وفتح قنوات تفاوض قطر آخرها؟
هل يمكن القضاء على هذا الفكر الجهادي بالمقاربة العسكرية-الأمنية مع العلم أن الأجهزة الأمنية الغربية رغم حالة الإستنفار التي لم تكن عليه منذ الحادي عشر من سبتمبر وها هي التقارير الأمريكية تتوقع الاسوأ في الايام القادمة ؟
ما يميز ظاهرة التطرف أنها ظاهرة تنتجها حقائق دينية نصية أو اجتهادات علماء دين معلومين لها الشرعية في المخيال الجماعي لنسبة كبيرة من الناس خاصة البسطاء منهم لأنها مرتبطة بالإعتقاد الحميمي للإنسان العربي والذي هو الدين الإسلامي .
تفكيك الظاهرة الماثلة أمامنا يستوجب الفصل بين ما يمكن تسميته بالتطرف الناتج عن الوضع السياسي المأزوم وغياب البدائل أي تطرف الإنسان العربي ,وبين تطرف الإنسان المتأزم وجوديا ونقصد تطرف الإنسان الغربي.
تطرف الإنسان الغربي لا تنطبق عليه نفس الشروط الموضوعية التي تنطبق على تطرف الإنسان العربي, لأن الإنسان الغربي لا يعتنق الفكر الجهادي بسبب الفقر والتهميش أو مأزمية وضعه الإقتصادي-الإجتماعي-الحقوقي بل لما يمكن تسميته بالعبث الذي أدخلته إليه مجموعة من الفلسفات ما بعد الحداثية التي أعلنت موت الإنسان , فكما الأنظمة العربية فاشلة في إخراج أبناء جلدتها من وضعية القهر الإجتماعي والتخلف المركب الذي يعيشه مواطينها بسبب الديكتاتورية السياسية التي تميز تصريف السياسات من لدن أنظمتها الحاكمة ,فإن الأنظمة الغربية أيضاعاجزة عن إخراج مواطنيها من ثقافة الإستلاب والإستهلاك من أجل الإستهلاك, مما يغيب أي هدف وجودي لدى الإنسان الغربي, والمطلع على كتابات ما بعد الحداثة سيلاحظ مما ليس فيه أدنى شك أن الإنسان الغربي يخضع لرسالة مشفرة لا شعورية تحاول الإمبريالية العالمية المتوحشة تكريسها وإبقاءها في مخيلته والتي هي "استمتعوا لكن شريطة أن لا تفكروا إلا في الإستمتاع , مما جعل الإنسان الغربي بشهادة جباهدة الفكر يتخبط في حياة عبثية نمطية تجعل أي مغامرة تغريه ,ولو بالسفر إلى مناطق متوثرة في العالم.
أما تطرف الإنسان العربي فالكل بعرف أنه ناتج بالأساس عن استنفاذ البدائل بعد فشل الربيع الديمقراطي بسبب احتوائه من طرف الإمبريالية العالمية,ما كان سبب في اعتناق الكثير للطروحات الجهادية كرد فعل على جمود الواقع السياسي,وهذا ما استغله بالضبط دعاة هذا التفكير التكفيري,ما حدا بالأنظمة إلى نهج سياسات أمنية عسكرية نظن قطعا كباحثيين أنها لن تجدي أمام هذا المد المتطرف بل ندعو من هذا المنبر أن تذوب المقاربة الأمنية في المقاربة العلمية الأكاديمية للموضوع,كي نحيط بمسبباته بالتالي تفادي نتائج قيامه.
يتبين أن الإشكالية التي تواجه المجتمعات الغربية في الموضوع مختلفة عن ما تواجهه نظيرتها العربية من حيث أسباب وعلل الظاهرة.
التطرف في دول العالم الثالث ينتجه الحرمان والقهر , لذلك يكفي القطع مع سياسات الآذان الصماء تجاه الشعوب كي لا نحرق جميعا بحرب ستطل علينا من لاشعور إعتقادنا الجمعي أقصد فقه الجهاد الذي عاد وطفى إلى السطح بسبب السياسات الفاشلة التي تنهجها الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط, السياسات الموجهة بالأساس لحماية آمن إسرائيل من الخطر النووي الإيراني ,و تجنب انهيار اقتصادي محسوم فيه إن أمريكا فقدت

مصالحها في المنطقة التي أصبح التوسع الشيعي الإيراني يلتهمها فآخر الأخبار تقول أن إيران تحتل أربع مدن عربية وهي بغذاذ, دمشق, بيروت, صنعاء, في تهديد مباشر للجنة الأمريكية في الخليج.
نادينا ولازلنا ننادي بضرورة الإستفادة من مقاربة العلوم الإنسانية في مثل هذه المواضيع فظهر للبعض أن دعوتنا دعوة استرزاقية نزقية فقلنا الأيام كفيلة بدحض أو تأكيد كلامنا وها هي ظاهرة التطرف نموذجا إبتلعت السنتنا خوفا من المقاربة الأمنية في الموضوع , أتحمل مسؤولياتي كاملة في القول أن مخرجنا من هذا المازق هو إفساح المجال للعلوم الإنسانية بمناهجها البحثية كي تتعامل ميدانيا مع العينة التي تجسد هذا الفكر من أجل تبيان الشروط الموضوعية لظهوره وقيامه في اوساط شعوبنا ,فالمهم سيكون لنا الشرف على الأقل أننا وضعنا الحقيقة أمام من يتحمل مسؤوليات شعوبنا ,لكن الصيغة التي يجب أن تعود بها العلوم الإنسانية هو أن تتجاوز أولا الطابع الأكاديمي الحالي الذي يتميز بالهزالة في ظل الإشتغال على مواضيع لا تأخذ ملحاحيتها في واقع الإنسان العربي عامة والمغربي خاصة,إلى اشتغال أكاديمي يقطع مع الهامش ويولي اهتمامه لظواهر قد تحرقنا جميعا ناتجة عن وضع سياسي متأزم لا يلبي انتظارات الأفراد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب