الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نتخيل الله رجلا

الطيب عبد السلام
باحث و إعلامي

(Altaib Abdsalam)

2015 / 3 / 5
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ذكرنا في مقالنا السابق بأن معبود اي دين هو القيمة التي تتجسد فيها المعطيات الثقافية و البيئية لذلك المجتمع و ذكرنا ايضاً بأن طبيعة المجتمع الاخلاقية و قيمه الاقتصادية تنعكس اساساً في مواصفات ذلك المعبود.
في حال الحديث عن دين مثل الدين الاسلامي فلا بد لنا من نظرة اكثر عمقاً و اتساعاً للموضوع.
فألاسلام نشاء في مجتمع قبلي مغلق اولاً و تسودُ فيه القيم الذكورية من عنفٍ وقوةٍ وحاجةٍ دائمة لقوة التحمل وذلك الامر ليس عيباً او خطاءً بل هو الحال الطبيعي لمجتمعٍ بدوي صحراوي تتطلب الحياة فيه الكثير من صفات الجلد و الصبر!! وحتى المناخ الصحراوي نفسه القارس شتاءً و الحار صيفاً ادى للحوجة لسيادة القيم الذكورية!! وحياة الرعي نفسها هي الاكثر حوجةً لروح الوحشة و الاستعداد المستمر للقتال و للنزال.
و هذا يبرر لنا عدم الاحتفاء بالانثى!! -الا فيما ندر- لأن الحوجة للانثى في ذلك المجتمع لم تكن بتلك الصورة التي تحتاجها المجتمعات الزراعية!! فظلوا ينظرون اليها على انها عبء من ناحية!! ومتاع محض من ناحيةٍ اخرى ادعى لاثقال الضريبة الاجتماعية على متحمل ذلك المتاع المتمثلةِ في الدفاع عنها و الزود عنها خصوصاً وان الحياة الجنسية لدى القبائل البدوية اقرب لروح الشراسة و التسلط و التملك.
و نسبةً لأن حياتهم نفسها كانت في قلقٍ دائم!! واضطراب مستمر فقد شكلت الانثى العنصر الاثقل في حالات الحرب و الغارات و التجارة!! وان جاز لنا تسميته بالعنصر المتغير المهدد دائماً في نفسه و في نفس صاحبها
وهي عنصر جذب اولاً للاعداء و عنصر مستهلك و عنصر غير فاعل و عاجز في حالات الحروب.
تحضرني هنا و بقوة قصة خالدِ بن الوليد مع مالك بن النويرة حينما ارسله ابابكر الصديق ليأخذ الزكاة من بني ثعلبة قوم مالك بن النويرة بعد ان اشتبه الصديق في ارتدادهم فلما وصل خالد وجدهم مسلمين و لم يرتدوا و قد شهد ابو قتادة بذلك بأنهم اذنوا و اقاموا الصلاة و دفعوا الزكاة و لكن خالداً رائ ام تميم زوجة مالك بن النويرة و قد كانت فاتكة الحسن و الجمال فقتل مالك و اسر بني ثعلبة ثم اخذ زوجته ام تميم و دخل بها.
حتى ان مالك نفسه حينما خرجت ام تميم قال لها : ما اردتي الا قتلي!! او حديث شبيه بذلك.
حتى ان القضية نفسها اغضبت عمر بن الخطاب جداً الذي كان يرى انه لا بد من محاكمةٍ لخالد لولا رفض ابي بكر الصديق و قضائيه بدفع الديات.
هذا تأكيد واضح واضح بأن المرأة تشكل عامل جذب قوي جداً للاعداء و اغوائهم بالغزو!! بل ان محمد نفسه و في حديثٍ مشهورٍ له يقول : عن ابن عباس ان الرسول قال في غزوة تبوك :
" اغزوا تغنموا بنات الاصفر" المرجع : البحر الزخار بمسند البزار 10-13 مسند سمرة بن جندب.
اذاً شكلت الانثى عباءً مجتمعياً ثقيل الوطء على مجتمع دائم الترحال في حالة اضطراب دائم وعدم استقرار
و الاكثر تعرضاً لحوادث القتل و النهب المتبادلة بين القبائل العربية!! وذكرنا في مقالنا السابق بأن وضع المرأة في المجتمع هو التيرموتر الاصدق لموقعه الحضاري و حالته المدنية.
نضيف اخيراً بخصوص هذه الجزئية بأن كارثة السبي لدى القبائل العربية لم تكن متوقفة عند نقطة السبي وحسب او النزع وحسب!! بل ان القضية لها ضريبتها الاجتماعية الباهظة لمن تتعرض اسرته للسبي
فالعار يلاحقه اينما حلَ و اينما كانَ!! و تظل المرأة المسبية منسوبةً اليه مدى الحياة و حتى بعد الممات!!
و هو قد يعرف مكان بنته او زوجته او امه ربما المتعرضة للاختطاف و السبي من دون القدرةِ على اعادتها!
كما ان تجارة الجنس التي كانت مستشرية في نوادي الجنس العربية كانت تثقل اكثر الضريبة الاخلاقية على الرجل! الرجل المرسوم له دورُ معين و صفات معينة ان لم يتحلى بها فلا مكان لهُ في ذلك المجتمع الرعوي.
و اقسى الوصمات و امرها على الرجل كانت هي المرأة سبيةً كانت او مُستأجرةً في نوادي الجنس تلك.
لكل هذه الامورِ و لغيرها كانت المرأة في ذلك المجتمع مواطناً من الدرجةِ الثانية و غير مرحبٍ بها في مجتمعهم لأنها تشكل عباءً اكثر من انها تشكلُ مصدر فائدةٍ و قيمةٍ مضافة حتى ان النص القرأني تحدث عن هذا الامر في قوله تعالى " واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم " و الكثير من الاحاديث الحاضةِ على احتمال تربية الفتاة في المجتمع بصفتها تكلفةً اجتماعيةً باهظة.
مما سبق نتأكد من وضع المرأة في المجتمع و نظرته اليها!! في المقابل كان الذكر هو الاكثر احتفاءً به في تلكم الظروف الجغرافية و الثقافية السائدة.
فهو القادر على الغزو و على الرعي و على التجارة و على اضافة قيمة معنوية اولاً واقتصادية الى المجتمع
و كانت الصفات الفطرية في الرجل هي محل تقدير و تبجيل المجتمع و مصدر يوتوبياه و قيمه العليا.
و الرجل لم تكن تشكل قصة سبيه او قتله وصمةً اجتماعية في حقِ اسرته كما تشكل المرأة!!
و بعودةٍ سريعة الى اول المقالة حيث ذكرنا بأن يوتوبيا المجتمع هي التي تشكلُ مصدر الهامه الفكري
و العقائدي و بما أن المجتمع كانت يوتوبياه تلك متعلقة بالرجل و صفات الرجل و هيئة الرجل!! فأن منتجها الغيبي المتمثل في قيمتها اليوتوبية المعبودة كان لا بد له من الخروج من ثقافةِ ذلك المجتمع و رؤيته.
و اننا لنجد ان القرأن و السيرة في حال حديثهما عن ذلك المعبود "الله" لهي تتحدث عنه بصيغةِ المذكر
و حتى صفاته المتصف بها لهي صفات الرجولة و الذكورة!! فلن نجد اباً اي صفة انثوية ملتحقة بذلك المعبود فلن نجد مثلاً صفة كصفة المُدِرُ او الوسيمُ او الناهدُ او كل تلك الصفات المستحسنة و الملتصقة بالانثى.
سنجدُ ان اغلب الحديث الدائر حوله يجعلنا في لا وعينا نتخيلُ انه رجل.
بل و هنالك بعض الاحاديث المسربة هنا و هناك التي تتحدث عن شكل الله و هيئته في الثقافة الاسلامية
و نذكرُ من هذه الاحاديث التي يلحُ علماء السيرة في نفيها و تكذيبها فقد ورد عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم : رأيتُ ربي في صورةِ امردٍ له وفرة جعد قطط في روضةٍ خضراء"
الحديث اعلاه من كتاب التأسيس في الرد على اساس التقديس- مخطوط لأبن تيمية مجلد 3/241
و في روايةٍ اخرى لذات الحديث : روي عن المعارض عن شاذان عن حماد عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عني النبي صلى الله عليه وسلم قال : " دخلتُ على ربي في جنةِ عدن شابُ جعد في ثوبين اخضرين" عن ذات المخطوطة الموجودة في جامعة الرياض بعمادة شئون المكتبات قسم المخطوطات و المرقمة بالرقم 2590.
وقد اتفق على هذا الحديث جملةُ من ثقاةِ اهل السنة نذكر منهم الامام احمد و الطبراني و ابو يعلى في كتاب : ابطال التاؤيلات و ابن تيمية في كتاب: " بيان تلبيس الجهمية".
ما يهمنا فيما ذُكر اعلاه سواءً اُتفق عليه او لم يُتفق هو معرفة المُتخيل الحسي للمتخيل الغيبي!! الذي توصلنا من خلال تحليلنا للمجتمع و لثقافة المجتمع الى وضعِ ملامحه و صفاته.
الفكرة في ذكر الحديث اعلاه ليست اجراء تصنيف بايولوجي لله!! بل هي محاولة لتشخيص فكرة الالوهية نفسها المرتبطة بالقيمة السيميولوجية للمعبود "الله".
و كما هو معروف لجميع علماء الاركيلوجيا و الميثيلوجيا ان الرحلة السيميائية او الرمزية للفظة "الله" انتقلت الى العرب عن طريق العبرانين الذين كانت لفظة "ايلوهيم" هي مرموزهم للمعبود.
و ايل نفسها لا زالت تعني في لغتنا العربية الى اليوم معنى كلمة عجل!! وهذا قد يعيدنا في رحلة سيميلوجية اطول الى حادثة عبادة العجل المذكورة في القرأن و في العهدين القديم و الجديد او التوراة و الانجيل.
و بتتعبنا لمنشاء اللفظة و معناها فأننا نصل بصورةٍ ادق الى تاريخ ظهورِ المفردة و الثقافة التي انتجت تلك المفردة مما يتعارض اطلاقاً مع فكرة قدوم المفردة من طبق فضائي طائر من السماء و الا لما كنا استطعنا معرفتها او التعامل معها الا في سياغ اتصالها بالانسان و كل ما هو متصلُ بالانسان فهو انساني.
على اي حال فأننا نقول في خواتيم هذا المقال أن الفكرة المتخيلة في اذهاننا عن الله و ملائكته انما هي فكرة ذكورية بحت لطبيعة المجتمع الثقافية و اليوتوبية!! وان النص القرأني و النبوي سعى الى الايحاء احياناً والتى التأكيد احياناً على تلك الصيغة المتخيلة عنه عبر استماتته العظيمة في نفي صفات الانوثة عنه حينما ينفي صفة الولادة عنه في سورة الصمد و صفة الولادة من المعروف انها تلتصق بالمرأة!! و عن ملائكته الذين اخذوا تسميات ذكورية في اجيال الملائكة السريان الاوائل مثل هاروت و ماروت و اجيالهم العربية اللاحقة مثل مالك ملاك النار و رضوان ملاك الجنة!! اخيراً نقول
لو اننا اتينا بفأر و قلنا له تخيل الاهك فأنه سوف يتخيله على شاكلته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ناقصين
نيسان سمو الهوزي ( 2015 / 3 / 5 - 06:58 )
هو احنا ناقصين مشاكل حتى تفتح لنا مصيبة جديدة !!!خليها مستورة سترك الذكر !!!


2 - المسلمون يؤمنون بأنه ليس كمثله شيئ
عناد الشمري ( 2015 / 3 / 5 - 07:24 )
تحياتي
صديقي الحجاز ليس صحراء جرداء وخياما بل بنيان ومزارع وعمارة وآثار الطائف ومكة والمدينة وخيبر وغيرها
الإسلام قاطع بمسألة الإله : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
ذكرت ونقلت عديد روايات وسبق لغيري تفصيل الرد عليها
ثقافة أي مجتمع تنبع من أحوال معاشه وواقعه هذا صحيح لكن هل الإسلام تحدث مثلا عن تجسد الإله بإنسان ليصلب كفارة عن خطايا البشر مثلا وهو أساس إعتقاد أولئك ؟!!
صديقي عذرا أخطأت العنوان ولمن توجه رسالتك
تحياتي.


3 - هل يسوع ذكر أو أنثى؟
عقلاني ( 2015 / 3 / 5 - 09:10 )
هل يسوع ذكر أو أنثى؟ هل يهوه ذكر أو أنثى؟ هل برهمان ذكر أو أنثى؟ هل شيفا ذكر أو أنثى؟ هل براهما ذكر أو أنثى؟.


4 - هل الله رجل
سمير ( 2015 / 3 / 5 - 23:14 )
حسنا لقد شطب تعليقي الاول فارجو ان لا يشطب هذا ايضا....انى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة...الانعام 101. هنا يشير القران الى ان الله رجل , فهو ليس لديه ولد لان ليس لديه صاحبة! كما ان في حديث المعراج فان محمد تحدث الى الله وجها لوجه وفي كل مرة يطلب منه ان يخفض عدد الصوات, هنا رجل يتحدث الى رجل. احترامي


5 - المراة
جابر بن حيان ( 2015 / 3 / 6 - 00:11 )
كما ان هذا الاله الذكر اول ما خلق خلق ادم على هيئته والانبياء والرسل الذي ارسلهم كلهم من الجنس الخشن واعطى للرجال اربع نسوة وما ملكت يمينهم وشبه المراة بالغائط حينما قال اذا لامستم النساء او جاء احدكم من الغائط اي انه جعل المراة اقل شانا من الرجل رغم انه بدونها لن يعرف الوجود


6 - رد
الطيب عبد السلام ( 2015 / 3 / 6 - 01:19 )
فيما يخص نيسان فلا اعتقد ان تعليقا كتعليقك يجدر بك نشره في موقع تنويري كالحوار المتمدن المعني بكشف زيف كل تابوه و مقدس

2
الاخت عناد الشمري كل البراهين و الادلة الموجودة في القرأن تجعلنا نستنتج الجنس الرمزي للمعبود و لفظة ليس كمثله شئ انما هي دلالة داخل دلالة المستنتج البايلوجي لجنس الاله

3
الاخ عقلاني فيما يخص يهوه و هو النسخة الاقدم من الله فهو دون شك ذكر
لكنني لا اعرف ما هي الجذور السيميلوجية لشيفا و براهما لعدم تعمقي و دراستي في الاديان الهندية او الشرق اسيوية عموما

4
اشكرك سمير على هذه الاضاءة القيمة- محبتي


7 - اذا كان الله خالق البشر في كل مكان؟
جلال يةسف ( 2015 / 3 / 6 - 04:17 )
عزيزي الاستاذ كاتب المقال
كثير من المفكرين يتفقون كان هناك حقبة في التاريخ كانت السيادة للمراة
وبما ان الله هو خالق البشر في كل ارجاء البلدان سواء الموجودون في الصحراء والاماكن غير الصحراء وبا ان الله هو واحد فهل بامكانك ات تقل لي هل الله المناطق الخصبة والمتوفرة بها المياه العذبة والطعام الوافروالمراءة فيها متسيدة لم الله لا يكون انثى.


8 - أنا ذكر رجل
عناد الشمري ( 2015 / 3 / 6 - 06:13 )
أولا أنا ذكر ولست أنثى وزميل لك في الموقع
ثانيا أخبرني ما الفرق بين عصرنا هذا وعصور الرسالات والنبوة ؟!!


9 - تعليق
الطيب عبد السلام ( 2015 / 3 / 6 - 15:21 )
1
ا : جلال يوسف : الله و يهوه او ايلوهيم سابقا ليس هو الخالق الوحيد بل هو معبود الديانات الابراهيمية الثلاث و لا يمثل اي شئ بالنسبة لديانات الهلال الخصيب الامر فهو عملة غير سارية لديهم و الاهم هو لا صوابية قولك و حتميته بأن الخالق المطلق هو الله لأنه افتراض غير علمي البته

2
الاخ نيسان : قمت بمسح ردك و التبيلغ عنه لاساءتك الادب و الاحترام.

3
عفوا الاخ عناد و سعيد بمعرفتك..
الفرق بين القرن السابع الميلادي و القرن الواحد و العشرين يا صديقي هو مثل الفرق بين اشخاص يسكنون غابات الامازون خارج حركة التاريخ و الحضارة و بين اشخاص اخرين يسكنون في سويسرا

اخر الافلام

.. لهذا قُتلت لاندي جويبورو التي نافست على لقب ملكة جمال الإكوا


.. الدول العربية الأسوأ على مؤشر المرأة والسلام والأمن




.. إحدى الطالبات التي عرفت عن نفسها باسم نانسي س


.. الطالبة التي عرفت عن نفسها باسم سيلين ز




.. الطالبة تيا فلسطين