الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منطق الإيمان مقابل ما يسمى بالحرب الدينية

عماد صلاح الدين

2015 / 3 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



كل الأديان السماوية الحقة، في جانبها العقدي الإيماني، أو في جانبها التشريعي|، أو التوجيهي والتوصوي، هي موجهة نحو بوصلة المفارقة بين الحق والباطل، وهي موجهة نحو هدف الحرية والعدل والمساواة والكرامة وعزة الإنسان، لا سيما المؤمن منه.
وحتى النظم الوضعية، وفي عموم الاجتهادات الإنسانية، في موضوع المناهج والتطبيقات المختلفة، في غير مجال من مجالات الحياة، سواء على صعيد الرؤية أو في التنفيذ للنشاط الإنساني المقصود والمتعين، نراها في المناحي النظرية وبغض النظر عن انحرافات وزيغ التطبيق، وما تعلق منها بالمباشرية التلقائية؛ ارتباطا بعقلانية وأخلاقية الأهداف، أم على توسطاتها أو نسبيتها، أو قلة درجتها في النجاح والفشل، نراها من جديد في التنظير العلائقي؛ سواء الداخلي بين الدولة ومجتمعها، أو بين المجتمع نفسه فيما بين أفراده وأفراده وجماعاته وجماعاته، أو على مستوى العلاقة بين الدولة والدولة، وما بين الشعوب والشعوب وأمم الإنسانية المختلفة والمتنوعة قائمة على أفكار العدل والحرية والكرامة..
حتى أيضا في نظم الاستبداد المعلن والواضح المكشوف، أو المتخفية والمتوارية باستبدادها، رغم ذلك نجدها في محاكمها وقضائها، ومعلن سياساتها وتنظير إعلامها الموجه، تتحدث عن الإنسانية وعن الحريات والمساواة الإنسانية.
إنها دعوة أو ادعاء لا ينفكان عن الإنسان، وسائر أشكاله الحياتية والتنظيمية؛ صدقا أو كذبا؛ مسارا حقيقيا أو خداعا ونفاقا.
انه شعوره الأساس بالفطرة والخليقة، وحاجته الملحة باستمرار على وج الخصوص. وهي غطاء سيره - ولو نظريا أو جزئيا - في سياق التطبيق والتنفيذ، حتى أن الإنسان خاصة في المجتمعات الغربية، يحاول التلطف والترحم صادقا أو كاذبا مع الحيوانات، مع أن منظوماته الفكرية والمنهجية الرسمية في غلبة السائد منها، لا تقيم لمفاهيم الحرية والعدالة والإنسانية وحتى البيئة وما فيها أي وزن يذكر في سياق المضامين، وان حرصت على الأشكال وحضوراتها التبريرية والتغطوية بهذا الخصوص؛ لأنه لا مفر لها عن حضور هذه المفاهيم والمبادئ الإنسانية الموجودة أساسا في التوجهات والتوجيهات العقائدية، والتشريعات الدينية السماوية منذ الخليقة الأساسية الأولى الناشرة للجنس البشري على سطح الكرة الأرضية.
وإنني لأسمح لنفسي بالقول والظن العلمي في مجال العلوم والدراسات الإنسانية عموما والاجتماعية خصوصا، أن الأيديولوجيات والأفكار والمناهج الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية وحتى النازية والفاشية (تعتبر جميعها ضمن النسق الفكري الغربي الواحد في الحالة المعاصرة)، لم تستطع أن تتخلى كلية عن موروثات الأديان ومذاهبها وجوهرها الكامن بمفهومي الحق والباطل، وارتباطاتهما بالنواحي الإنسانية في صعيد الحريات والكرامة الإنسانية، وضرورات العدل وتطبيقاته المختلفة. كل ذلك لحاجة هذه النظم لدفع قواعدها وفاعليها وعامليها، ومجمل حراكها نحو الحافزية والأمل، والتطلع وبالتالي الاستمرار والقدرة على التضحيات والعطاء، ولو كان في مكمن الهدف وغايته الرسمية النخبوية ظلم وظلمات، وإهدار لحقوق وحيوات البشر وثرواتهم.
أفلا يكون بعد كل هذا حافز الإيمان الحقيقي المبني على تصور الدين والمعتقد الحقيقي المكون من منظومة القيم والثوابت الأخلاقية، التي تعتبر في عرف وفهم الإنسانية ذات أبعاد عالمية وكونية في مواجهة أي ظلم أو استبداد أو استعباد أو احتلال وغيرها، سواء كان أطراف المواجهة دولا أو مجتمعات أو جماعات أو حتى أفرادا في مواجهة أفراد.
هي مواجهة إيمانية وقناعة مبدئية بواجب رد العدوان، أو الموت والاستشهاد دونه. وكل ذلك دائما وباستمرار ما دامت الحياة تمثلات حق باختلاف المكان والزمان في مواجهة تمثلات باطل تتمايز أشكاله، وان كان المكمن في شعور اثر الظلم والعدوان والطغيان واحدا مع اختلاف درجته وحدته عبر الزمان.
وقد ورد في القران الكريم قوله تعالى في سورة الحجرات آية رقم 9 ( وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فان فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين).
في هذه الآية الكريمة فان الضابط والفاصل الحقيقي، في فصل التعامل والحكم بين الأفراد لهم أو عليهم، وكذلك والجماعات والطوائف والمذاهب والدول والأمم؛ هو إن كانت على حق أو على باطل في العدوان أو عدمه، حتى ولو كان الصراع بين مؤمنين أنفسهم؛ فالضابط والمعيار في الانتصار أو في رد البغي هو الحق. ويجب كمبدأ أن تكون له الغلبة، على الرغم أن التصارع هو بين فئتين مؤمنتين.
وبهذا فان مسالة الإيمان والكفر والإلحاد هي مسالة خاصة بين الخالق والمخلوق، ولا علاقة لأحد من البشر لا لرجل دين ولا لولي أو فقيه أو كاهن أو قسيس بها، وعليه فان تكفير الآخرين مسالة تدخل في علاقة الخالق والإنسان، وفيها تعد على حق يختص به الله سبحانه وتعالى فقط.
وكل ما يهم العلائق الإنسانية في مسألتي الحق والباطل، هو أن لا يلحق ضرر أو ظلم أو عدوان نتيجة كفر أو الحاد في سياقات التطبيق والتنفيذ كممارسة وسلوك، كما هي حال تجليات الأحادية المادية الغربية في العولمة الاستهلاكية واستباحة الأمم وثرواتها وكان شيئا لم يحدث؛ لان الإنسان شيء من الأشياء بحسبها في غياب المرجعية العليا والمتجاوزة لعالم الحياة الدنيا، أو حتى في غياب المرجعية الأخلاقية الإنسانية في سياق الإنسانية المشتركة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأخلاق نسبية وتتغير مع تغير الزمن والظروف
سامح ابراهيم حمادي ( 2015 / 3 / 6 - 07:05 )
الأستاذ الفاضل

تقول

كل الأديان السماوية الحقة في جانبها الإيماني أو التشريعي والتوصوي هي موجهة نحو بوصلة المفارقة بين الحق والباطل، ونحو هدف الحرية والعدل والمساواة والكرامة وعزة الإنسان

ما دور كلمة(حقة)هنا؟هل هناك أديان سماوية مزيفة؟
ما نوّهت له الأديان السماوية كان حقا وباطلا في تلك العصور ولم يعد الحق في عقل الإنسان القديم كمفهوم الحق في شريعة حقوق الإنسان

وما هو حق للمسلم ليس حقا للأغيار والباطل كذلك

الأديان لم تحقق إطلاقا الحرية فعلى المؤمن أن يكون عبدا لأوامر ربه
كذلك لم يتحقق العدل والمساواة فهناك تمييز واضح بين الرجل والمرأة والسيد والعبد والأبيض والأسود
ليس هناك كرامة للمرأة كل الأديان نظرت لها على أنها عضو ناقص يحتاج للرجل ليكتمل

المعذرة قولك التالي غير مفهوم

الإنسان خاصة في المجتمعات الغربية يحاول التلطف والترحم صادقا أو كاذبا مع الحيوانات، مع أن منظوماته الفكرية والمنهجية الرسمية في غلبة السائد منها لا تقيم لمفاهيم الحرية والعدالة والإنسانية وحتى البيئة وما فيها أي وزن يذكر في سياق المضامين وان حرصت على الأشكال وحضوراتها التبريرية والتغطوية بهذا الخصوص

سلام عليكم

اخر الافلام

.. المسلمون في الهند يؤدون صلاة عيد الأضحى


.. عواطف الأسدي: رجال الدين مرتبطون بالنظام ويستفيدون منه




.. المسلمون في النرويج يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك


.. هل الأديان والأساطير موجودة في داخلنا قبل ظهورها في الواقع ؟




.. الأب الروحي لـAI جيفري هنتون يحذر: الذكاء الاصطناعي سيتغلب ع