الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة والرجل كفتان في ميزان الأسرة.

عدي الراضي
باحث في التاريخ والتراث.

([email protected])

2015 / 3 / 6
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


بمناسبة اليوم العالمي للمرأة أرتأينا المساهمة بهذا المقال المتواضع دون الغوص في الظروف السياسية والاقتصادية والتاريخية التي شرعنت وابتدعت الاحتفال وتخليد هذا اليوم في 08مارس من كل سنة .حقيقة أتحفظ من الايام العالمية والتعاطي المناسباتي مع القضايا الجوهرية والمصيرية للشعوب التواقة الى الحداثة والتحرر من التخلف الاقتصادي والتزمت الفكري والسياسة الرجعية.وبراثن الانحطاط الثقافي الناتج عن مخططات طبقية هدفها تكريس السائدومناهضة التغيير ومحاربة كل تجديد وتقدم.ومن خلال هذه الصفحات سنحاول تناول قضية المرأة احدى القضايا الأساسية التي تهتم بها المجتمعات ولا يمكن اختزالها في يوم واحد باعتبارها قضية مرتبطة بقضايا أخرى لايمكن الاجابة عليها في بنية الأنظمة القائمة المؤطرة بصراع طبقي حاد وظاهر من زاوية مختلفة ؛بعيدة عن كل الغائيات الفكرية والخلافات الاديولوجية؛والصراعات السياسية المبتذلة.بل انطلاقا من عمق الأسرة المغربية ومن صلب ظواهر المجتمع المغربي والتي نصادفها يوميا. وبكل موضوعية نستهدف تعرية القضية من كل الشوائب التي تخفي حقائق العلاقات الأسرية المغربية بخصوصية محلية في أفق الوقوف على مكامن الداءوابراز مواقع الاختلالات والأعطاب لاستشراف الأفاق وايجاد دواءالعلة والسقم التي تنخرالمجتمع المغربي لتضميد الجروح ؛وجبر الكسور ؛وتهدئة الألم والأوجاع.
لولوج صلب الموضوع لابد من الانطلاق من فكرة أساسية تشكل المفتاح الوحيد لقضية المرأة في كل المجتمعات وداخل جميع الأنظمة السياسية؛مفادها أن كل ذكر في أمس الحاجة الى أنثى وحيدة وكل أنثى في أمس الحاجة الى ذكر وحيدحهذه هي سنة الحياة الفطرية التي تشمل جميع الكائنات الحية ؛فالطيور على سبيل المثال تشكل ثنائيات زوجية لبناء الأعشاش خلال مواسم التوالد؛رغم أن الكثير منها يطير على شكل أسراب لهذا فالرجل والمرأة طرفان متوازيان داخل المعادلة الثنائية الزوجية التي تعرف بالاسرة ؛اللبنة الأساسية لبناء مجتمع تسود فيه القيم الانسانية السرمدية كالاخاء والتضحية ونبذالأنانية ونكران الذات ،ولن يتحقق ذلك الا عن طريق أطراف تدرك دورها الأساسي والمحوري داخل تلك العلاقة الثنائية .فالرجل بالمعنى الصحيح للكلمة من يدرك ويفهم ويستوعب دوره في الحياة وموقعه الطبيعي داخل الأسرة .أما المرأة الحقيقية بين مجمع الاناث هي التي تعي دورها الطبيعي؛ الاجتماعي ؛الأسري والانساني باستيعابها بشكل جيد علاقتها بالرجل وطبيعة الرباط المقدس الذي يجمعها،ليس داخل جدران البيت فقط وانما في شتى مجالات الحياة المتشعبة وأركان المجتمع المتعددة .من هذه الحقيقة الساطعة يتضح بشكل جلي أن المرأة والرجل كفتان متوازيتان ومتكاملة الأدوارداخل ميزان الأسرة ؛وكل ميل واثقال لكفة على حساب الأخرى يؤدي الى انزلاق خطير داخل الاسرة ومن ثمة تصيب العدوى المجتمع لأن ميزان الأسرة لايقبل تفضيل طرف على آخر.فماهو وضع الكفتين في ميزان الأسرة المغربية؟
من الصعب جدا فهم مقياس ومعيارهذه المعادلة في مجتمع متشبع الى درجة التخمة بأفكار أبيسبة تجعل كل مناهض ومخالف لقيمه وكل داع الى هذا النوع من العلاقات فردا شاذا وغريبا عن السرب داخل مجتمع بالطبع فاقد للتوازن؛و العاقل وسط المجانين أحمق.
من خلال القضايا التي تثيرها برامج بعض القنوات العمومية ؛ومايكتب على صفحات الجرائد الورقية والالكترونية من عنف وشذوذ في العلاقات ؛نجد أن الكثير من الازواج من كلا الجنسين يجهلون أدوارهم داخل الأسرة ،والخطير في الأمر فالبعض يعتقد بأن العلاقة بين الرجل والمرأة عبارة عن صراع وحرب طحون يحاول كل طرف الانتصار على الآخربأقصى المجهودات ؛وبعض النساء يحرضن الابناء على الاباء والعكس صحيح .وكل طرف يحاول استمالتهم على حساب الآخركأنها في حملة انتخابية لجلب الأصوات. وفي مقابل ذلك لبناء مجتمع مستقيم لن يتحقق الابتأسيس وانشاء أسرة منسجمة العناصر والأطراف .مبنية على على عماد متين أرضيته الصلبة تكامل أطرافها كأجزاء متناسقة مثل لبنات جدار سميك لن يصمد كثيرا أمام العواصف الهوجاء الا بالالتحام التام والشامل بين مكوناته الأساسية المتجسدة في الرجل العاقل والمرأة اللبيبة.
ان الأسرة النموذجية لاعداد مجتمع قوي بعيد عن كل الاختلالات ؛هي التي يسود الاحترام المتبادل والانسجام التام بين أطرافها في منأى عن المزايدات التي تعكر صفوة النهر الكبير الذي سمي الحياة ؛لأن الكنه الحقيقي لوجود الانسان على ظهر البسيطة يتجاوز الاختلافات الفيسيولوجية والمعايير البيولوجية بين الرجل والمراة الى مجالات أشمل وميادين أعمق .اذ أن الطرفين لهما قدرات ومؤهلات ومواهب متشابهة والشيء الذي يميز بينهما هوالثقافة التقليدية والعادات الواهية المتوارثة من القيم البطريكية التي لاتزال رواسبها متراكمة في عمق الأسرة المغربية؛ونظرتها الى المرأة بالدونية والاحتقاركما يظهر من خلال الأمثال الشعبية المتداولة في الشارع المغربي والمرسخة في عقلية الأجيال وسيكولوجية المجتمع. وهي كثيرة لادعي لسردها .انها نماذج من المنظومة البطريكية التي ترى النساء مقرونة بالدونية والهشاشة البدنية والقصور الفكري.مما يجعل رد الفعل النسائي يأخذ أشكالا أخرى مختلفة من التعامل الحذر فلا ثقة في الرجال القاعدة البديهية عند بنات حواء.وهذا مايفسر لجوء النساء الي أساليب أكثر غرابة بمثابة تحدي للهيمنة الذكورية؛ مثل السحر والشعودة لتحقيق نوع من التوازن الغائب والمفقود داخل الأسرة المغربية.وفي الاتجاه المعاكس يتمسك الرجال بأفضلية يبررونها بتأويل مغلوط لبعض الآيات والأحاديث الى درجة اظهار الخطاب الديني مناهضا للمرأة في حين نجد أن مضامين الآيات تقرر عكس ذلك لاسيما اذا تعمقنا في مفهوم ومقاصد ألفاظها ومغزى ومعني كلماتها؛حيث تشير الى ضرورة التكامل بين الرجل والمرأة داخل الأسرة.ان هذه الوضعية اللامتكافئة بين أطراف الأسرة المغربية سمة المجتمعات الأبيسية تعكسها بوضوح التحرشات والمضايقات اليومية للنساء في الشارع و العمل وفي كل المرافق العمومية .انها اشكالية ناتجة عن طبيعة وبنية الأسرة المغربية؛ المؤطرة بقوانين اجتماعية متوارثة بين الأجيال؛ وتحدد النظرة العامة تجاه المرأة ليست في الأصل سوى نتاج لقيم بطريكية تعكس رؤية قائمة على الميز الجنسي بتقسيم المجتمع الى مجالين المنزل للمرأة والخارج للرجل أنه التعبير الفعلي عن علاقة مبنية على التراتب واللاتكافؤ حيث السلطة للرجل والدونية للمرأة.لهذا فان ميزان الاسرة المغربية يميل لصالح كفة الرجل و تولد عن ذلك نوع من الاختلال داخل الأسرة والمجتمع ؛وبروز بعض الظواهر الشاذة كالعنف والاجرام والخيانة والطلاق وغيرها.
القاعدة العامة التي تفرضها الطبيعة والفطرة في المجتمعا ت البشرية كون المرأة والرجل أركان وجدران بيت واحد وبدون تفاهم وانسجام وتناسق الأدوار وتكاملها بين هذه الأطراف لايمكن للمجتمع أن يتقدم الى الأمام وفطرة الحياة تجعل المشي العادي يتم بكل الأرجل والسير على رجل واحدة اعاقة كاملة أو جزئية .لأن غياب أحد الطرفين داخل الأسرة يجعلها في وضعية غير عادية .
ان التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المجتمع المغربي ساهمت بشكل كبير في ابراز التناقض الصريح بين العقلية التقليدية ومتغيرات الحياة اليومية الطارئة على المجتمع المغربي؛ كاالاختلاط بتعلم المرأة والتحاقها بالعمل خارج البيت مما نتج عنه ارتباك عنيف أخذ شكل اصطدامات وسجالات وصراعات فكرية ونظرية بين مدافع ومناهض ومتحفظ ولايزال هذا المخاض في ارهاصاته الأولية عبارة عن تراكمات كمية لم تحدد بعد قفزاته النوعية.كما ان السياسية اللا ديمقراطية الت ينتهجنا النظام القائم بالمغرب ساهمت في تفشي ظواهر خطيرة مثل الزبونية والمحسوبية أدت الى انتشار البطالة وقلة فرص الشغل وانعكس كل ذلك نفسية الأفراد وسيكولوجية المجتمع التي اتسمت في السنين الأخيرة بالعنف وسيادة ظواهر غريبة بين مختلف شرائح المجتمع فكانت النساء ضحايا السياسة اللا شعبية واللاديمقراطية المنظمة للعلاقات واصبحت المرأة تعاني اضطهادا مضاعفا ومتعدد الأوجه .
ان الحديث عن الادماج الفعلي للمرأة في التنمية ؛يقتضي الاهتمام بهذا العنصرالفعال داخل الأسرة والمجتمع ؛ فالأم هي المدرسة الأولى للشعوب ومن حليب أثدائها نرضع بذور الحياة ومعنى الوجود .ولن يتحقق هذا الهاجس الا بتشجيع تمدرس الاناث في البادية والمدينة على حد سواء.ولاتزال المرأة في في بعض الأوساط خادمة و أمة للرجل. فالأمية في المغرب تشمل نسبة كبيرة من الاناث والذكور على حد سواء انه وضع يساهم في تكريس الأوضاع السائدة ويحافظ على الثقافة التقليدية المتزمة التي تحط من قيمة وكرامة المرأة وتمجد فحولة الرجل هذا مايجعل معيار الأسرة في المغرب مختل التوازن مما يعيق كل تقدم منشود .وحسب الاحصائيات الصادرة عن مراكزالاستماع والجمعيات المختصة في هذا المجال نجد النسبة الكبيرة من النساء المعنفة ذات مستوى دراسي متواضع جدا ؛ولايشمل العنف من المتعلمات ذات مستويات جامعية الا نسبة ضئيلة جدا.
ان بناء مجتمع متقدم ينهل من منابع الانسانية القحة الصافية والخالية من الشوائب ينطلق من أسرة متساوية ومتكاملة الأطراف ومتوازية الكفات لأنها بذرة الوجود ومشتل الأخلاق والقيم الانسانية التي تنشدها المجتمعات منذ العصور البدائية.ولن يتحقق هذا الحلم الا بوعي الرجل والمرأة كل في الحياة.
حرر بفاس يوم 04/03/2015
بقلم: عدي الراضي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب أصولها الإيرانية.. ملكة جمال ألمانيا تتلقى رسائل كراهية


.. تمرين تعزيز الحجاب الحاجز | صحتك بين يديك




.. إصابة طفلة بقصف الاحتلال التركي على منبج


.. لقاء صحفي يتناول موضوع المتاجرة بالنساء المغربيات إعلامياً




.. الناشطة الإعلامية والسياسية والنقابية والحقوقية أسماء المران