الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


8مارس بالمغرب وسؤال المناصفة

محمد البكوري

2015 / 3 / 6
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


مع انبثاق اشراقات دستور العهد الجديد بالمغرب ، انبثقت معها معالم الارتقاء بمبدا المساواة و الاندماج الاجتماعي ، كاحد ابرز المبادئ التي ترتكز عليها الحكامة الجيدة .والمقصود بهذا المبدا ،هو حق جميع الناس في التمكن من فرص التطور الاجتماعي بغية تحسين اوضاعهم و التحكم قي نهاية المطاف في مصارهم . كما ينطلق هذا المبدا بشكل عام ،من النظر الى المواطن ككيان قيمي انساني، بمعنى اننا امام كيان من المفترض ان يستلهم القواسم المشتركة مع باقي افراد المجتمع ، وبالتالي القدرة التضمينية الفائقة على تجسيد الابعاد الحقيقية لمفهوم الديمقراطية و التمكين من اليات اصدار القرار المناسب و اتخاذ الموقف الملائم وتبني السلوك القويم بالارتكان الايجابي و المتواصل الى مبادئ الحرية و المساواة في الحقوق و المسؤوليات ازاء الذات و الغير و الاعتماد الناجع و المستمر على قيم التسامح و التضامن و تكافؤ الفرص و الانصاف. على اساس هذه المنطلقات المرجعية و بناء على التراكمات الغنية للتجربة النسائية وراوفدها المتعددة ببلادنا و احتراما لروح و مضامين الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب في هذا السياق ،كان من اللازم على الدستور الحالي ،وفي اطار ترسيخه لجيل جديد من الحقوق و الحريات الاساسية ،ان يضمن في متنه المتطور اللبنة الاولى لبناء صرح مغرب المناصفة ، وهو ما تمثل في مقتضيات الفصل19منه الذي نص على مايلي: " يتمتع الرجل و المراة على قدم المساواة بالحقوق و الحريات المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية الواردة في هذا الباب من الدستور-الباب الثاني- وفي مقتضياته الاخرى وكذا في الاتفاقيات و المواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب ، وكل ذلك في نطاق احكام الدستور و ثوابت المملكة وقوانينها. تسعى الدولة الى تحقيق مبدا المناصفة بين الرجال و النساء .و تحدث لهذه الغاية هيئة للمناصفة و مكافحة كل اشكال التمييز " . هذه الاخيرة ، هي التي تحدث عنها الفصل 164من دستور 2011باعتبارها هيئة من هيئات حماية حقوق الانسان و النهوض بها كما يلي : "تسهر الهيئة المكلفة بالمناصفة و محاربة جميع اشكال التمييز، المحدثة بموجب الفصل19 من هذا الدستور ، بصفة خاصة ، على احترام الحقوق و الحريات المنصوص عليها في الفصل المذكور ، مع مراعاة الاختصاصات المسندة للمجلس الوطني لحقوق الانسان."وبالتالي من شان اخراج هذه الهيئة من القوة الى الفعل ،ان يشكل دعامة رئيسية من دعائم دولة الحق والقانون و الانصاف والمساواة ، وان يساهم في الاعلاء من الصرح الديمقراطي ببلادنا و جعلها تحقق الاهداف السامية التي ترنو الى بلوغها في بناء مغرب يسع لجميع فئاته و شرائحه ومكوناته ، بعيدا عن كل اشكال الاقصاء و التمييزو التهميش .وسياتي كل ذلك، في اطار الحديث المتواصل عن ضرورة التنزيل السليم و التفعيل الحكيم لجل مقتضيات دستور2011 ككل واحد و موحد .وهو ماسيجعل هذه الهيئة بمجرد اخراجها الى حيز الوجود اول هيئة من هيئات حماية حقوق الانسان والنهوض بها ، سترى النور بعد المصادقة على الدستور الحالي و لتنضاف الى اخواتها العاملة في نفس الميدان او المدافعة على نفس القيم ،قيم الدفاع على الحقوق و ضمان ممارسة الحريات و اشاعة مبادئ العدل و المساواة و الانصاف ..."المجلس الوطني لحقوق الانسان ،الوسيط، مجلس الجالية المغربية بالخارج " .عموما ان مشروع احداث هذه الهيئة مازال متارجحا بين الحكومة و البرلمان -بعد ان تخطى عتبة الامانة العامة للحكومة ، والتي احيل عليها في شهر غشت الماضي ولتفرج عنه في الاونة الاخيرة -وهو ماقد يساهم في اثراء النقاش الحكومي و التشريعي حول اهم مقتضياته و جعلها تعرف التنقيحات اللازمة و التعديلات الضرورية لوضع الصياغة النهائية لقانون يعول عليه الشيء الكثير لانهاء كل اشكال التمييز السلبي ضد المراة ،و جعلها على قدم المساواة مع شقيقها الرجل في التمتع بسائر الحقوق المخولة لهما بحكم "الانسنة"المتدفقة في شرايينهما معا . على ضوء ماسلف ،اننا نرى وحتى يتاتى لهاته الهيئة المنتظر ان تتبلور في اقرب الاجال ، ان تحقق الاهداف المخولة لها ان تراعى الجوانب التالية: +ان تستلهم مهامها و اختصاصاتها و صلاحياتها في حماية و تعزيز و النهوض بحقوق الانسان ، وان تمتح شروط تاسيسها ونوعية تركيبتها من "مبادئ باريس" المعتمدة سنة ،1993والمحددة لكيفيات انشاء المؤسسات الوطنية الموكول لها مهمة حماية حقوق الانسان --;-- : +ان توظف المعين الوافر ،الناجم عن المشاورات الموسعة التي واكبت عملية تحضير مشروع القانون المرتبط بهذه الهيئة . و هي المشاورات التي توطدت بانتهاج مقاربة تشاركية بين مختلف الفاعلين الرسميين و غير الرسميين --;-- +ان ترسم الجوانب المعيارية في تحديدها الابيستمي لمفاهيم المناصفة و التمييز --;-- + ان تبني الاجواء الايجابية داخل الدولة و المجتمع معا ،للقبول السيكولوجي بمشاركة النساء على جميع الاصعدة السياسية ،الادارية ،الاقتصادية والاجتماعية ... بعيدا عن تطبيق نظريات قاصرة عن تحقيق الغايات المرجوة منها من قبيل "النوع الاجتماعي ، التمييز الايجابي ،الكوطا ..." صفوة القول ،يبدو من السابق لاوانه الحديث عن مدى عمق الرهانات المطروحة على هذه الهيئة في سبيل ترسيخها لمبدا المناصفة ببلادنا، وذلك من منظور ان قانون احداثها لم يتموقع بعد في مساراتنا الاصلاحية ، ليكون بذلك الخطوة الحاسمة في ارساء هذا المبدا الدينامي في صرح المكتسبات التي يمكن للحركة النسائية بالمغرب ان تفتخر بها . وفي انتظار ذلك اقول للمراة المغربية في عيدها الاممي: "كل عام وانت زهرة المناصفة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم إعاقتها أثبتت ذاتها في مجتمعها وتسعى لتعليم غيرها


.. 3 شابات تحرزن جائزة الشعر الكردي للشباب




.. حرية الملونين عنوان مسيرة يوري كوتشياما


.. تضييقات ومحاكمات العمل الصحفي في تونس بات جريمة




.. الصانعة آسية جميل