الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذات الكفن الاسود !

ناديه كاظم شبيل

2015 / 3 / 6
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ذات الكفن الاسود !
1. لا تنسى ابدا تلك اللحظات الجميلة من عمر الزمن ، عندما امسكت جدتها يدها الصغيره واقتادتها الى حجرتها المظلمه لتخيط لها عباءة على مقاسها الصغير ، قالت لها جدتها ناصحة : ان الاوان لان ترتدي العباءة ، فلقد اصبحت مكلفة بالالتزام بالفروض الاسلاميه من صلاة وصوم والالتزام بالحجاب الشرعي ، ماان انتهت جدتها من خياطة العباءة ، حتى وضعتها على رأسها الصغير، وقامت بتغطية شعرها بالكامل ، ثم قالت لها محذرة : اياك ياحبيبتي ان تظهر شعرة واحدة من شعرك الاشقر الجميل ، عندها سيحترق شعرك بنار لا تطفأ ابدا ، وسيري وانت مطرقة الى الارض ، وأياك اياك ان تنظري في عين الرجل ، اي رجل كان ، عندها سيقف الشيطان بينكما وستذهبين الى النار . كانت تشعر بخوف عميق عندما تسمع كلمة النار ، وتتخيل منظهرها ،والنار تلتهم خصلات شعرها الذهبيه ، وعينيها الزرقاوتين فكانت تسير مطرقة متجهمة لا ترفع عينيها عن الارض طرفة عين ، وكم من مرة اخطأت طريق المنزل اثناء عودتها من المدرسه خوفا من ان تزل عينها وتلتقي بعين رجل بالصدفة المحضه .
بدأت جدتها تطيل لها العباءة كلما لاحظت ان نمو الطفلة بدأ يزداد ، وما هي الا سنوات قليلة الا وتزف الصبية الى احد الاقارب ، كانت فرحتها لا توصف اذ انها سوف تنتقل الى العاصمة بغداد ، تلك المدينة اللتي تقع على ضفاف دجلة والتي تغنى بها الشعراء على مر العصور ، قالت في سرها ربما سأتخلص من هذه العباءة المقيته ولا البسها الا لزيارة اهلي في مدينتهم الصغيره ، ولكن خاب ظنها فالزوج غيور جدا ولا يرغب في ان يطّلع الناس على جدائل زوجته ، وحسنها الذي لا يضاها . لذا طلب منها ان تتمسك بالتقاليد والاعراف السائده في ذلك الزمن . هالها ان ترى السيدات في بغداد في قمة الاناقه ، ومنهن من تقود سيارتها جذلى ، كل النساء في فرح وحبور وهي لا تزال تتعثر في سيرها بأذيال العباءة المشؤومه وصوت يتعالى في داخلها : لم لا تخاف كل هؤلاء النسوة من النار ، لم تقرأ على وجوههن السعادة والطمأنينه ، ترى هل كذبت عليها جدتها عندما ادخلت النار كعنصر تخويف ، ام انها ارادت تسهيل قيادها كي تطبق افكارها التي استقتها من امها ايضا ؟ استمرت في مدرستها تواظب على الجد والاجتهاد الى ان حصلت على الثانويه ثم اعداد المعلمات ، لم يعد هنالك بد من التخلص من العباءة ، فالكل سافرات وحشر مع الناس عيد ، وقررت ان تهدي عباءتها الى فراشة المدرسه .اصبحت حرة طليقة يداعب النسيم شعرها يمينا ويسارا ن وتبعدهه عن وجهها الجميل بلطف ودلال . وبدأت تقرأ نظرات الاعجاب في عيون النساء والرجال ، لم تزدها تلك النظرات الا ثقة بنفسها ، وواصلت حياتها كزوجة وام على اكمل وجه ، وتمضي السنوات ويتبدل الساسة في العراق ، وتنتشر كتب الارهاب الفكري وتستيقظ كلمة النار وجهنم وعذاب القبر ومنكر ونكير ،ودار الفناء ودار البقاء واستيقظ في نفسها الخوف ثانية ، ماذا لو كان كلام جدتها حقيقة والنار لا بد لها وان تلتهم عينيها وشعرها وجسدها كله ، ماذا لو سألها منكر ونكير عن حجابها وصلاتها وصيامها ، احست بشبح الموت يقترب منها بشدة ، واحست بنار جهنم تلتهمها بشهيه وشعرت بقشعريرة تسري في جسدها واعلنت التوبه والرجوع الى الله ، و قررت في نفسها قرارا مهما جدا ، ان تحج بيت الله الحرام وان تعود الى عباءتها مرة اخرى ، تلفعت بها هذه المرة بقوة وقررت ان لا تستبدلها الا حين ترتدي الكفن الابيض ، وحرمّت على نفسها كل ما هو جميل خوفا من الحيّات التي ستقاسمها القبر والدود الذي سيلتهم جسدها النحيل . وهكذا هو حال المرأة العراقيه في زمن سيطر فيه اللصوص على عقل المرأة واعادوها الى عادات وتقاليد باليه عفا عنها الزمن ، سجنوها بأرادتها خوفا من عقاب الاخره فادارت ظهرها للنور واستقبلت الظلام .فالحياة فانية والموت خالد كما يدّعي لصوص الحياة ، ونسوا او تناسوا ان البنوك السويسريه والاوربيه تشتكي الى الله من سرقاتهم قوت الشعب ، نسوا الرشاوى والمحسوبيه والمنسوبيه ، نسوا التفخيخ والتفجير والقتل والخطف المبرمج ، فالارمله والمطلقه واليتيمه في العراق تعاني القهر والجوع واصحاب النفوذ وماادراك مااصحاب النفوذ اتبعوا سياسة عثمان وارتدوا جبة علي ، ولكن لابد ان ينجلي الظلام وتشرق الشمس من جديد ، لا بد من حكومة حكيمة توزع العدل على الجميع ولا بد ان ينسى الرجل ان المرأة جسد مثير يجب ان يغطى ، المرأة ياسيدي الرجل هي انسانة بكل ماتحمل كلمة الانسانية من معنى ، لها حقوق يجب ان تتمتع بها ، كما ان عليها واجبات تؤديها على احسن وجه ، ولها عقل لا يقل عن عقلك اطلاقا ولهاا رحمة تسع السماوات والارض ، يكفيها شرفا انها تحمل وتلد وتسهر وتربي وتشتغل وتعيل وتواجه الموت بشراسة في لحظات الولادة التي لا يمكنك تصورها .رفقا بفكر المرأة ، فأنه سيدهاالمطلق .وأياكم والعبث به كما فعلت جدتي الحبيبه رحمها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحفية المستقلة حواء رحمة


.. الصحفية السودانية مروة الأمين




.. الصحفية رفقه عبد الله


.. تمثال ميليسنت فاوست




.. العمال في مقاطعة الشهباء يقودون ثورة العدالة والحرية