الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آلهة الأوليمب: هيرميس

محمد زكريا توفيق

2015 / 3 / 8
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


هيرميس، أيضا هيرميز وهرمس، هو ابن زيوس ومايا، ابنة أطلس. بسبب تمثاله الشهير، بات معروفا لدينا أكثر من أي إله إغريقي آخر. رشيق سريع الحركة. ينتعل حذاء بجناحين، وقبعة في شكل طبق بجاحين، ويمسك بعصى سحرية بجناحين أيضا.

http://vigilantcitizen.com/wp-content/uploads/2009/07/National_Memorial_Arboretum_NHR8716.jpg

هو رسول زيوس، ودليل الأرواح للعالم الآخر. هو الأبرع والأمكر، بين آلهة الأوليمب. لا يجد غضاضة في سرقة ممتلكات غيره. إله التجارة والأسواق وحامي التجار. يأتـي ذكره في الأساطير القديمة، أكثر من أي إله آخر.

معظم أبناء الآلهة يولدون وهم مكتملي النمو العقلي. لكن هيرميس يعتبر حالة خاصة. فبعد ولادته بخمس دقائق، ترك فراشه وخرج يبحث عن مغامرة.

ذهب إلى جبل سيلين، فوجد على سفحه قطيع أبقار بيضاء ترعى في هدوء. ليس لها مثيل في الحسن والجمال. راقت في عينيه فقرر سرقتها. بالقرب من القطيع. توجد شجرة مليئة بالغربان كانت تحرسها. أخذت تردد: "القطيع ملك أبولو...القطيع ملك أبولو..."

لكن بريق الضوء الذهبي الساقط على أجسام البقر الناصع البياض، كان لا يقاوم. لم يعر الطفل هيرميس أي انتباه لتحذير الغربان. أخذ بعض حشائش الأرض، وربطها على حوافر البقر وساقها، حتى لا تترك أثرا على الأرض. لص محترف.

عندما عاد أبولو، ووجد قطيعه قد اختفى من المشهد بدون أن يترك أثرا، جن جنونه. نظر إلى الغربان يسألها عما جرى، فجاء الجواب: "سرقها الطفل أخوك...سرقها الطفل أخوك".

لم يدخل هذا الكلام مخ أبولو. أولا لأنه لا يثق في الغربان. ثانيا، كيف لطفل القدرة على سرقة وقيادة قطيع كبير كهذا؟ لذلك، ظل أبولو يبحث عن أبقاره المختفية في كل مكان، ولكن بدون جدوى.

في صباح أحد الأيام، مر في طريقه بفتحة كهف. يصدر منها أنغام عذبة تشنف الآذان، لم يسمع بمثلها من قبل. لم يكن أبولو قد سمع موسيقى من قبل. دخل الكهف لكي يتبين مصدر هذه الأنغام.

وجد أبولو داخل الكهف، الجميلة مايا، وهي من التيتان (العمالقة). تجلس بجوار النار للتدفئة، ويجلس في حجرها طفل يحمل قوقعة سلحفاة، مثبت بها خيوط من جلد البقر. يبدو أن الأنغام تخرج من هذه القوقعة.

"نهارك سعيد يا ابنة العم، هل يمكنني تهنئتك بالمولود الجديد"، بادرها أبولو، فهو يعرفها وكان قد قابلها من قبل في مجلس الآلهة.

"أهلا بك يا أبولو" ردت مايا. "هل لي أن أعرفك بأخيك، هيرميس؟" أجاب أبولو: "أخي؟ حسنا. ما هذا الشئ الذي يلعب به؟"

"إنه يصنع لعبه بنفسه" قالت مايا. "إنه ماهر جدا، إلى درجة لا تخطر لك على بال. من هذه القوقعة وخيوط من أمعاء البقر، يأتي بكل هذه الأنغام العذبة. اسمع..."

"أمعاء البقر؟ أي بقرة استخدمها هيرميس لصنع هذه اللعبة؟" تساءل أبولو.

أجابت مايا: "أنا لا أفهم سبب سؤالك هذا، يا أبولو"، فقال أبولو في حدة:

"يجب أن تعلمي يا مايا، أن كامل قطيع أبقاري قد سرق مني حديثا. السارق، هو أخي الطفل بالتأكيد. هذا ما أخبرتني به الغربان، ولكنني لم أصدقها. لكن يبدو أنها كانت على حق"

فصرخت مايا قائلة: "ماذا؟ هل تتهم طفلا بريئا بسرقة الماشية؟ يا للخجل"

هنا تدخل الطفل هيرميس قائلا: "دعيني يا أمي أجيب نيابة عنك" ثم وقف وانحنى إجلالا لأبولو قائلا: "نعم، لقد أخذت ماشيتك يا أخي العزيز، ولم أكن أعلم أنها ملكك. هي سليمة كلها إلا واحدة. قمت بالتضحية بها، قربانا لآلهة الأوليمب الإثنى عشر"

"آلهة الأوليمب الإثنى عشر؟" تساءل أبولو باستغراب. "أنا أعرف أنهم إحدى عشر فقط"

أجاب هيرميس: "نعم أعرف ذلك، لكن لي الشرف أن أكون معهم لنكمل الدستة. على كل حال، اسمح لي بأن أعوضك عن البقرة الناقصة بهدية مني لك. أسميها القيثارة، وسوف أدربك على استعمالها"

أبولو كان مسحورا بالقيثارة وقدرتها على استخراج الأنغام. ظل طول اليوم يتمرن العزف عليها. راقب خلال هذه الأثناء، هيرميس وهو يصنع من سيقان نبات البوص، آلة موسيقية أخرى، تخرج أنغاما بالنفخ وحركة الأصابع على فتحات معينة.

سأل أبولو باستغراب: "ما هذه؟ ما اسمها؟ أريدها هي الأخرى. فماذا تريد مني في المقابل"

أجاب هيرميس: "لا أريد بقرة هذه المرة، ولكن أريد عصاك الذهبية"

أبولو: "هذه العصا أستخدمها في رعي الماشية. ألا تعرف أنني إله الرعي؟"

هيرميس: "لكن هذا ثمن بسيط من إله الشمس. أعطني عصاك الذهبية، وأنا أعطيك آلة الناي"

أبولو: "موافق"

هيرميس: "القيثارة والناي يجعلانك إله الموسيقى. أعطني شيئا في المقابل. علمني قراءة البخت والتنبؤ بالمستقبل"

أبولو: "أعتقد، يا أخي، أن مكانك هو قمة الأوليمب مع الآلهة. هذا الكهف لا يناسب مواهبك العديدة"

أخذ أبولو أخاه هيرميس إلى مجلس الآلهة بالأوليمب، لكي يقابل كبير الآلهة زيوس. بهت زيوس من ذكاء ومهارة الطفل هيرميس. خبأه حتى لا تراه زوجته الغيورة هيرا، وكان يقضي الساعات يتحدث إليه.

تساءل زيوس وهو يخاطب ابنه هيرميس: "تريد أن تنضم إلى مجمع آلهة الأوليمب وتصبح أحد أفراد البانثيون؟ لكن كل المناصب قد شغلت، ولم يبق شئ لك"

هيرميس: "يا أبت، أنا متواضع. لا أريد شيئا من الفخار والألقاب. أريد فقط أن أكون مفيدا وفي خدمتك. أريد أن أبقى إلى جوارك. دعني أكون رسولك الأمين. ستجدني نشيطا سريعا، وتأكد أن رسائلك سوف تصل إلى أصحابها سالمة."

زيوس: "حسنا، حسنا. سوف أختبرك"

أصبح هيرمس رسول زيوس. يقوم بهذه الوظيفة بسرعة بالغة. أصبح ابن زيوس المفضل. لكنه في نفس الوقت. كان زعيم اللصوص والكذابين ولاعبي القمار. هو أيضا إله التجارة والعقودات، وحارس المسافرين.

هاديس إله العالم السفلي هو زبونه. يناديه لكي يقود الأرواح إلى العالم السفلي، تارتاروس. هيرميس هو مخترع الكتابة وعلم الفلك والموازين والمقاييس. هو أيضا مخترع ورق اللعب (الكوتشينة).

يحمل عصا أبولو الذهبية ذات الأجنحة، والمزينة بأشرطة بيضاء. يلبس قبعة خاصة مجنحة مثل الطبق، وحذاء مجنح، يطير به في الهواء أسرع من أي طائر. هو الذي أعطى زيوس فكرة التخفي، والنزول لمغازلت نساء الأرض الجميلات. كان يرافقه في الكثير من مغامراته العاطفية، التي يقوم بها عندما يصيبه الملل من العز والعيش على كفوف الراحة على قمة الأوليمب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء أتال يقدم استقالته للرئيس ماكرون الذي يطلب منه


.. مدير الشاباك الإسرائيلي يتوجه لمصر لمواصلة المحادثات بشأن وق




.. قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على جنوبي غزة وسط توغل بري وإطلاق ل


.. قراءة عسكرية.. فصائل المقاومة تكثف قصفها لمحور نتساريم.. ما




.. هآرتس: الجيش الإسرائيلي أمر بتفعيل بروتوكول -هانيبال- خلال ه