الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الله ليس كمثله شيء أم هو على هيئة إنسان؟ – ج2

مالك بارودي

2015 / 3 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل الله ليس كمثله شيء أم هو على هيئة إنسان؟ – ج2

ثالثا، يقول الحديث الثّالثُ الذي أوردته في بداية المقال أنّ من قيل لنا عنه أنّه "حبرٌ من أحبار اليهود" قال لمحمّد بن آمنة: "إنّا نجِدُ كذا وكذا". ولكنّه لا يقول لنا أين "وجد" ذلك. على أنّ المنطق يقول: بما أنّه "حبرٌ" و"عالمٌ في الدّين"، فلا بُدّ أنّه يتحدّث عن أشياء "وجدها" في كتابه، أي في التّوراة. فهل ما وجده مكتوب فعلا في التّوراة أم جزء من أساطير اليهود، أم أكذوبة ضحك بها اليهودي على محمّد وإستدرجه بها إلى فخّ السّخافة والبلاهة لفضحه، أم أكذوبة إخترعها كتبة الحديث فصدّقها المغفّلون وصنّفوها وصادقوا على أنّ رجالها ثقات وصحّحوها وتوارثوا قراءتها معتقدين أنّها شهادة حقّ على صحّة الإسلام؟ ثمّ، أين في التّوراة نجدُ ذلك؟ في أيّ سفر من أسفارها؟ وقبل كلّ شيء، في أيّة توراة؟ في التّوراة التي كانت في عهد محمّد بن آمنة؟ وهل تلك التّوراة هي نفس التّوراة التي نجدها الآن، أم توراة أخرى مختلفة؟ فإذا كانت هي نفسها، فأين ورد ذلك؟ ثمّ ألا يقول المسلمون بتحريف التّوراة؟ فهل تمّ التّحريف قبل هلاك محمّد أم قبله؟ فإن كان التّحريف سابقا لهلاك محمّد، فكيف يشهدُ القرآن في أكثر من آية أنّها كانت سليمة وكيف حكم بها محمّد في حادثة الزّنا الشّهيرة بين اليهوديّين، وكيف عَلِمَ بصدق "الحبر" ووافقه وضحك حتّى ظهرت نواجذه؟ وقد ورد حديث رجم الزّانيين اليهوديّين في صحيح البخاري وصحيح مسلم وفي سنن إبن ماجه وسنن أبي داود وغيرها من الكتب. وهو في سنن أبي داود كما يلي: "حدّثنا أحمد بن سعيد الهمداني ثنا بن وهب حدّثني هشام بن سعد أنّ زيد بن أسلم حدّثه عن بن عمر قال أتى نفرٌ من يهود فدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القف فأتاهم في بيت المدراس فقالوا يا أبا القاسم إنّ رجلا منّا زنى بامرأة فاحكم فوضعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسادة فجلس عليها ثم قال ائتوني بالتّوراة فأتي بها فنزع الوسادة من تحته فوضع التّوراة عليها ثم قال آمنت بك وبمن أنزلك ثم قال ائتوني بأعلمكم فأُتي بفتى شاب ثمّ ذكر قصّة الرّجم نحو حديث مالك عن نافع ". (سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في رجم اليهوديّين) ونلاحظ في هذا الحديث قول محمّد بن آمنة: آمنت بك وبمن أنزلك.

رابعا، إذا عددنا الأصابع التي تحدّث عنها اليهودي نجد أنّها خمسة أصابع. والإنسان أيضا له خمسة أصابع. بل هناك كائنات كثيرة لها خمسة أصابع، كالقرد على سبيل المثال... المسلمون يقولون أنّ الله ليس كمثله شيء، تنزيها لربّهم الخرافي من التّجسيد، ولكنّ محمّدا هنا وافق على أنّ لربّه خمسة أصابع، مثل الإنسان والقرد تماما. فالقول بأنّه ليس كمثله شيء هو في النّهاية إدّعاء فارغ لا يعني شيئا، بما أنّه تمّ تحديد عدد أصابع هذا الإله وبالتّالي فالبابُ مفتوحٌ على مصراعيه لكلّ شخصٍ لكي يتخيّل شكل هذه الأصابع وشكل هذه اليد وشكل صاحبها.

خامسا، كلّ إصبع من هذه الأصابع الإلهيّة الخرافيّة يحمل أحد مكوّنات "الكون" (نستعمل هنا كلمة "كون" مع الكثير من التّحفّظ، لأنّها لا تعكس ولا تُعبّر عن النّظرة الإسلاميّة البدائيّة والسّطحيّة للكون كما نعرفه اليوم، بتنوّع مكوّناته وإتّساع المسافات بينها، إلخ)... فنجد السّماوات على الأصبع الأوّل والأرضين على الثّاني والشّجر على الثالث (وفي رواية أخرى: الجبال) والماء والثّرى على الرّابع (وفي رواية أخرى: الشّجر، وفي رواية ثالثة: الشّجر والثّرى) والمخلوقات على الخامس. وهنا نسأل المؤمنين بالخرافات الإسلاميّة، سواء ما ورد في القرآن أو في الأحاديث: أين هي هذه السّماوات وأين تبدأ كلّ سماء وأين تنتهي؟ فهذا سؤال لا بُدّ أن يجيبوا عليه، بما أنّهم يدّعون أنّ القرآن معجزة ويذهب بعضهم إلى درجة الإعتقاد في إعجاز السّنّة أيضا، خاصّة أنّ علم الفلك قد تطوّر بدرجة مذهلة في الغرب الكافر الذي يعمل جاهدا على الإختراع والإكتشاف ويكتفي المسلمون بتحوير إكتشافاته وتحريف نظريّاته لتوافق الخرافات الإسلاميّة... فهل يتكرّم علينا دجاجلة الإعجاز العلمي في القرآن بتبيان حقيقة هذه السّماوات السّبع المزعومة وتحديدها؟ وماذا عن الأرضين السّبعة؟ ثمّ، أليس الشّجر والجبال والماء والثّرى من مكوّنات الأرض وأجزاء منها، فكيف تُفصلُ عن الأرض لتُحمل على أصابع أخرى؟ هل الإصبع الذي يحملُ السّماوات بكلّ ما فيها من كواكب وشموس وأقمار يعجز عن حملِ الأرضين بمكوّناتها ولا يقدر على حمل الكلّ إلّا بعد الفصل بين هذه المكوّنات؟ أم أنّ كلّ ما في الأمر أنّ النّظرة البدائيّة التي كانت ترى الأرض مسطّحة والسّماء مجرّد غطاء أو خيمة والجبال أوتادا والشّهب رجوما للشّياطين لم تكن قادرة على تخيّل أنّ الشّجر والماء هي أجزاء ومكوّنات من نفس هذه الأرض ككوكب فريد من نوعه وكحبّة رمل صغيرة جدّا في الكون؟

سادسا، يذكر الحديث أنّ الله الخرافي يمسك بكلّ تلك الأشياء على أصابع يده ثمّ يقول: "أنا الملك". فلمن يتوجّه بحديثه هذا؟ للنّاس؟ لا أحد سمع هذا الإله الخرافي يقول أيّ شيء ولا رآه حتّى... للملائكة الخرافيّة؟ أليست الملائكة تعرفُ، حسب الخرافة الإسلاميّة، أنّه الملك، حتّى يضطر لتمرين حمل الأثقال هذا ليذكّرها بذلك؟ للشّيطان؟ ألم يكن يعرف ذلك حين تحدّاه، حسب الخرافات الدّينيّة؟ فبماذا ينفع التّذكير؟ أغلب الظنّ أنّه يتوجّه بالكلام لنفسه، تماما مثلما يكلّم بعض المرضى النّفسيّين أنفسهم، أو على الأقلّ، مثلما يكلّم بعض النّاس أنفسهم في محاولة شحن عزيمتهم قبل القيام بفعل أو عمل نسبة نجاحهم فيه ضئيلة جدّا... "أنا قادر على فعلها... أستطيع فعل ذلك..." فهل هذا الإله مجنون أم ماذا؟

غير أنّ الإشكاليّة الكبرى ستبقى دائما ضحك محمّد بن آمنة ملء الشّدقين "تصديقا" لكلام اليهودي. وهذا التّصديق مدعومٌ بآية من وحي اللّحظة، وهي الآية 67 من سورة الزّمر: "وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسّماوات مطويّات بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يُشركون"... آيةٌ تزيد الطّين بلّة وتجعلُ لهذا الإله الخرافي قبضة ويدًا يُمنى. فالتّجسيد ليس بدعة من البدع التي أتى بها المفسّرون ورواة الحديث، بل هو شيء متأصّلٌ في الإسلام، بداية من القرآن نفسه... فهل فعلا هذا الإله ليس كمثله شيء وليس جسدا له شكل ووزن وظلّ وهيئة وطول وعرض وإرتفاع...؟

----------------------
الهوامش:
1.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّناته:
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
http://ahewar5.blogspot.com
2.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
http://www.4shared.com/office/fvyAVlu1ba/__online.html












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال أطرحه على القائمين على الموقع
مالك بارودي ( 2015 / 3 / 8 - 21:18 )
أرسلت الجزء الأول من هذا المقال ثلاث مرات حتى الآن دون أن أراه منشورا. فما المشكلة؟ أرجو أن يكون هناك تفسير مقنع لهذا الأمر.
على كل حال، بإمكان القراء الإطلاع على المقال كاملا على مدونتي:
http://ahewar2.blogspot.com

اخر الافلام

.. 136-An-Nisa


.. ما هو حال الحريات الدينية في العالم؟




.. الخارجية الأميركية تطلق تقريرها السنوي للحريات الدينية في ال


.. تجنيد يهود -الحريديم-.. ماذا يعني ذلك لإسرائيل؟




.. انقطاع الكهرباء في مصر: -الكنائس والمساجد والمقاهي- ملاذ لطل