الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسه و المذاهب (3_3)

محمد علي خليل

2015 / 3 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ناقشنا في الحلقه الاولى كيف أثرت السياسه في نشأة المذاهب و في الحلقه الثانيه ناقشنا كيف استغل الحكام المذاهب لخدمة مصالحهم السياسيه و في هذه الحلقه نستكمل نقاشنا
كان من تأثر خلط السياسه بالدين انقسام الدين الاسلامي الى عدة مذاهب كما انه لم يكن الامر كذلك فقط و انما استغلها الحكام طوال التاريخ الاسلامي أسوأ استغلال فتم اخراجها من حيز العقائد الروحانيه الى نطاق الصراعات السياسيه مما له أثره في تمزيق النسيج المجتمعي
و في العصر الحديث ما زلنا ندور في ذات الدائره فالصراعات السياسيه التي كان ممن الممكن حلها تم تسعيرها و اشعالها عن طريق تجويلها لصراعات مذهبيه حيث أن أسوأ أنواع الحروب وأشدها فتكا وضراوةً، هي التي تعتمد الدين منطلقآ لقيامها واستمرارها، ذلك أن المتحاربين لا يضعون في اعتبارهم إلا هدفآ واحدآ ولهم وهو إرضاء الله، وبالتالي يخرج الصراع عن المنطق والعقل ويدخل في باب اللا منطق واللامعقول. كما انها تساهم في تمزيق الوطن العربي على أسس مذهبيه و نسف فكرة العروبه من جذورها و كونها أمه واحده توحدها عوامل عديده
لهذا يمكن القول أن المخطط الإمبريالي يعتمد في المرحلة الراهنة على ما يمكن أن يسمى «دول الطوائف» وهي تتخذ شكلين، حسب ما تبرزه الوثائق، وحسب ما يجري واقعياً، الأولى تقوم على أساس تأسيس دول طائفية، حيث تقيم كل طائفة دولتها «المستقلة»، والثانية تقوم على أساس تأسيس الدولة من اتحاد الطوائف داخلها. وبالتالي لا يجري تغيير خريطة التقسيم السياسي الراهن، بل يجري تعميقها من خلال إعادة تكوينها على أساس توازن طائفي، ليبدو الوطن العربي أنه لا يشكل أمه إن التقسيم على أساس طائفي، هدف من أهداف الإستراتيجية الصهيونية، إنه حلم صهيوني، يلعب التكوين الطائفي في الأيديولوجيا الصهيونية من جهة، والأمل بتفكيك الظاهرة المسماة «الأمة العربية» من جهة أخرى يلعب دوراً في اعتباره هدفاً لأن صغر الكيان الصهيوني، وحاجته إلى التوسع، وخوفه من قوة كبيرة، قد تنشأ من توحد العرب، يجعله يفكر بالطريقة التي تسمح له، بأن يصبح الدولة «الكبيرة» في عالم من الدويلات، المتناحرة، المتصارعة، والمتحالف كلٌّ منها معه، ولهذا مستفيداً من «الإرث التاريخي» الذي يسكننا من تخلف وتعصب طائفي أعمى، مستهدفاً تعميق العديد من الأزمات في المنطقة العربية برمتها
ليس فقط من مخاطر اقحام الدين في الصراعات السياسيه تعميق حدة الصراع و تمزيق المجتمع و انما أيضا خطره على الدين فطوال التاريخ عندما تم تدنيس الدين المقدس بالسياسه أدى الى نشوء افكار شاذه ساهمت في تشويهه فحركة الخوارج التى نشأت نتيجة الخلافات السياسيه و ربط الدين بالسياسيه بلورت افكار ما زال يحملها الكثير من المجتمعات العربيه منها تكفير و استباحة دماء دماء كل من يخالفها رافعة شعارا براقا (ان الحكم الا الله )
فخلط السياسه بالدين ايضا أدى ليس فقط في ظهور المذاهب و انما ايضا الى تشويه المذاهب الناشئه بالعديد من الافكار السلبيه ففكر الجبر و ان الانسان لا اراده له و انما مجرد ريشه في مهب رياح القضاء و القدر هي من ترويج السياسه الامويه
فقد قال أحمد أمين في كتابه " ضحى الإسلام"": وبنو أمية كما يظهر كانوا يكرهون القول بحرية الإرادة لا دينياً فقط ولكن سياسياً كذلك ؛ لأن الجبر يخدم سياستهم. فالنتيجة للجبر أن الله الذي يسير الأمور قد فرض على الناس بني أمية كما فرض كل شيء ، ودولتهم بقضاء الله وقدره فيجب الخضوع للقضاء والقدر" .
ان هذه المسأله التي تأثر بها كثير من المسلمين و تسرب بعض افكارها و ليس كلها الى المذهب السني كانت لها اثارها السلبيه في التاريخ الاسلامي و لو سادت تعاليم حرية الاراده لكان للمسلمين موقف آخر في التاريخ غير موقفهم الحالي وقد أعجزهم التسليم وشلهم الجبر، وقعد بهم التواكل)
كما انه كانت للدوله الصفويه تأثيرها على المذهب الشيعي لخدمة مصالحها السياسيه فكثير من العلماء يرجحون ان عقيدة الولايه التكوينه للائمه و قدرة الائمه على التجكم في ذرات الكون باذن الله تم تعزيزها في العهد الصفوي خصوصا انه لم يقل بها العلماء الاوائل للمذهب مثل الشيخ الصدوق و المفيد و الطوسي و الهدف منها تعميق الخلاف بين المذهبين الشيعي و السني و استغلاله في الصراع مع العثمانين و تحويل الصراع من صراع صفوي عثماني الى صراع سني شيعي كما يرى العالم الشيعي الايراني د_على شريعتي ان الصفويين حولوا التشيع من التشيع الاحمر تشيع ثورة الحسين و الاقتداء على نهجه في رفض الظلم الى التشيع الاسود تشيع الحزن و الماتم و تحويل الحسين في الوعي الشيعي الى ضحيه و ليس ثائر لكي يستطيعوا التحكم داخليا في شعوبهم و بذلك اثروا في المذهب بما يخدم مصالحهم داخليا و ايضا خارجيا
فكما كان لاقحام الدين في السياسه سببا في ظهور المذاهب كان لاقخام السياسه في الدين سببا في تشويه المذاهب
هناك نماذج عديده قد نستفيد تاريخيا منها التجربه الاوربيه و التي خاضت فتره تشابه ما نمر به في القرن السابع عشر الميلادي منها حرب الثلاثين عام في اوروبا و التي بدأت صراعا مذهبيا في المانيا بين الكاثوليك و بين البروتستانت المذهب الذي كان في طور النمو و تعمق الصراع الى ان شمل غالبية اوروبا حيث ساندت السويد و الدنمارك اتباع مذهبها البروتستاني بينما ساند ال هابسبورغ الذي كانو افرادها ملوكا على النمسا و المجر و اسبانيا اتباع المذهب الكاثوليكي كان هذا الصراع الذي تم استغلال فيه المذاهب و الاديان لزيادة النفوذ بين الامبراطوريات المتصارعه كان هذا الصراع الذي أدى الى مقتل ثلث الشعب الالماني و تدمير المانيا سببا مباشرا في سيادة افكار جان لوك كإحدى نتائج الثورة الفلسفية في عصر التنوير نقيض عصر الظلامية في القرون الوسطى التي سادت فيها الكنيسة . فكانت تعبيرا عن الرفض القطعي لتدخل الدين أو المؤسسة الدينية في الحكم والسلطة السياسية عموما كنيجة حتمية لما عاناه المجتمع من تسلط واستبداد واستغلال للدين من اجل السيطرة على الإنسان والأمة . وهكذا ساد مفهوم استقلال الدين عن الدولة يعني استقلال الكنيسة عن الحكم . ومنذ ذلك التاريخ أصبحت السلطة السياسية مستقلة عن السلطة الدينية...
ان تعزيز الفكر القومي تحقيق المساواه بين الجميع بغض النظر عن الدين و العرق و المذهب هي الخطوات الاولى في طريق الالف ميل
والسؤال متى سيستفيق هؤلاء الذين يتاجرون بالدين، ويدركون بأن ذلك سيقضي عليهم في النهاية كما سيقضي على الأخرين. وبأن مثل هذه الحروب لن تؤدي إلا إلى الخراب والدمار وليس فيها من رابح وتداعياتها وخيمة جدآ عى الأجيال القادمة.
























التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا