الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثنائية الشيعة والسنة تكشف الاصل والمحاكاة

ماجد عبد الحميد الكعبي

2015 / 3 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تضرب تلك الثنائية بجذورها عميقا في التاريخ الاسلامي فلم يكن المسلمون موحدين تحت راية واحدة في زمن الرسول (ص) كما يتصور كثير من الناس بل ان حركة الاسلام كانت محكومة بثنائية المتن والهامش ، الاصل والمحاكاة ، المؤمنون والمنافقون ، الاسلام و الجاهلية ، اتباع علي و اتباع سنة عمر. وانتشرت ثقافة الاستقطاب الثنائي في التراث كله بدءا من وجود الاحاديث المتناقضة المنقولة عن الرسول(ص) حديث (اصل) بإزاء حديث اخر (موضوع). وانتهاء بالشعر والنقد ، شعر اسلامي ينشر القيم الانسانية النبيلة يمثل الاصل يقابله شعر جاهلي يؤكد على العصبية القبلية والقيم الجاهلية موضوع.
رأي للإمام علي في شعر امرئ القيس يقابله رأي نقدي اخر لعمر بالشاعر زهير بن ابي سلمى. رواية تقول ان الامام علي (ع) اول من اشار على واليه ابي الاسود الدؤلي لوضع قواعد النحو يقابلها روايات في عمر يوصي احد ولاته بوضع قواعد النحو والاهتمام باللغة. وساكتفي هنا بضرب مثال واحد على تلك الروايات في قضية نشأة النحو:
على الرغم من ان اغلب المصادر تتفق على ان ابا الاسود الدؤلي - الذي كان واليا وقاضيا للإمام علي (ع) على البصرة - كان الشخصية المحورية التي تشكلت حولها حكايات النشأة والتي رجح د. شوقي ضيف ان (يكون ذلك من صنع الشيعة ، و كأنهم رأوا ان يضيفوا النحو الى شيعي قديم ، فارتفع به بعضهم الى علي بن ابي طالب ، ووقف اخرون عند ابي الاسود الدؤلي صاحبه الذي كان يتشيع له ) فان الرواة السنة قد ارجعوا اصول الحكاية الى عهد الخليفة الثاني ، فمثلا يذكرون : ( ان عمر مرَ على قوم يسيئون الرمي فقرعهم فقالوا : ( انا قوم متعلمين ) فاعرض مغضبا وقال : ( والله لخطؤكم في لسانكم اشد علي من خطئكم في رميكم) . ورواية اخرى تقول : ورد الى عمر كتاب اوله : ( من ابو موسى الاشعري ، فكتب عمر الى ابي موسى بضرب الكاتب سوطا ) . وثالثة نصت على انه : ( قدم اعرابي في خلافة عمر ...) وكذلك تنسب لعمر تلك المقولة المأثورة : ( تعلموا العربية فانها تثبت العقل وتزيد في المروءة ). ثم تتعدد الروايات بشأن ذلك لتضاف رابعة تقول : ( ومر عمر برجلين يرميان ،
فقال احدهما للآخر : ( اسبت )فقال عمر : سوء اللحن في سوء الرمي) وهناك رواة يجعلون الحجاج الثقفي الداعي الاول لوضع الاسس الاولى للنحو.
وهكذا دواليك فاذا تم تأليف كتاب في مناقب علي(ع) في الكوفة لابد من وجود كتاب مؤلف اخر يقابله يتحدث عن مناقب فلان الضد في بغداد او القاهرة او الشام.وقد استمرت الحال على هذه الثنائية في مختلف العصور السالفة والتي لا يسعني المرور بها جميعا لذلك سانتقل الى بعض الامثلة المعاصرة. ففي وقتنا الحالي انتقلت هذه الثنائية الى كل نواحي الثقافة والمعرفة ولم يقتصر وجودها على الاختلافات الفقهية والمذهبية والدينية كما كانت في السابق بل اخذت تنتشر في الاعلام والسياسة والمعارك والحروب حتى وصلت الى ميدان الفن والسينما ، شخصية اصل بازاء شخصية اخرى يجري انتاجها بالمحاكاة لذلك الاصل . ففي مجال التمثيل والسينما مثلا ينتج مسلسل عن الامام علي(ع) في ايران يقابله لاحقا انتاج مسلسل عن عمر في السعودية.
أما في ميدان المعارك فان اقرب حدث واقعي معاصر نعيشه الان في وقتنا الراهن هو وجود شخصية قاسم سليماني الحية والواقعية التي تمارس دورا مهما في العراق و الذي يشترك مع الحشد الشعبي باستشاراته لتحرير مناطق الاخوة السنة من الدواعش والتي تحفز الجانب السني لاستحضار شخصية سنية تركية تحاكي الفعل الاصل الذي جاء من ايران. ففي خبر تناقلته المواقع الالكترونية ان النجيفي قد اجتمع بأعضاء مجلس محافظة نينوى و قال: (ان التحضيرات جارية لبدء عملية تحرير الموصل وانها ستحرر عن طريق ابناء الموصل فقط دون اشتراك المليشيات او ما تسمى الحشد الشعبي .على حد وصفه و اضاف ان هناك قادة من الجيش التركي سيشتركون بتحرير الموصل ردا على مشاركة الجنرال الايراني قاسم سليماني بتحرير تكريت). هذا الخبر تؤكده الزيارة الاخيرة لوزير الدفاع التركي المفاجئة للعراق.
من خلال الامثلة التي تم سردها نتوصل الى نتيجة مفادها ان ثنائية السنة والشيعة لازالت مسيطرة على حركية الفعل الابداعي والسياسي العربي المعاصر ولم تكن يوما حبيسة التراث والتاريخ وهي مرتبطة ايضا بثنائية خرى انحدرت من تاريخنا القديم مثل ( المناذرة والغساسنة ) ، فالمناذرة هم المؤيدون لإمبراطورية فارس و الغساسنة : هم المؤيدون لإمبراطورية الروم. وتستمر تلك الثنائية في استقطابها للعرب فإما مع ايران او مع امريكا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب


.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت




.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق


.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با




.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط