الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غائية -التوحيد- وغوغائية -الشِرك- ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 3 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


غائية "التوحيد" وغوغائية "الشِرك" ..
قال مُفتي الوهابية الأعظم في معرض تعليقه على تحطيم التراث الإنساني في العراق ، وحضارات فجر البشرية وطفولة الأديان المُعاصرة ، قال أنه يسعى ل : " تأمين الأمة من الفكر الضال وتحذير الشباب من الفكر الضال وتجفيف منابع الشر ". ولو لم يكن الأمر جادا وخطيرا ، لقُلتُ بأن مفتي الوهابية يُنافس برنارد شو في المقولات الساخرة ..
والذي حفّز المفتي على إطلاق هذا التصريح ، هو تدخل بعض "المُطوعين " أو " المحتسبين " ، وبلُغة شعبية ، رجال هيئة الأمر بالمعروف ، في ندوة بمعرض الكتاب في الرياض و"تخريبها " لأن المُتحدث في الندوة إستنكر عملية الإبادة التي يتعرض لها التراث الحضاري للبشرية في العراق وسوريا . فما كان من هؤلاء ألأوباش إلا إقتحام القاعة والتهويش والتشويش على الندوة وأعمالها ، مما أدى إلى إنفضاضها أو "إفتضاضها ".
وكان "دكتور " أو "دك ثور " يُدعى "الكندري " وهو كويتي ، قد صرح بأن هدم الأوثان ، واجب شرعي . وقال للذين يستدلون بوجود هذه الأثار في عهود المسلمين الأوائل ، الذين شاهدوها ولم يحطموها ، بأن هذه الاثار كانت مدفونة تحت الرمال ، ولم يتم إكتشافها إلا في العصور الحديثة ، لذا لم يحطمها الاوائل ...!! لكنه ، وتأكيدا منه على تطبيق الواجب الشرعي قال ، حتى لو تغاضى الأقدمون عن هذه الأوثان وتركوها قائمة ، فهذا لا يُعطي رأيهم مصداقية ..!! ولولا القليل من الحياء ، لأتّهم المسلمين الأوائل ، بممالأة الشرك والمشُركين .
وفي لهجتنا العامية نُطلق على صانع الأحذية "كندرجي " ، وهي مهنة كانت يشرف بها صاحبها ، وكان يحظى بإحترام الجميع .. لكن هذا الكندري ، يهين المهنة ويهين الأحذية ومن يحتذيها !!(كُندرة في لهجتنا تعني حذاءً ، حاشاكم ..) .
هذا الكندري الذي يسير على هدي الوهابية التي تستمد "دينها " من إبن تيمية ، وغيره مِمَن لا يعترفون بمعتقد ، فكرة أو دين خارج "عقولهم الضيقة " ، هذا الكندري "ينحصر " عالمه الفكري في إجترار كلمات لا يفقه معناها في تقديرنا .
فهو "يتحدث " عن التوحيد ، والذي يعني من وجهة نظره ، تقليص العالم ( ولو بالقوة) إلى "وحدانية" لا تستطيع الصمود في مواجهة تمثال أو لوحة فنية .
هؤلاء يصورون إلههم ككيان ضعيف ، تُهَدد قوته وجبروته صورة وخرزة زرقاء !! لكن هذه القوة والجبروت لا يهتز لها كيان حينما يدعو هؤلاء إلى طاعة "ولي الأمر " أي الملك ، لأن طاعته من طاعة هذا الإله .. ويقولون لك بأن هذه الطاعة المُطلقة ليست شركا بالإله الواحد الأحد ، الفرد ألصمد .
حينما تكون الخرزة الزرقاء التي تُعلقها الأُمهات على ملابس الأطفال ، وقاية من عين الحسود والحاسدين ، فهذا في رأي هؤلاء شرك بالله ..لماذا ؟ لأن هذه الأُم تطلب وتعتقد بأن هذه الخرزة تحمي الطفل ، لكن الله هو الحامي ولا حامي غيره ...منطق جميل وسليم ، وبناء على هذا المنطق ، فالذهاب للطبيب ، طلبا للعلاج والشفاء من مرض ، هو شرك أيضا ، فطلب الشفاء من غير الله هو شرك وكُفر بواح !! فالله هو الشافي الكافي ..
ولأن الإنسان والرجل العربي خاصة ، يبحث عن مُتع حسية كثيرة ، وخاصة متعة النكاح ، ولربما ولكي يُحسّن من إداءه للوظائف الجنسية ، يستعين بالفياجرا ، مما يُعطيه قوة وطاقة فوق طاقته الطبيعية، فما رأي هؤلاء الفقهاء مثلا ..؟؟ فهذا الرجل ، قد قام بتغيير خلقة الله أولا ، وأستعان بغيره ..
هل هذا نوع من الشِرك ؟؟
بناء على هذا المنطق الأعوج ، الذي يرى في الفنون (التماثيل والصور ) شكلا من أشكال الشرك ، فإن حياتنا يجب أن يتم حصرها في خيمة صحراوية ، لا نبتَ فيها ولا زرع .. وإلا فإن الإنسان المُعاصر "يعيش " في بيئة ويستعين بقوى وعلوم لقضاء حاجاته ، غير الله !! بينما بالله المستعان ، كما تعلمون .
فغاية التوحيد هي إلغاء تأثير كل "قوة " "وطاقة " غير إلهية ، على حياة الأفراد والمجتمعات ، مما يعني "توحيدا" خالصا ، صرفا ، ونزع صفة القدرة والطاقة عن كل البشر ، الشجر والحجر .
ولأن هناك مجموعات ما زالت تؤمن بقدرة الأرواح (روح الشجر ، الحيوان والجماد ) وأرواح الأجداد ، على "المساعدة " من طرف و"إلإضرار " من طرف أخر ، فالشرك واسع الإنتشار حسب هذا التعريف للشرك .
وبما أننا لا نستطيع ، إلّا أن نستعين بقوى الطبيعة ، للأكل ، الشرب ، الحركة والحياة بشكل عام ، ونحن نؤمن بأن قوة المياه تستطيع توليد طاقة كهربية وكذا الغاز والبترول ،فإن توحيدنا غير خالص .( وهذا التعريف للتوحيد ينطبق على جميع الديانات التوحيدية منذ أخناتون ) ...!!
وأعتقد بأن التوحيد على هذه الشاكلة يهدف الى "أدلجة وإضفاء صبغة دينية على حكم الفرد المُطلق .. فهو الحاكم الأوحد الذي لا يُنافسهُ في الحكم ، أحد أخر وإلا لأصبحت الرعية مشركة ..
في الجهة المُقابلة ، التعددية ، المُشاركة ، وال"غوغائية " ، على الصعيد النظري تعني حرية الفرد المُطلقة..
فالحديث عن التوحيد والشرك ، في ظاهره حديث عن عقائد واديان ، لكنه في جوهره حديث عن دكتاتورية الفرد والرأي الواحد مُقابل "الشورى " وحرية الرأي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طارق متري: هذه هي قصة القرار 1701 بشأن لبنان • فرانس 24


.. حزب المحافظين في المملكة المتحدة يختار زعيما جديدا: هل يكون




.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف الأسلحة نحو إسرائيل ويأسف لخيارا


.. ماكرون يؤيد وقف توريد السلاح لإسرائيل.. ونتنياهو يرد -عار عل




.. باسكال مونان : نتنياهو يستفيد من الفترة الضبابية في الولايات