الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إطمئنوا، ليس من مصلحة كورد سوريا الإنفصال حالياً

محمد رشو

2015 / 3 / 12
القضية الكردية


سياسي كُردي مغمور خارج البلد منذ أكثر من عشرة أعوام، وفي إحدى أوقات فراغه، وهي كثيرة، تخيّل نفسه جالساً مع فرانسوا سايكس وجورج بيكو، وبدأ يشخبر على خريطة و يرسم "غربي كُردستان" باتفاقية وهمية يمكن أن ندعوها " سايكس- بيكو- بريمو* ".

خريطة أقرب ما تكون إلى السخرية لما فيها من مغالطات تاريخية وجغرافية من جهة، وسوء توقيت وأسلوب طرح بغض النظر عن الطارح، الذي لا يزن شيئاً في السياسة الكُردية من جهة أخرى. ولكن بعض الأخوة ولتأكيد ما يذهبون إليه دائماً عند ذكر الكُرد و القضية الكُردية في سوريا سارعوا إلى ممارسة هوايتهم المفضلة في اتهام الكُرد بالانفصالية، وهنا لا بد من التركيز على بعض النقاط التي يغفلها سهواً أو عمداً أصحاب هذا الاتهام:

أولاً: المناخ السياسي الكُردي السوري يتقاسمه طرفان أساسيان فقط، حزب الإتحاد الديمقراطي ومن لفّ لفّه من أحزاب قزمة تحت مظلة الإدارة الذاتية الديمقراطية المؤقتة، والطرف الآخر الحزب الديمقراطي الكُردستاني- سوريا وباقي الأحزاب المنضوية تحت مظلته المسماة المجلس الوطني الكُردي.

ثانياً: حزب الإتحاد الديمقراطي كفاعل رئيسي والأكثر تأثيراً على الأرض وبالرغم من امتلاكه المقومات الإدارية المؤسساتية والعسكرية، أعلنها صراحة على لسان الرئيسة المشتركة لحركة المجتمع الديمقراطي السيدة سينم محمد ومن قبلها القيادي في حزب العمال الكُردستاني خطيب دجلة بأن "زمن الدول القومية قد ولّى"، كما أن هذا الحزب عضو مؤسس في هيئة التنسيق الوطنية المعروفة التوجهات، حتى أن هذا الحزب الذي لا يتبنى الفكر القومي الكُردي بتاتاً، بل الأممي الديمقراطي، والمتخلي عن كل ما يرمز إلى كُردستانيته، رفض حتى الفدرالية كنظام حكم في سوريا المستقبل، أما أهدافه تنحصر في سوريا موحدة ديمقراطية متعايشة المكونات، بالتالي يمكننا التأكيد على أن هذا الحزب غير انفصالي ولا يطمح لأكثر من إدارة ذاتية على نظام الإدارة المحلية المطبقة سلفاً ضمن سوريا ذات نظام حكم مركزي.

ثالثاً: المجلس الوطني الكُردي الذي يضم الباقي من الأحزاب بقيادة الحزب الديمقراطي الكُردستاني-سوريا هو جهة مدعومة من حكومة إقليم كُردستان العراق، وهو عضو في الائتلاف الوطني لقوى التغيير الديمقراطي في سوريا. هذا التشكيل يتبنّى الفدرالية كنظام حكم لسوريا اتحادية، وهو أيضاً لا يتبنّى أي طرح قومي خاص، وطرحه للفدرالية هو كحل لكل المكونات في سوريا، كما أن الأحزاب المكونة لهذا المجلس لا تحوي نظمها الداخلية أي إشارة إلى النضال من أجل تحرير أو توحيد كُردستان، وعلى هذا الأساس تم قبولهم ضمن المعارضة السورية. بالتالي أيضاً هذا الطرف لا يدعو إلى الانفصال.

مما سبق نرى أن التشكيلات السياسية الأساسية الممثلة للكُرد لم تدعو أبداً إلى الانفصال ولا حتى لمّحت له، علماً أنها حتى لو طالبت به فهو حق طبيعي ومشروع لها، فهو على الأقل خيراً لها من مشاركة الوطن مع من لا يرى الوطن إلا من منظوره المتشرّب ثقافة بعث القومية العروبية، فحتى الآن أغلب من يتهم الكُرد بالانفصال هم إما حديثي عهد المعرفة بالكُرد كشعب يشاركهم الوطن بعد أن كان كل ظنهم أن لا شعوب على أرض سوريا إلا الشعب العربي، وإما أن لهم غاياتهم الفئوية من وراء هكذا اتهامات.

ولكي يطمئن قلب "الشركاء في الوطن"، ليس من مصلحة الكُرد حالياً الانفصال، لسبب أساسي وهو أن عوامل الكُرد الذاتية لم تنضج بعد وكذلك الرغبة الدولية وهي الأهم، وحصول كُرد جنوب كُردستان (العراق) على فدراليتهم و ربما لاحقاً استقلالهم لم يكن ليأخذ مكانه لولا الرغبة الدولية من جهة وتفتّت العراق طائفياً من جهة ثانية، علماً أن الرغبة الدولية تحددها العديد من العوامل على رأسها المصالح، بالتالي بدلاً من سيل اتهامات الانفصال لكُرد سوريا كلما قرر مغمورٌ ما أن ينشر خرائطه، على المتّهِم أن ينظر إلى نفسه، هل هو مهيّئ للتخلي عن فكره البعثي السابق –والحالي ربما- و تقبّل فكرة وجود قوميات وشعوب تشاركه الوطن من على أرضها التاريخية؟ هل من مصلحة هذه الشعوب الانفصال، وهل اتهامه لها سيجعلها تحيد عن مطلبها إن وجد؟ ألا يعلم أن وراء تخندقه القومي هذا تكمن بذور شقاق شعوبي تجعل من البلد أكثر عرضة للانقسام على النموذجين العراقي والصومالي؟

هنا لا بد من الإشارة إلى أنه لا وطن عبر التاريخ تم تقسيمه عرقيا أو طائفياً إلا عندما تُفتقد إمكانية العيش المشترك بين المكونات، وهكذا اتهامات دائمة للكُرد بالانفصالية تجعلهم أقرب إلى تبنيها كمطلب أساسي في ظل جو عدم الثقة الذي يطرحه الشريك، فالانفصال على الأقل سيضمن لها الحفاظ على ذاتها القومية من الانحلال في شمولية وعروبية الشريك الممثل للأكثرية القومية.

يبقى أن نقول، الكُردي الذي لا يحلم بكُردستان كدولة قومية له علينا الشك بقوميته، ولكن كُردستان كدولة قومية حلم ليس بالضرورة أن تكون بالشكل الذي تخشى منه دول المنطقة، فالشكل الأقرب للتحقق هو كونفدرالية بين الأجزاء الكُردستانية في الدول المتداخلة الحدود مع كُردستان، وفي هذا النمط كل جزء كُردستاني يبقى ضمن وحدة سياسية جغرافية مع البلد الواقع فيه، ولكن تربطه علاقات مميزة مع الأجزاء الكُردستانية الأخرى، فلا داع للخوف، سوريا ستبقى موحدة ليس بفضل الحرص على وحدة ترابها من قبل أدعياء الوطنية، وإنما بسبب الرغبة الدولية في عدم التقسيم، وإن فُقدت القدرة على العيس المشترك بين شعوب وطوائف سوريا، فالفدرالية هي الحل ولكن ضمن سوريا اتحادية، ويكفي اتهامات.
ـــــــــــــــ
* بريمو: نوري بريمو وهو سياسي كُردي سوري مقيم في إقليم كوردستان العراق منذ 11 سنة قام مؤخراً بطرح خريطة لغربي كُردستان "كُردستان سوريا".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين


.. الأمم المتحدة التوغل في رفح سيعرض حياة الآلاف للخطر




.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة