الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى مَن “لا” يهمه الأمر

دينا عمر

2015 / 3 / 14
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


البعض يتذكر يوم المرأة العالمي بصور أمومة تحيط الأطفال بالرعاية والاهتمام، والبعض الآخر يتباهى بصور مرشحات البرلمان المُنتقيَات بعناية من النظام الحاكم ليفاجئنا بالقول “عايزين إيه أكتر من كدة؟”!

البعض الآخر يعدد دور المرأة في الثورة المصرية لسماع إطرابا عن بطولتها، لكن أن تخوض حديثا عن وضع المرأة بعد اعتصام الـ 18 يوما والتجاوز الزمني والظرفي لـ “يوتوبيا التحرير”، فهذا شأن آخر.

هل يمكن أن نجد اقتراحات لصور أخرى؟

صور مهرسات جماعية بمحطات المترو، حيث يتضائل أمامها وصف “التحرش”، وصور 83% من نساء مصر، على الأقل، يتعرضن للتحرش الجنسي واللفظي، أيضا صور لمعتقلات مُغتصبات اُنتهكت إنسانيتهن، ونساء من أقارب المعتقلين يعانين التهديد والإذلال الجنسي على يد كلاب الداخلية، وصور لعاملات تضاعف عليهن استغلال العمل والأعباء المنزلية والقيود الاجتماعية، وربما أيضا صورة لمحافظ الشرقية الذي أقال 4 من سكرتيرات مكتبه “خوفا من الفتنة”!

ومئات الأفكار السلعية المستغلة للمرأة، لا تلتقطها العدسات.

هل يمكن أن نجد، على الأقل، فرقا بين مرتكب الجريمة والساكت عنها ولا يهمه الأمر؟

الواقع المرير والتراكم الفج لحالة من العفن قادت، بشكل طبيعي، لواقع عنيف لا يضاهيه الوحل في انحطاطه ليقابلها البعض في نفس الحين بدعوى إنه “مش وقته”!

حسنا، إن كنت تستحي من لفظ “حقوق المرأة ومطالبها” وتكتفي بتصدير ألفاظ تتلائم مع ثورية ضيقة الأفق ووعي غير ناضج لطبيعة الصراع الطبقي، فالسلطات الحاكمة التي صنعت رطلا هائلا وتراكما عميقا خلال عقود طويلة من الزمن لم تستح من نشر أفكارها الرجعية، ولم تتراجع يوما عن تغذية الاضطهاد ضد المرأة للنأي بها عن المشاركة في المجتمع ككل وليس في ميدان الثورة فقط.

عزيزي الثوري، فصل قضية المرأة ومواجهة اضطهادها عن قضايا الثورة بدعوى “أولويات النضال لا تسمح الآن” هو قمة العوار المعيب الذي يصيب أية تكتلات أو تنظيمات ثورية ويفضح تناقضات حادة تفرزها الأحداث دوما ليس فقط في تكتيكاتها المرحلية لكن في استراتيجيتها الأكبر.

إن كنت تراهن على الطبقة العاملة في قيادة الصراع الطبقي، وتراهن على شراكة المرأة والرجل في صنع الثورة الاجتماعية، فتذكر أن الانخراط في الصراع الطبقي ودفعه وتعميقه على مستوى القضايا العمالية فقط، ليس كفيلا لصنع ثورة شاملة، وأنك إن لم تتخطى حاجز تحقيق الثورة السياسية لتنتظر من السماء تغيير شامل للسلوكيات والأفكار الرجعية، ويصبح البشر فجأة كلهم “ملايكة”، فالمرأة، شريكة الصراع، لن تجدها طويلا بجانبك إن لم تتخذ خطوات عملية ضد الأفكار الرجعية المسببة لعزلتها عن الحركات الاجتماعية الأوسع.

الدولة الطبقية تعتمد على الاضطهاد والتفرقة لتسييد مصالحها فوق الفئات الأضعف، والاضطهاد المضاعف يجعل من المرأة فريسة سهلة للاستغلال الفكري من مؤسسات النظام الحاكم وإقحامها في إطار مطاطي يضيق أو يتسع وفقا لمصالح تلك الدولة، إما بتصدير واجهة الديمقراطية والحريات أو بإطلاق يد الأفكار الرجعية في استيعابها داخل المنزل وتحجيبها عن خارجه، ويصبح المكان “الطبيعي” للمرأة في طابور الانتخابات وليس في اشتباكات الميدان.

إن كنت تجيد تحليل اللحظة الحالية من استعادة الطبقة الحاكمة لنفوذها واستشراس المؤسسات الأمنية للقضاء على الثورة ولا تتدخر جهدا، عند كل مناسبة، في شرح الأسس التاريخية لاضطهاد المرأة، فكر أيضا في: ماذا بعد؟ إن لم يتيقظ حدسك الثوري على مد الأمراض الاجتماعية على استقامتها، لتتحول المصائب التي مرارا ما تجاهلتها إلى كوارث أصدمتك، فتفكيرك وأدائك الثوري القاصر على مجرد متابعة النضالات الجزئية دون استراتيجية واضحة، تهدم كل أشكال الاستغلال والطبقية، سيجعلك الفصيل المعارض المحبذ لدى سلطة تنتهز وتجيّش كل أفكارها الرجعية في ضرب المصالح المشتركة بين الرجال والنساء في الإضرابات العمالية، وفي القوانين الشخصية وفي سلطوية الأفكار الذكورية.

ستتحول تلقائيا من الجذرية إلى القبول بأقل مكتسبات اجتماعية تلقيها السلطة الحاكمة، وستتحول أيضا إلى قبول نفس تلك الأفكار التي وضعتها السلطات الحاكمة ورسختها في الأعراف المجتمعية بقصر النساء على وظائف معينة وتوجيهها لأدوار إنتاجية بعينها دون اعتراكها لوظائف أخرى، وما يشمل ذلك من استغلال مادي مضاعف، في الوقت الذي تعيل فيه المرأة ثلث الأسر المصرية ولا تمثل سوى 24% من الطبقة العاملة بالقطاع الحكومي.

الثورة الشاملة لا تعرف مفهوما لأولويات قضاياها أيهم ستختار، ولا تسعى، بأي حال، لتجزئة الصراع.

قد نجد للأسف بعض الثوريين المتشدقين بتحرر الطبقة العاملة وتحطيم قيود الرأسمالية، يلتحمون بالمعارك الطبقية ويقدمون تنبؤات حول حتمية ثورات قادمة، لكنهم لا يستطيعون نقل مفاهيمهم الثورية إلى حيز حياتهم. بل وأحيانا قد نجد البعض منهم يمارس فعل السلطة الاستبدادية والاضطهاد والاستغلال ضد زوجته أو نساء بيته في مقاربة لا تقل أبدا عن ممارسات الاستغلال لدى النظام الحاكم. إننا نجدهم يحاربون عنصرية النظام لكنهم أيضا يسعون إلى تغليب الأوهام المجتمعية المترسبة في “سي السيد” ذو السطوة مع تهميش مشاركة الطرف الآخر وتجاهل حقوقه في التحرر.

الرسالة أيضا إلى المرأة المصرية في يومها العالمي، وفي ظروف حالكة أطاحت بحق التظاهر إلى غياهب السجون، فالمرأة التي طالما حلمت بحرية تحررها من قيود الاستغلال في البيت والعمل والعلاقات الاجتماعية، وتثقلها بأعباء تسحب إنسانيتها تدريجيا، فإرادتك في التغيير هي المحرك الدائم لكِ، والانخراط في ميادين الثورة لن ينعكس تلقائيا وحده على حلمك، سوى أن تنتقل الثورة بفعلها ومفاهيمها ودروسها إلى تفاصيل حياتك..

إنها مجرد رسالة، ولنا كل العقل وليس نصفه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لهذا قُتلت لاندي جويبورو التي نافست على لقب ملكة جمال الإكوا


.. الدول العربية الأسوأ على مؤشر المرأة والسلام والأمن




.. إحدى الطالبات التي عرفت عن نفسها باسم نانسي س


.. الطالبة التي عرفت عن نفسها باسم سيلين ز




.. الطالبة تيا فلسطين