الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ٱلقردة وٱلخنازير دوآبّ ؟

سمير إبراهيم خليل حسن

2005 / 9 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد ورد فى كتابى ٱلأول "منهاج ٱلعلوم" أن ٱسم "ٱلقردة" هو ٱسم جمع من أصل ٱلفعل "قَرَدَ يقرد". وهو يدل على ٱلإعيآء وٱلخضوع بذلٍّ وهون. ومنه ٱسم فاعل لدآبَّة صغيرة تشبه ٱلذبابة هى ٱلقراد ٱلتى تشرب دم ٱلبهاۤئم من دون أن تستطيع منعها. ومن ٱلطيور من يأكل ٱلقراد. ومنها طآئر صغير يوقف على رأس فيل ويقفز على رأسه وظهره يلاحق طعامه. وهو فى حركته ينثر روثه على رأس وظهر ٱلفيل ٱلذى يسكن عن ٱلحركة خوفا من أن يطير هذا ٱلطآئر ويترك ٱلقراد يشرب من دمه. وهذا ٱلأمر يجعل ٱلفيل من ٱلقردة بسبب خضوعه بذل وهون لذلك ٱلطآئر ٱلصغير وبسبب حاجته للتخلص من أذى ٱلقراد.
هذا ٱلدليل يظهر فى ٱلبلاغ ٱلعربى:
"فلمّا نَسُوا ما ذُكِّروا بهِ أَنجينا ٱلَّذين ينهون عنِ ٱلسُّوۤءِ وأخذنا ٱلَّذين ظلموا بعذابٍ بئيس بما كانوا يفسقون/165/ فلمّا عَتَوا عن مَّا نُهُوا عنه قلنا لهم كونوا قِرَدَةً خٰسئين/166/ وإذ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبعثَنَّ عليهم إلىٰ يوم ٱلقيٰمةِ من يسومهم سوۤءَ ٱلعذابِ إنَّ ربَّكَ لَسَريع ٱلعقابِ وأنَّه لغفور رَّحيم/167/ وقطَّعنٰهم فى ٱلأرض أُممًا مِّنهم ٱلصَّـٰٰلحون ومنهم دون ذٰلك وبَلَونَٰهم بٱلحسنٰت وٱٰلسَّيِّئَاتِ لعلَّهم يرجعون/168/ فخلف من بعدِهِم خَلف ورِثوا ٱلكتٰب يأخذون عَرَض هذا ٱلأدنى ويقولون سَيُغفَرُ لنا وإن يأتِهم عَرَض مِّثلُهُ يأخُذُوهُ أَلَم يُؤخَذ عليهم ميثٰق ٱلكتٰب أن لَّا يقولوا على ٱللَّهِ إلا ٱلحقَّ ودرسوا ما فيه وٱلدَّار ٱلأَخِرة خير لِّلَّذين يتَّقُونَ أَفلا تعقلون/169/" ٱلأعراف.
وفيه أن ٱلذين نسوا ما ذكّروا به وفسقوا وظلموا وعَتَوا عن ما نُهُوا عنه هم ٱلذين صاروا "قردة خٰسئين" يتسلط عليهم "من يسومهم سوۤءَ ٱلعذاب" يُطردون من ديارهم ويتفرقون فى ٱلأرض وتنشأ أمم مِّنهم ويصير "منهم ٱلصَّٰلحون ومنهم دون ذٰلك".
لقد دلت "قردة" فى هذا ٱلبلاغ على صفة للناس. وٱلكلمة لا تدل على داۤبَّة تحيا على ٱلأشجار كما يُظَّن. وقد ٱقترنت هذه ٱلصفة مع صفة "ٱلخنٰزير" فى ٱلبلاغ60 ٱلماۤئدة وهم ناس قساة ٱلقلوب. وفى ٱلبلاغ ٱلعربى ما يبين هذا ٱلفهم لدليل ٱلكلمة ولا يخرج عنه إلى ٱلفهم ٱلمنتشر بين ٱلناس:
"وإذا ناديتم إلى ٱلصَّلوٰة ٱتخذوها هُزُوًا ولَعِبًا ذٰلك بأنَّهم قوم لَّا يعقلون/58/ قُل يٰۤأَهلَ ٱلكتٰب هل تنقمونَ مِنَّاۤ إلآّ أَن ءَامنَّا بٱللَّهِ ومآ أُنزلَ إلينا ومآ أُنزِلَ من قبلُ وأَنَّ أكثركم فٰسقون/59/ قُل هل أُنَبِّئُكُم بشرٍّ من ذٰلك مَثُوبَةً عند ٱللَّهِ من لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وغضِبَ عليه وجعل منهم ٱلقِردَةَ وٱلخنٰزير وعَبَدَ ٱلطَّـٰغوتِ أُولٰۤئك شَرّ مَّكانًا وأضلُّ عن سَوَآءِ ٱلسَّبيل/60/ وإذا جآءُوكم قالوا ءَامنَّا وقد دخلوا بٱلكُفرِ وهم قد خرجوا به وٱللَّهُ أعلمُ بما كانوا يكتمون/61/ وترى كثيرًا مِّنهم يُسٰرعون فى ٱلإثم وٱلعدوانِ وأكلهِمُ ٱلسِّحتَ لَبِئسَ ما كانوا يعملون/62/" ٱلماۤئدة.
وفيه وصف للفاسقين ٱلضَّاۤلِّين "عن سوآء ٱلسبيل" فهم "لا يعقلون". وهذا هو ٱلمدخل إلى ٱلفسق ٱلذى يوصل صاحبه إلى "لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وغضِبَ عليه وجعل منهم ٱلقِردَةَ وٱلخنٰزير وعَبَدَ ٱلطَّـٰغوتِ".
وفى ٱلبلاغ تحديد للمحرَّم فى ٱلطعام يبيّن لنا دليل ٱسم خنزير:
"حُرِّمت عليكم ٱلمَيتَةُ وٱلدَّمُ ولحمُ ٱلخنزير" 3 ٱلمائدة.
"إنَّما حَرَّمَ عليكُمُ ٱلمَيتَةَ وٱلدَّمَ ولحمَ ٱلخنزير" 115 ٱلنحل.
وجآء ذلك ٱلتحديد مفصَّلاً فى ٱلبلاغ ٱلتالى:
"قُل لّآ أجِدُ فى مآ أُوحِىَ إِلىَّ مُحَرَّمًا على طاعِمٍ يطعَمُهُ إلآّ أَن يكون مَيتَةً أو دمًا مَّسفوحًا أو لحمَ خنزيرٍ فإنَّه رجس أو فسقًا أُهِلَّ لغير ٱللَّهِ بِه فَمَنِ ٱضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ فإنَّ ربَّك غفور رَّحيم" 145 ٱلأنعام.
ٱلمَيتَةُ كلمة تدل على ما ينقض ٱلحىّ. وهو ٱسم لِّلشىء ٱلذى لا حياة فيه مثل ٱلحديد وغيره من ألوان ٱلتراب. وما يحتاجه ٱلإنسان من ٱلحديد يأخذه من مصدر حىٍّ. فٱلدَّاۤبَّةُ ٱلتى تموت لسبب من ٱلأسباب يبقى جسمها حىّ حتى يتفكك ويعود إلىۤ أصله ٱلترابى. وٱلكلمة تختلف عن كلمة ٱلمَيِّتَةُ بٱختلاف ٱليود ٱلمفعَّل بٱلحيريق قطان (ٱليآء وٱلكسرة فى ٱللُّغة) ٱلتى تدلّ على يدٍ تدخلت فى حياة ٱلداۤبَّة فجعلتها ساكنة هامدة. سوآء ءَكان ٱلتدخل بذبح أم من دون ذبح. وٱلمذبوحة هى مَيِّتَةُ. وأكل لحمها طريًّا هو حلال. أمَّاۤ إذا تُركت من بعد توقف أفعال ٱلمناعة فى جسمها يصير جسمها بٱلموت جثمانًا تبدأ فيه أفعال ٱلتفكيك وٱلتحويل إلى سوره ٱلترابية ٱلأولى غير ٱلحيَّة. وٱلذى يفعل فى هذا ٱلتفكيك وٱلتحويل هو كآئنات تثور فيه من بعد توقف ٱلمناعة وتبدأ تنسر فى لحمه (تقطع فيه أكلاً له) وتتكاثر بأعداد كبيرة فيرجس (يختلط اختلاطًا لا تفريق له) لحمه ٱلمتسنِّهُ بٱلجسيدات ٱلأولية ٱلترابية ٱلناجمة عن ٱلتفكيك وٱلتحويل (فضلات هذه ٱلكآئنات). وأن أكل لحم هذه ٱلدَّاۤبَّة يدخل ٱلخبث ٱلذى نجم عن أعمال ٱلتفكيك وٱلتحويل إلى ٱلجسم ٱلحىّ. وسيكون فيه جسيدات أولية مَيتَة لا يستطيع تحويلها كما يفعل مع ٱلطعام ٱلطَّيِِّب. فيضعف بسبب ما ينفقه من طاقة لإخراج هذه ٱلجسيدات. وهو "لا يخرج إلاّ نكدًا" لأنّه خبيث بسبب ٱلموت وٱلتَّسنّه وٱلرجس بٱلتراب.
و"لحم خنزيرٍ" هو خبيث لأنه "خنزير". ووصفه من ٱلأصل "خنزر" ٱلذى يدل على ٱلعسر وٱلغلاظة وٱلقسوة. وهو لحم يكتسب هذا ٱلوصف بفعل طول عمر صاحبه. فكل كبير فى ٱلعمر لحمه "خنزير" بسبب رجس ٱلجسيدات ٱلترابية فيه كٱلكلس وٱلحديد وألوان أخرى من ٱلتراب ٱلميتَةَ. وهذا ٱلوصف "خنزير" يستعمل لكل قلب قاسٍ فكرُه.
أمَّا ٱسم "ٱلطَّـٰغوتِ" فهو من أصل ٱلفعل "طغو يطغو" ويدل على تجاوز ٱلحدود. و"عَبَدَ" هو فعل ٱلخضوع للأمر ٱلصادر عن سيد من دون عصيان. وٱلعبد هو ٱلمملوك لسيد ومالك. فيدلنا "عَبَدَ ٱلطَّـٰغوتِ" على كل مَن ذلَّلَ نفسه للعمل على ٱلطاعة فى تجاوز ٱلحدود. وهو يعتدى عبادةً مِّن دون تفكير ولاۤ إرادة. فيلقى ردًا مِّن ٱلمعتدَى عليه يُذلّه ويُخضعه ويُشرّد به. وهذا ما يبينه ٱلقول "لعَنَهُ ٱللَّهُ وغضِبَ عليه" فيوصل إلى ٱلإعيآء وٱلخضوع بذلٍّ مّهين. وما ساقه إلى ذلك ٱلخضوع هو تذليل نفسه على ٱلعدوان. وهو ما بينه ٱلبلاغ "يُسٰرعون فى ٱلإثم وٱلعدوانِ".
أماۤ "أكلهِمُ ٱلسِّحتَ" فنجد دليل "ٱلسِّحتَ" فى ٱلأصل ٱلثلاثى "سَحَتَ" ويدلّ على جذِّ ٱلشىء (قطعه قطعاً صغيرة) حتى يقلّ عن ٱلكفاية. ومثل هؤلآء ٱلذين أصابهم ٱلثمود وٱلذلّ وٱلإعيآء بفعل ٱلعدوان وبخنزرة قلوبهم وبصدّهم كلَّ رأى وقول. وبرفضهم كل جديد. وبتذليل نفوسهم على تجاوز ٱلحدود من ٱلحق إلى ٱلباطل. يطلبون ٱلضُّرَّ وٱلأذى وٱلعدوان على ٱلغير. ويأكلون ٱلجذاذ من كل شىء لا يتركون شيئًا مَّهما قلَّ وصغر. ولا يعرفون للعفو طريق. هؤلآء هم ٱلذين "جعل منهم ٱلقِردَةَ وٱلخنٰزير".
وقد بين ٱلبلاغ قسوة ٱلقلب لهكذا ناس:
"ثُمَّ قَست قُلُوبُكم مِن بَعدِ ذٰلك فَهِىَ كٱلحجارَةِ أَو أَشَدُّ قَسْوَةً" 74 ٱلبقرة.
"ولكن قَسَت قُلُوبُهم وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيطٰنُ ما كانوا يعملون" 43 ٱلأنعام.
"فَبِما نَقضِهِم مِّيثَٰٰقَهُم لَعَنَّٰهُم وجعلنا قُلُوبَهُم قَٰسِيَةً يُحَرِّفُونَ ٱلكَلِمَ عن مَّواضِعِهِ ونَسُوا حظًّا مِّمّا ذُكِّروا به" 13 ٱلماۤئدة.
"فويل لِّلقٰسِيَةِ قُلُوبُهُم من ذِكرِ ٱللَّه أُولـٰٰۤئِك فى ضَاَـٰلٍ مُّبينٍ" 22 ٱلزُّمر.
"لِيَجعَلَ ما يُلقِى ٱلشَّيطَٰنُ فِتنَةً لِّلّذين فى قُلُوبِهِم مَرَض وٱلقٰسِيَةِ قُلُوبَهُم وإنَّ ٱلظًّـٰلِمينَ لَفِى شِقاق بعيدٍ" 53 ٱلحج.
"فَطَالَ عَلَيهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَت قُلُوبُهُم وكثير مِّنهم فَٰٰسقون" 16 ٱلحديد.
جميع هذه ٱلبلاغات تبين أن قسوة ٱلقلب تسير بٱلناس إلى ٱلرضى عن أعمالهم ٱلتى تنقض ٱلميثاق وتحرّف ٱلكلام وتفعل ٱلظلم وٱلضلال وٱلشقاق. ووجدنا فى جميع ٱلبلاغات أن ٱلذين ينسون ما ذكّروا به يفسقون وتصيبهم ٱللعنة وتجعلهم قساة ٱلقلوب "قردة وخنٰزير".
ونوصل إلى ٱلقول أن "لحم ٱلخنزير" لا يدل على لحم داۤبَّةٍ محدَّدة. بل على لحم أىّ داۤبَّة عجوز صار لحمها قاسيًا عسرًا غليظًا. وأكله وهضمه عسرًا و"لا يخرج إلا نكدًا" وهذا يجعله خبيثًا. وإنَّ "مَيتَةً أو دمًا مَّسفوحًا أو لحم خنزير" هى ٱلخباۤئث فى ٱلطعام بسبب أصلها غير ٱلحىِّ أو بسبب أعمال ٱلتفكيك وٱلتحويل إلى سوره ٱلترابية ٱلميتة وتسنُّهِهِ. أو بسبب قسوته وعسره وغلظه بفعل ٱلعمر. فٱلحى يولد وفى جسمه أربعة أخماس وزنه مآء. وبعد أن يبلغ أشده ويسير على طريق ٱلكهولة وٱلشيخوخة ينقص من جسمه ٱلمآء وتزيد فيه ٱلجسيدات ٱلترابية حتى تبلغ حدًّا يغلب على ٱلمآء فتجعل ٱلجسم ميِّتًا. ولحم مثل هذا ٱلعجوز قاسٍ وعسر وغليظ على ٱلأكل وٱلهضم وٱلخروج بسبب خنزرته ٱلتى نشأت بفعل تراكم ٱلسور ٱلترابية فيه.
لقد جآء فى ٱلبلاغ عن هذه ٱلخبآئث أنها "رجس أو فسقًا" ودليل كلمة "رجس" من دليل ٱلفعل "رَجَسَ" ٱلذى يدل على ٱلاختلاط. ويدل فى ٱلرأى وٱلقول علىۤ ٱختلاط ٱلباطـل فى ٱلحق. كما هو فى ٱللغو. ويدل فى ٱلطعام علىۤ ٱختلاط ٱلخبيث بٱلطيِّب. أما "فَسَقَ" فيدل على خروج وظهور ٱلعصيان على ٱلأمر وٱلتوجيه. وهو فى ٱلبلاغ خروج على ٱلطَّيِِّب فى ٱلأكل.
أما ٱلقول "أُهِلَّ لغير ٱللَّهِ به" فإن ٱلفعل "أُهِلَّ" من ٱلأصل ٱلثلاثى "هَلَّ" ويدل على بداية ظهور ٱلشىء أو ٱلأمر. ويدلّنا ٱلقول أن أكل "مَيتَةً أو دمًا مَّسفوحًا أولحم خنزيرٍ" هو بداية ظهور ٱلفسق وٱلعصيان علىۤ أوامر ٱللّه وٱمتناع عن ٱلأخذ بوصاياه وتوجيهاته. وأكل ٱلخباۤئث يأتى به نسيان أوامره ووصاياه وتوجيهاته وٱلفسق عليها. وٱلذين ينسون ويفسقون هم ٱلذين "لا يعقلون" ولا يدركون أن أكل ٱلخباۤئث ينشر فى ٱلجسم ٱلحىّ ٱلسور ٱلترابية ٱلمَيتَة. وهى ٱلخبث ٱلذى يجلب ٱلمرض وٱلموت ويعطّل سنَّة ٱلاصطفآء. وسبب ذلك ٱتباع ٱلشهوات من دون تبصر ولا علم.
فٱلدَّاۤبَّة ٱلتى تعرف ٱليوم بٱسم "خنزير" يطبق ٱلوصف على لحمها بٱلاسم إذا كانت عجوزًا قاسية ٱللحم. أماۤ إذا كان لحمها طريًّا فهو طيِّب (طازج وغضّ).
فكلمة "خنزير" لا تدل على داۤبَّةٍ محدَّدة. وقد وردت فى ٱلبلاغ كصفةٍ لِّلَّحمٍ (لحم ٱلخنزير/ لحم خنزير) وكصفة لِّلناس ٱلقاسية قلوبهم.
وإذا نظرنا إلى طعام ٱلذين يتَّبعون ٱلإنجيل نجدهم يأكلون لحم هذه ٱلدَّاۤبَّة حتى يومنـا هـذا. وجآء فى ٱلبـلاغ أن طعامهـم من ٱلطَّيِّبات وهو حِلّ:
"ٱليومَ أُحِلَّ لكُمُ ٱلطَّيِّبٰتُ وطَعَامُ ٱلَّذين أُوتُوا ٱلكتٰب حِلّ لَّكُم وطعامُكُم حِلّ لَّهُم" 5 ٱلماۤئدة.
وجآء فى كتاب موسى أن جميع ٱلدوّاۤبِّ من دون ٱستثنآءٍ حلال:
"كل دابَّةٍ حيَّةٍ تكون لهم طعاماً، كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع" تكوين الإصحاح 9.
لقد بين كتاب موسى أن "كل دابة حية تكون لهم طعاماً" من دون ٱستثنآء لأىّ لونٍ منها. كما بين ٱلبلاغ ٱلعربى أن ٱلذى حُرِّمَ على ٱلذين هادوا هو من ٱلطيبات وقد حُرِّمَ عليهم بسبب ظلمهم:
"فبظلمٍ مِّنَ ٱلَّذين هادوا حرَّمنا عليهم طيِّبٰتٍ أُحلَّت لهم" 160 ٱلنسآء.
وقد ٱستمر هذا ٱلعقاب حتىۤ أتى رفع بعضه عنهم فى رسالة عيسى ٱبن مريم:
"ولأُحِلَّ لكم بعض ٱلذى حُرِّمَ عليكم" 50 ءَال عمران.
ونجد من بين ٱلدَّواۤبِّ ٱلتى حُرِّم أكلها على ٱلذين هادوا داۤبَّةً تدعى "ٱلحَزير". وهذه ٱلدَّاۤبَّة تدعى بهذا ٱلاسم فى ٱلأرامية وٱلكنعانية وٱلعبرية. وهى ذاتها ٱلتى تلغو فى دليلها ٱللغة ٱلفصحى وكهنوتها بٱسم "خنزيرٍ". وقد رأيناۤ أن ٱلخنزير من ٱلأصل ٱلثلاثى "خَنَزَر" ٱلذى يدل على ٱلصلابة وٱلغلظة وٱلقسوة. وأنَّ لحم ٱلخنزير هو لحم قاسٍ صلب وغليظ. وهو ما يعرفه ٱلعامة بٱسم "جلف". ومثل هذا ٱللحم يرجس بٱلسور ٱلترابية بسبب كبر ٱلسن. وهو بذلك مصدر ٱلمَيتَة وهذا هو سبب تحريمه.
أما "ٱلحزير" فهو خير ما عند ٱلمرء. وهو من ٱلفعل ٱلشامىّ "حزر" ومنه ٱسم ٱلشهر "حزيران" أول أشهر ٱلصيف وخيرها بسبب كثرة ٱلثمار ٱلتى تنضج فيه. وأتباع رسالة عيسى يأكلون "ٱلحزير" لأنه طيب. وطعامهم حلّ لأنه من ٱلطيبات. وهو طيب ما لم يكن مَيتَة أو خنزيرًا.
ونجد أن الطَّيِّب يفقد ٱلطِيبَ عندما يرجس بٱلخبيث ويدلنا على ذلك ٱلبلاغ:
"وأنزلنا عليكم ٱلمنَّ وٱلسَّلوى كلوا من طيِّبٰت ما رزقنٰكم" 57 ٱلبقرة.
ٱلأمر لا يوجِّه بٱلأكل لكلَّ ٱلرزق ٱلمنزل. ولم يأتِ ٱلأمر بٱلقول "كلوا ما رزقناكم". ونجد تعريبًا للأمر فى ٱلنظر فى ما يلى من كتاب موسى:
"وقال موسى لا يُبقِ أحدٌ منه إلى الصباح. لكنهم لم يسمعوا لموسى بل أبقى منه أناسٌ إلى الصباح. فتولد فيه دودٌ وأنتن" سفر خروج الإصحاح 16.
ٱلذىۤ أنزله عليهم كله طيِّب. أما ٱلذى بقى منه إلى ٱلصباح ولد فيه دود ورَجَسَ به تراب وتسنَّه. فلم يعد طيِّبًا وصار خبيثًا لا يخرج إلا نكدًا.
لقد بيّن ٱلبلاغ أن ٱلتحريم يلزمه بيّنة وشهدآء:
"قُل هَلمَّ شُهدآءَكُمُ ٱلَّذين يشهدونَ أنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَ هذا"150 ٱلأنعام.
أمَّا ما ينتشر بين ٱلناس من حرام من دون بيّنة فهو كثير. ويدخل موقف ٱلناس فى هذه ٱلمسألة فى ٱلإفترآء وٱلكذب:
"ولا تقولوا لِمَا تَصِفُ أَلسنَتُكُم ٱلكَذِبَ هذا حَلَٰل وهذا حرام" 116 ٱلنحل.
"وحرَّموا ما رزقَهُمُ ٱللَّهُ ٱفتِرآءً على ٱللَّهِ"140 ٱلأنعام.
وبيَّن ٱلبلاغ أمرًا للمؤمنين يمنعهم فيه من تحريم ماۤ أحلَّ ٱللَّه لهم:
"يٰۤأَيُّها ٱلَّذين ءَامنوا لا تحرموا مآ أَحلَّ ٱللَّه لكم" 87 ٱلمائدة.
وقد جآء هذا ٱلتوجيه إلى ٱلنبى:
"يٰۤأَيُّها ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحرِّمُ مآ أَحَلَّ ٱللَّه لك"1 ٱلتحريم.
وكلُّ تحريم فردى يجب أن يكون مشفوعًا بٱلبينة. ولا يكون تحريمًا عامًّا:
"كُلُّ ٱلطَّعامِ كان حِلاًًّ لِّبنِىۤ إسرٰۤءيلَ إلاّ ما حرَّمَ إسرٰۤءيلُ على نفسِهِ" 93 ءال عمران.
ونجد أن ما حرَّمه ٱللَّه لا عجمة فيه. بل هناك بيان وتفصيل:
"وقد فصَّلَ لكم مَّا حرَّم عليكم إلاّ ماۤ ٱضطُرِرتُم إليه" 119 ٱلأنعام.
لقد جآء ٱلتحريم مفصّلاً. وليس لمدّعٍ بٱلبيان وٱلتفصيل بعد بيان وتفصيل ٱللَّه. وهناك طريق واحد فى ٱلمسألة وهو ٱلتصديق عن طريق ٱلنظر وٱلبحث ٱلعلميين. وهو ما يفعله ٱلعلم ٱلحديث ٱلذى يمثل ٱلعاملون فيه ٱلشهدآء ٱلذين يشهدون أن هذا ٱلطعام يضرُّ مريضًا بٱلسكّر أو قسوة أوعية ٱلدم وغيرها من ٱلأمراض. وهو ما فعله "إسرٰۤءيل" بنفسه.
ونذكّر كلّ مدّعٍ بٱلأمر ٱلتالى:
"قُل مَن حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّه ٱلَّتِىۤ أَخرَجَ لعبادِهِ وٱلطَّيِّبٰتِ مِنَ ٱلرِّزقِ" 32 ٱلأعراف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري