الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية خيارنا الوحيد

حسام كصاي

2015 / 3 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



لم تكن العلمانية ظاهرة مقبولة في المخيال العربي والإسلامي, ولم تكن هي البديل الثوري عن الخلافة الإسلامية التي قتلت نفسها بيدها, وليس بأيديٍ علمانية _ كما يُشاع ويُروج له _ وإنما قُتلت بسبب ترهل وتفسخ قيم القائمين عليها من انتشار البدع والخرافات والقيم السلبية على إنها هي إسلام الرّسول, الأمر الذي جعل الإسلام المبكر عرضه للتشوهات, وباباً مفتوحاً لتلقي الطعنات والتنكيل به, ليس بسبب الإسلام أو بنيته أو عقيدته الخالدة, وإنما العلة تتمثل بـ "راكبي الموجة", موجة الإسلام من حركات إسلاموية متحزبة تتطلع إلى الدنيا والمال والثروة من خلال نافذة الدين والمقدس, أو رجال دين (كنسيين) يحلمون بالهيبنة والثراء والسيطرة على عقول الناس قبل القلوب, لكن من أعطى الشرعية الكاملة لبروز ظاهرة العلمنة في مجتمعاتنا؟
أنْ العلمانية لم تكن حلاً وطريقاً سليماً لو لم تكن الطائفية والثيوقراطية بشعة بتلك الصورة القبيحة, والعلمالنية ليس هي الحل الأمثل, لكنها الأفضل, لأن العلمانية هي اقل ضرراً من الثيوقراطية بحكم إن الاخيرة يؤثر فيها عامل تخدير العقول البشرية بشكل وفاعلية اكثر بشاعة, لكن العلمانية ليست صالحة للعرب والمسلمين لأنها دخيله على افكارهم وعقلهم بنفس الغرابة والوفود الفكرة للثيوقراطية, لكن لا بديل عن سواها, فالإسلاميون أثبتوا عجزهم في بناء دول قائمة على أسس مدنية صحيحة تحترم الديمقراطية بما هي "شورى العصر".
لم تترك الطائفية والنزاعات الاهلية أية مجالاً شاغراً لرفض العلمانية, التي أصبحت مطلب لعرب وتُطلعهم, ومطمح الكثيرون منهم, حتى "البعض الإسلاموي" غير المتطرّف يؤمن (أو يعتقد على الأقل) بإن العلمانية هي المخرج العربي من نفق الطائفية المرعب, فالعرب لا خيار لهم اليوم إلا الإندفاع صوب العلمنة, واستنبات قيمها, وليس الأمر تآمرياً على الإسلام, وإنما حفاظاً على مكتسباته, فرب فاجراً صادقاً أفضل بكثير من براً كاذباً, فالإسلاميون اليوم, أو ما يُسمون بـ "الإسلام السياسي" هم من نال من الإسلام _ بوعي أو من عدمه _؛ وهم من جعل خيار العلمانية هو الحل الأسلم بسبب النزعة التطرّفية التي نفرت العرب من الحكم الإسلاموي, وجعلته يبحث عن أي بديل وإنْ كان إلحادياً!
وإنْ النقيض التام للعلمانية هو الدينية, والإسلام لم يُقيم دولة دينية حتى في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) فهي كانت أقرب للمدنية, فسماها "دولة المدينة" وليس "الدولة الدينية", فالإسلام على طول مراحله التاريخية مارس العلمانية بحق من تعددية (دينية وسياسية), (لا إكراه في الدين) وأحترام للرآي (لكم دينكم ولي دين), وحماية لحقوق الأقليات, والحفاظ على الحقوق والممتلكات, وإتاحهتا للجميع سواسية لا فرق بين أبيض وأسود إلا بالتقوى, وهذا هو جوهر فكرة الإسلام, وجوهر علمانيته, لكنه لم يمارس الدينية إلا في فنتازيا وشعارات الحركات الإسلامية التطرّفية, بمعنى إن العلمانية هي "بضاعتنا رُدت إلينا", والدينية "بضاعتهم التي رُدت إليهم", _ أي الغرب _ والتي لا يمكن العقل العربي المسلم أن يتبضعها أو يضعها في عربانة تحميل بضائعة ومستلزماتة الحياتية ومقتنياته, لأنها نقيضة للإسلام, وبعيده عن جوهرة, فالإسلام دين علماني بشرط الحفاظ على ثوابت الدين أولاً, وعلمانية نابعة من بيئة عربية إسلامية ثانياً.
أي بمعنى إن العلمانية مقبولة في واقعنا شرط أن تكون علمنة من داخل المؤسسة الدينية أو من داخل البيت العربي, لا وفوداً مبتسراً لقيمها المُلتحْفة بأغطية الحداثة وقيافات العولمة تحت عناوين الاستعمار وحملات التبشير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال