الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية الإلحاد 3

محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)

2015 / 3 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


*الإلحاد مؤقت على مستوى الفرد أولاً، لا أحد يظل ملحداً*

إن الإلحاد لا ينتهي نهاية واحدة، بل هي نهايات تحدث يوميا على مستوى الأفراد والجماعات. فكلّما مات ملحد انتهى إلحاده، ولم يعد الإيمان والكفر خيارين متاحين بالنسبة له، فقد قامت قيامته وشهد الغيب بنفسه.

أما بالنسبة لنا كأحياء في الظاهر فإن من عاش ملحدا ومات على إلحاده يُذكر على أنه ملحد. ولكن الحقيقة هي أنه ليس هناك بين من ماتوا من لا يزال ملحداً الآن، حتى وإن تناقل الناس ما قاله وكتبه في فترة حياته الدنيا وتباهى به الملحدون الذين لا يزالون أحياء. في اللحظة التي مات فيها ذلك الفيلسوف الملحد الكبير، لم يعد أي من كلامه الإلحادي يمثله بعد أن شهد الغيب بنفسه، بل لو كان بإمكانه أن يشهد الأحياء الذين ينتصرون لما كتبه ويمدحونه لقال لهم كفّوا عن إيلامي، فكل ما كنت أظنّه قد انتهى بالنسبة لي.

شرط الإلحاد إذا هو أن تكون حيّاً، ملزماً بحدود الظاهر. ولأن عدد الأموات هو أكثر بكثير من عدد الأحياء، فحتى لو ألحدت البشرية كلّها، فإنّ الملحدين قلة بين الأنفس، ولكنهم فوق هذا قلّة أيضا بين الأحياء.

لا يوجد ميّت ملحد. فلو قيل لك هذا الفيلسوف الملحد فلان قال كذا وكذا، فاسأل "هل مات أم لا يزال حيّاً"، فلو قيل لك أنه قد مات، فلتعلم أنه ملحد سابق، وأن كلامه الذي سمعته الآن هو في حكم المنتهي بالنسبة لقائله الأصلي.


*أفي الله شك ! *

الفرضية الإلحادية (إنكار وجود الله أو حتى التشكيك فيه) هي بمثابة عودام ناتجة عن استمرار قطار الظاهر؛ عوادم مصيرها أن تتطاير وينتهي أثرها، وهذا يحصل في حياة معظم الملحدين قبل موتهم. معظم الملحدين يتراجعون عن إلحادهم قبل موتهم، (وما أبرئ نفسي) فقد سبق لي أن تخبطت وأسأت وضللت وأضللت.

ومعاذ الله أن أحاول أن أزكّي نفسي الآن أو أسعى لتبييض صفحتها على حساب من سبق لي أن كنت مثلهم (كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم) وإنما أدعو لهم بأن يدركوا أنفسهم ويجيبوا دعوة الداعي وهم ما يزالون مستخلفين في الظاهر، قبل أن يصبحوا مؤمنين بالضرورة عند موتهم حين لا يعود الإيمان أو الكفر واردا بعد أن تشهد الغيب أمامك. ودعوة الداعي قد تكون مظاهر تدبير الله التي تتجلى لك مع الوقت، وفهمك لأحداث لم تكن عشوائية في حياتك وأشخاص لم تقابل أيا منهم عبثاً.

فقبل أن تشهد الغيب قطعا عند الموت، وبعد أن تعيش مدة من الزمن في هذا العالم الدنيوي وتراجع ما كان يحدث في حياتك وفي حياة غيرك، بل حتى حين تراجع تاريخ الجماعات والأمم، يظهر لك تدبير الله بشكل لا يدع مجالا للشك. تدبيره في أدق التفاصيل ومجمل الأحداث يتبين يوما بعد يوم على مستوى الفرد بالذات، ومهما تفاوتت الناس في قدرتها على الملاحظة، فإن التدبير يظهر لكل فرد على قدر إمكاناته.

وهناك مأزق يقع فيه من شاع ذكرهم بين الناس من الكتاب والمفكرين والعلماء، ممن أصدروا كتباً ونظريات وفرضيات كثيرة تنستند إلى الإلحاد، وهو مأزق يضعهم فيه كبرياؤهم؛ فهؤلاء مهما ظهر لهم من تدبير في حياتهم، قد لا يتراجعون في العلن عن إلحادهم. وبعضهم يخصّ بعض المقربين منه فقط بتراجعه عن إلحاده في أيامه الأخيرة، وهذا مما شاع وتسرب عن بعض هؤلاء. فالعزة تأخذ بالإثم، ومأزق الانتشار والشهرة هو فتنة ينجو منها خاملو الذكر، الذين يكون انسحابهم أسهل، فيدركون كم كانوا في نعمة.

في المحصلة: لا شكّ في الله، بل لا شك في وحدانيته، وكثرة الجدل حول وجود الله من عدمه تشبه فعل من يتركون الهواء الطلق النقي ويضعون أنوفهم عند فوهات الآلات التي تخرج منها العوادم ليستنشقوها، فتغبر وجوههم وتنخز صدورهم.


* منكرو وجود الله قلة، ولكن الضالين كثر*


الإلحاد، من حيث أنه إنكار أو تشكيك في وجود الواحد الأحد، هو فرضية بائسة، تكشف وهنها مواقف الضعف الإنسانية التي يلجأ فيها أثخن الملحدين إلى الله باستغاثتهم "لو كنت موجوداً أسعفنا" أو بوصف القرآن الكريم (لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين). لذا فإن الانشغال بالإلحاد عن أنواع أخرى أكثر رواجا من الضلال قد لا يكون صائباً.

إن الاختلاف حول صفات الله أولا ومراده ثانيا هما أكثر أشكال الضلال الموجودة في الحياة الدنيا. فلأن الإلحاد كفرضية مهزوم بطبيعة الحال لكثرة البيّنات على وجود تدبير وإرادة ومقصد للواحد الأحد، فإن كيد الشيطان يكون في تضليل الناس بخصوص صفات الله وتضليلهم حول مراده. فأكثر الضالين المضلين هم من يشطحون في تفسير صفات الله وفهمها فيَضلون ويُضلون الناس، ومن يسيئون تفسير مراده ولا يحسنون الصنع في ما استخلفهم فيه.

إن الله سبحانه كامل الصفات جميلها وجليلها، صادق في الكلام عادل في الفعل. وإن أغلب محاولات الضالين المضلين تتمحور حول تشويه الصفات والمراد، أما وجوده ووحدانيته فهي أمور تبقى في إطار حوارات فلسفية ولاهوتية نخبوية سجالية في حالات كثيرة، بينما تقع الخطورة في ما يتعلق بعقائد العامة وممارساتهم.

*إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون*










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحمد لله والشكر لله الذي هداك
عبد الله اغونان ( 2015 / 3 / 18 - 19:15 )

سبحان الله الهادي

والله الذي لا اله الا هو لقد احببتك في الله ولله

أهذا الذي كان يقول ماقاله ويكتب ماكتبه؟

هذا شخص اخر

تخلى عن المكابرة واعتنق منطق الايمان

احترم المصداقية والبحث اذ نتيجتها لاتكون في الاخير الا خيرا

روح الدين نفسه يفضح المنافقين حتى ولو صلوا وحجوا واستدلوا بالنصوص

ونجد ذوي الألباب والصادقين يرجعون الى الحق بعد التيه والضلال المسألة ليست

بالتعالم والادعاء اسأل روحك وقلبك وضميرك انها ميزة وليست نقيصة الرجوع الى الحق

لكن عن علم واحساس ويقين

تحية من أعماق اعماق القلب

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه

وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه

أستاذي محمد عبد القادر الفار منك نتعلم

زادك الله نورا وهداية


2 - الطريق -الشك-اليقين
قارئ ( 2015 / 3 / 18 - 21:07 )
حبذا اخ محمد عبد القادر لو تقل لنا اين الطريق للحقيقة وما نوع الحجج والدلائل التى استخدمتها للوصول لليقين بدلا من الجمل التقريرية والجزم باليقين
انت قلت انك لاتستثنى نفسك من الضلال السابق فلتعتبرنى احد الضالين وتقل كيف وصلت الى طريق الحقيقة وما هى الحقيقة التى تريد قولها بالضبط
صدقنى اساليب الجزم والتقرير مثل ان ولا ولم ولن اساليب لا فائدة منها ولا ترشد الى شئ مفيد ..فلنفترض ان شخصا ما يؤمن بوجود كائنات فضائية فى كوكب ما ما الفائدة فى ان يخبر الناس مرارا وتكرارا بوجود تلك الكائنات التى لا يؤمنون بها
فلتخبرنا الطريق والحجج والدلائل لنسير مثلك نحو اليقين
اما اذا كان موقفك موقف شخصى نابع من عاطفة معينة فانا اتمنى لك دوام اليقين والراحة النفسية والعقلية

ارجو ان تعليقى خفيفا ليس ثقيلا

اخر الافلام

.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية


.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا




.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله