الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأُمومة المبتورة .

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 3 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الأُمومة المبتورة .
لا تحظى كلُّ الأُمهات بكرنفال إحتفالي ، ولا تتلقّى كل الأُمهات باقات الورد ورسائل التهنئة الكلاسيكية الورقية ولا بالرسائل الالكترونية . بل انّ هناك أمهات لا يعجّ بيتهن بالزوار المهنئين والمُحتفلين بهُنّ وبعيدهن ، ولا يضجُّ البيت بضجيج الأبناء والأحفاد من الإناث والذُكور ، الفرحين ، المرحين والصاخبين ،إحتفاءً بالأم والجدة .
وهُناك من هو مِثلي (أي شبيهي ) يقضي وقتهُ في إحتساب الخسائر التي خسرها بفقدان أُمه وهو طفل صغير .. لم يحظَ بحنانها ورعايتها ولم يجِد تعويضا عند أُخرى (بل وجد عنتا وظلما ) .
أليوم أحتفلُ مع أبنائي المُحتفين بأُمهم ، المحتفلين معها بيومها . وعادة ما يكون دوري في هذه الإحتفالية ، هو تغطية تكاليف شراء الكعكة وباقة الورد .
وبما أننا نتحدث عن الأُم في هذا اليوم ، فليست كل أُمٍ كانت قادرةً على "الإستمتاع " بأُمومتها ، لأسباب "ذاتية " أو موضوعية .
لكل هؤلاء الأمهات اللواتي فقدن متعة الأمومة أو لم تكُن لهُن قدرة على تحمل مسؤوليات الأمومة ، أُكرّس مقالتي هذه .
الى الأمهات اللواتي فقدنَ ذات لحظة ثمار بطونهن في قصف بري أو جوي ، أو في مذبحة مدروسة ومُخططة ، أو فقدنهُنّ في الدفاع عن وطن سليب أو في ثورة على الظلم ، إلى كل هاتِه الأُمهات الصابرات، قُبلاتنا على الجبين واليدين .
إلى الفتيات اللواتي تعرّضنَ للإغتصاب وخاصة في الحروب ، فحّملْنَ ووضعنَ حملهن من مُغتصبهن ، وقررنَ رغم الذل ورغم القهر ورغم الكرامة الشخصية الذبيحة ، أن يربينَ هذا الطفل ، رغم حقدهن وكراهيتهن لظروف هذا الحمل، ول" والد " هذا الطفل . رغم كل هذا ، قدمنّ له حبا ورعاية . لهن نقول ، البُطولةُ تتوارى خجلا منكُنَّ .
لكل الأُمهات اللواتي أُضطررنَ لبيع أجسادهن ، لكل داعر ، لكي يُوفرّنَ لقمة وكساء لأولادهن ، بعد أن جارَ الزمان وذوو القُربى عليهن . نقول الطهارة والشرف يتباهى بكُنّ.
أما اللواتي "أُضطُررن " للتخلي عن ثمرة بطنهن ، لأنهن فتيات قاصرات ، أو مريضات بمرض نفسي أو جسدي ، وتبعا لذلك قررت " السلطات الرسمية " أن تنزع منهُنّ أبنائهُن ، لتقوم بتربيتهم عائلات بديلة أو مؤسسات . نقول ، المعاناة والألم رفيقيكما الدائمين ، ومن المعاناة التي تصهركُنّ بأَتونها تتشكل المرأة المعطاء . ولا أحد يستطيع أن يغوص في أعماق نفوسكن الجريحة والتي تعيش تضاربا وتعارضا قاتلا ، ما بين الرغبة الغريزية القوية في الإحتفاظ بالطفل ، رمز الأُمومة ، وبين التنازل عنه لضمان ظروف تنشئة أفضل له .. الإيثار هو احد تجليات الأمومة .
أما الأُمهات المُعيلات الوحيدات وهُنّ كُثر ، فمنهُنّ يتعلّم المُضحون . لهُنّ نقول بأن التضحية إبنتُكِ الشرعية. فأنتُنّ اللبؤات ..
واللواتي حرمتْهُنّ الطبيعة نعمة الأمومة ، وكرّسْنّ حياتهن من أجل الطفولة ، سواءً بالعمل الطوعي أو بالتبني ، فلكنّ خالص الإحترام والتقدير .
أما اللواتي حرمَهُنّ أمومتهن ، طلاقٌ أو حرمان قانوني بكل حجج المجتمعات الذكورية ، لهن نقول بأن الصبر يستطيع التتلمذ على أياديكن .
لا رومانسية في الأمومة المبتورة ، لكنها ، سيرة مُقدسة ، لمن كانت قادرة على التضحية بنفسها ورغباتها من أجل مستقبل أفضل لهذا المخلوق الصغير ، كثير البكاء والصراخ وكثير الطلبات . والذي لا راحة للروح وللجسد معه ،إلّا بعد سنين طويلة ..
إلى كل هؤلاء الأُمهات وإلى جميع الأُمهات .
كل عام وانتن بخير وبكُنّ يتجدد ربيع الحياة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عزيزي قاسم الورد
عبد الرضا حمد جاسم ( 2015 / 3 / 21 - 15:16 )
تحية و محبة
للام بهذه المناسبة اتمنى ان تكون واضحة لانها بالعامية العراقية
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=297609


2 - العزيز عبد الرضا الورد والياسمين !!
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 3 / 22 - 11:26 )
صباحك عسل
قرأتُها مع بعض الصعوبات
شكرا للطفك


3 - الاستاذ قاسم محاجنة
امال طعمه ( 2015 / 3 / 22 - 13:25 )
اسفي انك لم تحظى بفرصة بل نعمة معايشة حنان الام واسفي انك لقيت ظلما بدلا من الحنان
هذا الكون مليئ بالظلم والحسرة والحزن والغصات !ولكنه ايضا مليء بالحب والامل لمن يراه
اتمنى لك اياما مليئة بالفرح مع عائلتك


4 - الاستاذة امال طعمة المحترمة
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 3 / 22 - 20:22 )
تضامنك معي أثلج صدري واسعدني
لك معزتي ومودتي الخالصة

اخر الافلام

.. ترقب نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة..


.. مفاوضات الهدنة.. ضغوط متزايدة على نتنياهو لقبول الاتفاق




.. الناخبون الفرنسيون يصوتون في الجولة الثانية من الانتخابات ال


.. اعتراض صواريخ في سماء جبل ميرون أطلقت من لبنان




.. قوات الاحتلال تقصف مدرسة العائلة المقدسة في غزة