الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجسد و المقدس قراءة في الجسد الديني و المعاصر

عبد العزيز احربيل

2015 / 3 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعتبر هذا المقال ، مقتطف من بحث قمت به في بداية هذه السنة ، اذ ابحث في دلالات الجسد الديني و المعاصر .
إذن ، لماذا ابحث في مفهوم الجسد ؟ ولماذا بالضبط الجسد و المقدس ؟
ساجيب على هذين السؤالين بشيء من الاختصار ، لكي ادخل بعد ذلك في استعراض بعض الملاحظات ، و الافكار و الدلالات حول مفهوم الجسد.
عموما، ما جعلني ابحث في مفهوم الجسد ، هو الكم المتواضع من الكتب التي قراتها ، جلها ان لم اقل كل الكتب التي املكها تتحدث عن الجسد ، ايضا الالمام الكبير تجاه هذه المواضيع الكبيرة – اقصد انني مهتم بقضايا الجسد - ، كذلك السبب الرئيسي الذي جعلني ابحث في هذا الموضوع كونه – الجسد – غير مفهوم الى حد الان ، وهو سبب جل المشاكل المعاصرة و الحديثة ، بحيث هناك عشوائية كبيرة واحتقار كبير للجسد باعتباره مدنسا . لكل هذه الاسباب حاولت ان اعيد النظر في هذا الموضوع ، ولما لا اضيف اليه اشياء جديدة .
اما السؤال الثاني ، فيكون من الصعب الاجابة عليه مباشرة ، اي من الوهلة الاولى لانه ربما موضوع المقال ككل يدور حول الاجابة على هذا السؤال.من خلال استعراض جملة من الافكار و الاساطير التي تجاوزها التاريخ وتعتبر طاب والى يومنا هذا، كل هذا في علاقته بالجسد.
ايضا للاجابة على هذا السؤال يضعنا امام عدة اشكالات اخرى، من قبيل مثلا اعادة طرح السؤال الراديكالي النقدي في ما يخص اعتبار الجسد الانثوي ينظر اليه الى اليوم نظرة مدنس و محطة تدنيس و تحقير .اذن ، نكون هنا امام ثنائية ضدية بين المدنس- الانثى - ،و المقدس – الذكر - ، بين الاعلى و الاسفل .
وجاء هذا المقال الصغير ، ليضرب عن هذه الفكرة او بالاحرى تصحيحها و اعادة النظر فيها بطريقة سوسيولوجية راديكالية .هذه الفكرة التي تقول ان الجسد مدنس .
اذن ، كي نتحدث عن الجسد يجب اولا الرجوع دلالات هذه اللفظة – جسد – في معجم لسان العرب لابن منظور ، اي الرجوع الى تارخ بداية نشاة هذه اللفظة ، واهم المعاني التي جاءت فيها.
جاء في لسان العرب :
جسد : الجسد : جسم الانسان، ولا يقال لغيره من الاجسام المغترية ، ولا يقال لغير الانسان جسد من خلق الارض
و الجسد : البدن ، تقول منه : تجسد كما تقول من الجسم : تجسم.
وقد يقال للملائكة و الجن جسد.
اما التحديد الثقافي لمفهوم الجسد في نفس المرجع ، هناك :
الجسد بمعنى البدن،
الجسد باعتباره زينة يمكن التمثيل له بما يلي :
1- يقال الثوب مجسد اذا صبغ بالزعفران(1) ونحوه من الاصباغ.
2- المجاسد : مفردة مجسد وهي الصورة سواءا كانت صورة سطحية بظل او بدونها،
3- الدلالة الجنسية الخاصة : المجسد في لسان العرب هو الثوب الذي يلي جسد المراة وتعرق فيه.
اذن، يتبين لنا ان معجم لسان العرب لابن منظور ، تعامل مع مفردة الجسد بكونها ذات دلالات متعددة ومركبة ايضا.
عموما، اذا رجعنا الى لوراء – اقصد هنا الفلسفة الاولى التي تعاملت مع الجسد – خصوصا عند الثنائية الافلاطونية ، التي من خلالها يعلي هذا الاخير – افلاطون – من شان النفس / العقل ، ويحتقر الجسد ، اما ارسطو فقد تعامل مع ثنائية الروح / الجسد ، بدون مفاضلة ولا احتقار لاي واحد منهما، بل اعتبر ارسطو ان هذه الثنائية بين الجسد و الروح ، انهما جوهرا الانسان ، ولن يكتمل هذا الاخير الا بحظورهما معا – الجسد/ النفس - .
عموما، فالفسفة اليونانية كانت تنظر الى الجسد نظرة عرضية بمعنى ان النفس هي التي تحرك الجسد.
اما في الفكر الحديث خصوصا عند ديكارت ، فقد تعامل هذا الاخير مع ثنائية الروح / الجسد ، باعتبار الاول نظاما منطقيا مرتبط بالادراك الحسي ، اما الثاني – الجسد- ، فهو يقف عند حدود الغرائز و النزوات فقط لا يمكن ان يصل الى مرتبة العقل (المتعالي).
لكن، حينما ناتي للحديث عن الجسد في التصور الاسلامي ، فهو عورة .
اعتبرت الفلسفة الاسلامية الجسد كونه شهواني ، غريزي ودائما ما يتم وصفه بالرذيلة في شتى الاوقات التي يغيب فيها الوازع الاخلاقي و الدين للانسان ، هذا ما يجعل من الجسد في التصور الاسلامي ، جسدا اغوائيا ، واستئصلت منه كل القيم الثقافية و الاجتماعية ليصبح فقط كثلة من اللحم – البدن – يعني يتم النظر الى الجسد نظرة تدنيس ، انه دائما جسد مدنس ويجب تطهيره من هذه النجاسة وهو ايضا- الجسد- مصدر كل الاخطاء التي تقع فيها النفس، كما يقول التصور الاسلامي ان اطلاق عنان الجسد ، ينزل الانسان الى مرتبة الحيوان.
اذن، فالانسان الطاهر و المؤمن و السامي في التصور الاسلامي هو الذي يتعامل مع جسده بنوع من الحذر و الحرمان، كانه لا يملك جسدا في الاصل.بمعنى ، ان يكون الانسان عفيفا ، يرفظ شهواته وغرائزه و نزواته للارتقاء الى مرتبة الملائكية.
بل اكثر من ذلك فقد اسست المرجعية الاسلامية الى ثنائية ضدية- تتعلق بالجسد – اي ،ان الجسد الذكوري ، هو نقيض الجسد الانثوي باعتبار هذا الاخير مصدر فثنة واغراء، وتدنيس ، اكثر من الاول –الذكوري-، ولا بد من تطهيره من هذه النجاسة كلما اراد الانسان الاقتراب من الله . لكن نجاسة الانثى تفوق نجاسة الذكر ، باعتبارها تمر في مراحل بيولوجية تجعلها كذلك (مثل الحيض ،النفاس...)

(1) : الزعفران : هو قمة ما يمن ان تصبغ به المراة جسدها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات التهدئة في غزة.. النازحون يتطلعون إلى وقف قريب لإطلا


.. موجة «كوليرا» جديدة تتفشى في المحافظات اليمنية| #مراسلو_سكاي




.. ما تداعيات لقاء بلينكن وإسحاق هرتسوغ في إسرائيل؟


.. فك شيفرة لعنة الفراعنة.. زاهي حواس يناقش الأسباب في -صباح ال




.. صباح العربية | زاهي حواس يرد على شائعات لعنة الفراعنة وسر وف