الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا زمان الطائفية

ثائر زكي الزعزوع

2005 / 9 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدو الاستشهاد كل مرة بنص لزياد الرحباني أمراً غريباً، لكن ما أبدعه زياد على مدى سنوات طويلة جعل من تلك النصوص في بعض الأحيان علامات فارقة، ودلائل على وضع عربي آيل للسقوط، فمنذ بداياته المبكرة اشتغل الرحباني على قراءة الواقع اللبناني، اجتماعيا وثقافيا وسياسيا، من خلال أعمال موسيقية ومسرحية وإذاعية متميزة، فشكل في مرحلة من المراحل دليل عمل للكثير من التجمعات الطلابية، في لبنان وسوريا على وجه الخصوص، فمرة اعتبر سيد الإضحاك دون أي منازع، ومرة اعتبر سيد النقد الساخر، ومبدع الكوميديا السوداء.
أثناء الحرب الأهلية/الطائفية في لبنان في ثمانينيات القرن الماضي برز صوت زياد نشازاً في جوقة المتحاربين، متفردا يغني بعيدا عن أسراب الطوائف التي كانت نيران معاركها تشعل لبنان، في تلك الفترة حين كانت حواجز الطوائف تقسم بيروت إلى شرقية وغربية، فلا يحق للغربيين الذهاب إلى الشرقية، ولا يجوز أن يذهب الشرقيون إلى الغربية، و كان اسم الإنسان في بعض الأحيان كافيا لقتله،
غنى زياد بحزن: يا زمان الطائفية.... خلي إيدك ع الهوية.... شد عليها قد ما فيك.
وانتشرت أغنيته على ألسنة اللبنانيين يرددونها وهم يقرعون أجراس الخطر، هل تكون علاقتنا ببعضنا البعض عبارة عن بطاقة هوية نحملها بعناية في جيوبنا كيلا نفقد أرواحنا؟ وهل يضمحل لبنان الأرز وصنين وفيروز وجبران ليصير عبارة عن ورقة صغيرة مكتوب عليها اسم وانتماء طائفي؟!
في لبنان ذاك الحين أزهقت الكثير من أرواح الأبرياء الذين لا شأن لهم بلعبة الطوائف فقط لأنهم مروا خطأً على حاجز"معادٍ".
ومنذ أن زلزلت الأرض زلزالها تحت قدمي الرئيس العراقي السابق صدام حسين وأنهار نظامه، بدأت تطفو على السطح حواجز لفظية تناولتها وسائل الإعلام المختلفة تدعو سرا وعلانية إلى الطائفية، فتفاوض "الشيعة" و"السنة"، وتم إقصاء "السنة"، وانتصر "الشيعة"، واعترض "السنة"، وتم انتخاب أعضاء القائمة "الشيعية"، وفاز المرشح "السني"، بينما ما زالت المفاوضات جارية لحل مشكلة تمثيل "السنة" في الحكومة، ثم اعترض "السنة" على لجنة صياغة الدستور، وقتلت مجموعة إرهابية رجل دين "شيعي"، وهاجمت مجموعة مسجدا "سنيا"، وتعرضت الحسينيات للنيران، "السنة" و"الشيعة".... طائفية... طائفية.
طائفية بغيضة تلك التي ازدهرت في عراق ما بعد صدام، فصدام قتل الشيعة والأكراد لكنه لم يرحم السنة أيضاً، لم يكن صدام حسين طائفيا ولا عشائريا ولا قوميا ولا وطنيا، كان ديكتاتورا، وليس يهم الديكتاتور أن يكون حلفاؤه من نفس ملته أو عقيدته أو عشيرته أو أي شيء، المهم أن يكونوا حلفاء وأتباعاً مطيعين يمتثلون لأمره، حين يأمر ويصفقون له طرباً حين يقتل الآخرين كيلا يقتلهم هم.
تشبه الحالة العراقية في الكثير من تفاصيلها الحالة اللبنانية إبان الحرب الأهلية، والفرق بين الحالتين أن الحالة اللبنانية، لم تكن تتضمن خلاصا من ديكتاتور بل أمراء حرب، جرّوا بلدا بأكمله إلى خراب دام عقوداً، ولا تزال آثاره باقية لم تزل، وقد حذر الكثير من محبي العراق من لبننة العراق، ولكن صوتهم لم يسمع فتنادى "أمراء" الحرب العراقية التي خاضتها الولايات المتحدة ليعلنوا العراق لبناناً جديداً، ويباشروا عمليات التوزيع الطائفي، في الوزارات والبرلمان و المدارس والمستشفيات، وكل مفاصل الدولة الرئيسة والفرعية، حتى سمحوا دون تخطيط منهم لمتطرف أصولي مثل أبي مصعب الزرقاوي لينادي دون وجه حق إلى قتل "الشيعة الروافض"، ليعلن بذلك بداية الزمن الطائفي بكل تفاصيله، ولكن الواعين من العراقيين ردوا دعوته عليه، فدعا رجال الدين العراقيون دون ذكر طوائفهم إلى عدم الإصغاء لهذه الدعوات التي يراد منها قتل العراق، وتفريق أهله، وتدمير وحدتهم الوطنية، ولينقلب سحر "الزرقاوي"، إن كان موجودا، عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah