الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلوج النرويج ونساء العالم

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2015 / 3 / 23
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


أطل من النافذة على الثلوج تغطي "اوسلو" عاصمة النرويج، تكتسى الأرض والبيوت والأشجار حتى الأفق باللون الأبيض الشاهق، برودة الشمال فى الشتاء تبث النشاط فى العقل والجسم وتعيدنى للشباب، زجاج النافذة متين شفاف يسمح للعين ان تنفذ للسماء، ويظل الصقيع خارج القاعة المتوجهة بحرارة الشابات المبدعات من بلاد العالم، تتألق الثلوج بلون اللؤلؤ الشفاف تحت الشمس، وتنفذ الاشعة الذهبية داخل قلب البياض الناصع، تكتسب الأرض والسماء حمرة الدم يوحى بالدفء رغم البرودة الهابطة تحت صفر الصفر.
وصلت من القاهرة والشمس بالافق تنحدر برفق فوق قمم الثلج، صديقتى النرويجية منذ ثلاثين عاما اسمها "ماريان" تعرف منذ لقائنا (عام 1983) اننى احب السير فى الثلج تحت اشعة الشمس، أخذتنى بالأمس إلى الميدان الرئيسى حيث مبنى البرلمان، وتمثال "هنريك ابسن" الكاتب المسرحى، تفخر "ماريان" به فخرا عظيما مثل الشعب النرويجى، يفخرون بالفنانين المبدعين، لكن هنريك ابسن يحتل موقعا مميزا، لايساويه إلا الملك هاكون السابع، ينتصب تمثاله فى الناحية الأخرى من الميدان،هذا الملك (1905 الى 1957) قاوم الاحتلال النازى خمس سنوات، منذ 9ابريل 1940 حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، عاش المنفى فى لندن، ولم يكف عن النضال حتى هزيمة هتلر، عاد الى النرويج (عام 1945) حيث استقبله الشعب استقبال الأبطال.
اشارت"ماريان" الى ثلاثة ابنية فى الميدان، واحدة بيضاء والثانية حمراء والثالثة زرقاء، بألوان العلم الفرنسي، وقالت احتفلت النرويج العام الماضى (2014) بمرور قرنين على الثورة الفرنسية، وتم طلاء هذه الابنية بالالوان الثلاثة، الابيض والاحمر والازرق، احتفالا بالثورة ومبادئها الثلاثة، الاخاء والحرية والمساواة، ثم مصمصت شفتيها، بأسي: هذه الابنية الثلاثة التى ترمز للثورة الفرنسية كان المفروض ان تعبرعن مبادئها العظيمة ولاتتحول الى دكاكين ومراحيض عامة، تفخر "ماريان" باسمها، فهى تحمل اسم المرأة التى ترمز للجمهورية الفرنسية الاولى بعد الثورة، وكان الفرنك الفرنسى (قبل وجود اليورو) يحمل صورتها.
ماريان النرويجية تتمتع بروح الفرنسية الثورية، تناضل منذ سنين ضد جشع الرأسمالية الشرسة بالنرويج، تقوم بتأليف كتابها الجديد عن انتهاك الأثرياء للطبيعة، رجال الاعمال الكبار، يقطعون الأشجار ويهدمون التماثيل فى الحدائق الاثرية القديمة والغابات، من اجل بناء الدكاكين التجارية والمراحيض العامة، النهم للاستهلاك وشراء أشياء لا يحتاجون إليها، تحت وطأة الإعلانات وإنفاق المال الذى لا يحتاجون إليه تحت وطأة السأم، هذه آلة الرأسمالية الجهنمية، الجشعة، تزيد من الهوة بين الفقراء والأغنياء، وبين النساء والرجال، فى النرويج وكل البلاد.
فى القاعة الفسيحة اجلس وسط نساء العالم الشابات الثوريات المبدعات الجديدات، تجمعن من الشرق والغرب والشمال والجنوب، كاتبات روائيات، موسيقيات، قاضيات، طبيبات، مخرجات وممثلات سينما ومسرح، راقصات، مغنيات، شاعرات فنانات تشكيليات محاميات عاملات بالصناعة والزراعة، مقاتلات، وزيرات، خبيرات دوليات، وغيرهن من كافة المجالات.
مؤتمر يجمع نساء العالم المناضلات بالإبداع الفكرى والفنى من اجل اسقاط النظام العالمى القديم،وبناء نظام جديد قائم على مباديء الثورات فى العالم: حرية عدالة كرامة بين الجميع بصرف النظر عن الجنس او الدين او الطبقة او الجنسية او اللون اواللغة او غيرها وقامت بتنظيم المؤتمر مجموعة من الشابات، ولدن بالنرويج،وتعلمن واشتغلن فيها أمهاتهن وآباءهن ولدوا وعاشوا فى بلاد متفرقة فى القارات الخمس، دفعهن القهر والبطش والفقر إلى الهجرة، تقود المجموعة شابة فنانة اسمها "ديبا خان" مخرجة افلام تسجيلية، سمراء البشرة، جاء اهلها من باكستان، ممشوقة القامة، ملامحها خليط من الهويات والاجناس، هذا المزيج المبهر من الدماء، يوحى بكسر الحدود والتمرد على القيود، يمنح الشخصية جاذبية خاصة بها وشجاعة على الابداع، وهدم الفواصل المصنوعة بين البشر.
استمعت فى احدى جلسات المؤتمر الى شابات فلسطينيات، منهن كاميلا جبران، المؤلفة الموسيقية، قدمت اغنية من تأليفها وتلحينها، وتعبر عن آلام الشعب الفلسطينى وثورته المستمرة ضدالوحشية الصهيونية المدعمة بالسلاح الامريكى، وريم عبدالهادى التى تعمل فى رام الله، تكلمت عن معاناة النساء والاطفال تحت الاحتلال الاسرائيلى، والفنانة "ان باك" المصورة الفوتوغرافية المهاجرة لباريس، عرضت علينا مشاهد لنساء وأطفال تعرضوا للقتل وتقطيع اطراف الجسد بواسطة الآلة العسكرية الاسرائيلية، وتكلمت رنا الحسينى الكاتبة الصحفية الفلسطينية، عن نزوحها القسرى الى الاردن تحت وطأة البطش العسكرى للشعب الفلسطينى.
من بغداد جاءت "ينار محمد" لتتحدث عن الاحتلال الامريكى للعراق، وتشجيع "جورج بوش الاب والابن وباراك اوباما" للتيارات الاسلامية القاتلة، من القاعدة الى داعش، لتفتيت العراق طائفيا والاستيلاء على بتروله وموارده، ومن طهران جاءت القاضية والمحامية "شيرين ابادي" الحاصلة على جائزة نوبل، تحدثت عن اهوال الامام الخمينى وخلفائه من الملالى واعوانهم بالداخل والخارج، لتفتيت الشعب الايرانى طائفيا ونهب بتروله وموارده، الخطة الاستعمارية الجهنمية المتكررة بالتعاون مع الحكومات المحلية.
افتتحت المؤتمر الراقصة الفنانة الباكستانية "شيما كرماني" جاءت من كراتشى وقدمت رقصة هندية من اجمل الرقصات مع اللحن من تأليفها، والراقصة والفنانة التشكيلية التونسية "هالة فتومي" قدمت ختام المؤتمر بصور من فنها الجرافيك ورقصة تونسية مبدعة. على مدى يومين كاملين عشنا متعة الابداع والثورة مع نساء العالم الجديد القادم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثلوج
ناس حدهوم أحمد ( 2015 / 3 / 23 - 19:08 )
إنها النخبة الإنسانية تأتي من كل بقاع العالم حاملة مبادىء الأنوار مبادىء الحرية والكرامة والتقدم من أجل بناء المجد الإنساني ومن أجل القضاء على عبودية الإنسان لأخيه الإنسان واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان ومن أجل تحرير المرأة من سطوة الرجل المتخلف الذي لا يرى من الأنثى إلا ما يعادل فيها كبته وعضلاته .
إنها النخبة الإنسانية التي تجسد الأمل في المستقبل المتحرر من الجشع والشبق والإقطاع . وسوف يستمر النضال ومقاومة الأمراض التي فتكت بالشعوب في كل مكان من المعمور .


2 - تعديل بسيط
محمد الحداد ( 2015 / 3 / 23 - 19:34 )
السيدة نوال السعداوي المحترمة
تحية طيبة
وددت لو عرفت بمجيئك للنرويج، لكنت أحد مستقبليك، فأنا من الجيل الذي كبر وتربى على كتاباتك العظيمة
فمرحى بك أينما حللت ومتى جئت
وددت تصحيح بعض المعلومات
فالنرويج احتفلت العام الماضي بمرور 200 عام على وضع القانون الأساسي للنرويج والذي تم بموجبه الإنفصال والإستقلال، وليس بمناسبة مرور 200 عام على الثورة الفرنسية، فتلك الثورة حدثت عام 1789 واستمرت عشرة سنوات حتى 1799
اما بالنسبة للالوان الثلاثة، فهي تمثل الوان علم النرويج ايضا، وتم طلاء تلك الابنية بها احتفالا بالنرويج وليس بالثورة الفرنسية
أعتقد أن مدعوتك أو صديقتك من حزب
SV
و هو حزب يساري نرويجي، وهذا سبب تسميته لما يحدث بالنرويج من قبل احزاب اليمين بأنها رأسمالية شرسة
تحياتي لك دائما


3 - ثلوج النرويج ومستنقعات مصر
عبد الله اغونان ( 2015 / 3 / 24 - 01:17 )


أحسن

وربما تقية

من يترك المجازر أمام بيته

ويرنو الى حدائق في الأفق البعيد

كتب القتل والقتال علينا ---- وعلى الغانيات جر الذيول


4 - ثلوج
ناس حدهو م أحمد ( 2015 / 3 / 25 - 04:24 )
كلمات إلى المسمى عبد الله أغونان

للأسف كلما دخلت على الخط ياأخي
لا نقرأ منك سوى ما هو عدواني ومقزز
كان عليك أن تشكر الكاتبة الكبيرة والحرة على انجازاتها الفكرية والأدبية بصفتها كاتبة مرموقة تمثل المرأة العربية المقهورة وتقف على المنابر الدولية منادية بحريتها مكافحة من أجل تحريرها ومعلنة للعالم بأن المرأة العربية في طريقها إلى تحقيق ما حققته شقيقتها الغربية من مكاسب عزت عندنا نحن العرب بسبب وجود أمثالك الذين ينظرون للمرأة نظرة قاصرة ورثوها عن عصر الطغيان والظلام
أما المجازر التي تتحدث عنها فأصحابها ليسوا من طينة السعداوي ولا من طينة الناس الطيبين على قلتهم في عالمنا البائس وإنما هم من فصيلتكم أنتم أصحاب الكهوف الباردة
أما عن من تصفهن بالغواني فذلك ليس سوى من فساد أخلاقكم
ومن قوانينكم التي تطلقون عليها جهاد النكاح وكم هو مؤسف أن
يجد الإنسان نفسه في وطن بين أشباهكم


5 - حدكوم تما
عبد الله اغونان ( 2015 / 3 / 29 - 03:24 )

ناقش الأفكار ودع الخلق للخالق

ها تتصورني نسخة من تصوراتك التي انتهت صلاحيتها

هل صدر عن الكاتبة مقال واحد ضد الانقلاب والحجر على حرية الاعلام والتعبير

وتبرئة الفساد وسجن الأحرار وشباب الثورة والسكوت عن المجازر وفساد الاعلام

والقضاء

لماذا تتصحنون وراء المرأة الاسلاميات في الانتخابات ان كانت بها نزاهة أكثر من

كل برلمانييكم رجالا ونساء

اخجلوا وكفى من المواعظ العلمانية


6 - ثلوج
ناس حدهو م أحمد ( 2015 / 3 / 29 - 22:09 )
ومن قال لك بأن نوال السعداوي لا تناضل ضد الفساد والعبودية
من قال لك بأن هذه السيدة الجليلة لا تحارب من أجل الحرية
وحرية التعبير والغد الأفضل للجميع
أم أنك تريدها أن تكتب على ما تسميه الإنقلاب دفاعا عن شيوخك
وعصابتك الإخوانية
فما رأيك في الثلاثين مليون التي خرجت لتصحيح الثورة وإعادة
الأمور إلى نصابها
هذه الجموع المليونية هي التي خولت للجيش المصري العظيم
طرد الإنتهازيين من المسؤولية التي ليسوا أهلا لها
إنها انتخابات بدون صناديق
لعلك تفهم إرادة الشعوب حينما تريد الحياة
فلا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
كما قال الشاعر التونسي الخالد
إذهب ياأخي إلى المكتبات وستجد هناك كتب السعداوي
التي ليست ككل الكتب
إنها الطبيبة النفسانية السعداوي والأديبة والمفكرة والحكيمة
يتم استدعاءها للمنابر الدولية لتجهر بالحق
وتساهم في قافلة التحرير العربية وتتمتع بالإحترام في كل بقاع
العالم



7 - انتخابات بدون صناديق يالها من دمقراطية جديدة!!!
عبد الله اغونان ( 2015 / 3 / 31 - 00:26 )
انقلاب واعلام فاسد وقضاء فاسد وتبرئة الفاسدين وسجن من اختارهم الشعب وسجن

الشباب الثوري

والاستشهاد بالشعر

اذا الشعب يوما اراد الحياة --- وفلابد ان يستجيب القدر

فهاهي الشعوب تعاني وتموت والقدر يسخر

كان اولى بكم ان تستشهدوا بقول ابي القاسم الشابي

أيها الشعب انت طفل صغير ---- لاعب بالتراب والليل مغس

اخر الافلام

.. أغنية خاف عليي


.. مخرجة عراقية توثق معاناة النساء في عملهن بمعامل الطابوق




.. بعملهن في المجالات المختلفة تحققن اكتفائهن الذاتي


.. سناء طافش فتاة فلسطينية شهدت العديد من الحروب




.. سندس صالح، إحدى المتدربات في مركز الإيواء