الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-فرخنده- الشهيدة التي لن يضيع دمها قبل أن يثمر ثورة..

ارنست وليم شاكر

2015 / 3 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"فرخنده" الشهيدة التي لن يضيع دمها قبل أن يثمر ثورة..

يوم الخميس 19 مارس قام مجموعة من مهاويس الشريعة بالانقضاض على فتاة أفغانية بالضرب بعصي طويلة وبالحجارة في مشهد بربري لا يحدث إلا في بلاد تسمي هذه الجرائم حدود الله .. جرائم بشعة وعقوبات بدنية تجاوزها الزمن وهجرتها العقول النيرة ولكن حسبها أبناء الجهالة هي الدين، وبغيرها لا يقوم للدين قائمة .. تبدأ البربرية بالجلد لتصل لتقطيع الإنسان حيا وميتا وبتر الأعضاء أمام طائفة من "المؤمنين" رجال ونساء وأطفال ... قطع يد، قطع يدا ورجل من خلاف أو قطع كل الأطراف أو حتى جز الرقاب مرورا بالرجم وعرض الأشلاء بافتخار وزهو .. لعنة الله على كل جهول غبي.

فرخنده فتاة أفغانية بعمر 27 سنة ، لم تكن مجنونة ولا متخلفة عقليا .. ولم يثبت أنها حرقت قرآن .. فلم يكن هناك لا محاكمة ولا استجواب فقط اشاعة سارت كالنار في الهشيم فتلقفها هؤلاء المجانيين، أمام صمت البوليس الذي تركهم يتممون مساوئ الأخلاق بمشروعهم القبيح بالحرق بعد رجمها وضربها بالألواح الخشبية ثم الحجارة .. مسعورين أرادوا أثبات ذكورتهم أمام امرأة لا حول لها ولا قوة ..

ومارست السلطات ضغوط على الأهل منعا للفتنة من خلال جلسات عرفية على الطريقة المصرية ، في صعيد مصر الذي لا يريد عائلاته أن يعيشوا في ظلال دولة وقانون يسري على الجميع .. بل تشترك الدولة ممثلة في مأمور القسم أو حتى المحافظ لحل الخلافات وديا وفق أعراف الجاهلية وزمن القبائلية المجرم ... ويسمى زورا عقد صلح ودي أو وعرفي ... ومن خلال جلسة عرفية طلب المسئولين من الأهل الادعاء بأن أبنتهم ليست بكامل قواها العقلية أوعندها تخلف عقلي وميول انتحارية .. كما أشاعت السلطات قبلا في تصريحاتها .. فالواجب القومي الآن هو ألا تخرج أي تصريحات من الأهل على خلاف ذلك مما يسبب حرجا لأولي الأمر ...
ثانيا لمصلحة الأهل أنفسهم، كما نصحت الشرطة أو تظاهرت بالنصح ، فأن تجرأ أحدا على الكلام وعوقب أيا مما كان مشاركا ببهجة جهنمية في هذا العمل الفاجر .. فأن أعوانه ومن هم على شاكلته من المؤمنين وأهله الورعين سيثأرون شر انتقام من الأهل، وتكون فتنة هم فيها بالضرورة من الخاسرين ... فالواجب يحتم قفل باب القضية منعا للإزعاج والإحراج وخير المستضعفين في الأرض..

ولكن مَن يقبل هذا العار ما استحق أن يعيش ولو عاش فما معنى الحياة..؟!! .. فقام الأخ في تصريح صريح لوسائل الإعلام يفضح فيه ما تمارسه السلطة ضدهم ، وأكد أن أخته حاصلة على "الماستر" .. أي ما يعادل الليسنس أو البكالريوس في العلوم الإسلامية تحديدا .. وهي تعمل معلمة مشهود لها بالجدية والالتزام ، وليس هناك دليل واحد يثبت أنها حرقت مصحفا ... لقد شكل الهمج من أنفسهم محكمة شرعية هم فيها المشتكين والقضاة والمنفذين لشرع الله وحد من حدوده حسب تخلفهم الراسخ في عقولهم الغبية وأفئدتهم الملوثة بعلوم الغابرين... ...
وتوالت شهادات باقي أفراد العائلة وتأكيد الجيران بأن الفتاة من أنجب الشابات المشهود لها من الجميع ، وكُسر حاجز الخوف وراحت الألسن تعترض والضمير يتحرك والحق يحطم صروح الجبن والرضوخ .. بل ورغم تحذير الإسلاميين بأن من يحاول دفن ما بقي من الجثة بعد الحرق وإلقائها في النهر سيلقى عزابا شديدا وعقابا رادعا .. ذهب الناس وفي المقدمة كانت النساء ليقدموا لما بقي من جسد المسكينة أخر وداع وآخر دعاء بقلوب دامية .. فصمتهم على الهمج منذ زمن بعيد هو من قتل "فرخنده"..

وخرجت النسوة يوم الأحد 22 مارس مئات وقلة معهم من الرجال يحملون الجثمان إلى مثواه الأخير .. فكانت الثورة الأولى للحرية .. فحملت النساء النعش على خلاف عادة البلاد الإسلامية في مراسم التشييع .. وبإصرار رفضن غير ذلك .. هذا حرام ، هذا خروج عن الشرع ، هذا كفر هذا .. وهذا .. وهذا إلى الجحيم .. فلتذهب كل الاسماء والألفاظ إلى جهنم .. أنها ثورة ضد جحيم الألفاظ والتوصيفات والتعريفات التي أدت بنا إلى أبشع مصير ...

صوت الحق صارخ في بلاد الجن والخرافة والقهر باسم الدين .. يوم الثلاثاء الماضي خرج الآلاف في العاصمة كابول ، والغالبية العظمى دائما من النساء، يضعن على وجوههن قناع لوجه "فرخندة" الدامي من الصفع وأثر الضرب وكدمات العصي وتمزيق الحجارة ...
مما أضر وزير الداخلية الأفغاني نور الحق علومي إلى الاعتراف أن المرأة التي تعرضت للضرب حتى الموت، بتهمة حرق القرآن، كانت بريئة. بل وتم إلقاء القبض على بعد من ظهروا في تسجيل الفيديو وهم يمزقون جسد الضحية ويشعلون به النار في نهاية طوافهم المقدس حول جسد الضحية ... بل وتم إحالة 19 جندي ممن كانوا شهودا على الأحداث دون أن يحركوا ساكنا ، للتحقيق والاستجواب ..

وقام المتظاهرين بزرع شجرة "السبان" شجرة عيد الميلاد عند الموضع الذي لفظت فيه "فرخندا" أخر أنفاسها ... ... فهل انتهت القصة هنا ، نهاية سعيدة ومذنبون يقدموا للمحاكمة، وشجرة زرعت، وخلصت الحدوته..؟؟.. لا أتصور !! ..
فالمفارقات في هذه القصة كثيرة :
أولا : أنهم يزرعون شجرة ترمز للسلام .. ونظنها ثورة لن تهدأ .. وإن هدأت فقل على المرأة السلام ...

ثانيا : قام طالبان بتقديم العزاء للأهل .. نعم طالبان ..!! بل وشجبوا هذه الحادثة واستنكروها .. كما فعلت السعودية قبلا من تقديم واجب العزاء لما فعله أبناءهم الخُلص في فرنسا من قتل 12 شخصا وجرح 11 آخرين .. فالأخوين "كواشي" ليسا إلا تربية الفكر السعودي الوهابي .. ومع ذلك نددت صحفهم القومية السعودية بالحادث .. وأدانت العملية الإرهابية وصدقت على الحق في حرية التعبير .. حرية التعبير ورائف بدوي عندها سجين يجلد في الساحة العامة أمام المسجد كل جمعة 50 جلدة .. ليصل العدد لو بقي على قيد الحياة 1000 ، ولو عاش من الجلد فلن يخرج حيا بعد 10 سنين في سجون السعودية .. وما أدراك ما سجون السعودية .. رحم الله "استالين" فقد كانت سجونه في سيبيريا بردا وسلام ...
وكما يفعل السلفيين اليوم هم مع الدولة الديمقراطية المدنية، في "أبيخ" نكتة مصرية .. وأبنائهم يقتلون في الصعيد ويحرقون الكنائس ويخطفون النساء .. وبعدها يدينون المتطرفين الذين لا يمثلون صحيح الإسلام ...!!!!!

ثالثا : وهي الأقسى على الإطلاق .. "فرخنده" اسم جميل .. يعني بالفارسية "السعيدة" .. نعم نحن في قمة الهزل الأسود ... فهل هناك فتاة سعيدة في شرقنا الغبي المخصي الآثم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي