الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساهمة في الجدل حول علمية الدياليكتيك

عذري مازغ

2015 / 3 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في الايام الاخيرة أثير موضوع هام في صفحات الحوار المتمدن، حول المادية الدياليكتيكية: هل هي علمية أم غير علمية؟ مساهمة مني في إغناء النقاش اود أن ادلي برأيي، لكن شخصيا لا أريد أن يتحول النقاش إلى خصومات شخصية، أريد نقاشا يثير فهما ذاتيا للأمر بعيدا عن ان يكون أمرا خصاميا، فالذات تفكر، ويمكن نقض فكرها بغض النظر عن درجة النقض، بغض النظر ان يكون لاذعا او لا يكون، باعتبار أن النقض في آخر المطاف ليس مسا بشخصية المفكر بل بل هو نقض للفكر عنده باعتباره حامل لميكانيزمات فكر معين يرتبط ارضيا، في المستوى الإديولوجي بحقل يمكن اعتباره وحدة صراع التناقضات بين مختلف الإيديولوجيات كتعبير موضوعي على اختلاف النظر من منطلق طبقي محض، ليس هناك فكر بريء، هناك فكر ينزع أن يكون مثاليا في تمثله ولو بنقض ما يثير تموقعه، ينزع أن يكون موضوعيا بالفعل في الوقت الذي هذه الموضوعية نفسها نسبية حين تكون نزعية الحياد، أي حين تكون تنزع أن تكون خارج كل موقع بشكل يريد ان تظهر خارج المواقع كلها على الرغم من ان الجذور الفكرية لها تنبت في نفس التربة، أي في تربة الصراع الفكري ..
حين أثير موضوع علمية الدياليكتيك، أشير موضوعيا أنه لم يثر تحديد له، ما هو الدياليكتيك أصلا كي يحسم النقاش في كونه علم أو غير علم؟ ما هو العلم أيضا حتى يمكن ان نقيس به الدياليكتيك لمعرفة انه علمي أو غير علمي؟ لم يثر كل من هذين السؤالين على الإطلاق، وطبعي جدا ان يدخل الجدل حوله طريقا مسدودا ارتهن على النصوص عند ماركس وغيره، لكن تلك النصوص لم تثر ماهية الدياليكتيك أصلا، بل انطلقت من مستوى فهم معين لتأويل العلم تأويلا فقهيا: "العلم هو العلم التجريبي مثل الفيزياء والكيمياء والتي يمكن البرهنة على نتائجه مختبريا وعمليا"، هذا النمط من العلم هو جزء صغير فقط من العلم في حيثياته، أي أنه ليس تعريفا كاملا، بالإختبار، العلم هو تحصيل اليقين بخصوص موضوع ما، هذه هي الخلاصة المختبرية، فهي لا تشكل منطلقات فكرية أدت عمليا إلى حصول التجربة، لكن ليس الأمر بهذه البساطة، فالتجربة المختبرية نفسها خضعت لما يمكن اعتباره في الفلسفة وجودا بالقوة، أي أنها سبقتها احتمالات استندت على معايير كمية وكيفية بشكل ما، وإلا لماذا تخضع التجربة المختبرية للتصحيح حين تفشل؟ داخل التجربة العلمية المختبرية نفسها جدل التحقيق مبني بشكل اولي على احتمالات علمية، ماذا يعني الإحتمال العلمي، يعني أن قياسات نظرية معينة، مبنية على حسابات نظرية معينة ستمنحنا نتيجة معينة، هل يمكن أن ننفي طابع العلمية على الإحتمال النظري؟ بعبارة أخرى، هل يمكن أن ننفي طابع العلمية على النظرية التي لم تتحقق تجريبيا؟ بمعنى آخر، هل السؤال المعرفي ليس سؤالا علميا؟ هل فقط النتيجة المختبرية هي العلم؟ إذا كان الأمر كذلك فهو نزعة تجريبية محضة تنفي المنطلقات العلمية لتحققها؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا الحاجة للفلسفة أصلا باعتبارها سؤال التشكيك؟ هل سؤال التشكيك مثلا ينبنى على وهم التشكيك فقط، بمعنى ليس له منطلقات علمية؟
الآن جاء دور الدياليكتيك، أرفض اعتباره امرا ماركسيا، لذلك التدليل في الحوار المتمدن بنصوص ماركس ليس تدليلا علميا، يصف منهجه في التحليل بانه طريقته في فهم قضايا معينة (في الإقتصاد مثلا)مبنية على دراسات تجريبية معينة.. وحين يثير دراسات تجريبيةأ يعني الامر ببساطة ان منهجه او طريقته في التحليل مبنية على معطيات حقيقية تدعم وجهة نظره الفلسفية في الإقتصاد أو في الإجتماع، لا يعني الامر أنه نزعوي التجربة، الدياليكتيك قانون شئنا ام أبينا، قانون للإستفسار، قانون لتشكيك، هو ايضا قانون السؤال المعرفي، ليس هناك علم في غياب السؤال المعرفي، والسؤال المعرفي هو بكيفيات الأشياء ليس بوصفها، والقانون هذا يبدأ عمليا في المستوى النظري ليس في المستوى التجريبي وإلا فالنظرية بكل حمولتها المعرفية المبنية على الإحتمال أحيانا ليست علمية، هل نقبل بهذا الأمر؟ عمليا لا، فنظرية السفر عبر الزمن، تثبتها الحسابات الرياضية، وتبقى بذلك نظرية علمية خارج التجربة المختبرية، هذا رد صغير لذوي النزعة التجريبية، الجزء الكبير في الفيزياء مبني على نتائج نظرية وليست مختبرية، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا حاقد على الفلسفة باعتبارها فكر مجرد مع أن الفلسفة في شقها المادي (الفلسفة المادية بالتحديد) ليست مجردة على الواقع، بل هي تستقي معطياتها منه..
سأعيد موضوع الدياليكتيك في الفهم التجريدي النظري كما قراناه عن هيجل نفسه في الثانوي وهو ما أثرته في تعليق لي بالحوار المتمدن ولم يثر مجرد رد بسيط: الجدل أو الدياليكتيك هو علاقة تأثير وتأثر بين عناصر موضوعة معينة، في الفهم المادي هو علاقة تأثير وتأثر بين عناصر مادية تشكل وحدة تناقض في موضوع او أمر معين، هذه العلاقة تخضع لقياسات كمية وكيفية، أي أنها تأخذ في الإعتبار تغلب عنصر معين على عناصر أخرى وتخضعها في التجربة لهذا الشكل أو ذاك، الدياليكتيك في جوهره حركة تنقل وتفاعل الأشياء، في العلوم الإجتماعية نحصر هذا التنقل بهذا الكيف أوذاك، نخطيء؟ هذا صحيح، وهي أخطاء في التقدير باعتبار الإنسان كائن مراوغ: مثلا حين تدعوا المعارضة إلى المقاطعة في الإنتخابات في ظل سيادة نظام سياسي معين، هذا الامر يخدم القوى الإجتماعية التي لها انخراط كبير في حزب معين، هناك عناصر أخرى مؤثرة في الأمر، هذا صحيح ، لكن المقاطعة احيانا في دول ديموقراطية نيابية حقيقية كالدول الأوربية، تخدم الحزب الذي يتوفر على أكبر عدد من المنخرطين.
في الجدل المثير حول الدياليكتيك بشكل عام، أثير مفهوم العلم بشكل جرد كمعطى مختبري بالشكل الذي هم يدعون إل تتفيه العلوم الإنسانية بشكل عام، المختبر وحده هو قياس العلم، بهذا التحديد يصبح العلم نافيا للسؤال المعرفي وهي إشارة تطرقنا لها سابقا بشكل يطرح السؤال: هل الشق النظري في العلوم الطبيعية بشكل عام ليس علما إلا بالتجربة؟ دعونا نصارحكم، من خلال تلك المواضيع المثارة في الحوار المتمدن، العلم هو فقط العلم التجريبي، شق من هذا العلم غير المختبري ليس علما، بمعنى نظرية التناسخ البيولوجية ليست علميا قبل التحقق التجريبي في مختبرات لندن على الرغم من انها كانت نظرية علمية على المستوى النظري قبل تحققها: أنا مثلا قرأت نظرية الإستنساخ في أواخر السبعينات في مجلة العربي الكويتية لنصوص كان ينشرها عبد الله صالح بطعم ديني (لا يهم) ولم تتحقق تجريبيا إلا في سنوات التسعينات او أواخر الثمانينات، معنى هذا ببساطة، اعتمادا على معطيات علمية، اكتشف الإنسان نظرية التناسخ قبل تحققها تجريبيا، هل هذه النظرية فيما قبل ليست علمية وفي ما بعد تعد علمية؟ ما هو تفسيرها قبل أن تتحقق مختبريا؟ هو تفسير دياليكتيكي اعتمد على معطيات الخلية ونواتها وتخصيبها.. أليس الأمر كذلك؟؟
الديالكتيك حركة؟ هو قبل كل شيء حركة تفاعل، تأثير بالكم والكيف وتفاوتاتهماعبر الزمكان ايضا، هو قانون سواء اتخذ موضوعة فكرية أو علمية، يخضع لعقلانية معينة هي أعلمته، فالفكر الهيجلي علمي بمعنى ما، من حيث هو علمنة الوهم، أي عقلنته، حتى وإن لم يتحصل كعلم تجريبي، فهو يتحصل كعلم وهمي... الآن لنخرج على القياس المختبري:
هل وجود الله يستند إلى عقل تجريبي؟
بالطبع لا، يستند الأمر إلى عقلانية تستنطق معطيات كمية وكيفية، هل ينتفي العلم في هذا الامر لأنه لا يتحقق؟
بالطبع معطيات العلم نسبية ووجوده من عدمه نسبي أيضا..
هل المنهج العلمي هو علم حقيقي ؟
المنهج العلمي هو أيضا كالدياليكتيك طريقة للفهم
خلاصة الدياليكتيك مقولة عامة لكيفية في العقلنة قد تكون عقلنة مثالية أو مادية
العلم هو عقلنة مادية للواقع، الدياليكتيك المادي هو العلم المادي نفسه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصديق عذري المحترم
ادم عربي ( 2015 / 3 / 31 - 16:05 )
جهد تشكر عليه
للمشككين في علمية الديالكتيم عليهم اجابة السوال التالي
من يسبق الاخر العلم ام التكنولوجيا?


2 - التفكير الديالكتيكي
يعقوب ابراهامي ( 2015 / 3 / 31 - 19:25 )
أنتَ لا تفكر بصورة ديالكتيكية - قال المشعوذ ليسنكو لعالم الوراثة بافلوف
برافو ليسنكو - قال جنكيز خان وأرسل بافلوف ليموت في غياهب السجون الستالينية


3 - العلم لا يشترط فيه ان يكون تجريبيا
طلال الربيعي ( 2015 / 3 / 31 - 22:57 )
الاخ العزيز عذري مازغ
اتفق معك تماما بان العلم لا يشترط فيه ان يكون تجريبيا, فنحن نعلم ان الفيزياء النظرية ليست علما تجريبيا, واحد علمائها ستيفان هوكنج هو اعظم عالم في العالم حاليا و يعتبر خليفة نيوتن.
كما ان البعض يذهب الى الاعتقاد بان التجرييبة هي علم كاذب, كما في الكتاب
Systematic Empiricism: Critique of a Pseudoscience
http://www.amazon.com/Systematic-Empiricism-Critique-Pseudoscience-sociology/dp/013880351X
مع وافر تحياتي


4 - كذب بدون اي خجل
طلال الربيعي ( 2015 / 4 / 1 - 00:51 )
المعلق رقم 2 يقول
-وأرسل بافلوف ليموت في غياهب السجون الستالينية-
وهذا كذب بدون اي خجل. فالعالم الكبير ايفان بافلوف, الحائز على جائزة نوبل في الفسيولوجيا العصبية في عام 1904, لم يمت -في غياهب السجون الستالينية-, بل كان معززا مكرما في موطنه, بالرغم من اختلافه الشديد مع ستالين. فقد توفي عن عمر يناهز ال 86 عاما بسبب اصابته بالتهاب الرئة. وقد اقيم له نصبا تذكاريا تكريما لشخصه وبحوثه, اضافة الى تأسيس متحف لتخليده.
وحول ظروف وفاته, يمكن الاطلاع على المزيد في
Death of Ivan Pavlov
http://www.historytoday.com/richard-cavendish/death-ivan-pavlov
ا


5 - إلى طلال الربيعي (4): لم أكذب لكنني أخجل
يعقوب ابراهامي ( 2015 / 4 / 1 - 08:59 )
ماذا أقول وكيف أعتذر وأنا الذي بنيتً كل شهرتي على اصطياد أخطاء الآخرين؟ هل يمكنني أن أختبأ وراء الذاكرة الخائنة التي أخذت تضعف يوماً بعد يوم؟ أم إنها سحابة صيفٍ ستنقشع قريباً؟
لكنك، عزيزي الخبير في العلوم النفسية، أخطأتَ في الناحيتين: لم أكذب وانا أخجل
فافيلوف وليس بافلوف
وإليكم التعليق المصحح - وبالمناسبة، عزيزي طلال، المعلق رقم 2 اسمه يعقوب ابراهامي

أنتَ لا تفكر بصورة ديالكتيكية - قال المشعوذ ليسنكو لعالم الوراثة فافيلوف
برافو ليسنكو - قال جنكيز خان وأرسل فافيلوف ليموت في غياهب السجون الستالينية


6 - الجدية مع الاخلاق الراقية و النزاهة صفات الاحرار
علاء الصفار ( 2015 / 4 / 1 - 19:58 )
تحيات العزيز عذري مازغ
لقد تطرقت لجميع الهفوات والثغرات واحكمت المسكة لصالح العلمية فهرب اعداء الماركسية الا المستر ابراهامي, ليختفي خلف ستالين وجنكيزخان! ولا يتطرق لشارون او الجلاد بنيامين نتنياهو. كأن دولة الجريمة انحسرت بجنكيزخان وستالين وليس بالامبريالية الامريكية واسر ائيل الصهيعونية.يخرس جميع مهاجمي الماركسية اما ادوات العلمية لناموس وحدة صراع الاضداد ونفي النفي والتراكم الكمي لتحقيق طفرة النوعية. ابراهامي من المصفقين لكل المشعوذين كبرودون وبوبر وهابرماس. الذين يعملون بنشر الزيف الهرطقي بغلاف السفططة والرونق اللفظي الخالي من اي فكر علمي وفلسفة واخلاق,فهي افرازات الراسمالية التي تعادي الفلسفة الماركسية, لذا انفضح كل من برودون وهابرماس و بقى وجه ماركس وفكره العظيم. فكل شيء فان ويبقى وجه ماركس العلمي ذو الجلال الفكري العظيم. يدعي زعماء العلمية المزيفة في الدولة الراسمالية بضرورة تحقيق التجريبية.وها انت عريتْ بكل رشاقة زيف الادعاء, فالنظرية تسبق الممارسة والتجربة,إذ فعرف البشر البدائي الحقائق العلمية قبل تعلم اللغة و وجود المختبر. فحزر البشر دوران الارض حول الشمس, دون مختبر !ن

اخر الافلام

.. إغلاق مراكز التصويت في الانتخابات البريطانية| #عاجل


.. إيران.. تعرف على مواقف جليلي وبزشكيان في ملفات السياسة الخار




.. مقابلة خاصة مع نائب وزير الخارجية التركي ياسين أكرم سرم


.. أوضاع الشرق الأوسط وحرب غزة تحظى باهتمام كبير في قمة شانغهاي




.. نتنياهو بين ضغط عائلات المحتجزين وتهديدات ائتلافه اليميني