الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين المطرقة والسندان!

مُضر آل أحميّد

2015 / 3 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حدثني لادينيٌ مرة عن إقصائية الأديان عامّة والإسلام خاصة وظللت اسمع له –خصوصا واني استمتع بكلام الموضوعيين من أمثال ذلك الصديق- ولم أعلق على عنعنته بغير ابتسامة مفادها: اللهمّ خُذني اليك!
وربما استوقفتكم لفظة "عنعنته". حسنٌ، لاشكّ أن عملية العنعنة مرتبطة بناقلي التراث الإسلامي اكثر من غيرهم. ولكن، اللادينيون يعنعنون أيضا وبالذات في نقل ملخّصات الأفكار. وكما أن الأخوة المتأيمنون يستغنون في بعض الأحيان عن سلسلة سند الحكاية، فإن اللادينيين يفعلون ذلك أيضا في محاولة لإيهامك بأن علمهم جاء من المصدر مباشرة، وربما يكونون هم المصدر في بعض الأحيان.
ولنعد لإقصائية الأديان وتطرفها، فذلك موضوعنا الأساس على أية حال. يقول اللاديني أنه يعادي الأديان لأنها سبب المعاناة والألم والعنف والدمار.. . ولنعتبر ذلك السبب سببا جاء بعد بحث ودراسة، وليس مجرد ردة فعل عاطفية؛ ماذا لو قدمنا له نسخة جديدة من الدين ليس فيها أي تحريض إلا على كل جميل وحميد؟ سيقول اللاديني أنها نسخة كاذبة مرقعة وأننا نحاول زخرفة المشوه ليغدو جميلا. ما همّه إن كان ترقيعا ام عملا أصيلا، إن كان يفضي بكل الأحوال الى هدفه المعلن، انقاذ الإنسانية، ويعمل على ترسيخ القيم الفاضلة في المجتمع؟! ليست المشكلة عند اللاديني في الأفعال التي تتم تحت غطاء الدين وتبريراتها، إنما في الدين نفسه.

لماذا؟
إنهم غاضبون. نعم، ذلك هو السبب. إنهم غاضبون وحاقدون الى درجة لم تعد فيها الغايات مهمة. إنهم في رحلة انتقام من المجتمعات التي كبتتهم، واضطهدتهم، وحبست حرياتهم، وتدخلت في شؤونهم. انهم غاضبون من آباءهم، وأمهاتهم، وإخوتهم؛ غاضبون من اولئك الذين يستطيعون ضرّهم وإيذاءهم. ولكن، لمَ يفرغون غضبهم في غير اولئك؟ لأن اولئك كبتوهم بإسم الدين، واضطهدوهم بإسمه، وحبسوا حرياتهم بإسمه؛ آذوهم باسم الله، وضرّوهم بإسمه.
لو كان هنالك من إله لتدّخل واوقف المعاناة، ولو كان الدين حقا لنصره الإله. لو كان الإله موجودا لما سمح بإحراق الأطفال وتفجيرهم وذبحهم واغتصابهم كما حدث ويحدث على مر العصور. إنّ ذلك مؤلم بحق، وهو مما يجعل الإنسان يشكك في معتقداته وفلسفته بل وحتى في كينونته؛ لكنه لم يكن ولن يكون فكرا يُناقَش وفلسفة يُسمع لها.
لست أتعجب من عبدة الموروث الإسلامي، وغيره، الذين نصطدم بهم يوميا في رحلة التخلص من العادات والتقاليد الذكورية، والأفكار الرجعية، والأطماع السلطوية التي ضمنّوها في صميم الدين. لست أتعجب من اولئك فإننا ننزع منهم رغيف الخبز الذي يسد جوعهم. إننا نحاربهم في رزقهم الذي يسترزقون منه ونحرّض الناس عليهم بدعواتنا لإستخدام العقل واحترامه. إني اعجَب من حلفاء اولئك المتأيمنون، اللادينيين، نعم فهم حلفاء عندما تصبح المعركة ضدنا. ثم لاح السبب في رأسي، إن كنا نحارب اولئك في رزقهم، فإننا نحارب هؤلاء في كينونتهم. إننا نسلبهم ما اصبح يعرفّهم وهو "معاداة الأديان لأنها سيئة وتجعل الناس سيئين"، فإن أصلحنا واعدنا الأديان الى حقيقتها الجيدة ودعوتها الناس ليكونوا جيدين نكون نحرمهم عدوا يعرّف فلسفتهم ويعبر عن كيانهم.

المشكلة أنّ الكثير من اللادينيين يظنون أننا نحاول بإصلاحنا، أو بترقيعاتنا كما يحبون تسميتها، أن ننصر "دين الله" او "المسيح" او "محمد" وغير ذلك من المسميّات. ولكننا في الحقيقة لا نحاول إلا نصر الإنسان الذي نرى بأن الأديان جاءت لخدمته وليس العكس. آخذين كل ذلك بالحسبان، ربما آن الأوان ان يعيد اللادينيون ترتيب أولوياتهم فيرفعوا الإله الذي لا يؤمنون به عن قائمة الأولويات، ويحذوا حذونا في وضع الإنسان، الذي يُفترض أنهم يقدسونه، على رأس القائمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة