الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القيم الدينية

محمد ابداح

2015 / 4 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


القيم الدينية
إن النقاش حول القيم الإنسانية يكون مجتزءاً دون الإشارة لدورالدين كمذهب ومعتقد، وكمصدر هام وأساسي للقيم الإنسانية والأخلاقية ، لإن الدين يعتبر مكوّناً هاماً في الثقافة المجتمعية لمعظم شعوب العالم، وتشمل المعتقدات والأفكار والمذاهب الدينية وهي غالباً ما تشكل أسباب التباين في تفسير القيم الأخلاقية والإنسانية وتحديد مرجعياتها المتبعة في تحديد السلوك البشري، ومردّ ذلك يعود إلى سلطة الدين في اعتماد الأنطمة والقوانين، ولإن الدين يمنح الشرعية ولا يستمدها، فبإمكان القادة الدينيين المسؤولين عن تفسير العقيدة أن يصلوا إلى أقصى حد في تأثيرهم على سلوك المجتمع .
إن هذا الدور الفريد للدين أجبر الحكّام على تكريس اهتمام بالغ لعلاقاتهم بالمؤسسة الدينية، فعبر العصور كان الدين وحده هو من يشرّع بصورة مباشرة كافة أنشطة الحياة في المجتمع، وقد شكل الدين والحكومة شكّلا نظاماً متكاملاً في وقت ما ، فالدين إلى حد كبير هو ثقافة بنيوية متكاملة ، فهو ثقافة المحرومين، وهو معقل المهمّشين في المجتمع، وهو منبر المفصحين عن احباطهم، وهو منبع العفة والالزهد والغنى عند الفقراء، وهو منهل العلم الأسمى للمتعلمين، كما هو سر السعادة للمكتئبين ، فضلاً على أن الدين هو منبر حر الأحرار والمظلومين ، وأخيراً فإن الدين هو مؤسسة شاملة مالية واجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية وعلمية .
وعليه فقد بات استعمال الخطاب الديني ضرورياً بكل الأحوال، في السلم والحرب ، وهو يمتلأ بالقيم الإنسانية والأخلاقية ، لدرجة أن كل حرف فيه بات يشكل قيمة إنسانية مستقلة بذاتها ، ولكن رغم ذلك كله ، يبقى الخطاب الديني ، قاصراً عن وضع تصوراً واضحاً عن مفهوم الشر، وخصوصاً حين يتناول مواضيع محددة ، كالعدالة الإجتماعية، وموقفه من حقوق المرأة وخصوصاً قضايا تعدد الزوجات وملك اليمين ، والسّبي وتجارة الرقيق ، فجميعها قضايا تمس صميم القيم الإنسانية ، الأمر الذي يُثبت بأن العدالة ليست ضرورة إنسانية وحسب بل هي فضيلة أخلاقية أولاً و قبل كل شيء ، ولايختلف عاقلان على أن سبي النساء ، وما يتبعه من تداعيات وممارسات كاغتصابهن بحجة ملك اليمين، واستعباد أسرى الحروب وعائلاتهم وبيعهم وشراءهم في أسواق النخاسة ، أو إجبارهم على العمل بالسخرة كونهم أصبحوا عبيد ، ليس من القيم الأخلاقية والإنسانية في شيء .
إن شواهد القيم الدينية السامية ، جلية في كافة الأديان السماوية والوضعية السامية، كالعفو عن الناس والإحسان والصدقات وتقديم العون والمساعدة وإفشاء السلام والمحبة وغيرها من القيم الأخلاقية ، غير أن أهمية تلك القيم تكمن في تطبيقها عملياً لانظرياً، وفي الحقيقة لايتعلق الأمربالتعرف على أسباب ضعف القيم الأخلاقية لدى بعض أفراد المجتمعات ، أو معالجة الظواهر والسلوكيات السلبية ، أو محاولة إعادة زرع القيم الإخلاقية بالنفوس وتفعليها، فوسائل الإعلام ودورالتربية والعبادة لاتتوقف عن نشر القيم الدينية والأخلاقية وتثقيف الناس بها ، وبيان الحلال والحرام ، وتقوية الوازع الديني والتقرب إلى الله والحرص على أعمال الخير وترك المعاصي كما يأمر رجال الدين وفقهاءه ، كما أن المشكلة ليست في القيم ذاتها ، وإنما في البشر أنفسهم ! ، وبطبيعة تكوينهم وتفكيرهم ، وبكل ما تحويه تلك الطبيعة البشرية من تناقضات غريزية، وُجدت كي تتقبل الشرّ وتعمل به في مراحل ما من سلوكياتها، وذلك كسنة من سنن الطبيعة والتي لامفر من وقوعها .
كثيرا ما تعمد الثقافة الدينية للتأكيد على قيم القضاء والقدر،فيؤمن العديد من الناس بالمصير المكتوب وبأن ما يحدث لهم إنما يتم بمشيئة الله وعلمه وحده ، ورغم ذلك فالواقع الديني يؤكد ثبوت المسؤولية الفردية استناداً لملكة العقل والإرادة الحرة والاختيار، غير أن النصوص الدينية قد توَظفُ انتقائيا بما يخدم أفكاراً معينة بذاتها ، وذلك بهدف تفسير السلوكيات البشرية دائما على أنها تسليم بالواقع ، بل قد يتعلق الأمر أحياناً بالحض على القيام بأفعال مخالفة للقيم الإنسانية والأخلاقية ، فعلى سبيل المثال كان قادة المسلمين في العصور الذهبية لخلافتهم ، ينتقون بعض الأسرى كعبيد للعمل في قصورهم وبساتينهم ، وهذا أمر كان سائداً ومتبعاً لأنه لايخالف العقيدة الإسلامية ، كون الإسلام لم يحرم تجارة الرقيق والعبودية عموماً ، غير أن عملية إخصاء العبيد ، وحرمانهم من رجولتهم، خوفاً على جواري القصور ونساء أمراء المسلمين ، من غير المعقول أن لايشكل هذا الفعل جريمة بحق الإنسانية ، بل هو جريمة بالفعل قبل أن يكون عملاً لا إنسانياً وغير أخلاقي في الأصل ، وفي هذه الحالة تتجلى التناقضات الفقهية والفكرية لفقهاء الدين عن القيم الإنسانية والأخلاقية .
يحتدم الصراع في الثقافة الإنسانية بين تيارات تميل للعنف والتطرف وأخرى للتحرر، وفي الواقع أن الأول يتخندق خلف مفاهيم العودة لتقاليد السلف، بينما يحاور الثاني بمفاهيم التحرر من قيم الماضي والتحول نحو التجديد والحداثة ، ويقف ثالث على مسافة آمنة بين الإثنين ، أي الاحتفاظ بالأصالة والتقليد مع قضم ما هو مفيد من الثقافات الأخرى ورفض ما هو سيء.
وتأسيساً على ما سبق يرى الأصوليين أن ميزة الإبداع ليست من صفات الإنسان بل هي من صفات الله وحده ، وأن مصطلح الإبداع هو مصطلح مستورد من الغرب وهو من نتاج حياتهم المعاصرة ، وهذا المنطق لاريب في أنع يُقصي العقل البشري ويتقبل الواقع طائعا ، ويبقى حائراً في فقه الحلال والحرام ، ممتثلاً لقيم السلف ، غير مدرك بأنه قد بات يستورد حتى المسواك من الصين.
إن قيماً إنسانية كالعلم والمعرفة والعقل والنفس البشرية، قد غيّبها النقل الأعمى ، وأفرغها الخضوع الفكري من مضامينها في ظل ثقافة الصراع بين العقل والنفس الأمارة بالسوء ، فبات العلم الأسمى هو معرفة ما حكم الوضوء بماء العصير، أو التيّمم بمسحوق الغسيل ، وأصبحت المعرفة مقتصرة على قيم الإمتثال المطلق ، كما بات العقل أداة للنقل ، وأصبحت النفس البشرية عدواً للإنسان ويجب محاربتها وليس التصالح معها .
محمد ابداح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدين يمنح الشرعيه
حسن ( 2015 / 4 / 1 - 19:06 )
السؤال هو من اين استمد هذه الشرعيه هل هي من الله ام من الواقع الموضوعي الذي وجد فيه هذا الدين فاذا كان من الله فاي اله هذا الذي يجيز السبي ويشرعن الرق وينتهك الكثير من القيم الانسانيه الاخرى فهكذا اله لايستحق ان يعبد او يؤمن به احد اما اذا كان دينا وضعيا فهو يصلح ربما للزمان الذي وجد فيه ولا يصلح لاي زمان اخر اما محاولة فرضه قصرا على الناس فلن يؤدي الا لما نحنوا عليه من تخلف وضياع واذا تركت للناس حرية الاختيار فستجد بمرور الوقت لايلتفت اليه احد كما هو حاصلل معظم الشعوب الحرة ولهذا تجد رجال الدين والكهنه وخصوصا المسلمين لايطيقون اي حديث عن الحريه فالحل اليوم هو بجعل الايمان هو خيارا فرديا مباشرا بين الانسان المؤمن وربه بعيدا عن كل النصوص الموجودة حاليا التي ليس لها من وضيفه الا لتخدير وشله ومنعه من استخدام عقله واختم بالتحيه للحميع

اخر الافلام

.. 107-Al-araf


.. 117-Al-araf




.. #شاهد يهود كنديون يقتحمون مبنى البرلمان ويردّدون شعارات مندّ


.. 100-Al-araf




.. 100-Al-araf