الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النزعة الفردية المتطرفة!!!

محمد البورقادي

2015 / 4 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



لنفرض أن لي شهوة معينة، وأنا أرغب في تحقيقها، والذهاب فيها إلى آخر ما تسوّل لي نفسي من المتعة التي لا يبيحها "المجتمع": فعند ذلك أقول: إن المجتمع يقف في طريق تحقيق هذه الشهوة. وأزعم أنه يحد من حريتي، ويضع القيود في سبيل تحقيق كياني الذاتي. ...
إنه يهدف إلى كبت نوازعي الفطرية، فتصيبني بذلك الاضطرابات العصبية والنفسية، وتتعطل طاقتي المذخورة..
ولكني في الواقع أكون قد نسيت حقيقة مهمة. أو أدركتها ولكني أغالط نفسي وأغالط الآخرين. فأنا الذي أحتج على تحريج المجتمع عليّ في متعتي الخاصة، حين أرى فرداً آخر يريد أن يذهب إلى ما رغبت فيه لنفسي، فيستجيب لشهوته الملحة، ويذهب فيها إلى أقصى المدى.. أنا ذاتي أهب محتجاً عليه، وأقول له مكانك! لا تتجاوز الحد المفروض! وعند ذلك أصبح أنا "مجتمعاً" أو ممثلاً للمجتمع بالنسبة لهذا الشخص، كما كان هو أو غيره مجتمعاً أو ممثلاً للمجتمع بالنسبة إلي.
وهكذا... فإذا كان الوقوف في سبيل حرية الفرد الزائدة عن الحدود جريمة في حق هذا الفرد، فكل شخص يرتكب هذه الجريمة في حق غيره، في ذات الوقت الذي يصرخ من ارتكابها في حقه! وبذلك لا يوجد شخص واحد مجنيّ عليه مائة في المائة. وإنما الجميع جناة ومجنيّ عليهم في آن واحد وبنسبة واحدة..
فإذا قال فرد: ما للمجتمع ومالي حين أصنع كذا وكذا، فعليه أولاً أن يسأل نفسه: ماله هو وللآخرين حين يأتون نفس هذا الأعمال؟
فحين تفسد فطرة الفرد، ويحس بوجوده الذاتي إحساساً مبالغاً فيه، يكون قد اعتدى على الآخرين اعتداء مؤكداً، ليحقق لنفسه أكثر مما ينبغي له من المتعة الفردية الأنانية. وهو مع ذلك لا يعتزل المجتمع ولا يعيش وحده، ولا يتنازل عن العون الضخم الذي يستمده من وجوده في الجماعة، والتسهيلات الهائلة التي ييسرها له مجموع الأفراد. فكأنه في تبجحه يريد أن يستغل المجموع إلى أقصى درجة، ثم لا يؤدي نصيبه من التكاليف.
وهنا موضع للجدل الشديد بين دعاة الفردية، وبين النظرة المعتدلة المتوازنة.
فهم حيناً يزعمون أن المجتمع لن يضيره شيء في أن يستمتع الفرد بحريته فيما يسمونه شئونه الخاصة. وهم حيناً آخر ينكرون حق المجتمع في التحريج على الفرد في تلك الشئون، أو في "تحقيق ذاتيته" كما يقول الوجوديون وغيرهم من المنحلين، سواء كان في ذلك ضرر على المجتمع أو لم يكن، لأن الأصل هو الفرد، وهو الذي ينبغي أن يتحقق له وجوده الكامل، رضي الآخرون أم غضبوا!
إنما تقوم هذه النظرة الفردية على نزعة أنانية غير مستقيمة. وحين يعطي كل فرد نفسه حق الخروج على "تقاليد" المجتمع، فلا مناص من أن تتعارض أهواء الأفراد وتتصارع، فيعتدي بعضهم على بعض، وتنشأ الفوضى التي قد يفيد منها البعض حيناً من الزمان، ولكنها بعد ذلك تعود بالضرر على الجميع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسعى لمنطقة عازلة في جنوب لبنان


.. مسؤولون عسكريون إسرائيليون: العمليات في غزة محبطة وقدرة حماس




.. ما أبعاد قرارات المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر الخاصة بالضف


.. صحيفة إسرائيلية: نتنياهو فقد السيطرة ما يدفعه إلى الجنون وسق




.. ما أبرز العوامل التي تؤثر على نتائج الإنتخابات الرئاسية الإي