الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرد والمجتمع , أية علاقة !!

محمد البورقادي

2015 / 4 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



المجتمع حاجة نفسية نبعت من نفس الفرد، من رغبة ملحة في ألا يعيش وحده. وسواء كان الخوف من الانفراد، والشعور بالوحشة أمام الحيوانات المفترسة، وقوى الطبيعة المجهولة. أو كانت المصلحة، حين وجد كل فرد أنه يستطيع أن يدرك بالاشتراك مع غيره، ما لا يستطيع أن يدركه وحده. أو كانت غريزة الجنس، أو نزعة القطيع... فالنتيجة الأخير واحدة، وهي أن نزعة لا تقهر، هي التي أنشأت المجتمع من ضمير الفرد...
وربما كان لمعترض أن يقول: لو كان الأمر كذلك، وكان الفرد هو الذي كوّن المجتمع من رغبته الملحة في الاجتماع بغيره من الأناسي، لما وجدت فيه النزعة إلى الانتفاض على هذا المجتمع والخروج على أوامره ونواهيه...
ولكن الواقع أن الإنسان مجموعة من المتناقضات. أو مجموعة من الرغبات المتضاربة التي لا يمكن تحقيقها كلها في آن واحد. وقد قلنا: إن الرغبة في الاجتماع قد أخضعت النوازع الفردية لسلطانها، وعملت على تهذيبها بالتدريج. ولكنها لم تنتزعها من نفس الفرد، ولم يكن من الممكن ولا من المصلحة استئصالها من منبتها. لأن قتل الفرد –لصالح المجتمعء لا يمكن أن يؤدي في النهاية إلا لضياع هذا المجتمع ذاته. إذ كيف يمكن أن تنشأ الحياة من مجموعة من الأموات؟!
فالنوازع الفردية إذن ما تزال موجودة، جنباً إلى جنب مع الرغبة الجماعية الملحة. وإذاكان هذا تناقضاً، فهو موجود في النفس البشرية، كما يوجد فيها الحب والكره، والخوف والرجاء، والواقع والخيال ...

فلنفرض أننا نزلنا إلى الطريق فوضعنا أيدينا على واحد من المارين فيه: فمن هو ذلك الشخص؟ إنه فرد بالنسبة لنفسه، ينظر إلى الآخرين على أنهم "المجتمع". ولكن هذا الفرد ذاته ينظر إليه الآخرون على أنه هو "المجتمع" أو هو فرد من أفراده، يتكون المجتمع –بالنسبة إليهمء منه ومن الآخرين معه.
وهكذا لا يمكن الفصل أبداً بين الفرد والمجتمع في حقيقة الأمر. فالمسألة كالدائرة لا تستطيع أن تمسك بنقطة معينة منها فتقول: من هنا تبدأ الدائرة، أو إلى هنا تنتهي. كل نقطة ككل نقطة، تصلح أن تكون مبدأ أو نهاية أو وسطاً بين نقطتين. ويظل الأمر هكذا ما دامت الدائرة قائمة. فإذا انكسرت لأي سبب من الأسباب، فعند ذلك فقط يصير لها مبدأ ونهاية، ولكنها تفقد اسم الدائرة وصفتها منذ ذلك الحين.
والمجتمع كذلك.. لا تستطيع أن تأخذ فرداً منه فتعزله، وتضعه في موضع المقابلة من الآخرين، ما دام المجتمع متماسكاً كالدائرة. لأن كل واحد من هؤلاء الآخرين ينظر إلى هذا الفرد نظرته هو إليهم. أما حينما يتحطم المجتمع ويفقد تماسكه، وتشيع فيه الفوضى، فعند ذلك كل شيء يجوز!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسعى لمنطقة عازلة في جنوب لبنان


.. مسؤولون عسكريون إسرائيليون: العمليات في غزة محبطة وقدرة حماس




.. ما أبعاد قرارات المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر الخاصة بالضف


.. صحيفة إسرائيلية: نتنياهو فقد السيطرة ما يدفعه إلى الجنون وسق




.. ما أبرز العوامل التي تؤثر على نتائج الإنتخابات الرئاسية الإي