الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل العربي ... بين التبعية وفقدان الذات .

عبده جميل اللهبي

2005 / 9 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من يتابع مراحل التاريخ الاسلامي وما رافق تلك المراحل من نتاجاجات وتحولات يدرك بوضوح ان الاحتكاك والتعاطي لحقبة زمنية سابقة في تجربتها النظرية وتاصيلها المعرفي لواقعها الزمني نفذت مع اول خطوة لحقبة لاحقة واصبحة ساعة ذالك الواقع غريبة عنه وميتة امام تنفساته ...
فإذا لم تتخذ خطوات ما فان الانسان قد يهزمه حسه التاريخي .لان الثقل العظيم للماضي يقمعه وينحيه جانبا ويعيق مساراته وتكون النتيجة هي الدمار الشامل للانسان فردا وشعبا وحضارتا ...
من يعيش مع الصدق في حالة تضاد ينظر الى الاخرين كما لو انهم مجموعة من الكاذبين ..ومن يفقد الثقة في ذاته طبيعي ان يفقدها في الاخرين....
المجتمعات الخرافية عرضة دائمة للفشل حيث يغيب الشك العقلي مفسحا المجال للارتياب وعدم الثقة ، ويصبح التقليل من انجازات الاخرين تعويضا ذاتيا عن الشعور بالفشل والعجز....
وهكذا صار العقل العربي عقلا هروبيا انتجته ظروف العجز وازمنة الاستبداد والهزائم وكرست فيه مجموعة من القدرات الذاتية ، جعلته يتعامل مع انتاج العقل الغربي واحداث العالم وقضاياه السياسية والعلمية والاجتماعية بمنهج التبرير وبموقف يخلو من الوعي والتفكير العميق والبصيرة النافذة ....
الشعور السلبي يتنامى دائما عند مجتمعات ادمنة الهزائم والاحباطات ..
الشعور السلبي المتمثل في جلد الذات ينبع من رغبة دفينة بالتغلب على الفشل عن طريق الهروب منه بدون المواجهة ..فهذه هي حيلة العجز ومعطيات الفشل ومهرب الجبناء ، دون التجهد من تكوين مفاهيم علمية معرفية مقاربة للواقع لاتتصادم معه ولاتخلو من نتاجاته ...
وهذا ماهو الانتاج مرحلة التبعية الطويلة التي غاب فيها العقل النقدي والتفكيكي الحديث ..
اليبرالية ، والعلمانية ، والعولمة المعاصرة .. كل هذه المفردات وماتضع لنا من قيم ومناهج وعلوم لانستوعب احداها حتى تاتي لنا اخرى جديدة واكثر حداثة من الاولى فتتشابه علينا البقر .. وتتعدد الوجوه وتتعقد الاشكاليات فلا نستطيع التمكن من استيعاب حقائق الاشياء ، فتلجاء عقولنا الى تبسيط الاشياء والتعامل مع القضايا بالشكل المتناسب مع البنى الثقافية التي نعيشها ، فلا نجد اسهل من اختراع الحجج والذرائع لتفسير حدوثها كي يفسح المجال للافهام السطحية بما يرضي رغباتنا وطموحاتنا وبالاصح اوهامنا...
صارت ثقافتنا العربية ارهاصات وردود فعل او مقابسات نتيجة عقدة التفوق الحضاري او عقدة القصور الذاتي وتحويل الاخر من الوجه الاصلاحي الى شيطان متامر يحيك مؤامرات الايقاع بنا وتدميرنا وتجريدنا من هويتنا .....
مما يزيد من غربتنا وتبعيتنا واختلاقنا للازمات ، فاما ان ننفصل عنه ونحتمي بالدعاء عليه بعد كل صلاة جمعة وإما الاتحاد به واقتناء مثله وقيمه للوصول الى طور النهضة الطريق الوحيد للخروج من شرنقة التبعية وفقدان الذات ، واما المراوحة بين هذين الحدين كما يفعل مفكرينا المعاصرين ونظل اسرى هويتنا التي نجاهد في التحرر من حبالها المترابطة دون نجاح ...
الخائفون لايصنعون الحرية ، والمتذمرون لايصنعون الا العجز والخيانة ..
فعلى الانسان العربي ان يرقى بنظمه المعرفية والعلمية من اجل خلق ثقافة خلاقة ومبدعة .. وناخذ من الغرب نتاجاتهم التي طالما تهربنا منها وهي كل كلمة تحمل التاء المربوطة في اخرها (ة)من الديمقراطية والعلمانية والراسمالية والاشتراكية ونترك المسف من النتاج الذي اخذناه بكل لهفة الى بلداننا من افلام الدعارة الى الايدز ..وهكذا نبرر بالقول ان الغرب يحاول تدميرنا وخراب بيوتنا ... دائما نصنع العجز والخمول ونجعل من الاخر شماعة تحمل اوزارنا ...
فمثلا جوهلت مسالة الاخلاق لعصور طويلة في التاريخ الاسلامي الى ان ظهرت كتب الغرب التي تحمل طابعا اخلاقي او بالاصح مدارس اخلاقية مثل مدرسة سكيولوجية الاخلاق ، وعندما حصل الوعي لدى بعض الفقهاء ادركوا ضرورة كتابة مؤلفات في علم الاخلاق من منظور اسلامي تكون بديلاً للثقافات الوافدة
والاشكالية لاتكمن في بنية هذه الثقافة والعقل الذي ينتجها بقدرما يتضح لنا ان عملية التلفيق بالنقل والاقتباس بالتسوية والمماثلة والحذف والتجاوز تجعله بلا هوية ..
فلقد شوهت المصطلحات المترجمة عن ثقافة الحداثة التي يتبارى بها اساتذتنا الافاضل الذين يعتبرون انفسهم مرجعيات في الترجمة وصياغة العبارات متعمدين احاطتها بالغموض والباسها اشكال من التاويلات اما تفوقا منهم او لعجزهم عن نقلها الى ثقافتنا بدلالاتها المعرفية ، فنبداء بالتبرير وملء الفجوات بما هو متوفر في ادراجنا وتصبح ثقافتنا مزايجا من الاشكال والالوان ، وبهكذا مواقف نصبح عاجزين عن التقدم معاقين عن ملامسة واقع الحداثة والتطور مملؤين عجزا وخمولا وانحطاطا ننصاع للذات المهزومة المازومة في محاولة للتطهر الجماعي الكارثي الذي لاينتج سوى الجنون والوسواس القهري ........................










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah