الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤل

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2015 / 4 / 6
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لن أدعي بأني كنت طفلةً مميزة و لكن ربما كنت قارئةً نهِمة و متشككة و هو الأمر الذي أصابني بنوعٍ غريب من الاعتلال العقلي و الذي يجعلني كلما أصغي إلى أي عبارةٍ تُقال أمامي أقوم بترديدها في عقلي عدة مرات و من ثم تفكيكها كلمةً كلمة لأدركها..هذا الأمر ظلَّ مُلازماً لي منذ سنوات الطفولة بالرغم مما تتميز به تلك السنوات من عدم إدراكٍ حقيقي لمعنى الأمور التي تحيط بنا و لم يأتِ مع التقدم في العمر كما ستعتقد الأغلبية.

و لعلي بسبب تلك العلة كنت أشعر بالملل الشديد في حصص المواد الدينية بكل فروعها..فلم أكن حينها أصغي جيداً لما كانت تردده المعلمة و التي كانت تحرص في حديثها على تلقيننا كل ما تحتويه تلك الكتب الدينية و كأنه من المُسلَّمات الغير قابلة للنقاش..و لكني كنت أمارس بعثرة ذلك الملل الذي تلقيه كلماتها فوق روحي بممارسة عادةٍ قبيحة و مكروهة و لم تعد مطروقةً كثيراً حالياً ألا و هي "التساؤل" و لكن بصوتٍ مرتفع.

فممارسة التساؤل من وقتٍ لآخر أمرٌ لا بأس به بالرغم من كل ما يمثله ذلك الأمر من إزعاجٍ لمن توجه إليه أسئلتك و لكنه أفضل من محاولة إتقان دور الحمار الذي يحمل أسفاراً ما فوق ظهر عقله و هو الدور الذي يبدو أنه قد أصبح الغاية الأسمى لدى الكثيرين!!..و لكن في حال عدم إتقانك لهذا الدور -أي دور الحمار- فلا بأس من ارتكاب معصية التساؤل و لكن دون أن تسمح لأي مخلوق بالإطلاع على معصيتك تلك حتى و لو كان هذا الشخص هو أنت!!..فالتساؤل بصوتٍ مرتفع خطيئة و ربما يسبب للمرء العديد من المشاكل مع من هم حوله ممن لن يتقبَّلوا نوعية تساؤلاته..هذا ما تعلمته في الماضي و ما وجدته يرافقني في الحاضر و لعله سيسبقني مهرولاً إلى المستقبل..فالتساؤل معصية تقود إلى معصيةٍ أكبر ألا و هي البحث عن إجابةٍ ترضي السائل لتجعل عقله يكف عن إلقاء تلك الأسئلة الجدليَّة.

لهذا و بعد معاناتي الطويلة و المستمرة مع التساؤل قررت أن أكف لساني كما عقلي عنه إلا أني وجدت أمامي شيطانٌ يحرضني عليه عندما شاهدت داعية إسلامي له شهرة كبيرة إعلامياً يتحدث عن أنه قابل امرأةً غربية ملحدة فأسلمت بعد عدة دقائق من حديثها معه لأنه أبهرها بحديثه عن حقوق المرأة في الإسلام و كيف أن هذا الدين العظيم كرَّم المرأة في زمنٍ كانت تفتقد فيه إلى أبسط حقوقها الإنسانية..بضعة دقائق فقط كانت كافية لتلك المرأة الغربية لكي تعقد مقارنةً ذهنية سريعة بين واقعها و واقع المرأة المسلمة لكي تدرك أنها يجب أن تهرول نحو الضفة الأخرى لكي تحصل على المزيد من الحقوق و الامتيازات "الحقيقية" بدلاً عن ذلك الوهم الذي كانت تتعاطاه منذ عقود!!.

كنت أصغي إليه و أنا أوشك على التساؤل حول مضمون كلامه و مدى منطقيته أو حتى عقلانيته و لكني توقفت لأتفق معه تماماً في حديثه..ماذا؟؟..تشعر بالصدمة من موافقتي له؟؟..لا ليست هناك مواربة في حديثي و لا أمارس حالياً أي خدع فأنا بالفعل أتفق معه على أن الإسلام أتى على النساء و هنَّ في حالٍ شديد السوء إنسانياً..ففي المجتمعات التي يسودها الفكر الذكوري -كما كان الحال في تلك الحقبة التي سبقت ظهور الإسلام في الجزيرة العربية- كان من الصعب عموماً رفع سقف مطالباتك كأنثى أو توقع الأفضل من هذا المجتمع الذي يموت و يحيا تقديساً لذكورته و ما تنتجه من قوانين و عادات مثيرةٍ للغثيان.

و لكني في ذات الوقت أجد أن من الغريب أن في الدولة الأموية و العباسية و حتى في الدويلات الكثيرة التي تناثرت على أرض الأندلس ارتفع سقف حرية النساء الفكرية و الاجتماعية و حتى الجنسية كثيراً -ولاَّدة بنت المستكفي كمثالٍ ليس بالوحيد- بسبب وجود دول لم تُطبق الإسلام "فعلياً" على أفرادها و خاصةً النساء..و إلا لكانت وصلت إلينا القصص و الروايات التي تتحدث عن العقوبات الأسطورية التي أُوقعت بهن بسبب تجاوزهن لأحكام الإسلام في أغلب تفاصيل حياتهن اليومية..و هو الأمر الذي لم أقرأه حتى الآن فهنا سأعتذر عن جهلي لو كان هذا الأمر حدث دون علمي.

ترغب في مشاهدة نقيض المثال الرائع أعلاه؟؟..اذهب إلى الدول التي عملت على تطبيق الإسلام الحديث و ستجد أن مفهوم التكريم ليس إلا خدعة قد تجد آلاف و ربما ملايين النساء في العالم الإسلامي يدافعن عنها و بشراسة!!..لتجد أنك ستسير مُنقاداً رغماً عنك نحو طريق التساؤل حول تلك الخدعة التي يُصر الكثيرون على أنها كانت و ما زالت السبب الرئيسي لإسلام العديد من النساء الغربيات!!..بالرغم من حقيقة أن عشرات الأحكام المستمدة من ذلك الإسلام تعمل على تهميش المرأة و التعامل معها على أنها كائنٌ شيطاني في المقام الأول و جنسي في المقام الثاني..أحكامٌ تعمل على إهدار دمها لأتفه الأسباب و التي لو كان القائم بأعمالها ذكراً ما لتغير حينها الحكم الشرعي إلى النقيض..ذلك التغير إلى النقيض يثبت لنا هؤلاء عن طريقه بأن إسلامهم ليس صالحٌ لكل زمان و مكان و حسب بل إنه صالحٌ أيضاً لكل جسد!!.

عندما كنت طفلة خدعوني فقالوا أن الإسلام سيُكرِّمُني في حال كنت إحدى رعاياه فلم أكن أتساءل حينها كثيراً أو قليلاً و لكني كبرت لأفعل عندما وجدت أن كل ما حولي من أحكامٍ مُستمدة من شريعتهم لا تمت للتكريم بصلة..فأنا -كما تلك الغربية التي أسلمت خلال بضعة دقائق- خُلقنا للحرث و النسل و لا شيء سواهما..و لعل أوضح مشهدٍ يلتصق بذهني و يمثل جُلَّ أفكار ذلك التكريم العظيم هو ما حدث قبل بضعة أسابيع خارج الجامع الأصفر في مدينة كابل في أفغانستان..فذلك المشهد أظهر لنا التجسيد الحقيقي لما تمثله المرأة في إسلامهم و لكيفية الاستمتاع و ربما التلذذ بتكريمها!!..مشهدٌ أكاد أن أكون على ثقةٍ من أنه مرَّ على أبصار الكثير من المسلمين -كما على عقولهم- دون أن يثير أي تساؤل تجاه الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وقوعه بتلك الكيفية دون سواها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المرأة
ياسين المصري ( 2015 / 4 / 6 - 11:54 )
وضع المرأة قبل الإسلام كان أفضل بكثير من وضعها بعده فالإسلام احتقارها وجعلها في مستوى الكلب الأسود وأنها قليلة عقل ودين .....
أرجوا من سيادتك قراءة كتاب الأستاذ منصور فهمي :أحوال المرأة في الإسلام وأيضا كتاب الأستاذ حمدون داغر : مكانة المرأة في الإسلام سوف تجدونها وغيرهما في كثير من مواقع الإنترنت
مع أطيب تحياتي


2 - إحترامي
عدلي جندي ( 2015 / 4 / 6 - 13:15 )
ليس هناك تساءول أو منطق في حالة الحب من أول نظرة ودعنا من التساؤل عن حقيقة وأسباب كل حالة هلوسة فردية نقرأ عنها أو نشاهدهها
إحترامي مع التحية


3 - إلى ياسين المصري
زين اليوسف ( 2015 / 4 / 6 - 16:16 )
أتفق معك في أنه كان أقل سوءاً و لكنه لم يكن أفضل منه حالاً..الوضع كان سيء في المرحلتين و ما زال يتراوح في السوء حتى الآن و ليس في الأفضلية...

و كما وضحت في مقالي وضع المرأة في الإسلام يتلخص ربما بحادثة الجامع الأصفر فهي لخصت كل شيء...

شكراً لتعليقك و شكراً لترشيحك لكتب معينة قد تفيدني...


4 - إلى ياسين المصري
زين اليوسف ( 2015 / 4 / 6 - 16:32 )
أتفق معك في أنه كان أقل سوءاً و لكنه لم يكن بالأفضل حالاً..فحال المرأة قبل الإسلام أو بعده في كلا الحالتين يقترب من مركز دائرة السوء أو يبتعد عنها و لكنه لا يتهادى في دائرة الأفضلية..و هو ما يجعلنا نرى الأقل سوءاً يتمتع بأفضلية حقيقة هو لا يستحقها أو حتى يمتلكها...

و كما وضحت في مقالي القصير أن حادثة الجامع الأصفر تمثل حال المرأة في الإسلام دون زيادة أو نقصان..مما يمكن أي شخص من قياس مدى السوء الذي وصلت إليه...

شكراً لتعليقك و شكراً لترشيحك لعناوين كتب قد تفيدني قراءتها...


5 - مدلول المقال
ضرغام ( 2015 / 4 / 6 - 17:35 )
سيدتي، كتاباتك كلها جذابه-;-، ولكن هذا المقال بالذات يكشف عن استناره عقل -;-ذو مستوي رفيع يثير الأعجاب خصوصا اننا في زمن انعدم فيه العقل تماما!!
يتفرد أتباع ألدين اياه بلي الحقائق مائه وثمانين درجه بالتمام والكمال!!! والصلاة والسلام علي من بعث بالسيف رحمه للعالمين.....علي رأي الأستاذ بشاره، تقول للواحد منهم صباح الخير، فيرد عليك: وعليكم السلام (قصده الحرب) ورحمه الله (قصده التقطيع من خلاف) ........وبركاته (قصده الغنائم التي يحصل عليها بعد ذبح المخالف له في العقيده)!!! سيدتي، من فضلك استمري وأمتعينا بالمزيد من مقالاتك وأفكارك النيره
التوقيع: ضرغام - نصير الأقليات الدينيه والملحدين في البلاد الأسلاميه



اخر الافلام

.. نداء جماهيري لكهربا و رضا سليم يمازح احد الاطفال بعد نهاية ا


.. هيئة الأمم المتحدة للمرأة: استمرار الحرب على غزة يعني مواصلة




.. LBCI News(04-05-2024)- شبكة اغتصاب الأطفال.. شبهات عدة وقضاء


.. حملة توعوية لمحاربة التحرش الجنسي في المغرب




.. الكشف عن وجه امرأة -نياندرتال- عمرها 75 ألف عام