الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأخلاق بين السماء والأرض

أمير البياتي
(Ameer Albayaty)

2015 / 4 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد يكون من الصعب تعريف الأخلاق بشكل دقيق الا أن وصف الاخلاق بأنها منظومة قيم جالبة للخير وطاردة للشر,او انها الطريق الافظل للعيش والتعايش كما تصفها فلسفة الاخلاق يمكن اعتباره التعريف الأعم والأفضل, دون التطرق الى مصدر الأخلاق.
مما لا شك فيه أن هناك علاقة وطيدة بين الاخلاق والمعتقدات وفي الوقت نفسه هناك تباين واضح في الأخلاق بين هذه المعتقدات. ومن هنا أطرح سؤالي وهو هل مصدر الأخلاق هو السماء أم الأرض؟ وهل فرضت الأخلاق على الانسان أم انها جزء من وعيه وادراكه ؟
قبل أن نتسرع في الاجابة لنأخذ مثال: الكثير من الناس وبمختلف معتقداتهم وأديانهم يستهجنون وبشدة المثلية الجنسية ويعتبرونها انحلال اخلاقي مع أن مجتمعاتهم ذاتها لا تخلو من هذه الظاهرة بل أن الاشخاص المثليين أنفسهم يعيشون في حالة من الصراع بين واقعهم الاجتماعي وميولهم الجنسية ويعانون من الشعور بالذنب قد يقودهم الى مشاكل نفسية أخرى. وعلى الجانب الاخر نجد مجتمعات تتقبل هذه الظاهرة ولا تعتبرها حالة من تردي الاخلاق بل تتقبل هؤلاء الاشخاص وان أعلنوا عن ميولهم وتعتبرها حرية شخصية لا يحق لأحد تقييدها, من هنا نجد ان المعيار الأخلاقي قد تغير من معيار يدافع عن صورة المجتمع والأخلاقيات العامة الى معيار يدافع عن حقوق و حرية الفرد, مع ان المعتقدات والأديان وعلى الاغلب في كلا الحالتين هي ضد هذه الظاهرة. هذا المثال يقودني الى سؤال وهو هل ممكن ان تكون الأخلاق تطورية؟ واذا كانت كذلك ما هي العوامل التي تؤثر على تطور الاخلاق؟ قد يكون عامل التجربة والخطأ هو المرشح الأقوى حسب مثالنا السابق فعلى مر التأريخ والجغرافية لم تنجح تلك المعتقدات في القضاء على هذه الظاهرة, أي أنها أمر واقع لا بد من الاعتراف بوجوده والتعايش معه ويدعم ذلك الرأي العلمي بخصوص هذا الموضوع.
سأنتقل الى مثال اخر في نفس السياق وهو زنا المحارم وهي ظاهرة اخرى مثيرة للجدل موجودة في اغلب المجتمعات باختلاف معتقداتها الدينية وتوجهاتها الفكرية وهناك شواهد تاريخية على شكل ملاحم او اساطير تدل على قدمها بل ان بعض الاديان القديمة كانت تبيحها بهدف الحفاظ على نقاء دم السلالة وغير ذلك, مع هذا بقيت هذه الظاهرة مستهجنة من قبل الجميع وان كانت هناك دول رفعت او تحاول رفع العقوبات عن هذه الحالات بشرط البلوغ والرضا بين الطرفين الا انها لا تبيحها كعلاقة سليمة, السؤال هنا من أين جاء هذا الاستهجان هل هو نوع من الفروض والواجبات الدينية ام انه نابع من داخل الانسان وادراكه فاذا كانت معتقداته الدينية هي سبب كرهه لها فهل يا ترى سيحبها اذا كان دينه يبيحها ؟ باعتقادي لا, اذا كان نفس الشخص, لا ننسى ان الرأي العلمي بخصوص المثال الثاني هو سلبي تجاه هذا النوع من العلاقات لانها قد تؤدي الى ظهور أمراض الوراثية في حال حدث حمل نتيجة هذه العلاقات.
بعد هذين المثالين نرجع الى سؤالنا ما هو مصدر الاخلاق ؟ اذا كانت السماء فيفترض ان تكون مظلة مثالية متكاملة لكل البشر وغير قابلة للتغيير لأنها خارجة عن ارادته.
اما اذا كانت الأرض واقصد بالأرض الانسان فيمكن ان تخضع الى عوامل التجربة والخطأ والخبرة التراكمية, وللحفاظ عليها عكسها على معتقداته الدينية كنوع من أنواع التقنين لهذه الاخلاق لضمان تطبيقها.
ليس هدفي تحديد الاجابة لكن اضفاء نكهة القدسية على منضومة اخلاقية معينة باعتبارها الوصفه المثلى لحياة البشر يجعلنا نأخذها برمتها ولا يترك لنا فرصة اختيار الجيد من السيء قد يعترض علي احد اذا قلت السيء منها وأقصد هنا ما لم يعد صالحا حتى وان كان صالحا في زمن ما. اما اذا اتفقنا على ان مصدر الاخلاق هو الانسان فهذا يجعلها مرنة اكثر ومتغيرة بما يلائم مصلحة الانسان في كل زمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة