الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عائلات عراقية إلى أين؟

ماري اسكندر عيسى
(Mary Iskander Isaa)

2015 / 4 / 8
المجتمع المدني


عائلات عراقية إلى أين؟
دهوك- ماري اسكندر عيسى
ينجو البعض من موت محتم، من هول ما تعيشه اليوم منطقتنا في الشرق الاوسط لاسيما سورية والعراق، ليمسوا جرحى أو معاقين أو متسولين، أو لاجئين في أحسن الأحوال. ويبقى على الناجي أن يلاطم الحياة ومتاعبها، وان يتحلى بصبر أيوب ليواجه الواقع الجديد، ولا تقنعه كثيراً عبارة" الحمد لله ع السلامة"، فنسمع البعض يقول:"نيال يلي مات ارتاح".
ماذا بعد؟ ماذا نقول لهم بعد أن تحولوا من ملاك لبيوت وعمل، إلى باحثين عن سقف يؤويهم من البرد والحر والتسول والحاجة. فكثير منهم لم يهرب من الموت نفسه، فالموت حق، لكنهم هربوا خوفاً على نسائهم وعرضهم وشرفهم وأطفالهم، هربوا من غول هذا العصر داعش.
تتفاوت بلا شك حجم مأساة كل عائلة، لكن يبقى لكل منهم قصته الحزينة، وكأنه محكوم على العراقيين أن لا يهنأوا باستقرار ورغد العيش، فأغلبهم تهجر مرتين أو أكثر. وحدها ضحكة أطفالهم وصخبهم يبقى الباعث على الامل، وما يستحق العيش من أجله.
تقول أم نور:
هربت من بغداد أنا وزوجي وابنتي نور وسارة ، وولدي ابنتي نور، ايفان ويوسف. بعد أن توترت الاوضاع بين السنة والشيعة، وبعد أن أعلن زوج ابنتي إسلامه، وصار يهدد بأخذ الطفلين، وحدث أن خطفهما، واستطعنا بصعوبة إرجاعهما لامهما ابنتي نور، فهم من حقها، لأنهم في فترة الحضانة القانونية.
بعنا بيتنا في بغداد، واشترينا بتاريخ 29-11 2013 بيتاً ومحل نوفوتيه كنا نعتاش منه، فزوجي كان أسيراً في إيران لتسع سنوات، وهو لا يقوى على أي عمل آخر. وحين سقطت الموصل وتل اسقف وعدد من القرى المسيحية والايزيدية بيد داعش في 6-8-2014 ، كان علينا أن نهرب خوفاً من الوقوع بيد هم، فهربنا آخر الناس مع عائلة أخرى بسيارتهم على الطريق الترابي لمدة يوم كامل حتى وصلنا إلى الدهوك.
بقينا عدة أيام بلا مأوى، نمنا في باحة إحدى الكنائس، وفي الشوارع، حتى جاء أحد ملاك بناء لم يكتمل بعد وسمح لنا بالعيش فيه، وهو الحج عادل الذي استقبل إحدى عشر عائلة أخرى ماتزال موجودة حتى الآن.
سجلنا بسجلات النازحين، وأعطتنا الكنيسة صكوكاً بقيمة مالية تؤمن لنا شراء احتياجاتنا الاساسية، ووعدونا بتعويض مليون دينار عراقي، لم يصلنا شيء حتى الآن.
عملت فقط لمدة ثلاث اشهر محاولة أن أعيل أسرتي، لكني الان لا اعرف كيف أجد عملا بهذه الظروف المادية الصعبة التي يمر بها الاقليم. نعيش اليوم على أمل أن الله لن يتركنا فقد عملت خيراً كثيراً مع غيري، ومازلت، فكل ما يأتيني من مساعدات أتقاسمه مع عائلة يزيدية. واذكر انه حين بدأت الاحداث في الموصل أتتنا عائلة نازحة هاربة من الوضع هناك، كانت السيدة تنزف وكانوا يبحثون عن معقمات وشاش لتضميد الجرح، استقبلتهم أنا وساعدتهم وأعطيتهم شراشف ومناشف ومخدات، ورفضت أن آخذ ثمنها منهم لأنهم نازحون، قلت لهم لا نعرف ماذا تخبئ لنا الأيام، وفعلا أصبحنا اليوم نازحين.
وعن التفكير بالسفر: ضحكت أم نور بمرارة، وقالت: إذا كان وطننا ضاق بنا ، فكيف سيستقبلنا البلد الغريب. طلب الهجرة يحتاج للسفر للبنان أو الأردن وهذا مكلف جداً ليس بمقدورنا. بعض الاشخاص الذين ذهبوا للاردن دفعوا لهم هناك 350 دينار أردني بما يعادل 500 دولار فقط ، وأعادوهم للعراق.
المشكلة اليوم أننا مهددون بالترحيل من جديد، فصاحب المجمع السكني طلب منا إخلاء المكان في منتصف الشهر الجاري.
ولأم آية وزوجها حكاية أخرى، فهم يعتبران أن وضعهما أفضل من غيرهم، لأنهما لم يرزقا بأطفال، لكي لا يعيش أطفالهم هذه المعاناة.
تقول أم آية: زوجي من البصرة، نزحنا مرتين، أول مرة إلى تل اسقف المدينة التي احتضنت الكثير من المسيحيين في العام 2011، بعد حادثة سيدة النجاة.
نعيش في غرفة في فندق آجارها 500 دولار ندفعها من تقاعد زوجي، ونعيش على الاعانات. ويضيف أبو آية بقهر: اعتقد أن الفكرة التي لم يتجرأ أحد على قولها، وهي أن تهجير المسيحيين والسنة هو رغبة إيران لتفرغ بغداد وتبقيها عاصمة لها.
ويبقى السؤال المحير مسيحيو وشعب العراق إلى أين؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بقبول مقترح -خارطة الطري


.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان




.. إسرائيل وافقت على قبول 33 محتجزا حيا أو ميتا في المرحلة الأو


.. مظاهرات لعدة أيام ضد المهاجرين الجزائريين في جزر مايوركا الإ




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يتظاهرون في باريس بفرنسا