الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطرقة التعري على الرأس العربي المنافق

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 4 / 10
المجتمع المدني


إن إزالة جـفـاف القـدميـن باستعمال زيت " الجوجوبا" المرطب مثلا، و إزالة الشعر الزائد من الساقين و اليدين و غيـرهما، و إصلاح مظهر الأسنان، و استعمال احمر الشفاه، و قـلم تخـطيط العينين، و الماسكرا، و أنواع الكريمة الملينة للبشرة، و استعمال البودرة و عمليات تجميل الوجه و عمليات شد الصدر، و كل ما يهم المرأة في الاعتـناء بمظهـرها الجمالي يؤكد أن المرأة و الجمال مترادفان، بل إن كلمة امرأة تحيل مباشرة إلى كلمة الجمال و انتـشار الجمال النسوي هو انـتـشار الحياة..
و مثـلما أن الإحساس بالجمال توقـده نار "الليـبيدو" فان الحياة لا معنى لها دون شغـف و رغبة. و كان مؤسس علم النفـس الألماني "سيغموند فرويد" قد توصل من خلال أبحاثه أن الإنسان كائن جنساني و إن "الليبيدو" الذي هو الطاقة الجـنسية في ذاتها تمثـل كرة النار التي في الأعماق و التي تمد جميع طبقات النفـس بالحرارة و الحياة، و أن ما يقبع في اللاشعور هو الذي يأمر و ما الوعي الظاهر إلا تـشكل اجتماعي ضروري للاوعي. فـنفـس الإنسان عبارة عن عربة يقودها زوج من الجياد احدهما يمثـل "الهو" أو الغـريزة و ثانيهما "الأنا الأعلى" و ما يمثله من تـقبل اجتماعي و وعي أخلاقي عام. الأول يمثـل الاندفاع و الثاني يمثـل القـمع و الحياة مزيج مستمر بين هذا و ذاك. فبين الاجتماعي و الفردي تـناغم لابد أن يكون لتسير العـربة..

فالاستـناد إلى المفاهيم العلمية ضروري قـبل أن ينجر الإنسان إلى إطلاق الأحكام المعيارية. و هنا و الآن في الزمن الثوري لا تبدو ثورة الحـرية إلا ثورة الجسد و ربما اصدق تعـبير عنها هي صورة امرأة جميلة القوام عارية تماما، مثـلما عبر رسام فرنسي في إحدى لوحاته عن الثورة الفرنسية. فالآن هو زمن التعري، زمن كـشف المستور، زمن رؤية المجتمع لنـفسه.


و عـودة إلى الفيلسوف الأمريكي "ماركيز" فان قمع العمال و القوة المنتجة مترادف مع قمع الجسد. الحاصل أن العامل المقموع جنـسيا و اخلاقـويا يطـلب منه تصعيد رغـبته إلى السماء بينما البورجوازي المالك لوسائل الإنتاج يتمتع بحريته الجنسية، و ما هو إلا امتـداد لعـصر امتلاك جسد الإنسان من طرف إنسان آخر، و ما الاشتراكية في عمقها إلا دفاع عن أحـقية كـل فرد في امتلاك جسده و روحه.. و بهذا المعنى تبدو ثورة الحرية ما هي إلا ثورة الاشتراكية و هي ما نطلق عليه اليوم بالعـدالة الاجتماعية..
فالجنة المفـقودة هي التي تحكمها النساء و جنة رب العالمين تحت أقـدام الأمهات، فهي المجتمع الامومي الذي تحكمه المرأة. المجتمع الخالي من الكـبت الجنسي و القمع التسـلطي سياسيا و اقـتـصاديا و تملكيا. و صورة المرأة العارية، بتصعـيـد جمالي يخـرج عن المطلب الغريزي الفج المنفر بذاته لأنه متـناقض مع مبدأ الحضارة، هو وحده الكـفـيل بفـتح الأبواب على مصراعيها لإزالة طبقات الحجب بين الفرد و ذاته و بينه و بين المجتمع. انك هنا في عـصر المدنية العميقـة التي لم نعـرفها بعـد..
تـلك الساقين العاريتين الفاتـنتـيـن تـؤشران وحـدهما إلى عالم الانسجام الفعـلي بين ظاهر الإنسان و باطنه. و بكل بساطة فان التعبـير عن الإعجاب بجسد أنـثـوي فاتـن متعاري يعني الاصداح بما تحسه. و هو بأتم ما يمكن للمرء ان يفصح عن نـفـسه بصدق أمام الآخريـن. و إنها فاتحة الصدق في التواصل مع الآخر، و إنها بوابة تعلم الصراحة و عدم الخجل من النـفـس..
فالعالم العـربي عالم النـفاق و التجاوز غير الصادق للمسائل و بالتالي المحافـظـة على نـقـاط التـوتـر، و ان هـدئت الأمور لحين. و التعـري يعـلمنا مواجهة الحقائق كما هي. مواجهة الحقائـق في ذاتها تـزيح كل طرف عن مواقعه السابقة لان أي صراع جـدي يصل إلى مستوى الفكرة و الاشتغال على بناء وعي جـديد هو تحـقيق للتـقـدم نحو الأفضل. و ابـرز مثال عـنـدنا هو الصراع بيـن الشيعة و السنة الذي لو وصل إلى المكاشفة العـلمية و المقارعة الـفكـرية لانـتـفى كل من الشيعة و السنة اللتان حقـقـتا وجودهما على الصراع الدموي و الاقـصائي و ليس على مبدأ الحـقيقة العارية.. فـنحن أكثر امة تحتاج إلى التعري أمام نـفـسها...


و هنا تبدو عـديد المقـولات جوفاء لا معـنى لها، مثـل وصف المرأة المتعـرية بالمرأة السلعة بـينما الوصف الأكثر صوابا أنها بكل بساطة جميلة. لكنه جمال بارز بقوة يستـفـز العـقـلية الذكورية التملكية التي تـريد امتلاك الجمال لنفـسها في دائرة عـبثية لان الجمال لا يمتـلك و إنما ينظر إليه و نحس به لتغـذية الروح الإنسانية المشتاقة إليه دوما، بل إن الصحة النفـسية لا تـتوفر إلا بذاك الإحساس بالجمال. كما أن الإحساس بالجمال يطلب الحق في ذاته و يطلب الخير في ذاته لان عالم المثـل هو عالم الحـقيقة و الخير و الجمال مثـلما قال الفيلسوف الإغـريقي "أفلاطون"، و بالتالي فان الجسد الأنـثـوي الجميل العاري هو في تأمله سير في الطريق المؤدي إلى عالم المثـل الـقـابع في أعماقـنا. هذه هي الميتافيـزيقا الواقعية التي نحتاجها مثـلما عبر عن ذلك الفيلسوف الألماني "هيدغير" مع القبول المبدئي بصراعنا الحتمي في خلق كينونـتـنا التي تـتجاوز دوما ما هو منجز نحو الامنجز في المستـقبل الرحب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أعمال العنف ضد اللاجئين السوريين في تركيا.. من ينزع فتيل


.. تركيا وسوريا.. شبح العنصرية يخيم وقطار التطبيع يسير




.. اعتقال مراهق بعد حادثة طعن في جامعة سيدني الأسترالية


.. جرب وحالات من التهابات الكبد تنتشر بين الأطفال النازحين في غ




.. سوريون يتظاهرون ضد تركيا في ريف إدلب