الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في اللادينية – 6 – مقدِّمة في مظاهر ما قبل الدين عند الحيوانات.

نضال الربضي

2015 / 4 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قراءة في اللادينية – 6 – مقدِّمة في مظاهر ما قبل الدين عند الحيوانات.

نستكمل ُ اليوم َ جزءا ً جديدا ً من سلسلة "قراءة في اللادينية" بُغية َ إلقاء ِ مزيد ٍ من الضوء و بالتالي تحصيل فهم ٍ أشمل و أعمَّ للظاهرة الدينية، يساعدنا على تفكيك الفكر الديني، و إدراك المخفيات التي:

- تربط أجزاءه مع بعضها
- و تعطيه القدرة على:


السيطرة على المشاعر،
و تكبيل آليات التفكير المنطقي،
و اعتراض تداعيات النقد،
و سد الانسيابية الفكرية فلا تصل إلى حيث ُ يجب أن تبلغُ بقوة ِ العقل فتبقى تراوحُ مكانها حيث ُ اعتُرضت حتى تجفَّ بوهج ِ الزخم ِ العقيدوي و طقوسهِ، أو يتمَّ تحويُلُها إلى مسارات الفكر الغيبي لتتوظفَ قوُّتُها ضدَّ ما خرجت من أجله بداية ً، أي لتخدم َ ضد َّ الحقيقة و تستديم َ نقيضها.

يتحتَّم ُ علينا أن نعود َ دائما ً إلى الجذور، إلى البدايات، إلى التأسيس ِ الذي خرجت منه الفكرة ُ الدينية، و هو الفردُ الإنسان، الذي يُشكِّل المفتاح َ الأوَّل َ في ثلاثيةِ : الاعتقاد-الممارسة-التثبيت. و لسوف َ نفهمُ مصدر خروج ُ الديني حينما نلجُ إلى النفس البشرية لنراقب َ ما يدورُ بداخلها، و كيف تُعبِّرُ عن فهمها لما يحدثُ في خارجها، و أين تضعُ ذاتَها منه، و كيف تبني العلاقة َ بينهما، و بالتالي ماذا يُصبح ُ البناء ُ التصوري للوجود مُستتبَعا ً من تفاعُل الإنسان مع نفسه و الوجود. وتأسيسا ً على ما سبق، سيكون ُ "خارج ُ الإنسان" أو "الوجود" هو المفتاح الثاني، و بالضرورة سيكون ُ المفتاح ُ الثالثُ هو جدلية التفاعلات النفسية.

أمَّا من جهة المفتاح ِ الأول: الإنسان، فنقول ُ أن هذا الكائن َ البيولوجي يُبرزُ خصائصا ً فريدة يتشابه فيها مع باقي الكائنات في المملكة ِ الحيوانية، من حيثُ تحقيقُه لمعاير: الحياة، كونَها قُدرة َ الكائن الحي على النمو من خلال عمليات الأيض (التمثيل الغذائي) الكيميائية، و استمراريته بالتكاثر، مع إظهار خصائصِ "إدراكِه" أو "وعيه" لمحيطه، و تفاعلهِ مع هذا الوجود الخارجي.

لكن يا تُرى هل يشترك ُ مع باقي الكائنات الأخرى في "وجود" الدين كما نعرفه اليوم، و "مُمارسته"، أم أن هذه الخاصية َ فريدة ٌ عنده؟
جواب هذا السؤال سهل: الإنسان هو الوحيد الذي يملك "ديناً" و "يمارسه" أما الحيوانات فلا.

لكن الدين بحد ِّ ذاته مُنتج ٌ مركَّب ٌ من عناصر بسيطة تضافرت لتصنع َ هيكلا ً يفوق ُ في خصائصِه الكلية مجموع َ خصائصِ العناصر ِ التي أنتجته، و بالتالي لا بدَّ من تفكيك ِ هذه العناصر، و سنبحثُ عن مظاهرها في الحيوانات، لنقاربها مع السلوك البشري.

تمارس ُ الحيواناتُ سلوكا ً مُثيرا ً للانتباه أمام الموت، فطائرُ العقيق Magpie و هو من فصيلة الغُرابيات، ينقرُ الميت َ من فصيلته، و يجرُّ الأعشاب َ ليضعها حوله، بينما تُبرز الفيلة Elephants سلوك احترام ٍ كبير (إن جاز التعبير) لعظام الأموات ِ من أفراد ِ القطيع، و تغطي الثعالب ُ و الذئاب أمواتها بالتراب في مواقف َ موثَّقة بلغ َ بعضها حدَّ التغطية ِ الكاملة فيما يمكن َ أن نقول عنه: دفنا ً بدائيا ً.

و لو رجعنا لسلوك ِ طائر العقيق السابق، و حاولنا إيجاد َ السلوك ِ البشري ِ المُماثل أو المُقارب فإننا سنعود ُ لأزمنة ِ ما قبل التاريخ ِ المكتوب حين كشفت التنقيبات ُ الأثرية عن سلوك ِ دفن ٍ بدائي يُحاط ُ به الميت ُ الإنسان بالورود و الأعشاب بنفس طريقة ِ هذا الطائر، و كما دفنت ِ الثعالب ُ و الذئاب، دفن هذا الإنسان ُ البدائيُّ ميته بدون عناية ٍ احترافية، لكن بعناية ٍ بدائية ٍ مقصودة بحسب إمكانيته.

أي أننا هنا أمام َ سلوك ٍ حيواني بدائي يجد ُ له نظيرا ً دينيا ً عند الإنسان ِ المتطور، و الذي بقوَّة العقل ِ البدائيِّ القادر ِ على تميز ِ الانجذابات النفسية نحو المشاعر ِ المتناقضة و المتصارعة في داخل ِ الكائن البشري، أوجدَ دينَه ليستطيع َ أن يتعامل َ مع هذه المشاعر و يُديرَ اضطرابها في قنوات ٍ تُتيحُ له استمرارية َ البقاء الغريزي الذي يتطلبُ منه دوما ً أمرين:

- إيجاد َ تفسير ٍ لما يحدث.
- ربط هذا التفسير بنفسه لكي يُحدِّد َ العلاقة بينه و بين الحدث الخارجي.

و لأن َّ القدرات ِ العقلية َ للإنسانِ تفوق َ تلك الموجودة َ عند الحيوانات ِ الأخرى فإن تعامله مع حدث الموت، و مع المشاعر النفسية ِ الناتجة ِ عنه، لا بدَّ و أن يكون متطورا ً بنسبة ٍ تتوافقُ مع تطوره العقلي، فكما كان ردُّ فعل حيوانات ِ: العقيق، و الفيلة، و الثعالب، و الذئاب بسيطا ً بحسب ِ قدرة عقولها، جاء ردُّ فعل إنسان ِ ما قبل التاريخ بسيطا ً لكنه أفضل منها، حتّى إذا ما امتلك الأدوات َ و المعرفة َ في عصور ٍ تاريخية ٍ مُسجلة، عبَّر بكل ِّ اقتدار ٍ عن هذا التفوق، و سخَّرَهُ في "شعوره الديني"، فجاءنا من الفراعنة ِ التحنيط، و الروح، و الأهرامات، و مفهوم الحساب بعد الموت، و الخلود. و كلُّها لا تخرج ُ عن الأمرين الذين دفعت غريزة ُ البقاء الإنسان إليهما كما أوردت ُ في الفقرة ِ التي تسبقُ هذه مباشرة ً، أي التفسير و العلاقة.

تمارس ُ الحيوانات ُ سلوك َ "الاندهاشِ" و "التأثُّر ِ" أمام مظاهر ِ الطبيعة، و تُحيي "طقوسا ً" بدائية ً هي الأخرى، فعلى سبيل ِ المثال: تقوم ُ حيوانات ُ الشيمبانزي بالحركة ِ المُنتظمة على ضفاف النهر الذي يسقط ُ فيه الشلام ُ الهادرُ أمامها، بينما تلقي فيه الأحجار، ثم َّ تتسلقُ بعض الأغصان ِ في الأشجار ِ المحاذية و تتأرجحُ راقصة ً لمدة ٍ قد تزيد ُ على دقائق َ عشرة و هي ترمقُ الماء الذي ينحدرُ من الشلال و تسمع صوت َ تلاطُمه على الصخور، و تتفاعل ُ مع حركة ِ الماء ِ و صوت ِ الهدير.

هذا السلوك ُ الانداهشيُّ يشي بوضوح ٍ لا مجال َ للشكِّ فيه بأن الشيمبانزي "يُدركُ" الظاهرة َ الفريدة َ للشلال، و تميُّزها عن مُحيطها الهادئ، و بأنه "يطربُ" لها، و "ينتشي" بوجودها، و "يضع ُ" نفسه في "مركز" الحدث، و "يُنشئُ" علاقة ً مع "ظاهرة ِ" الشلال، ليبني َ تصورا ً لها و يتخذ َ موقفا ً منها، و يتَّبع َ "طقساً" يخترعه، "يعتقدُ" أنه يتناسب ُ مع، و يُعبِّرُ عن، هذه الظاهرة و علاقته به. نحن هنا أمام َ سلوك ٍ نرجسي ٍ نشاهدُ مثيله عند القبائلِ البدائية في طقوسها و رقصاتها الدينية البدائية.

بعض ُ الشيمبانزيات خرقت المألوف َ أو المتوقَّع من السلوك تجاه النار، بأن بدأت ترقصُ حولها. أحد هذه الشمبانزيات اقترب َ من النارِ بشكل ٍ واضح يثير الاستغراب، و "استعرضَ" نفسه أمامها، و هو مشهد ٌ يستدعي بقوة ٍ كبيرة سلوك رجل الشامان الأوَّل ِ عند القبيلة البدائية، و الشامان هو النسخة البدائية من "رجل الدين" و "النبي" مُندمجتين بدون فصل لا تعرفُه القبائل البدائية.

قرود ُ البابون رُصِدت و هي تجلس ُ تنظرُ بصمت ٍ و وداعة ٍ و هدوء في جريان ِ نهر ٍ، دون أن تنبسَ بصوت أو تتحرك، و مارس َ هذا السلوك كِبارُها و صغارُها على حدٍّ سواء، لمدَّة ثلاثين دقيقة، و هذا مُدهش لكونهِ يتعارض مع المتوقع منها و المعروف عنها. إنها هنا في حالة بدائية تشبه سلوك "الخشوع" الديني، لكنه بدائي ٌّ كما تسمح ُ لها "عقولها" و "قدراتها" الجسدية و النفسية.

إن هذه العودة َ للجذور، و دراستها في الحيوانات، ثم مقاربة َ السلوك البشري مع نظيره الحيواني، و بإلقاء ِ الضوء ِ على التأكيد ِ العلمي على الأصول ِ المشتركة ِ للبشر ِ مع الأجناس ِ الأخيرة، لا يتبقى لدينا سوى الاعتراف بأننا أمام مظاهر َ سلوكية ٍ تكادُ تكونُ مُتطابقة في أصولها التي نشأت عنها أي: الطبيعة و أحداثها و الموت، و في الاستجابات البيولوجية النفسية: أي الاندهاش و موضعة النفس في قلب الحدث و استخلاص العلاقة بينهما ثم إتيان ِ طقوس: الدفن و التأملُ و الرقص. كما و سنجد ُ أننا و إن توقفنا عند الحيوان ِ أمام مظاهر َ بدائية لمحدودية ِ استطاعة ِ هذا الحيوان ِ التعبير َ عن نفسه بحسب ِ عقله القاصر، لا بدَّ و أن نُكمل المشوار َ مع العقل ِ البشريِّ القادر!

و سوف َ لن نستطيع َ أن نُنكر بأي حال ٍ من الأحوال، أن الإنسان َ استقى دينه الأول من الطبيعة، و صنعه كما فهمه، و كما انسجم َ مع قناعته بأن هذا الفهم هو "تمثيل ٌ صحيح" و "تصوير ٌ أصيل" و "تعبير ٌ صادق" عن حقيقة الوجود.

و كلَّما غُصنا أكثر َ في التاريخ غير المكتوب و الذي نستدل ُ عليه من الاكتشافات الأنثروبولوجيه و الحفرية، سنلتقي باندهاش ٍ كبير بتماثلُ أو تقارُب السلوك البشري الأول مع نظيره الحيواني، و إني اعتقدُ أن دراسة َ الحيوانات تُلقي بضوء ٍ كبير و تساهمُ بفاعلية في الكشف ِ عن سلوك إنسان ِ ما قبل "الإنسان – العاقل" و الذي حين َ نفكُّه و نشرِّحُه و نُحلِّله و ندرسه كاملا ً سنستطيع ُ رسم َ الخريطة ِ الإنسانية ِ كاملة ً بدون غموض!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2015 / 4 / 11 - 11:43 )
استمتعت كثيرا بمقالتكم هذه عن احتفال الحيوانات بالموت والتشابه بينها وبين الانسان
اقول ان هذه الظاهر عند الحيوانات وعند الانسان لايمكن توصيفها بالدين بل يمكن القول انها ظواهر سلوكية واجتماعية تحتوي على طاقة نفسية كبيرة يتم عرضها في نماذج من التفاعلات والاعمال للتعبير عن الحدث المتعين ,بينما الدين هو مجموعة طقوس وشعائر وتابوهات وتراتيل وقصص واساطير استندت في عناصرها الاولية الى هذه المراسيم والانفعالات .انها مشاعر نفسية وجودية وحقيقية عند الحيوان وعند الانسان تطورت بفضل تطور الانسان عقله وعمله وتطور حنجرته وتوصله الى اللغة المقطعية حيث قام بمراكمة خبرته النفسية والحياتية عن طريق التواصل المعرفي بين الاجيال عن طريق اللغة ومن ثم عن طريق تدوينها وبذلك تم حفظ هذه التقاليثد عبر الزمن ومراكمتها عن طريق اللغة اسعدني التواصل معكم .


2 - العزيز وليد يوسف عطو
نضال الربضي ( 2015 / 4 / 11 - 13:53 )
أهلا ً و مرحبا ً بمفكرنا الفريد و الأخ العزيز وليد،

يسعدني حضورك َ دوما ً لأنه يثري المُحتوى و يسلط الضوء عليه من زوايا أخرى، و هذا ضروري جدا ً لإيفاء أي موضوع حقه من البحث و الخروج بصورة أشمل عن ماهيته.

نعم لا تمتلك الحيوانات -ديناً- و هذا ما ذهبت ُ إليه في مقالي حين أوردت ُ ما نصُه: -الإنسان هو الوحيد الذي يملك -ديناً- و -يمارسه- أما الحيوانات فلا.-

و أتفق معك في أن ما يصنعه الحيوان هو ترجمة الطاقة النفسية لديه إلى سلوك تفاعلي، و أنه لا يمتلك -عقيدة- يدور حولها بطقوس.

و كذلك كنا بعد ُ نحن حينما لم نكن نمتلك -الوعي الإنساني- الحالي، لكن تطور العقل في حجمه و بالتالي تركيبه و قدراته زودنا بالقدرة على فهم المحيط الخارجي بواسطة الأدوات المُتاحة و بتحليل يتناسب مع الغريزة و الثقافة البوهيمية لتلك العصور البدائية.

إن قدرة الفهم حينما وُلدت في خضم الجيشان النفسي الإنساني، و مع غياب لغة متطورة، أدى إلى أن يلتقي الإنسان مع نفسه لكن في خارجها، حينما صنع من ما يدور في داخله من مشاعر: أشخاص.

فأساس ولادة الدين هي تلك المشاعر النفسية التي نشترك فيها مع الحيوانات لكن بقوة العقل!

مودتي لكم!


3 - أحسنتَ التفكيك ..
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 4 / 11 - 16:53 )
تحياتي عزيزي نضال ويعطيك العافية على هذا الجهد .
إنه لَمِنَ الطبيعي أن -تضطرب- النفس في مواجهة الموت ..
لكن ، هل ينم هذا الإضطراب لدى الحيوانات عن إدراك لقطعية الموت والنهائية المطلقة !!
غريزيا تُحارب الحيوانات من أجل البقاء وهو ضد الموت على الاطلاق .
فالتعامل الطقوسي مع الموت لدى الحيوانات يأتي من النقيض للموت وهو البقاء والذي هو مُشَفّرٌ غريزيا .
كلنا نخشى الموت ونحترمه ، ليس عن رغبة بل قسرا ..
مودتي وتقديري


4 - من أجل بعض المصادر الأولية
البوم الأزرق ( 2015 / 4 / 11 - 20:18 )
تحية الأستاذ نضال ..
بصدد البحث عن المصادر التي قد تدعم المقال، وجدت العديد من الفيديوهات التي تدعم المقال في بعض تفاصيله ..
مثلاً هذا الفيديو ..
www.youtube.com/watch?v=z3pGxE4SjUI

الذي يظهر بشكل جلي الأم و هي تحاول أن تفتح عيون طفلها الميت.. و نحيب الصغير الآخر الذي أتى يتلمسه، ليجد أنه لا يتحرك أي ميت ..

نقوم بالبحث في اليوتوب عن : Animals mourning death.
هناك العديد من الفيديوهات من هذا النوع ..

إلا أنني لم أجد مصدراً يؤكد لي أن الذئاب تدفن الموتى، للأسف . و هو الذي دفعني أصلاً إلى البحث عن مصادر النماذج التي طرحت في المقال .
و سأكون ممتناً لك .

تحية مجدداً ..


5 - العزيز قاسم حسن محاجنة،
نضال الربضي ( 2015 / 4 / 12 - 09:16 )
تحية صباحية طيبة و أياما ً سعيدة أتمناها لك و للحضور الكريم!

نعم البقاء غريزة مشفرة في الكائنات، و كل ما يصنعه الكائن يصب في هذا الاتجاه.

للإجابة على سؤالك عن -إدراك- الحيوانات لقطيعة الموت أقول أننا نملك أدلة تقول أن الحيوانات تفهم -حالة- الموت غريزيا ً و هذا من تعاملها مع أفراد قطيعها الميت مثل:

- البقاء حوله.
- محاولة إيقاظه في البداية ثم تركه بعد ذلك (يعني بعد -فهم- ما حدث له).
- زيارة موقع موته في حالات كثيرة (كما يفعل البشر).
- الدخول في حالات كآبة و إحباط نفسي لأيام و أسابيع (في حالات موثقة).

لكن هذا -الإدراك- و ذلك -الفهم- لا يجب أبدا ً أن نُخطئ فنقول أنهما ذات الفهم العقلاني بعيد المدى الذي يملكه البشر، فالدماغ عند هذه الحيوانات ما زال بدائيا ً.

إنما هي حالات -إحساس-، و -كينونة-، و -جيشان- غريزي نفسي.

لكن يا صديقي، بأي حق ٍّ جعلت ُ أنا العقل معيار -الفهم- و -الإدراك-، ألا يدرك الكائن -بكل ذاته-؟

هذا سؤال ٌ أسأله لنفسي و لك و للقراء الكرام جميعهم، حتى يبقى في الذهن و يستنهض الفضول و التفكير و البحث!

دمت بكل الود!


6 - الأستاذ البوم الأزرق - 1
نضال الربضي ( 2015 / 4 / 12 - 09:28 )
تحية طيبة أخي البوم الأزرق و أهلا ً بك معنا!

فرحت ُ جدا ً لتعليقك، فلقد قرأت َ، ثم تساءلتَ، فذهبت َ تُصادِق المعلومات بُغية كشف حقيقتها من عدمه، لتصل إلى نتائجك، و هذا بالضبط هدفي من الكتابة، أن أصل بالقارئ إلى هذه المرحلة، فأنا أشير إلى الباب، و على القارئ أن يقرر أن يفتحه و يدخل أو لا!

- هذا الفيديو يوضح عملية دفن كلب ٍ لرفيقه:
https://www.youtube.com/watch?v=lonKuhBiiHI

- يمكنك أيضا ً قراءة المقال التالي:
http://www.runningwiththewolves.org/Behavior1.htm

(إنزل إلى آخر المقال السابق، ثم اصعد للصورة الثالثة من الأسفل، و اقرأ الفقرة التي تبدأ بـ: Wolf pups are whelped from late March to early May )

- مقالات كثيرة ستورد هذا السلوك أيضا ً مثل:
http://brainmind.com/DogsWolves.html

حين يقول الكاتب:In contrast, wolves and dogs mourn for weeks and will
sometimes bury their young


طبعا ً علينا أن نفهم أن سلوك -الدفن- الجزئي أو الكلي هنا هو سلوك فريد قليل الحدوث أو حتى نادر الحدوث.

يتبع


7 - الأستاذ البوم الأزرق - 2
نضال الربضي ( 2015 / 4 / 12 - 09:43 )
تابع من التعليق الأول

لذلك فإننا حينما نورده و ندرسه إنما نحاول الدخول إلى -نفس الحيوان- (بالمناسبة هناك تخصص علمي هو: علم نفس الحيوان)

و ندخل إلى نفس الحيوان بهدف الكشف عن الأصول الأولى للكائنات، فنحن في مرحلة ما من تاريخنا التطوري كان لنا أسلاف مشتركة مع الشيمبانزيات و البونوبو و الغوريلات، و حين نعود لعشرات الملاين من السنين، سنجد أسلافا ً مشتركة مع الذئاب أيضا ً و إذا عدنا لمئات الملاين من السنين سنجد أسلافا ً مشتركة مع السحالي، و هذا ليس خيالا ً لكنه أساس نظرية التطور. أوصي لك بقراءة كتاب: The Ancestors Tale (و ترجمة اسمه الكاملة: قصة السلف - حجٌّ إلى فجر الحياة)، لمؤلفه البروفسور ريتشارد دوكنز. و أنا واثق أنك ستجده مشوِّقا ً جدا ً و مفيدا ً جدا ً في مجال أصول الحياة.

عودة ً إلى هدفنا من الدخول إلى نفس الحيوان، لأقول أن تشريح هذه النفس و تحليل جذورها التي تتسبب في الأفعال سيساعدنا على إدراك -ماهية- المشاعر، و -مظاهر- ترجمة الحيوان لهذه المشاعر، و بالتالي سيلقي الضوء على أصول السلوك التي تطورت لدينا كبشر لتصبح َ دينا، و هنا بيت القصيد أخي الكريم، هنا!!!!

أرحب بك دوما ً!


8 - الأستاذ أحمد ناس حدهوم - قناة الفيسبوك - 1
نضال الربضي ( 2015 / 4 / 12 - 14:41 )
تحية طيبة أخي أحمد و أهلا ً بك،

وصفني للحيوانات بالقصور العقلي هو وصف نسبي يعود بالموصوف على المرجعية العقلية الإنسانية قياسا ً، و لا يجب أن يُفهم انه استخفاف بقدرات الحيوانات أو تقليل من شأنها، فأنا أقدس الحياة جدا ً و مُحب للخير و الجمال و داعم للثلاثة.

أثرت َ في تعليقك أكثر من نقطة، سأتناول منها:

- قدرات الحيوانات العقلية: تتميز قرود الشمبانزي و البونوبو بملكات عقلية تعادل ذكاء أطفال بعمر 4 سنوات (لا أكثر)، و تتميز الدلافين و الخنازير بذكاء حاد أيضا ً، لكنه لم يبلغ الذكاء الذي يتيح لها ابتكار و اختراع الأدوات المعقدة كسيارة أو آلة مثلا ً مع الاعتراف بقدرتها على تركيب بعض الأشياء في محيطها مثل عصاتين لتجعل منهما عصا واحدة أو قدرتها على اتباع سلسلة خطوات ذكية لفتح باب أو تحصيل طعام مخبأ و هكذا.

- تكوين الجسد الحيواني: إن متابعة المسارات التطورية للحيوانات مقابل المسار الإنساني يخبرنا أن الإنسان اكتسب الدماغ كميزة تطورية بينما اكتسبت الحيوانات الميزات الجسدية، و لذلك فهي لا تستطيع أن تجلس مثلا ً لتخيط قميص،،،،

يتبع


9 - الأستاذ أحمد ناس حدهوم - قناة الفيسبوك - 2
نضال الربضي ( 2015 / 4 / 12 - 14:47 )
تابع من تعليق 1

،،،، و إن انعدام قدرتها على خياطة القميص يكمن سره في فهم مسارها التطوري الذي أعطاها ميزات السرعة و الافتراس و جعل لها هذه البنية القوية لكنه بالمقابل حجب عنها القدرات الدماغية و التشكيل الجسدي الملائم للخياطة، و لذلك لا يمكن أن تحكمنا الحيوانات حتى لو جدلا ً تحول شكلها للشكل الإنساني، فالموضوع أعمق بكثير و يعود فينا لمسارات التطور و نتائجه.

- القدرات التعاطفية للحيوانات: كان لدي كلب من نوع -جولدن رتريفر- و كنت مُرتبطا ً فيه بشكل كبير، فنوعية و تفاعلية -الحب- الذي كان يُبديه بنت علاقة مميزة بيني و بينه، نعم يا أخي أحمد نحن نحتاج ان نجلس و نتعلم الحب من الحيوانات بعض الأحيان، و أعلم من خلال تعليقك السابق أنك ستؤيدني 100%.

يهدف مقالي إلى تبيان المشاعر النفسية التي نشترك فيها مع الحيوانات، لتكون البداية التي من خلالها ننطلق لإدخال عنصري الوعي و الذكاء البشرين، و نلاحظ هذه التفاعلية المميزة بين المشاعر الوعي و الذكاء لنرى كيف أصبح لدينا: أديان!

أرحب بتعليقاتك الثرية دوما!

تحياتي الحارة لك!

اخر الافلام

.. ماذا بعد موافقة حماس على -مقترح الهدنة-؟| المسائية


.. دبابات الجيش الإسرائيلي تحتشد على حدود رفح بانتظار أمر اقتحا




.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة


.. -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر! • فر




.. استعدادات أمنية مشددة في مرسيليا -برا وجوا وبحرا- لاستقبال ا