الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


1846م تاريخ المسرح العربي؟

منصور عمايرة

2015 / 4 / 11
الادب والفن



إن الحديث عن بدايات المسرح العربي، أخذ حيزا بحثيا كبيرا على مدار القرن العشرين ، ومازال يبحث في موضوع بدايات المسرح العربي، ومنذ الوقوف على النسخة الأصل لبدايات لمسرح العربي، والتي تتمحور حول ريادة مارون النقاش لهذا الفن الجديد، والذي لم يعرفه العرب، أو لم يألفه العرب من قبل، وذلك لتجنب معرفة العرب بهذا الفن، فقد تكون هذه الرؤية فيها الكثير من التجني، خاصة أن العرب في الماضي قد عرفوا الشعر اليوناني، ونظروا في كتابات أرسطو، ومنها فن الشعر، وقد وقف المترجمون العرب على هذا الكتاب في فترة زمنية ترجع إلى أكثر من ألف عام، ونحن نشير إلى أبي بشر متى بن يونس القنائي 328ﻫ-;- /940 م، والذي نقل كتاب أرسطوطاليس في الشعر من اللسان السرياني إلى اللسان العربي، ونشير إلى أبي نصر الفارابي 260هـ/ 874م - 339 هـ/950م ، وله رسالة في قوانين صناعة الشعر، وهو يتحدث عن أرسطو، ونشير إلى أبي علي الحسين بن سينا 370هـ/980م- 427 هـ/ 1037م ، يتحدث عن فن الشعر لأرسطو في كتاب الشفاء ، ونشير إلى أبي الوليد محمد بن رشد 520هـ/ 1126م- 595هـ/ 1198م، وله تلخيص كتاب أرسطوطاليس في الشعر.
فتبدو معرفة العرب بالمسرح، أو بمفاهيم المسرح كما وضحها ووضعها أرسطو في كتاب فن الشعر، قديمة، ولكن هذه المعرفة لم تكن بالمعرفة التي جعلت العرب يهتمون بالمسرح كما عرفه اليونان، ونبين أن العرب اطلعوا على ثقافة اليونان منذ مدة زمنية طويلة ، وبالنظر إلى تاريخ المسرح قد لا نعتبرها مدة زمنية طويلة، نظرا إلى أن المسرح الإغريقي عرف قبل 500 عام قبل الميلاد، ووصل العرب كتاب أرسطو بعد أكثر من 800 عام بعد الميلاد، ولا نريد أن نشير إلى الحديث الذي تحدث فيه كثر حول نظرة القصور عند العرب بالنسبة للمسرح، وهذا يؤكد أن للعرب رؤية أخرى واهتماما آخر بثقافتهم الخاصة وبفنونهم المعرفية، ونقصد الشعر خاصة والذي كان فخرا للعرب ، و" كان " هذه لا تنفي أهمية الشعر لدى العرب في كل الأوقات وأبدا.
ولكن معرفة المسرح لدى العرب، كانت بعد ألف عام تقريبا من ترجمة متى بن يونس القنائي، إذ يرجع الاهتمام الأول لظهور فن المسرح لدى العرب إلى الرائد العربي الأول وهو مارون النقاش 1817 – 1855م ، وتشير دراسات متعددة حول هذه الريادة ، ويتحدث نقولا النقاش في كتاب أرزة لبنان عن هذه الريادة. وهناك تضارب في تحديد الزمن الدقيق لولادة المسرح في الوطن العربي، وفي لبنان على يد مارون النقاش، فيبين نقولا النقاش" إنه من مدة يسيرة عند افتتاح المرسح العربي في بيروت لتقدمة الروايات قوميديه بغاية توزيع الإيراد على الفقراء، قد تلوت خطابا لدى حضرة الجمهور، بحسبما اقتضى الحال، وذكرت به شيئا من سيرة حياة أخي المرحوم مارون النقاش مبدع هذا الفن بلساننا العربي"، هنا الإشارة تبدو واضحة من نقولا النقاش وهي تؤكد أن مبدع فن المسرح باللسان العربي هو مارون النقاش، وهذا يبين أن العرب لم يعرفوا مسرحا عربيا قبل مارون النقاش، ويؤكد على هذا مرة أخرى وهو يشير إلى المكان والزمان " أقول إن رفع هذا الستار لا بد أن يكون حرك احساساتكم أيها التلامذة الأنجاب، إذ تذكرتم أن بهذا المكان عينه قد تقدمت أول رواية عربية من أستاذي وأستاذكم أخي مارون نقاش، وموقفي الآن هنا مكان موقفه في سنة 1848م، يذكرني ما قاله بخطبته على رواية البخيل، التي هي أول رواية تقدمت بلساننا العربي". ويشير نقولا النقاش إلى كيفية اكتساب المسرح ومعرفة مارون النقاش لهذا الفن الجديد " مارون بن الياس بن ميخائيل نقاش ولد في مدينة صيدا في 9 شباط سنة 1817 نشأ وتربى في بيروت ، وتوفي عزبا في طرسوس في1 حزيران سنة 1855، وله من العمر ثمان وثلاثون سنة ، كان مربوع القامة أسمر اللون أسود الشعر والعيون ... تعلم اللغة التركية والإيطاليانية والفرنساوية ... وفي سنة 1846م، سافر الى إسكندرية ومصر ومن هناك ساح في بلاد ايطاليا "، يشير نقولا النقاش إلى معرفة مارون النقاش باللغات، وذهب إلى إيطاليا في العام 1846م، ولكنه لم يبين متى رجع من إيطاليا، وقد كان هذا الزمن غفلا، ولم يتم التأكيد عليه أو الإشارة إليه ، وهذا يفتح أسئلة جديدة حول بداية المسرح الفعلية التي بدأها مارون النقاش.
ويستطرد نقولا النقاش الحديث عن البدايات " برجوعه الى بيروت علّم بعض الشبان أصحابه وفي أوائل سنة 1848م، قدم في بيته إلى أصحابه رواية موسيقية معروفة برواية البخيل، ودعي إليها كامل قناصل البلدة وأكابرها، فأعجب هذا الفن أهالى بلادنا حتى شاع ذكر هذه الرواية بكل البلاد العربية، واندرجت في الغازيطات الإفرنجية... فمحبة للوطن قد أنشأ في بيروت المرسح الشهير الملاصق داره خارج باب السراي بموجب وصيته قد تحول الى كنيسة،... وبالنتيجة هو أول مبدع هذا الفن باللسان العربي ". في هذه الفقرة يشير نقولا النقاش إلى الكيفية التي قدمت فيها مسرحية البخيل، وأشار إلى الحضور ، وأشار إلى الصحف والمنشورات الغربية التي تحدثت عنها أيضا.
وفي كتاب أرزة لبنان يبرز لنا تاريخ جديد لمسرحية البخيل، ففي نهاية مسرحية الحسود يقول أحد الشخصيات فيها وهو سمعان اسحق : ... بل يعجبني قليلا من تصانيف المذكور رواية البخيل التي قدمها في بيته سنة ألف وثمانماية وسبع وأربعين"، ويعلّق نقولا النقاش في الهامش على تاريخ أول مسرحية " وأما قوله عن رواية البخيل تقدمت سنة 1847م، وقولي أنا بسيرة حياته في سنة 1848م، فالغلط مني وقع ، ومع هذا لا مناقضة بذلك حيث داعيكم كنت أتصور تقدمتها في أوائل سنة 1848م، والحقيقة بأواخر سنة 1847م".
وهناك إشارة وردت في كتاب تاريخ العرب الحديث لعبد الكريم غرايبة ، يبين فيها أن مسرحية البخيل وهي المسرحية الأولى لمارون النقاش " عرضت المسرحية الأولى في بيت نقاش في بيروت أواخر 1262هـ/ 1846م ". قد تكون هذه الإشارة إلى أن النقاش كتب المسرحية وهو في إيطاليا وهذا ليس مستبعدا ، وعندما رجع من إيطاليا وقد كان تحت تأثير شديد لوقع هذا الفن الجديد عليه ، فقام بإخراج وتمثيل المسرحية في أواخر 1846م، وهذا ما يؤكد أو يرجّح رؤية عبد الكريم غرايبة. ويبدو أن الأمر مازال بحاجة إلى نبش الصحافة الفرنسية والإنجليزية والعثمانية في تلك الفترة ، للوقوف على أول عرض مسرحي في الشرق العربي، أو في الوطن العربي كله، وهذا على درجة كبيرة من الأهمية.
وما يجعلنا نطمئن إلى رؤية غرايبة، أن نقولا النقاش لم يبين تاريخ عودة مارون النقاش من إيطاليا، ولم يبين المدة الزمنية التي قضاها هناك. وهناك تفنيد آخر، إذ نسي نقولا النقاش التاريخ الدقيق في بداية حديثه عن مسرحية البخيل، ففي أول الكتاب، وهو يتحدث عن سيرة مارون النقاش، ذكر أن المسرحية عرضت في سنة 1848م. ثم يبين في نهاية مسرحية الحسود أنه أخطأ في التاريخ ، ليقول إن مسرحية البخيل قدمت في أواخر عام 1847م. وهذا يرجح أن تكون المسرحية عرضت في العام 1846م، وهنا لا نستبعد نسيان نقولا النقاش للتاريخ الدقيق، وقد مر زمن طويل على كتابة كتاب أرزة لبنان وتاريخ المسرحية الأولى، فالفارق الزمني بين تاريخ أول مسرحية وطباعة كتاب أرزة لبنان 22 سنة، وربما انشغال نقولا النقاش بالإدارة والتجارة والصحافة أنساه التاريخ الدقيق. ثم إن نقولا النقاش يشير إلى توثيق الخبر في المنشورات والصحف الغربية، وهذا يؤكد مرة أخرى لنقف على صحة التاريخ ، وهذا يدعو إلى إعادة نبش الأرشيف الصحفي الذي كان يصدر في تلك الحقبة الزمنية، وإن مدار الحديث حول تاريخ المسرحية الأولى في الوطن العربي، رؤية تحتاج إلى تأكيد من خلال ما نشر في الغازيطات الإفرنجية عن الثقافة العربية في تلك الفترة ، والتي قد نحددها من عام 1845 إلى عام 1848م.
المراجع :
- نقولا نقاش، أرزة لبنان، المطبعة العمومية، بيروت، 1869م.
- عبد الكريم غرايبة، تاريخ العرب الحديث، وزارة الثقافة، عمّان، 2008م.
منصور عمايرة / الأردن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع