الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحديث الخطاب الديني مهمة العلمانيين

عادل صوما

2015 / 4 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تحديث الخطاب الديني الاسلامي بحضور حشد من شيوخ الازهر، قابلوا هذه الدعوة الملّحة في القرن الواحد والعشرين بتصفيق فاتر متقطع، عكس التصفيق المدوي من العلمانيين الذين أيدوه لفض بؤرة اعتصام في وسط القاهرة للمستفيدين من الاسلام سياسيا، ما يعني ان الرئيس السيسي كان يجب عليه توجيه هذه الدعوة من مكان علماني وليس الجامع الازهر، فطالما تقرّب ملوك ورؤساء مصر من التيارات الدينية كافة، بما فيها الخطرة المتشددة، ولم يحدث أي تغيير في العقلية، كما لم يحدث في التاريخ الانساني أي تحديث للخطاب الديني أو التنويري سوى من العلمانيين، ويُستثنى على صعيد المسيحية الكاهنيّن الألماني مارتن لوثر والفرنسي تيار دو شاردان من هذا الامر، الذي وأده فقهاء المسلمين دائما بفتاويهم، ونعت بعضهم هذا الامر التنويري بالفتنة.
مقابل فتور تصفيق علماء الازهر، جاء تفسير فقهاء المستفيدين من الاسلام سياسيا لطلب الرئيس على انه كفر، وتقوّل بعضهم فزايد على ما لم يقله الرئيس، وتمثلت المزايدة في ان السيسي طلب شطب بعض نصوص القرآن والاحاديث من التاريخ الاسلامي. والمؤكد أن الرئيس السيسي كان يقصد الخطاب الذي لا يمت للعصر بأية صلة، لأن وسائل العصور تتغير وعقليات المجتمع تتطور.
أمثلة واضحة
على سبيل المثال، تجاهل مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ منذ ايام قليلة كل ما يفعله تنظيم الدولة الاسلامية وعملية إبادة الاقليات ثقافيا وجسديا، وأصدر فتوى جديدة تبيح أكل الرجل زوجته في حال ما أصابه جوع شديد وخاف على نفسه من الهلاك، والأكل قد يشمل عضوا واحدا من جسدها، أو أكل الجسد إن بلغ الجوع مبلغا عظيما، واعتبر مفتي السعودية هذه الفتوى، دليلا على تضحية المرأة وطاعتها لزوجها ورغبتها في أن يصير جسديهما جسدا واحدا.
المفتي السعودي تجاهل جميع ثلاجات المدن والقرى في العالم، وأفتى هذه الفتوى الصحراوية التي لا تنناسب حتى مع عصر ما قبل اختراع الثلج، والعجيب انه مزجها بفكرة مسيحية عن الزواج الذي يجعل الزوج والزوجة جسدا واحدا حسب ما قال المسيح، وبسبب فقدان البصيرة نسى المفتي السعودي أهل كوريا الذين يأكلون الكلاب البرية، وسيصبحون بفضل فتواه هذه جسدا واحدا مع الكلاب، ناهيك عن من يأكلون الفيران والضفادع!
المفتي نفسه أصدر فتوى قبل اسابيع، اعتبر فيها ان زواج القاصرات دون 15 عاماً جائز، مؤكدا أنه لا توجد حتى الآن أي نية في بحث الموضوع. هذه الفكرة تناسب عصورا كانت البنات يقتلن فيها جهلا بسبب الخوف على شرفهن وشرف القبيلة، أو يخضعن لعملية ختان تستأصل مركز الاثارة الجنسية عندهن، لكن اليوم ترفض البنات المسلمات هذه الافكار تماما، لأن عقولهن تفتحت على حقوقهن في الحياة والتمتع بالاثارة الجنسية، مثل الرجل تماما، إضافة إلى شرعة حقوق الانسان العلمانية التي تعتبر هذا العمل "حرام" وضد براءة الطفولة.
النظافة الشخصية
أصدرت هيئة الشؤون الدينية في تركيا منذ ايام فتوى أكدت خلالها أنه يجوز للمسلمين استخدام المحارم الورقية في النظافة الشخصية، لكن شريطة أن يكون الماء هو المصدر الأول للنظافة الشخصية. ونصت الفتوى "في حال عدم وجود الماء يمكن استخدام أشياء أخرى للنظافة، منها المحارم الورقية، ولكن في جميع الأحوال يجب أن يبقى الماء مصدراً أول للنظافة الشخصية والوضوء". وفي آذار/مارس الماضي أصدرت الهيئة نفسها فتوى تحّل للمسلمين بموجبها استخدام المواد المطهرة التي تحتوي على كحول في النظافة، وذلك بعد جدل يتعلق بهذا الأمر، تبين بعده للهيئة إياها في القرن الواحد والعشرين أن هناك الكثير من الاستخدامات للكحول للنظافة، وليس للسكر فقط! وشددت الفتوى على أن شرب الكحوليات أو وقوع قطرات منها على الثوب يبطل الصلاة، ويجب على المسلم أن يغسل ملابسه التي وقع عليها الكحول، إلا أنه يجوز له الصلاة في حال إستخدم مواد مطهرة تحتوي على الكحول لأغراض النظافة فقط.
الوعي المفقود
الخطاب الديني المتخلف واضح تماما، فأكل لحم الزوجة لم يرد بتاتا في القرآن ولا الاحاديث الصحيحة أو الموضوعة، واستعمال المحارم والكحول للنظافة لم يكونا معروفيّن في زمن الرسول، ولذلك استعمل المسلمون الرمل للتيمم، ما يعني انهم استعملوا البديل المتاح.
لا شك ان ثمانين سنة من دعاوى التعصب الديني أثمرت جهلا تاما يحتاج إلى نصفهم على الأقل ليُزال، وإلى ضعفهم ليعود الشرق الاوسط إلى ما كان عليه من تجاور الاديان والمذاهب جنبا إلى جنب.
الجهل المطبق والتناقضات غير المعقولة تمثلوا عندي شخصيا في صورة احتفظت بها لإمرأة مصرية مؤيدة للدولة، تقف أمام دبابة لجيش مصر بتشادور لا يمت لحضارات مصر كافة بأية صلة، وترفع يدها بشعار ماسوني تبناه الرئيس أردوغان لصمود البؤرة المنفلتة أمنيا إياها في وسط القاهرة، التي ازالها الرئيس السيسي بتفويض من الشعب المصري، وأعاد علمانية الدولة بعد ان حاول سلفه أن يجعلها مشاعا لرفاقه المتستفيدين من الاسلام سياسيا.
ارسلت إي ميل لكاتب مصري أسأله توضيحا عن التركيبة العجيبة في هذه الصورة تحديدا: كيف تؤيد فتاة بتشادور دولة علمانية؟ وجاءني الرد: هذه معضلة مصر الآن ولا احد يعرف إلى أين نذهب. ربنا يخلي السيسي على الأقل عشر سنوات.
صورة الجهل هذه توجد منها صور أخرى لا تُحصى، أبسطها إصرار المسلم، الذي غسلت دماغه دعاوى التعصب والجهل والخطاب الديني غير العصري، على قول: "السلامُ عليكم"بعلامات الاعراب، بدلا من التحيات المرتبطة بالأوقات، وهو يعتقد انه بهذه التحية يتمسك باسلامه، وبعدها يستحيل ان يتحدث بالفصحى لمدة دقيقة، لأنها ببساطة ليست لغة عصره. وإذا حاولت ان تشرح له أن هذه ليست تحية إسلامية بل شرق أوسطية يقولها كلٌ بلغته، ينظر إليك متعجبا، وعندما تقول له ان اليهودي يقول: شالوم عليخم، ومعناها السلام عليكم بالعربية، والمسيح نفسه قال بالارامية ما ترجمته السلام عليكم، ينظر إليك لا مباليا وكأنك هبطت من كوكب آخر.
ذات مرة قلت لمسلم ما ذكرته آنفا، ثم سألته ما رأيك في الصلاة المسيحية التي تقول "السلامُ عليك يامريم...إلخ..."، فقال من ألّف هذه الصلاة. قلت إقتبسها المسيحيون من تحية الملاك الذي جاء ليبشر العذراء مريم بحبلها بدون علاقة جنسية. رد عليّ الرجل بصوت جهوري: إرجع لوعيك. حتى الملائكة تتحدث بلغة الاسلام!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال


.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟




.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى


.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت




.. 143-An-Nisa