الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احلام اليقظة ..تسوية موفقة ام انسحاب انهزامي!!

اسعد الامارة

2005 / 9 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لم يلحظ احد من الناس عملية الانسحاب هذه من الواقع الى عالم الخيال الا وكان حال الفرد في مواجهة غير محسومة ربما خاسرة،لأن الطرف الاهم فيها فضل الهروب على المواجهة.فاحلام اليقظة Day dreams وسيلة انسحابية في صورتها المسرفة تنبئ بوقوع ازمة نفسية مهيئة وربما بدأت بوادرها تلوح في افق ذهن الفرد الذي يكاد ان يدمن هذه الاليات"الميكانيزمات"الدفاعية رغم ان صورتها المعتدلة تعد وسيلة ضرورية اذا كانت تمهد للابداع او تكون عامل دافع نحو العمل الجاد الخلاق. وتقول الدراسات النفسية التحليلية انه نتاج الخيال من حلم يقظة داخلية لا شعورية الى تخيلات تبعد صاحبها عن الواقع ، واحلام اليقظة تتخذ شكل تخيلات تتصف بصفات مستقلة عن صفات التخيلات اللاشعورية ،وتضيف رؤية التحليل النفسي ان طابعها شعوري وهو دليل على وجود" انا"على قدر كاف من النضج يسمح بظهورها والسيطرة عليها ويحصل على اشباع معين.
ان احلام اليقظة ما هي الا رؤى وخيالات مليئة بالتمني تصاحبها الرغبة في تحقيق ما لم يكن تحقيقه في الواقع المعاش وبدقة اكثر هي نوع من التخيل الداخلي يرسخه الفرد في نفسه ليهرب من الواقع ويعيش الخيال والتأمل وهو بنفس الوقت يجمع الخيال واليقظة،التمني والواقع معاً،انها رغبات هربت من الواقع لصعوبة تحقيقها ولم تغادر صاحبها حتى انه عجز في مواجهة الصعوبات لكي يحققها،ففضل الخيال وذهب بعيداً في تأملاته التي تعد اسهل لكي يحقق ما يريد ، بهذه الوسيلة استطاع صاحبنا ان يخفض التوتر والقلق الناجم عن حاجات محبطة ورغبات عجز عن تحقيقها في عالم الواقع.
تبدأ احلام اليقظة عادة في مراحل العمر الاولى وتشتد في مرحلة المراهقة لا سيما ان هذه المرحلة هي مرحلة اثبات الذات ،وهي مرحلة ازدهار رغباته وغرائزه وما يصاحبها من تخيلات وردود فعلها من التخيلات المقابلة في صورة العقاب والاثم والمبالغة في التحكم بالغرائز وخصوصاً في المجتمعات الشرقية المنغلقة،حيث يجد المراهق نفسه امام سلوك داخلي لا مفر منه ،وهو سلوك اشباع رغباته بالتمني والخيال حتى يصل الى احلام اليقظة التي تعيد له التوازن،فالبعض من الاباء او الامهات الذين يفهمون ابناؤهم المراهقين او المراهقات ،يسهل لهم ذلك بحدود معقولة لكي يسدل الستار له على ما يعتلج في نفسه ويرضيها وبنفس الوقت يسهل له عملية مواجهة الواقع، فبجانبها الايجابي تعد تسوية موفقة تتميز بالبهجة والمتعة وهي تخيلات شعورية بهذه المثابة تعد توفيق ناجح بين مبدأ الواقع ومبدأ اللذة ولكن بنفس الوقت يطالب المراهق-المراهقة بالانتقال الى عملية ترجمة تخيلاته الى واقع بوساطة المثابرة والعمل الدؤوب مع القدرة على تأجيل بعض رغباته غير المتحققة ،فهي صمام الامان حين يوجهها الكبار نحو الالتصاق بالواقع ومحاكاته ،وهي حالة انهزام وهروب من المواجهة وربما تتحول الى مرض نفسي حقيقي اذا ادمن عليها وبات من المستحيل الاقلاع عنها.ولهذا فأن الاستخدام السوي يتميز بالاشباع الوقتي لهذا الميكانيزم لفترة ثم يقلع عنه الى مواجهة الواقع،بينما غير السوي –المريض- لا يفرق بين احلامه وبين الواقع،انما هو يعيشها كحقيقة كاملة البناء والتكوين.
اكدت الابحاث والدراسات النفسية ان هناك فروقا واضح في احلام اليقظة لدى الذكور عنه لدى الاناث،فاحلام النساء تختلف عن احلام الرجال لابسبب عوامل بيولوجية او تكوينية ،بل بسبب عوامل اجتماعية مكتسبة ورغبات مقموعة لدى النساء اكثر من الرجال وخصوصاً في مجتمعاتنا الشرقية حيث تعطي الاهمية الكبرى لتنشئة الرجال"الذكور"عنه في تنشئة النساء"الاناث"،فتكون الفروقات الواضحة في تخيلات الاناث عنها في تخيلات الذكور لاسيما ان الاحلام هي انعكاس طبيعي للواقع وان ما يحلم به الذكور يرتبط بمواقف الحياة السعيدة او تحقيق المال او العمل اللائق والمكانة الاجتماعية والوضع المتميز والثروة ،بينما تكون احلام الاناث اميل الى الاستقرار والاختيار الزواجي الامثل لتكون اسرة يسودها الجو العاطفي مع الاكتفاء المادي مع الهدوء الدائم.هذه الاحلام تختلف من بيئة اجتماعية الى بيئة اجتماعية اخرى ومن مستوى اقتصادي او مادي الى مستوى آخر.
ان احد اساليب التعامل مع ضغوط الحياة هو اسلوب الخيال والتمني وهي ستراتيجية شعورية يلجأ اليها الافراد في مواقف الحياة الصعبة لغرض استعادة التوازن ،وهو بنفس الوقت هروب وتجنب الناس او المواقف او الاشياء التي تثير في نفسه القلق الذي لا يستطيع مواجهته او رده. فاحلام اليقظة هو الموقف الذي يقود صاحبه الى الانطواء على نفسه والتقوقع على ذاته شيئا فشيئاً حتى ينقطع عن الجميع تماماً،فينغمس في احلام اليقظة الى حد اكثر من اللزوم فيبدو وكأنه هروب من الواقع ولكن هروب الى الداخل المغلق،حتى يتخيل نفسه انه يعيش عالمه الخيالي وحقق جميع ما يتمنى واصبح ربما مليونيراً او حصل على شهادات كان يحلم بها او تزوج من اجمل الجميلات،او انه اصبح بامكانه الغاء اي قرار يضايقه ولا يتعارض مع امنياته،فالطالب الفاشل يرى في احلام اليقظة العلاج الذي به يلغي كل ما يريد ويمتثل له الجميع ويذعن له الاخرين، هذا الاستغراق في احلام اليقظة يؤدي في احيان كثيرة الى عدة اضطرابات عصابية(نفسية)او ذهانية(عقلية). واخيراً نقول ان احلام اليقظة بها من الفوائد بقدر ما بها من المساؤي،ففوائدها تعمق الخيال وتشحذ المشاعر الداخلية وتعطي العقل فسحة من التجوال في زواياه التي لم تطأها الافكار ولكن اذا تعمقت هذه العادة وادمن عليها المراهق وطالت مدتها سوف تؤدي الى الفشل في التكيف مع الواقع ،والخلل في التوافق الداخلي النفسي والخارجي وتكون نتيجتها الادمان حتى يبتعد صاحبها عن ملامسته واقع الحياة ومجاهدته من اجل المواجهة التي تقتضي ان يفكر ويعمل معاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر - إيران: نحو تطبيع كامل؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إنزال النورماندي: أي حصـيلة بعد ثمانين سـنة؟ • فرانس 24 / FR




.. إيران تحذر إسرائيل... ستواجه هزيمة هائلة أمام حزب الله!| #ال


.. روسيا تضع أميركا في خانة العداء رسمياً| #التاسعة




.. شبكات | 100 قتيل بمجزرة -ود النورة- في السودان.. واتهامات لل