الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على جناح ذبابة

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2015 / 4 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل شعرت بالقليل من الاشمئزاز بسبب العنوان؟؟..إذا كنت إجابتك نعم فاسمح لي أن أشدَّ على يدك مهنئة..فتلك الفطرة السليمة لدى البشر على ما يبدو أصبحت للانقراض تتجه..لماذا قلت عبارتي الأخيرة بصوتٍ مرتفع و شبه غاضب؟؟..حسناً لأني أشعر أني تعرضت لخديعةٍ ما و لذلك حكاية ستعرفها لو حركت عينيك قليلاً نحو اليمين.

فقبل قليل أضعت الكثير من الوقت من بين أصابع حياتي الثمينة في نقاشٍ لا طائل منه..ذلك النقاش لم يكن حول ما يحدث في اليمن حالياً من قصفٍ جوي و لا عن سوريا التي تنزف يومياً و ليس أيضاً عن الفظائع التي تبعثرها داعش فوق رؤوسنا يميناً و شمالاً يومياً..نعم كم كنت أتمنى أن أخبرك أن النقاش كان عميقاً بطريقةٍ ما أو على الأقل يدور حول موضوعٍ يحاول جاهداً أن يتسم بتلك الصفة و لكنه كان يدور حول ذبابة تمتلك أجنحةً ثمينة!!.

و لكن لحظة فلنتفق أولاً على أمرٍ أفترض أنك عرفته عني ألا و هو أنني لست من النوع الذي يعترض على أي أمرٍ يرد في الأحاديث النبوية طالما أنه لا يعترض طريق العلم أو الفطرة السليمة ليصرعهما أرضاً..بل أني أجد أن الاعتراض على الأحاديث النبوية لمجرد الاعتراض هو تطرفٌ و لكن من نوعٍ آخر..تطرفٌ يسير بذات قوة التطرف الأول -و الذي يؤمن بصحة تلك الأحاديث صحةً مطلقة- و لكنه يسير فقط في الاتجاه المعاكس له..لهذا السبب لا أعترض إلا على ما تقوم صحته بالضرورة على إلغائي طواعيةً لعقلي من أجل أن أعلن أفضلية هذا الدين على سواه بمعجزاتٍ قد لا يمتلكها في هذا الجانب بالضرورة..و في ذات الوقت لا أستطيع أن أتجاهل من يحاول جاهداً أن يقنعني بأن دينه يمتلك نوعاً من أنواع الإعجاز العلمي فقط لأنه يؤمن أن دينه قد أثبت نظرية لا يمكن إثباتها لمخالفة مضمونها لقياس العقل كما العلم و لعدم ميل النفس البشرية للقيام بأمورٍ معينة تشمئز منها بالفطرة.

فقبل قليل أراد شخصٌ ما أن يقنعني بصدق فكرة أن الذبابة تحمل في إحدى أجنحتها مضاد حيوي للبكتيريا التي تبعثرها في محيط تواجدها..تلك الفكرة مقدسةٌ لدى العديد من عامة المسلمين كما من قبل علمائهم ربما لهذا السبب كان يدافع ذلك الشخص عنها بشراسة بل إنه أرسل لي مقالةً "علمية" تتحدث عن إثبات هذه النظرية مخبرياً..و عندما أخبرته أن المقال -رغم تحفظي الكبير على بعض ما جاء فيه- يشير إلى أنه في وجود عشرات الآلاف من أنواع الذباب في العالم -ما يتجاوز المائة و عشرون ألف نوع تم اكتشافه بخلاف أضعاف ذلك الرقم يُعتقد أنه لم يتم اكتشافه بعد- فلقد تم إثبات تواجد أحد المواد التي تدخل في تركيب المواد المضادة للبكتيريا في أحد أجنحة نوع أو نوعين فقط من أنواع الذباب المعروف علمياً دون غيرها من الأنواع الأخرى الكثيرة..و بعد هذا الحديث "الأحمق" و الغير علمي و الصادر من طرفي قام هذا الشخص بوصفي بالحُمق لرفضي "تعميم" ذلك الأمر على كل أنواع الذباب!!..أي أن ذلك الشخص -و غيره الكثيرون- يجدون أن نظريتهم الغريبة تلك هي نظريةٌ قابلةٌ للإثبات طالما أن هناك حالة إثبات واحدة في مقابل عشرات الآلاف من حالات النفي لها!!..فبالنسبة إليهم كان الرسول الكريم يقصد هذه الذبابة بالذات دون غيرها عند حديثه المزعوم عن تواجد المضادات الحيوية في مكونات أجنحة الذباب..و هو الأمر الذي يُعد كافياً بالنسبة إليهم أيضاً لكي يمنحوا دينهم نوعاً من أنواع الإعجاز العلمي لمعرفته المُسبقة لما لم يكتشفه العلم بعد.

بل أن أحد تجار الدين المشهورين في اليمن -لا خطأ هنالك في تلك الصفة- قام قبل عدة شهور بوضع منشورٍ "علمي" يتحدث فيه عن تحليله المخبري لجناحيَّ ذبابة اصطادها يوماً ليجد و بما لا يدع مجالاً للشك أن في أحد أجنحة تلك الذبابة توجد ملايين الجراثيم و لكن و للإعجاز "الدرامي" ففي جناحها الآخر يوجد مضاد حيوي لتلك البكتيريا..و لم يكن تعريف المهزلة يُجاهر بحضوره في حديثه ذك بل إنه كان في أن العديد من متابعيه كانوا لحديثه من المُهلِّلين و المُكبِّرين لهذا الدليل العلمي القاطع الذي يثبت تفوق دينهم على بقية الأديان الأخرى التي تعتمد على الخرافة لإثبات صدق مضمونها!!.

أي أن هذا "التاجر" كما سواه من التجار الذي يتحدثون ليل نهار عن معجزاتٍ علمية لا وجود لها يضعون اختراع الفريد نوبل في أركان عقول أتباعهم لكي يتم نسفها بكل عنف..و لكنك بالرغم من ذلك لا تجد أي مقاومة تُذكر لذلك الأمر بل لعلك ستجد أن الأغلبية تبدي الكثير من السرور و ربما التشجيع تجاه ما هو على وشك الوقوع لها!!..متجاهلين في ذات الوقت أن ديناً بأكمله قد ينهار ساقطاً بسبب إصراره على التمسك بأطراف أجنحة تلك الذبابة دون البحث عن أساسٍ أكثر متانة لدينه من سُمك ذلك الجناح!!.

و لا تستهن بتلك الذبابة فالإيمان بها ما هو إلا قطعةٌ صغيرة في لوحة فُسيفساء كبيرة تحتوي على العديد من القطع المماثلة لها..فتلك الذبابة كما بقية تلك القطع هي من المُسلَّمات التي لا "يفكر" المسلم غالباً في أن يناقش أو حتى يناقض مضمونها مهما بلغت في ذلك المضمون من اللا عقلانية..و هكذا و بعد أن تضع تلك القطع بتناسقٍ مع بعضها البعض ستجد أنه قد أصبح لديك دينٌ يكاد يمتلئُ بالخرافات و التي تشجع على ممارساتٍ كثيرة يؤدي القيام بها أو حتى مجرد الإيمان بها دون الوصول لمرحلة التطبيق العملي إلى إلغاء عقل الفرد تدريجياً ليصبح فارغاً كما أصبح الدين الذي يؤمن به.

ترغب في المجاهرة بعصيانك لتلك الأفكار؟؟..لا أشجعك على الإقدام على ذلك الأمر علانيةً على الأقل لأنك ستجد أن بعض علماء المسلمين يتهمون من يناقض تلك الحقائق العلمية بالكفر!!..أي أنك لو لم تؤمن بتلك الخرافة التي لا يدعهما العلم فأنت إما كافر مصيره القتل و إما أحمق مصيره السخرية..و لو تحدثت عن أن العلم لم يثبت هذا الأمر فستجد العشرات ممن يؤمنون بأن العلماء في معامل و مختبرات دول العالم المتقدم قد أثبتوا تلك الحقيقة منذ عشرات العقود و لكنهم يخفونها عن العامة حتى لا يلج البشر في دين الله أفواجاً!!.

لهذا أشعر بأني تعرضت للخديعة لأني أضعت الكثير من وقتي فوق جناح تلك الذبابة محاولة إثبات وهمية فكرة هي -كما أسلفت- من المُسلَّمات لدى نسبةٍ لا بأس بها من المسلمين..كما أشعر أيضاً بأن تلك الفئة قد أصبح قلبها كما عقلها يمتلئ باليأس تجاه مصداقية ذلك الدين الذي تؤمن به..ذلك اليأس ستجد دليلاً على وجوده في استماتتهم تجاه إلصاق أي معجزات و لو كانت وهمية بهذا الدين لإثبات ديمومته بطريقةٍ لا يحتاج إليها فعلياً خاصةً لو كانت هذه الديمومة قد تجسدت في ذبابةٍ أصبحت تحمل ديناً بأكمله فوق ظهرها الملوث بالجراثيم دوماً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
ايدن حسين ( 2015 / 4 / 13 - 08:46 )

تحية طيبة
هلا تسمحين لي ان اسالك بعض الاسئلة
لماذا هناك كل هذا الذباب ؟ .. و لماذا تنتشر بين البشر ؟ .. بعكس النمل او النحل مثلا .. التي لا تقترب من البشر الا نادرا
لو وضعت اناء فيها سكر .. فقد لا تقترب منها الذباب .. و تقترب الذباب منك
لماذا ؟
هل هذه صدفة ؟ .. ام ان هناك تدبيرا وراء هذا
و لماذا لدى الذبابة هاتين العينين الكبيرتين ؟ .. بل يمكننا ان نقول ان راسها هي عينين فقط
و احترامي
..


2 - تحية طيبة
بارباروسا آكيم ( 2015 / 4 / 13 - 10:18 )
عزيزي آيدن بدل التعلق فيما لا طائل منه ، حاول أَن تقرأ لك كتاباً عن الذباب ، أَما بالنسبة للسيدة الكاتبة فاريد أَن اقول : ماتنشره مواقع تخاريف الشيوخ الإعجازية كله كذب وهرتلة ..هناك دراسة يقولون انها من جامعة الإسكندرية ..تثبت العجز أَو الإعجاز النبوي في مسألة جناحي الذبابة.!! ولكن الغريب أَنها دراسة علمية من 6 صفحات فقط .!!!! كتبها شخص يعمل على الأَكثر كسمكري او بواب عمارة .! أَو ربما يعمل كسمكري في النهار وعالم بيولوجي في الليل....يعني انت هل تصدقين حقاً ان هناك دراسة بهذا الشكل المضحك.!؟ بالمناسبة سيدتي العزيزة الجهات العربية المختصة ، بسم الله ماشاء الله تطلق كلما اقتضت الضرورة دراسة من هذا النوع الساخر...ودعني اذكرك بالدراسات الخاصة بجهاز الكفتة العظيم.. اقول لهؤلاء جميعاً توقفوا رجاءاً ..لقد صرنا مصدر للسخرية والتهكم


3 - شكرًا للذباب
ياسين المصري ( 2015 / 4 / 13 - 11:20 )
شكرًا للذباب وطظ في العلم والعلماء في كافة أنحاء العالم
على كل متأسلم أن يملأ حياته بالذباب يملأ طعامه وشرابه ويجلس مضطجعا أمام خيمة ويشرب بول البعير المليء بالذباب
يأمة ضحكت وسخرت واشمأزت من جهلها الأمم


4 - معجزه الذباب
على سالم ( 2015 / 4 / 13 - 13:53 )
لقد قرأت ايضا عن عالم اسلامى بدوى وابحاثه فى العلاقه بين اكل الذباب وازدياد القوه الجنسيه الخارقه عند الرجال ,لقد اثبت بما لايدع مجالا للشك ان ابتلاع عشره ذبابات وبالذات الذباب السعودى قبل ممارسه الجنس بساعه فقط فأن هذا يزيد قوه الرجل الجنسيه الى حوالى خمسين ضعف اى يصبح تماما فى قوه الحبيب المصطفى الجنسيه الخرافيه


5 - قصة جنح الذبابة
شاكر شكور ( 2015 / 4 / 13 - 14:09 )
يتضح من رواية وردت في صحيح البخاري - باب غزوة خيبر- عن عائشة قالت لما فتحت خيبر قلنا الآن نشبع من التمر ، وهذا يعني بعد الهجرة وموت خديجة التي كانت تمول محمد اصبح حال عائلة محمد المعيشي من الفقر بحيث لا يحصلون حتى على التمر للطعام وهذا يدل بأن الطعام والشراب كان قليل وعزيز على عائلته محمد في بداية الهجرة لذلك اراد محمد ان لا يتلف الطعام والشراب بسبب سقوط الذباب عليه فأبتكر خرافة فوائد جنح الذبابة وطبعا البدو في ذلك الزمان معذورين لو صدّقوا مثل هذه الخرافات لعدم وجود المختبرات ولكن الآن من يصدق هذه الخرافة في هذا الزمن غير معذور ويصبح فعلا اضحوكة للناس ، تحياتي للجميع


6 - على جناح
ناس حدهو م أحمد ( 2015 / 4 / 14 - 00:40 )
في المغرب عندنا عادة تتعلق بموضوع الذبابة الملونة نضعها في الطعام ونأكلها بعد طهيها مع اللحم والتوابل

-في عيد الأضحى تصنع الأمهات أكلة تسمى - التحلية
تتكون من
لحم الضأن وتوابل معينة تشترى من العطار ومعها الذبابة الهندية
وهذه الذبابة حتى ولو أنها تحمل الميكروبات إلا أن النار تقتلها
أما وأن العلم أثبت الكثير من الحقائق توجد في الكتاب المقدس
فذلك ليس إلا كلام ظلام تمحوه أشعة الشمس
وقد سمعت متأسلمين يقولون بأن ناموسة سيدنا موسى شربت البحر
الخرافات لا تصمد في وجه العصر بل بالعكس
هذا العصر حولنا إلى أضحوكة وسخرية العالم
بسبب الخرافات التي نؤمن بها
ولهذا نحن نتواجد في خانة المتخلفين وواقعنا دليل قاطع على أننا
أمة مهترئة


اخر الافلام

.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه


.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب




.. البابا تواضروس الثاني : نشكر الرئيس السيسي على تهنئته لكل أق