الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوح في جدليات – 11 – في مديح ِ عشتار - نحن ُ الإنسان!ّ

نضال الربضي

2015 / 4 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تنتـثرُ في رحاب ِ النفس ِ أمنيات ٌ جميلة، كثير ٌ منها وضَّاءة لها شفافية ٌ خاصَّة تتكئ ُ على الإله لتحقيقها، منها أن يتوفَّق الأبناء في سعيهم، و أن يزدهر َ المستقبلُ بتحقيق ِ المأمول ِ و المرجوّ و الذي سعت إليه النفس ُ عبر سنوات ٍ و سنوات من العمل و الطموح ِ و التخطيط.

لكن َّ التخطيط لا بدَّ ان يضطرب بقوة ِ أمواج ِالواقع، التي من المحسوسِ أن َّ لها طريقة ً فريدة ً في التعامل مع المأمول و تغير المسارات الفعلية للطموح و السعي، و هو ما يصح ُّ أن نطلق َ عليه لفط َ "قوَّة ِ الواقع".

تعلمنا من خلال ِ التجربة أن الرِّزق َ ليس رزقا ً إنما هو النتيجة ُ المُتحقِّقة لتفاعلات العمل، سياسات الإدارة المؤسسية، اقتصاد السوق و بعض العلاقات الجانبية إن وُجدت.

تعلَّمنا أيضا ً من خلال ِ التجربة أن الصِّحَّة َ ليست نعمة ً و إنما هي نتيجة ٌ مباشرة لإمكانيات ِ الجسد، و قوَّة ِ الجينات، و مدى الالتزام ِ بالطعام الصحي و ممارسة الرياضة و كمية الضغط النفسي و كمية التعرض للعوامل الكيميائية و البيولوجية من عدمها.

أخبرتنا التجربة بطريقتها الصريحة الجامدة أن السعادة تعتمد على قوتنا النفسية و مدى ما يمكننا أن نتعامل معه من حوادث و كيفية التعامل معها سواء ً بقدرتنا على امتصاصها و قبولها و التغير فيها و الانحناء أمامها و معاركتها و حُسن ِ إدراكها و حُسن ِ إدارتها و تحيدها و توظيفها و رفضها و الاستزادة ِ من أجزائها و التقليل ِ من أجزاء َ أخرى و فرض أنفسنا عليها و تفعيل ِ رؤيتنا للحياة ِ فيها و اندماجنا معها و جعلها "لنا" و "معنا" و "من أجلنا" و "لخيرنا" و التغلب ِ عليها و شلِّها و تحويلها لما نريدها أن تكونه.

داعبتنا الحياة ُ في المدرسة و الجامعة، و عاركتنا في الوظيفة، و عاندتنا في الظروف، و انحنت أمامنا في النجاح، و قهقهت بوقاحة ِ و فجاجة ٍ في وجوهنا عند الفشل، و تعرَّت من ثيابها أمامنا في الحزن و المآسي، و ناصرتنا في التفكير و الإبداع و الاختراع، و تبرَّأت منا حين العجز، و حالفتنا في الطريق إلى النجاح، و شاركتنا الفرح، و شاركتنا الأحزان، و غابت عنا حين طالبناها بكشف المستقبل، و كتبت ْ بأصابعنا المستقبل حينما سعينا له و خططنا للنجاح.

تركتنا للإيمان حين آمنا، و غابت عنا حينما اعتقدنا بالإله و الدين و الغيبيات، و حايدت حينما طالبناها إلا تحايد َ في المُعتقد الإلهي، ثم أقبلت حين َ سعينا للأمل دون أن تسألنا عن المُعتقد فالحياة صاحبة ُ الإنسان، و لا شأن لها بالاعتقاد ِ و المُعتقد. إن الحياة َ زوج ُ السعي، و لم تكن يوما ً خطيبة َ التدين و لا زوجة َ الدين، و حين نطالبُها أن تعبد َ الإله، أو تفترش َ السرير َ لضجاع ِ العقيدة، تفرُّ منا إلى الكون، و السعيِ و العمل و النشاط و الحرية لتنسجم َ معهم، و تتحد َ مع معانيهم، و تسكب َ موسيقى "الإنسانية" حتى تخرج َ بنا من دائرة الإله و الدين نحو فضاء ِ الإنسان ِ و الفِعل.

إن الحياة َ عاشقة ُ الفعل و حبيبة ُ التخطيط و مُتوحِّدة ٌ مع الإنجاز ِ و السعي ِ و العمل ِ و الخـطــّــَـة ِ و الُبرهان ِ و المِثال ِ و القياس ِ و الإنتاج ِ و إعادة ِ الإنتاج ِ و الاختبار ِ و إعادة ِ الاختبار ِ و الحبِّ و الكره ِ و اللين ِ و القسوة ِ و الوداعة ِ و الفظاعة ِ و الخير ِ و الشرِّ و الهدوء ِ و الصخب ِ و النظام ِ و الفوضى، و الجبروت ِ و الضعف ِ و الكبرياء ِ و الخنوع.

إن الحياة َ عذراء و بتول ٌ و راهبة ٌ و داعرة ٌ و شبقة و بائعة ُ هوى ً لا تملكُ إلا أن تكون َ كل هؤلاء معا ً و بتصالُح ٍ و دون َ تعارض، و بكل القدرة و مع انعدام ِ القدرة و بكل ِّ الحب و بدون حب و بكل الشوق و بدون شوق و بتخطيط ٍ مُسبق و بدون تخطيط ٍ و بتداع ٍ و انسياب ٍ تلقائيِّن يجعلان منها كل شئ ٍ معا ً و لا شئ ٍ أبدا ً.

هب أنك فهمت َ أو لم تفهم فلا فرق َ إن و أقول ُ إن استطعت َ أن تُنجز َ و أن تحبَّ و أن تفعل.

فأنت موجود ٌ إن فعلت.

و أنت َ فناء ٌ إن لم تفعل.

إن آمنت َ أو لم تؤمن لا فرق، لا فرق َ أبدا ً،،،،،

،،، لكن الفرق فقط إن فعلت َ أو لم تفعل، إن انجزت َ أو لم تنجز، إن سعيت َ أو لم تسعى، إن قدرت َ أو لم تقدر.

آمن إن شئت، لكنك لن تكون َ موجودا ً،

لا تؤمن إن شئت لكنك َ لن تكون َ موجودا ً،

ستوجد ُ فقط إن فكرت، إن أحببت، إن سعيت، إن فعلت، إن جعلت َ من حولك َ "يرونك" بالقلب، و "يبصرونك َ" بالوعي، و "يدركونكَ" بالاتحاد، و "يشتاقون" لك بقوة الفعل و التفاعل و الحب و المنفعة.

إجعل نفسك َ صاخبا ً بقوة ِ الحب،،،

إجعل نفسك َ ذا ضجيج ٍ بقوة الحب،،،

إصعد للأعلى من حيث ُ مُعاناة ُ البشر دون أن تتركهم،،،،

ستكون ُ في الأعلى بقوة ِ الوعي، و في الأسفل بوجودك َ التضامني مع البشري الآخر الذي يحتاجك،،،

كن الإله الذي يجد الحلول َ للمشاكل

و كن الشيطان الذي يعيش ُ كل َّ الشبق الذي في داخلك.

لا ترحم نفسك َ أبدا ً، أهلكها في الحب، و اعتنق الشهوة َ و الحبور َ و الجمال و الروعة َ و القوة َ و القدرةَ،،،،

،،،، و كن في كلها إنسانا ً حتى حين َ يدعوك َ الحيوان ُ الذي في داخلك!

أحسن ْ أن تكون

و ارفض أن لا تكونْ

أنفض عنك َ الراهب المخصي

و اعتنق الراهب َ الفحل

أنفض عنك الصاخب الحيوان

و اعتنق الصاخب الإنسان

كن إنسانا ً حتى عندما يخرج ُ منك الحيوان،،،،

عش الحيوان َ كإنسان، و اصعد نحو كمال الإنسان دون أن تبلغ الكمال

و احرص ألا تبلغ الكمال

فأنت إنسان و أجمل ما فينا أننا لسنا آلهة

و هل يُطيق ُ عاقل ٌ أن يكون َ إلها ً أو شيطاناً؟

أجزم ُ ألا أعظم َ من الإنسان دون َ أن يبلغ َ الكمال.

فإن بلغ َ انحطَّ ليصبح َ نقيضَه ُ ففني.

و إن عشقي للفناء ليس من الكمال و لا من ضده، لكنه حتميَّة ُ الطبيعة، و تلك َ و شأنُها، أما أنا فسأعيشُ!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صباح الخير
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 4 / 14 - 06:27 )
حبٌ شرس ، قوي وشبق !!
وهو يتضاد مع الحب الرسمي والسائد ، الرقيق ، الرومانسي والافلاطوني حتى ..
ما هو الكمال ؟؟
لا اعتقد ان انسانا محبا صاخبا شبقا وشرسا ، ولا الانسان الرقيق ، الرومانسي والافلاطوني ، يستطيعان ان يصلا الى الكمال ..
لانه لا كمال
صباحك مليءٌ بالحب الناعم
أيها الصديق


2 - صباح الورد يا قاسم!
نضال الربضي ( 2015 / 4 / 14 - 08:22 )
أحلى صباح ياسميني معطر و مُزدان بقهوة ٍ في بستان ٍ ذي شجر و بلابل مغردة!

لا كمال، و هذا أجمل ما في الإنسان.

لكن الذين يريدون أن يبلغوا الكمال يقتلون أجمل خصائصهم المنطلقة من قوة طبيعتهم، ليكبحوا الطبيعة، و ليحاولوا أن يصنعوا خصائص مقدسة أخرى، من جسد ٍ كل ما فيه يقول أنهم يقتلونه.

القداسة عدوة الإنسان.

و كذلك نقول عن الذين لا يرون في العالم إلا الملذة و الشهوة و الانغماس البوهيمي بلا حساب، هؤلاء لا يرون السمو و الرقي و الرفعة و الأدب و الشعر و الجمال و الإبداع.

البوهيمية عدوة الإنسان.

إذا ً إن الإنسان -الإنسان- هو القديس البوهيمي، الذي يعيش الحياة بكل ما فيها، بشبق ٍ مُتوازن، ينهل من كل منبع، بقدر ما يريد، بالطريقة ِ التي يريد فيها، بما هو متناسب مع نفسه و تكوينه، فيجوع من منهل، و يشبع ُ من منهل، و يكتفي بالكافي من منهل، و يستزيدُ حدَّ التخمة من منهل ٍ آخر.

هل يوجد الشبق المُتوازن؟ أجزم ُ أن نعم!

دم بكل الحب!


3 - خوف وامل بين وجود ام انتهاء! يحكمها النشاط والعمل
علاء الصفار ( 2015 / 4 / 14 - 13:00 )
الشك والقلق جاء عبر البحث عن لقمة العيش اساسا,فاجدادنا الاوائل لمرحلة عصور صيد, علمتهم الحرفة الصمت والانتظار والخوف والامل والفرح,فكم فرح الصياد وهو يحمل الطريدة على كتفه حارة طازجة, ليرى زوجته في المغارة تثرثر مع الاطفال من اجل هدهدة الخوف والانتظار فكم قدمت مهنة الصيد من معنى العمل والانتظار والفرح. هكذا نحن لليوم كما جدنا الصياد نلاحق المهام في صمت وحذر وفي انتظار وشك,وحين النجاح تنهمر الدموع لتعبر عن شكل العواطف البدائية لابسط صياد في العصر الحجري وهو يحمل الطريدة. لكن طريدتنا اليوم هي اوراق لا يفقه بها اولاد العصر الحديث,فهي لم تكن ملموسة كما لشت الغزال ام الخنز يرالبري التي لها علاقة مباشرة مع خواء البطن الجائعة. لذا نحن نتعامل بالرمز في حياتنا وباشد واصعب الرموز في عصرنا الحديث, لكن بقى امل البشر في الوصول للكمال حلم لانه يعني الخلاص من الخوف و القلق, لذا ظهر الانبياء والفلاسفة من اجل هدهدت مسيرة الانسان الصياد الذي لا يمكن ان يفارق وشمه القديم من اجل النجاح كأن كان صياد بدائي في الغابات بين الاحراش والادغال أم الصياد الحضاري الذي يشقى في عمارات شاهة ودهاليز أوراق العلم!ن


4 - العزيز علاء الصفار
نضال الربضي ( 2015 / 4 / 15 - 05:58 )
تحية صباحية طيبة أخي علاء،

جميل ٌ عرضُك َ للخصائص النفسية المُنعكسة عن سلوك قطيع الالتقاط و الصيد في العصور الحجرية، ثم بارعٌ هو انتقالُك من المحسوس نحو الرمز من خلال توظيف أداتي: الطريدة القديمة و المال الحديث.

نعم ما زالت غريزة ُ الصيد في الإنسان متقدة حتى لو اختفت تحت أقنعة حضارية كثيرة، لي مقال ٌ في هذا أتمنى أن يلقى قبولا ً علميا ً لديك هو التالي:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=408743

تخبرنا الطبيعة أن سلوك الصيد هو أداة رئيسية في الحفاظ على النوع البشري، أو النوع الحيواني، فكثيرا ً ما تسجل الكاميرات شامبانزيات -تولم- لنفسها على -ذراع- قرد من نوع أدنى، أو -فخذ- قرد من فصيلة أخرى.

و هذه الحقيقة بقدر ما تساعد الكائن الحي على البقاء تضره أيضا ً لأنها تنقل عن طريق دم الحيوان القتيل فيروسات و بكتيريا و طفيليات إلى جسم الصياد الآكل المفترس، و يُعتقد أن هذا هو أحد أبرز أسباب انتشار فيروسات الـ SIV أو -فيروسات نقص المناعة عند الأوليات (الرئيسيات) العُليا- و التي منها تطور الـ HIV (فيروس الإيدز) ليصيب الإنسان.

الطبيعة تنتقم لنفسها!!!

مودتي و احترامي!


5 - صباح الخير
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 6 / 26 - 07:41 )
كيف الحال ؟ وشو اخبارك ؟ وين هالغيبة ؟ طمنا عنك
تحياتي


6 - الصديق العزيز قاسم حسن محاجنة
نضال الربضي ( 2015 / 6 / 26 - 17:57 )
مساء ً طيبا ً أخي قاسم!

وردني تنبيه على البريد بخصوص تعليق على أحد مقالاتي ففتحتهُ لأجد َ سلامك َ و سؤالك َ فابتهجت ُ جداً!

كم يسعدني التواصل مع الأعزاء و أنت على رأسهم دوما ً.

أنا بخير يا صديقي. لا أنشر ُ الآن لأسباب ٍ و ظروف لا أستطيع مناقشتها هنا، لكني على العهد ذاتِه، لم أتغير بل لقد كثَّفت القراءة و البحث و التحليل.

دم بكل ِّ الود!

اخر الافلام

.. الجبهة اللبنانية تشتعل.. إسرائيل تقصف جنوب لبنان وحزب الله ي


.. بعد عداء وتنافس.. تعاون مقلق بين الحوثيين والقاعدة في اليمن




.. عائلات المحتجزين: على نتنياهو إنهاء الحرب إذا كان هذا هو الط


.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي




.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال