الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعتزال و المعتزلة الجزء الاول

كمال محمد علي

2015 / 4 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


( لتصفية الشعوب, يُبدأ بانتزاع ذاكرتها. وتتلف كتبها , وثقافتها و تاريخها . فيكتب لها حينئذ كتباً أخرى, ويعطها ثقافة أخرى, ويبتكر لها تاريخاً مغايراً. وبعدئذ تنسى الشعوب شيئاً فشياً ما هي عليه وما كانته. وينساها بسرعة أكبر العالم الذي يحيط بها ) ميلان كونديرا
النظرية الجهمية
رغم سلبية و رجعية , جهم بن صفوان , في موقفه من قضية حرية اختيار الانسان . في قوله ( أن الانسان لا يقدر على شيء , ولا يوصف بالاستطاعة و أنما هو مجبور في أفعاله, لا قدره له ولا ارادة والاختيار ). ولكن هناك افكار اخرى لجهم يضع فيه حكم العقل وضعاً جديدا في التفكير الاسلامي بالقياس الى زمنه منها :
أصل نظرية جهم ( أن الله , ذات , ) فهو يقول ( ان الله لا شيء وما من شيء ولا في شيء وان الله لا يقع علية صفة و لا معرفة شىء , فوقعوا عليه اسم الالوهية و لا يصفونه بصفة تقع عليها الالوهية ) . الملطي . ويتضح من هذا الكلام عن جهم , أنه ينفي عن القرآن. صفة تعني تشبيهه بالمخلوقات وهو ينفي عن الله صفة ( الكلام) وبذلك توصل الى القول بان القرآن مخلوق , أي حادث وليس قديماً ازلياً . وبذلك يكون قد سبق المعتزلة في القول بخلق القرآن .
يرى جهم ( الجنة و النار ) تنقطع وتفنيان بعد دخول أهلها فيها , نلحظ هنا الموقف العقلي و الفلسفي الصرف , فهو ينفي أزلية الحركة الذي يؤدي حتماً الى نفي أبديتها وبذلك يتضح مثالية النظرية التي يتبع . فهو يقول ( أما جنة أدم التي ذكرتها الكتب الدينية فقد خلقها و أفناها وبذلك يثبت جهم أن الجنة ليست أزلية ) .
أما بخصوص مسالة الحسن و القبح العقليين . يرى جهم ( أن العقل يمكنه أن يكشف ما في الاشياء و السلوك من صلاح او فساد , فيوجب العمل بما هو صالح فالعقل بحد ذاته يدرك ذلك ويفعله بمفرده قبل ( السمع ) أي قبل ان يسمع ما يأتي به الأنبياء و الرسل .
تتفق أغلب الفرق الدينية بإمكانية رؤية الله في العالم الأخروي و موقف جهم واضح كما ذكرنا سابقا , من أن الله ( ليس شيئا ) فليس تنطبق عليه أذن قاعدة ( كل ما هو موجود يمكن رؤيته ) كما تدعي الفرق الدينية .
وبخصوص مسألة علم الله , يكون جهم وقع في مشكلة , عندما كان العلم صفة وهو نفى الصفات عن الله , ولكي يحل هذا الاشكال فختار جهم أن يقول ( لا لأزلية علم الله ) . ويقول الشهرستاني أن جهماً , يحل هذا الاشكال بما يلي ( أن علم لله حادث لا قديم , وأن هذا العلم الالًهي لا محل له , وأنه ليس علما كليا واحداً شاملاً وإنما هو علم بالجزئيات, فهو متعدد اذن بقدر تعدد الجزيئات أي الموجودات ) وبهذا يكون جهم قد سبق كل من المعتزلة والأشاعرة في مسالة علم الكلام .
الاعتزال والمعتزلة
عَرف الاعتزال في تاريخ الصراع السياسي الاجتماعي الفكري في الاسلام قبل نشوء هذه الجماعة . والاعتزال عرف في المجتمع الاسلامي بأكثر من نصف قرن , وهذا المصطلح السياسي والفكري عرفة الاسلام , عندما اطلقت على نفر من الصحابة اتخذوا موقف الحياد من حرب الجمل 656 م , بين علي بن ابي طالب من جهة وطلحة والزبير و عائشة , والحال نفسة عندما اتخذت بعض الصحابة القدماء موقف الحياد من حرب صفين بين علي و معاوية 658 م , ووصفوا هؤلاء المحايدين أنهم ( اعتزلوا) عن علي و معاوية ( الطبري ) .
ظهرت المعتزلة , في نهاية القرن الاول الهجري وأواخر القرن السابع للميلاد , بصيغته المتكاملة في اواخر عهد الاموي . يرى أحمد أمين , هنالك خط تاريخي يصل بين المعتزلة الاولى و الثانية , اذ يرى في المسائل التي يدور عليها القتال في ( حرب الجمل و صفين ) هي مسائل سياسية تدور حول محور واحد هو قتل عثمان و القصاص منهم , بعبارة أخرى انقسام المجتمع الى أحزاب سياسية ذات صبغة دينية . ( فجر الاسلام )
كما هو معروف أن سبب ظهور المعتزلة كمذهب , هو الخلاف الفكري في مسالة ( مرتكب الكبيرة ) بين حسن البصري و تلميذه واصل بن عطاء , هل هو كافر أم مؤمن ؟ . وكان رأي الحسن البصري ,أنه منافق , وهذا يعني أن مرتكب الكبيرة ليس مكتمل الأيمان وهو بالتالي يستحق ما يستحقه الغير مؤمن من الجزاء في الأخرة . في حين يرى واصل بن عطاء , انه فاسق , أنه مؤمن من حيث الاعتقاد ولكنه يعطل أحكام الشريعة من حيث العمل بارتكابه الكبيرة . ولكن ما جزاؤه في الأخرة , هنا تظهر صيغة جديدة , صيغة التي أوجدها واصل ( منزلة بين المنزلتين ), فليس هو أذن بالمؤمن ولا بالكافر .
حدده واصل مكان الوسط للمعتزلة بين الطائفتين ( الخوارج و المرجئة ) الرئيستين في هذه المسألة, كانت الأولى قد حكمت على مرتكب الكبيرة, بأنه كافر و الثانية قد حكموا له, بأنه مؤمن. علما أن الخوارج يعتقدون ( الايمان قائما على ركنين متلازمين الاعتقاد والعمل معا ).
والمرجئة ( الأيمان مجرد الاعتقاد الداخلي ولم يعدوا الاقرار باللسان والعمل جزءاً من الايمان ) . وفيما تقدم نرى أن الاعتزال الاول وظهور المعتزلة ( كمذهب ) هي امتداد للمساْلة ذاتها ( مقتل عثمان ووقعة الجمل وحرب صفين ) وتدور القضية حول نفس الأشخاص ويتفق كل من ( أحمد أمين و حسن مروة ) أن الثاني امتداد الى الاول . ويوضح أحمد أمين , هذه المساْلة وان كانت في الظاهر ها مساْلة دينية بحتة , الا أن في أعماقها شيئاً سياسيا خطيراً .
وهنالك كذلك رؤية الى الباحثين ( حنا الفاخوري وخليل الجر ) , أن أصل المعتزلة , أصل سياسي , فقد نشأت في الجو الذي نشأت فيه الشيعة والخوارج وخلافة علي بن ابي طالب نقطة الانطلاق لأهم التيارات السياسية والفكرية في الاسلام , أن لم نقل لجميعها .
المبادئ الاساسية لمذهب المعتزلة والاصول الخمسة
التوحيد : العدل : الوعد و الوعيد : المنزلة بين المنزلتين : و الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
والذين كتبوا عن الفرق الاسلامية القدماء منهم يقسمون المعتزلة الى عدة طوائف أو فرق وغالبا على أساس كبار مفكري المعتزلة مثل الواصلية والنظامية وأخرون على اساس المدن ( معتزلة البصرة معتزلة بغداد ) والمؤرخ الملطي , عدهم عشرون فرقة . يتبع بقسم اخر
المصادر
فجر الاسلام ( أحمد أمين )
الأشعري ( مقالات الاسلاميين)
الشهرستاني ( الملل ج1 )
حسين مروة ( النزعات المادية )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاعتزال والمعتزله
نضال غلام ( 2015 / 4 / 16 - 19:40 )
تحيه طيبه اخي العزيز كمال
مطلع المقال موفق باختيارك لميلان كونديرا
اضافه الئ استرجاع التاريخ والتعرف عليه بصوره صحيحه تحياتي



2 - المعتزلة
كمال محمد علي ( 2015 / 4 / 16 - 21:40 )
الأخت نضال تحية
ان الاستفادة من قراءة التاريخ بنظرة جديدة هو ما تنقس اغلب الشعوب العربية لذا تمكنت قوى التخلف من تزرع ما تشاء على أنه تاريخنا


3 - المعتزلة رجعيون ومبتدعة
عبد الله اغونان ( 2015 / 4 / 17 - 01:00 )

رجعيون لأنهم اعتزلو الصراع السياسي وانغمسوا في مناقشة الغيبيات بعقولهم الخاضعة

للعرف والمعتاد الطبيعي

وعندما تمكنوا رجعوا وتحالفوا مع السلطة في عهد المأمون وأرهبوا خصومهم في قضايا

لاقدرة للعقل على بحثها ومازال أمثالهم في زماننا تقول لهم أنظروا ما يقع فيقولون لالا

نريد استعمال العقل في النصوص وفي الغيبيات ودعوا هذا الواقع السياسي والاقتصادي

البئيس وانشغلوا بقال البحير وقالت ناعوت والشلوشي ودعوا مبارك والسيسي

والبطالة والبلاوي الزرقاء

انقرض المعتزلة لكن مالك والشافعي وابن حنبل وأبوحنيفة والغزالي وابن تيمية أحياء

يمشون على الأرض

اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟